أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - نقد ثقافة الجماهير اسلامية















المزيد.....

نقد ثقافة الجماهير اسلامية


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2665 - 2009 / 6 / 2 - 08:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


« كُن جريئاً في استخدام عقلك، هذا هو شعار التنوير»
كانط1784


احترام الجماهير والمساهمة في تغيير أحوالهم ومعاشاتهم من الأرذل إلى الأحسن، والسعي لنقلهم إلى فضاءات الكرامة والحرية والأمان لا يتأتى من خلال دغدغة عواطفهم وتهييج مشاعرهم والكذب عليهم او التصفيق لهم وتجييشهم والإشادة بعقائدهم ومعتقداتهم، إنما يأتي من خلال تفحص ثقافتهم ونقدها وسحب بساط الالتباسات والأوهام من تحت أقدامهم وجعلهم يعيشون حالة عقلانية وواقعية، وهم بالتأكيد لا يرغبون بذلك ويمانعون مثل هذا الفعل المُوجع الذي ينتزعهم من حالة الاسترخاء، خاصة وان مرجعياتهم الفكرية تؤلبهم ضد اي تساؤل او اي فحص ونقد،

ولكن هذا أمر مُلزم لمن يعمل على توعية الجماهير. هنا نعني بلفظ الجماهير الأغلبية الساحقة من الناس في العالم الإسلامي، يسميهم الإمام الغزالي «العوام» وتطلق عليهم ادبيات اللغة عدة تسميات: «الرعاع»، «الغوغاء»، «الهمج»...وذكر الإمام علي في نهج البلاغة: «ان الناس ثلاثة فعالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق.» ج2 ص178 ويُطلق تعبير «الغوغاء» على هؤلاء الذين لا عبرة بهم. قال الأصمعي:‏ ‏ «والغوغاء الجراد إذا ماج بعضهم في بعض. وبه سُمي الغوغاء من الناس».‏ وعند هيغل (جورج فريديك 1770 -1831 ) الرعاع هم الفقراء الحاقدون او كما يقول:»الفقر بحد ذاته لا يحول الناس الى رعاع، فالرعاع لا يبرزون الى حيز الوجود إلا عندما تنضم الى الفقر عقلية معينة: حقد داخلي موجه ضد الاثرياء، ضد المجتمع، ضد الحكومة».
لانريد ان نتطرق الآن الى الاسباب التى نراها جوهرية في نشوء ظاهرة الجماهير/ العوام في المجتمعات الاسلامية وانتشارها الواسع، انما ينبغي تمييزهم عن النخب الاجتماعية (الحاكمة/السياسية/المثقفة/الدينية/...) وهم بصورة عامة - اي الجماهير/العوام - يشكلون الاغلبية من المسحوقين والاميين والمهمشين والمنبوذين، كذلك يتمايزون بكونهم ليسوا بأصحاب قرار إنما ينساقون خلف مرجعياتهم الدينية او السياسية او الشخصيات الكاريزمية بحالة رعوية عمياء.
اغلب الكتاب والمفكرين داخل المجتمعات الاسلامية المعنيين بشأن الجماهير يرتكبون في كتاباتهم الكثير من المغالطات التاريخية وينسبون لهذه الجماهير من صفات ليست فيها وينفخون في صورتها لحد الانتفاخ بل يصل الامر في توصيفاتهم المغالية الى الانماط الرومانسية والاسطورية التي تهيمن عليها عاطفة الزهو والافتخار من اجل كسب ودهم ورضاهم وتعاطفهم، فكم من كاتب وكم من تيار ديني وسياسي يُحِسن الهيمنة على شعور العوام ينادي: الجماهير امل الامة ومستقبلها او: ارفع رأسك انت مسلم. كيف يرفع المسلمون رؤوسهم وهم يشكلون الاغلبية من فقراء العالم وتعيش نسبة 23 % منهم تحت خط الفقر، وكم من النخب والتيارت حين سنحت الفرصة لها بتسلم السلطة تناست امل الامة وركلت مستقبلها كما الكرة!
فحص الاورام والرضات والعلل التي تسكن العقل الجماهيري وتجعله يُحرِك تاريخه الى الوراء لا الى الامام - كما تفعل اغلب شعوب الارض- او في احسن الاحوال يظل ساكناً في محيطه التراثي المكرر دون رغبة في الافلات من هذا التقهقر العكر والاندراج في تحولات الحداثة، ان فحص ذلك ثم اقتراح الحلول لمعالجته هو الرافعة الاساس التي تنقل الجماهير الى اوضاع اكثر سمواً واكثر كرامة وعَيشاً يُطاق. صحيح ان الفقر وحده ليس بالسبب الكافي لانتاج ظاهرة الجماهير/العوام كما يقول هيغل بل لابد من نظام استبدادي (سياسي/ديني) من انتاجها وانتشارها، ويمدنا التاريخ الاسلامي بشواهد متينة تذكر ان النظم الاستبداية لم تنتج سوى ثقافة الهلع والخوف في نفوس شعوبها، ومن هذه الشواهد نقتطف هذه اللوحة الداكنة من الاستبداد يرسمها لنا الشيخ الطبري في تاريخه على لسان احد الولاة:» ايها الناس اعلموا على مَن اجترأتم ومن عصيتم انه عبد الملك بن مروان امير المؤمنين ليست فيه غميزةٌ ولا لاهل المعصية عنده رخصة، سوطه على مَن عصى وسيفه على من خالف فلا تجعلوا على انفسكم سبيلا» ــ تاريخ الامم والملوك/ج8 .
وفي تهديد آخر لاحد الامراء يذكر الطبري قوله: «اما والله اني لاحمل الشر محمله واحذوه بنعله واجزيه بمثله. واني لارى رؤوساً قد اينعت وحان قطافها واني لانظر الى الدماء بين العمائم واللحى قد شمرت عن ساقها تشميرا» نفس المصدر/ج8 .
من صفحات التاريخ نلاحظ ان النظم الاستبدادية اول ما تنتجه هو ثقافة الخوف وبالطبع ان مثل هذه الثقافة لاتصنع الا مجتمعات من قطعان وارقام احصائية وتتساوى الجماهير جميعها امام السلطة كونها لا شئ!
يمكن تلخيص اهم الخصائص التي تتمايز بها ثقافة الجماهير في البلدان المتخلفة:
اولاً: ثقافة مُشبعةٌ بالخوف والهلع والقلق ومثل هذه الذهنية لا تنتج غير افعال انتهازية ومواقف ماكرة ومُداهنة، وهذه صفة تتمايز بها ثقافة شعوب الارض المتخلفة ومنها الاسلامية اكثر .
فمثلاً طُبعَ على لسانها اشهر شعار انتهازي رخيص صارت الجماهير تلهج به وتتقن ترديده من غيرها دون ملل اوخجل امام زعمائها : «بالروح بالدم نفديك يا ...».
ثانياً: حين تحين الفرص لهذه الجماهير وترى نفسها في فضاءات الحرية دون حواجز او ممنوعات ترتبك وتتخبط وتحول الحرية الى خراب وفوضى وترتكب أخطاء تاريخية جسيمة لا يردعها دين ولا تمنعها أخلاق ولا تحد من شناعاتها مبادئ، والدليل على ذلك ما حدث في العراق بعد انهيار نظام الاستبداد في العام2003 حين تحطمت جميع القوى الضاغطة والرادعة، وعمَّ الانفلات والفوضى فراحت الجماهير تمزق نفسها بنفسها وانطبق عليها القول القائل:» الانسان ذئب على اخيه الانسان» حدثت الاعتداءات والانتهاكات الفاضحة على البشر والشجر والحجر، حدث النهب والتدمير الهستيري للمال وللممتلكات الخاصة والعامة. كل ذلك جرى تحت شعارات اسلامية وبسواعد مذهبية وبدفع من تيارات طائفية! ولو حدث هذا الانهيار في اي بلد اسلامي آخر لحدث فيه مثل ما حدث على الارض العراقية.
ثالثاُ: تندفع هذه الجماهير بذهنية ظلامية متزمتة بعيدة كل البعد عن فضاءات التنوير مُنقادة الى مرجعيات مغالية في تطرفها الظلامي تضع نفسها - اي هذه المرجعيات - خارج الخطأ وخارج السؤال والنقد، وما لديها هو الحقيقة والحق ودونهما باطل وكافر، لذا نلاحظ ان ذهنية هذه الجماهير معبأة بروح القطيع دون روح المواطنة، ومعبأة بمزيد من السأم والضجر وبمزيد من الحقد على الناس حتى تغدو الحياة بذهنية هؤلاء الناس لا رجاء بها ولا امل وبالتالي تتهيأ داخل نفوسهم (خاصة الشبيبة) نزعات الموت والانتحار.
رابعاً: نلاحظ دائماً ان الجماهير تخوض عداواتها وحروبها ومذابحها البينية (بين مكونات الجماهير المختلفة) نيابة عن النخب السلفية المتشددة ودون الرجوع الى نفسها او اتخاذ القرارات بنفسها، بمعنى دون ادراك مستقل لافعالها من خلال فتاوى وشعارات مليئة بالضغينة والكراهية وطرد المخالفين او اقامة الحد عليهم.
خامساً: تتبجح الثقافة الاسلامية بتفوق عددها السكاني على بقية الامم والشعوب كأن أمر الحياة يتعلق بأعداد الناس وكثرتهم وسرعة تزايدهم لا بنوعياتهم وصلاحيتهم ومدى قدرتهم على العيش بكرامة وسعادة لذا لا يقض النمو السكاني المفرط مضاجع الذهنية الجماهيرية فهي لا تحسب له اي حساب ولا تلتفت الى ما آل اليه حالها من ذل وهوان ومن اوضاع متدنية في مجالات الحياة كافة: مجالات التنمية والسكن والتعليم والصحة والتغذية وتنشئة الطفولة...لان النمو المفرط لهذه الجماهير يجري وفق معادلة عكسية مع معدلات الانتاج الزراعي والصناعي فكلما زادت اعداد الناس زاد استهلاكها واصبحت معدلات الانتاج لا تتوافق مع هذه الزيادات السكانية الرهيبة خاصة وان عوامل الطبيعة اصبحت تسهم هي الاخرى بشكل اساس في انخفاض معدلات الانتاج كزيادة التصحر وارتفاع نسب ملوحة الارض وقلة خصوبتها وقلة مصادر المياه، اضافة الى تخلف وسائل وطرق الانتاج واحياناً بدائيتها في مجالي الزراعة والصناعة. ان عامل النمو السكاني المفرط برغم خطورته الشديدة الا انه ينتعش في قلب الثقافة الجماهيرية التي جعلت من المرأة (نصف المجتمع) حسب عرفها وتقاليدها كائناً ينتج الخلف ويهيئ العلف.



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليوبيل الذهبي لاتحاد الادباء والكتاب في العراق
- التعليم في المجتمعات الاسلامية..الاستاذ اولاً
- انتبهوا: السيد مانديلا يطرق الابواب
- الشيطان في المعنى الاسلامي
- خيانة العقل في الإعجاز العلمي: كروية الأرض نموذجاً
- كيف يقرأ المسلمون احوالهم
- الثواب والعقاب في الخطاب الاسلامي
- محنة النساء في الذهنية التقليدية
- انصر اخاك ظالماً او مظلوماً: البشير نموذجاً
- مفهوم العلم بين الاسلام والحداثة
- عصا البشير وضربات الجزاء
- في الاعجاز العلمي...من يضحك على من؟!
- قراءة جديدة في الامام علي
- التقديس في الذهنية الاسلامية
- الاسلام المتشدد وأوهام التفوق
- قراءة جديدة في الرسول الكريم
- علماء الجهالة وحديث الاإبل
- علماء الجهالة وحديث الذبابة
- مهزلة العقل في الاعجاز العلمي للقرآن
- هل يمكن التصالح مع اليهودي ؟!


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - نقد ثقافة الجماهير اسلامية