أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - الثواب والعقاب في الخطاب الاسلامي















المزيد.....

الثواب والعقاب في الخطاب الاسلامي


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2615 - 2009 / 4 / 13 - 04:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ليس ببعيد عن الفترة الاخيرة من العصر الجاهلي التي تطورت فيها بنية المجتمع الجاهلي الاقتصادية من مستوى اقتصادي طبيعي الى مستوى اقتصادي نقدي وظهر مفهوم الأجر (او الأجور) كمفهوم جديد واساسي خاصة في التعاملات التجارية التي تعتمد الربح والخسارة، ليس ببعيد عن هذه الفترة حين نزل القرآن الكريم واستخدم هذا المفهوم (اي مفهوم الأجر) ليقترب كثيراً من الذهنية السائدة باعتباره يحمل في معناه ثنائية الربح والخسارة يقابلها بالمفهوم الديني ثنائية الثواب و العقاب.
ان المسألة المركزية التي جاء بها الدين الجديد تتلخص في مسألة التوحيد التي نقلت الوعي البدائي من مستواه التجسيدي الوثني الى مستوى التجريد المتعالي المتمثلة بمعنى الله والتي ظهرت في اصل الوحي، وفي اول اعلان له في الشهادتين لان الشهادة كما يراها حسن حنفي: " الشهادة اعلان وبيان، واعلان رؤية، وبيان موقف يبدأ بالرفض والنفي، بالتمرد والثورة على آلهة العصر المزيفة في قول: "لا إله" ،ثم يأتي بعد ذلك فعل الايجاب ووضع مبدأ واحد يتساوى امامه الجميع في قول: "إلا الله". اضافة لموضوع التوحيد الذي قيل كثيراً بانه اهم ما جاء به الدين الاسلامي إلا انه بجانب ذلك جاء بشئ هام جداً هو القول بالمحاكمة في اليوم الآخر، اي الثواب والعقاب، لقد كانت الوثنية على جهل بهذه الافكارالتي انتظم فيها الدين الاسلامي الجديد ومن خلال اربعة محددات متتابعة هي : البعث، فالمحاكمة، فالفردوس وجهنم وكل ذلك يعتمد اضافة الى التوحيد وثوابت العقيدة، يعتمد على حزمة كبيرة من الوصايا والتعليمات والمواعظ، جاءت لتُعدل سلوكيات الناس وتصلح من تعاملاتهم وعلاقاتهم واخلاقياتهم وصُنفت هذه التعليمات اعمال الانسان الى صنفين:
الصنف الاول: اعمال الحسنات- خيرة/ صالحة/ رحمانية...
الصنف الثاني:اعمال السيئات- شريرة/طالحة/ شيطانية...
والملفت ان القرآن من اكثر الكتب الدينية التي اهتمت بهذا المجال الاصلاحي ووعدت الناس الذين يعملون اعمال حسنة بان ينالوا أجرهم (= الثواب)كذلك الذين يعملون اعمال سيئة بان ينالوا أجرهم (= العقاب). هنالك آيات كثيرة تتحدث عن هذا المعنى وتؤكد بأن كل انسان هو وحده المسؤول عن اعماله وعن نتائجها امام الله. نذكر منها:
*" كل نفس بما كَسبت رهينةٌ" [المدثر:38 ]
*" كل أمِرءٍ بما كسبَ رهينٌ" [الطور:21 ]
*" ولا تزِرُ وازرةٌ وِزرَ أخرى" [فاطر:18 ]
*"وكلَّ إنسانٍ ألزمناهُ طائرهُ في عنقهِ" [الاسراء:13 ]
*" مَن عملَ صالحاً فلنفسهِ ومن أساءَ فعليها" [الجاثية:15 ]
*"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جناتُ الفردوسُ نُزلاً" [الكهف:107 ]
*" ولا تستوي الحسنةُ ولا السيئةُ أدفَع بالتي هي أحسنُ" [فصلت:34 ]
*" ومن يَعمل من الصالحات وهو مؤمنٌ فلا يخافُ ظُلماً ولا هضماً" [طه:112 ]
*" إنا لا نُضيعُ أجر من أحسن عملاً" [الكهف:30 ]
من اروع الآيات وابلغها بهذا الصدد هاتين الآيـتين (مع الاسف التف عليهما اهل الاعجاز العلمي وانتهكوا معناهما بأبذل انتهاك فصنفوهما تحت علم الذرة). تقول الآيتان:
*" فَمن يعملْ مثقالَ ذرةٍ خيراً يرهُ* ومن يعملْ مثقالَ ذرةٍ شراً يرهُ" [الزلزلة:7 -8 ]
لقد ذهب القرآن الى ابعد من ذلك فاستخدم مصطلحاً تجارياً آخر للاقتراب من مستوى تلك العقلية آنذاك وتوصيل معنى الثواب والعقاب للناس حسب ذهنياتهم وحسب واقعهم الاقتصادي وشغفهم لتراكم ارباحهم ونقدهم ونعني به مصطلح القرض، فالعمل الصالح بمستوى قرض يُقرضه صاحبه لرب العزة ليناله مضاعفاً يوم الحساب:
*" مَّن ذا الذي يقرضُ اللهَ قرضاً حسناً فيضاعفهُ لهُ ولهُ أجرٌ كريمٌ" [الحديد:11 ]
*" من جاء بالحسنةِ فلهُ عشرُ أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يُظلمونَ" [هود:101 ].
ان هذه الإغراءات والترغيبات بنيل الأجر (الثواب)، بل والأجر المضاعف الذي يصل بمستوى القرض الذي يلوح تعالى به للانسان صاحب الحسنات على ان يسدد يوم الحساب مقابل التهديدات والترهيبات بنيل الأجر (العقاب) الذي يستحقه صاحب السيئات، قد وردت وتكررت كوعد ثابت في مجمل صفحات القرآن الكريم، كل ذلك من اجل دفع الانسان وحثه على الالتزام بالتعليمات والوصايا والنواهي التي جاء بها الله في كتابه العزيز، على سبيل المثال نذكر منها:( لاتعتدوا إن الله لايحب المعتدين/ لاتبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها/ تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان/ أفوا الكيل وزنوا بالقسطاط المستقيم/ لا تشهدوا الزور/ لاتقربوا الزنى/ لا تقتلوا النفس التي حرم الله/ اجنحوا للسلم/ لا تطغوا/ لا تسرقوا/ لاتهلكوا الحرث والنسل/ ادوا الامانات الى اهلها/ لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل...).
ما هو الثواب وما هو العقاب
من خلال تفحص مضامين الآيات التي وردت في القرآن الكريم بهذا المجال نستطيع تثبيت ملاحظة مهمة وهي ان الأجر الإلهي سواء الايجابي (الثواب) او السلبي (العقاب) كان ينطلق من بيئة ذلك الانسان ورغباته وتخوفاته، تلك البيئة الصحراوية القاحلة،، الخالية من الانهار والاشجار، الضامئة روحياً ومادياً ، وعلى ضوء النصوص ومنها نتمكن من تكوين صورة واضحة عن الأجر الذي يتقاضاه المؤمن التقي جزاء لأعماله الصالحة ويتلخص هذا الأجر في إدخاله جنة الخُلد والجنة هي بلا ريب من موضوعات الغيب الديني التي تمتنع عن الاثبات بالوسائل البشرية إلا انه وحسب توصيفات تلك النصوص نجدها مطابقة تماماً لحاجات ورغبات وأماني ذلك الإنسان (الرجل) الذي يعيش داخل بيئة صحراوية قاسية شحيحة بثرواتها المائية والغذائية ويرتبط بعلاقات اجتماعية بدائية تخضع لقيم العدائية والغزو والمنافع الذكورية، حتى يبدو ذلك الرجل اشد الناس ضمئاً للحب والماء في آن. فنلاحظ الجنة زاخرة بثنائية الخلاص (الماء/المرأة) لتلبي حاجاته وتحقق رغباته.فهي كما تُصورها لنا النصوص:
1 – جنات خالدة تجري من تحتها الانهار وهي دائمة الثمر ودائمة الظلال، ويطلق عليها الفردوس وجنات عدن.
2 – يتحلى اهل الجنة بأساور من الذهب واللؤلؤ ويلبسون ثياباً خضر من سندس استبرق او من حرير.
3 – لا تصف لنا النصوص علاقات اهل الجنة وكيف يمارسون حياتهم وكيف يقضون اوقاته ولا يذكر لهم اي نشاط انساني آخر، كلما تصفه لنا انهم متكئين او متقلبين على أرائك وعلى سُرر مصفوفة. يطوف عليهم غلمانٌ كأنهم لؤلؤٌ مكنونٌ لتلبية حاجاتهم وتقديم الخدمات لهم، ومن اهم هذه الخدمات التي تذكرها النصوص والتي يقدمها الغلمان الحِسان هي كؤوس من معين، اي اقداح فيها خمرٌ من شراب نابع من العيون.
4 – لم تتطرق النصوص للنساء في الجنة انما صورت الرجال فقط لذا يتم تزويجهم من نساء فاطرات الطرف كأنهنَّ بيضٌ مكنونٌ، اي من نساء مستورات ومصونات لا ينظرن لغير ازواجهن او يزوجون بحورٍ عينٍ، اي نساء واسعات الأعين حِسانها.
5 – تصف لنا النصوص ان في الجنة اربعة أصناف من الأنهار وهي: انهار من ماءٍ غير آسن/ وانهار من لبن لم يتغير طعمه/ وانهار من خمرٍ لذة للشاربين/ وانهار من عسل مصفى.
اعتمدنا في تلك التوصيفات للجنة على سور:[ الكهف:31 /الحج:23 /الرعد:35 /الصافات43 – 49 /محمد:15 /الطور:20 -24 ].
اما الأجر الثاني وهو العقاب الذي يناله العُصاة نتيجة تمردهم على عبادة الله وعدم الامتثال لأوامره والابتعاد عن نواهيه فيتمثل بأدخالهم نار جهنم، ورأينا أجمل توصيف بلاغي مُدهش لذلك يصل فيه الترهيب والتخويف ذروته في سورة الحج:" قُطعت لهمُ ثيابٌ من نارٍ يُصبُّ من فوق رؤوسهم الحميمُ* يُصهرُ به ما في بطونِهم والجلودُ* ولهمُ مقامعُ من حديد* كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍ أُعيدوا فيها وذُوقوا عذابَ الحريقِ " [الحج:19 – 22 ].
لفتَّ نظرنا ان النصوص القرآنية الكريمة في موضوع الثواب والعقاب لم تتطرق الى النساء وقد حُجبت عنهن الجزاآت بنوعيها الجنة والنار، ولا ندري لماذا، فلسبحانه وتعالى شأن، فهل ما يناله الرجال يوم الحساب نفسه ما تناله النساء؟ بأعتقادنا ان الخطاب القرآني كان يتوجه آنذاك الى مجتمع ذكوري مغلق قد غيبت فيه شؤون النساء وأصبحن توابع.



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة النساء في الذهنية التقليدية
- انصر اخاك ظالماً او مظلوماً: البشير نموذجاً
- مفهوم العلم بين الاسلام والحداثة
- عصا البشير وضربات الجزاء
- في الاعجاز العلمي...من يضحك على من؟!
- قراءة جديدة في الامام علي
- التقديس في الذهنية الاسلامية
- الاسلام المتشدد وأوهام التفوق
- قراءة جديدة في الرسول الكريم
- علماء الجهالة وحديث الاإبل
- علماء الجهالة وحديث الذبابة
- مهزلة العقل في الاعجاز العلمي للقرآن
- هل يمكن التصالح مع اليهودي ؟!
- المسلمون وسؤال التنوير
- المسلمون وسؤال التخلف
- الاعجاز العلمي ورمٌ في عقل المسلمين
- هل الاسلام دين ام دولة
- الانفجار السكاني في العالم الاسلامي
- خيبة المسلمين في رحلة العلم والايمان
- صورة الرسول كما في القرآن


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - الثواب والعقاب في الخطاب الاسلامي