التوريث فى الاحزاب الشيوعية

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

الحوار المتمدن-العدد: 2635 - 2009 / 5 / 3 - 09:23
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

نظرية جاءت لخدمة البشرية ولإعادة الإنسان إلى طبيعته الإنسانية عن طريق وقف الاستغلال والاتجار بالإنسان في المجتمع سواء تمذلك بايدي القوى المهيمنة على مصادر الإنتاج أو عن طريق الطقوس الدينية التي تسلب الإرادة من الإنسان ولكن ولكون النظرية الاشتراكية أو النظرية العلمية قائمة على العلم وعلى القوانين الطبيعية التي ناضل ماركس وانجلز ومن قبلهما حتى تم الوصول إليها ، فلذلك نستطيع القول بان ما يحدث في الأحزاب الشيوعية من ظواهر جديدة لا تصح ولا تتفق مع النظرية كما جاء بها المؤسسون وأكاد أجزم بان هذه الأحزاب لم يتبق من شيوعيتها إلا الاسم فقط خصوصاً أن بعضها قد سيطر على قيادته عائلة أو أسرة صغيرة حتى أصبحت بعض الأحزاب الشيوعية أسوا من الأحزاب الإسلامية التي لا يوجد فيها وراثة عائلية على اقل تقدير ومن هنا نستطيع أن نحدد الظواهر الدخيلة على الشيوعية كالآتى : أولا : لقد برز واستفحل في الفترة الأخيرة قرار عدد من الأحزاب الشيوعية بتسليم قيادتها وراثياً داخل العائلة ومنها ما تم مؤخراً في كوريا الشمالية عندما عين النجل الثالث (كيم جونغ يون ) للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل بمنصب في الهيئة العسكرية العليا التي يرأسها والده ( موجه فى لجنة الدفاع ) ، وهو على ما يبدو مؤشر على تحضيره لخلافته، هذا بالإضافة إلى أن الزعيم الحالي كيم جونغ إيل اختير لخلافة والده كيم إيل سونغ في اجتماع عام لحزب العمال في 1974 وتسلم السلطة بعد وفاة والده في 1994، وكذلك قرار استبدال الزعيم الكوبي فيدل كاسترو باخوه راؤول كاسترو لزعامة الحزب الشيوعي الكوبي والدولة الكوبية . ثانياً : إذا فشل التوريث جاء الصراع كما حدث فى الحزب الشيوعي السوري عندما انشق الحزب إلى حزبين فاحدهما يتبع وصال بكداش زوجة زعيم الحزب السابق خالد بكداش وآخر جناح يوسف فيصل الذي رفض التوريث . فهل يعقل ما يحدث هذا فى أحزاب تقول بأنها تتبنى النظرية العلمية ؟ وهل التوريث في الأحزاب أصبح جزءا من النظرية العلمية ؟ . ولذلك فان ما يحدث فى هذه الأحزاب يسيء إلى النظرية العلمية فحزب العمال والكادحين الذي يقود المجتمع كما تحدث عنه ماركس وانجلز ليس هو عائلة كيم جونغ إيل ولا عائلة كاسترو ولا عائلة بكداش بل هو حزب استلم القيادة من صراع الطبقات وبايدي العمال الذي ناضلوا حتى يحصلوا على حقوقهم ولذلك فالوراثة الحزبية دخيلة وشيء معيب أن يحدث هذا فى أحزاب من المفترض أن تكون تقدمية . أننا اليوم إذا كنا نطالب برفض أي شكل للدكتاتورية وان يكون الحكم أو القيادة تتشكل طبقاً لصناديق الاقتراع ( الانتخابات والتعددية الحزبية ) وإذا كان من المفترض إن تكون الأحزاب التقدمية وفى مقدمتها الأحزاب الشيوعية هي القادرة على التطوير ذاتياً وخارجياً وهى من كانت تحمل لواء التقدمية وتصف الأنظمة التقليدية بأنها رجعية فكيف ينقلب السحر على الساحر وتتحول هذه الأحزاب إلى هذا الوضع!! ، هذا ما يؤكد على ان غياب الديمقراطية والرأي الأخر والمعارضة الشرعية للحزب الحاكم هو ما يجعل هذه الأحزاب تعمل ما يحلو لها وتجتهد فى تفسير النظرية وفقاً لما تقتضيه مصلحة العائلة والتوريث باسم الحزب. وهذه الحوادث تؤكد على أن قضية التقدمية والتطوير فى المجتمع ليست مرهونة بحزب يحمل شعارات التقدمية أو قائد تقدمي بل هي نمط حياة يسود فى المجتمع بفعل عوامل عديدة ومن ضمنها التعددية بكافة أشكالها داخل المجتمع والتي بدورها ونتيجة الاختلاف والصراع فيما بينها تؤطر لمجتمع تقدمي بشكل متدرج ولا يعود إلى الوراء كما يحدث فى الأحزاب الشيوعية والدول التي يحكمونها .

#فاضل_عباس (هاشتاغ)       Fadhel_Abbas_Mahdi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات