أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مسعود عكو - عندما تعشق البيريفانة














المزيد.....

عندما تعشق البيريفانة


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 2615 - 2009 / 4 / 13 - 00:13
المحور: الادب والفن
    


الوقت يتضاءل عند الأصيل، الشمس تفارق السماء بهدوء، القمر يبزغ من مكان ما هناك خلف الغيوم، الليل يسدل ستاره معلناً نهاية يوم أخر، وما تزال البيريفانة هناك، البرية باتت خالية إلا منها وراع يحرس خرافه، ويسقي حماراً عطش كثيراً لأنه تعب من حياته بدون أنثى، البيريفانة تبدأ قصة حب مع الراعي، والراعي يعلمها فنون الكذب والخداع، وبحجة حلب الغنم، تأتي البيريفانة للقاء حبيبها.

جمال لا يوصف، شعرها ليل طويل ينسدل كشلال على وركيها، فارعة الطول، عيناها حبتي زيتون، بريقهما كماستين في ظلام دامس، شفتاها كورقة سيجارة، هكذا كانت البيريفانة في عيني الراعي، ذلك الراعي الذي لم يكل من سوق أغنامه كل يوم مع بزوغ الفجر حتى مغيب الشمس، يمضي أيامه كلها برفقتها، هناك في زوزان، بعيداً عن القرية ونق أصحابها، الراعي يغني كل يوم للبيريفانة، ومناه قبلة من رحيق شفتيها.

الراعي يغني، أيتها البيريفانة.. بين نهديك أربعة وأربعون نبعاً للحب والهيام.. جنات عدن تجري فيها ماء الحياة.. الحب يندلق منهما.. والفردوس الخالد أبداً..

أيتها البيريفانة، قسماً بعينيك لا يوجد في الحياة أحلى من ارتشاف العسل من بين نهديك، مائي عند العطش، ونسيم روحي وقلبي. أيتها البيريفانة.. أرى تاجاً على رأسك، الذهب يبدو أجمل عندما تضعينه، يبرق أكثر ويلمع طوال النهار، أيتها البيريفانة.. إنه يخجل من جمالك، فلا تعذبيه أكثر، دعيه أمامك لعلك تعيدين الحياة له، بعد أن فقده منذ أن وضعته بعيداً عن نظراتك، أيتها البيريفانة.. ارحمي ذلك التاج.

الراعي يسرد حكاية عشق مع البيريفانة، يقول لها: لو غرفت من تلك الينابيع الأربعة والأربعين، من الأصيل حتى الفجر، قسماً بعينيك لما يرتوي ظمأي، بيريفانة.. لا يرويني إلا نهديك، رحيق الحياة، وماء الخلود، أيتها البيريفانة.. وددت أن اعطش فأروى، واعطش فأروى من تلك الينابيع.

بيريفانة قالت: أيها الراعي، دعني وشأني، سأتأخر على أمي وأبي، دعك مني.. إنني تأخرت وعلي العودة ومعي حليب اليوم، إن لي أهل لو يعلموا بلقائنا ستكون نهاية حبنا قبر كئيب، خوفي أقوى من حبي، أخرج فمك من عنقي، لقد غادرت الشمس السماء.

الراعي يرد على البيريفانة، هذه حجج البيريفانات، ذرائع الملائكة والنساء والفتيات، تصطادوننا بشراككن، ومن ثم تقمن بالرحيل بعيداً، اشتياقي يزاد يوماً بعد يوم، بل ساعة تلو الأخرى، بيريفانة.. إنني أعشقك ومل الانتظار مني، أتمنى لقاءك كلما رمشت عيناي.

البيريفانة تنسى نفسها، غادرت الشمس السماء، وقال الليل جئت، إنني ستار كل مكشوف، وغطاء كل من يرغب في لقاء حبيبه، قال الراعي: أيتها البيريفانة.. دعنا نلهو ونعشق بعضنا أكثر، وإن تأخرت في العودة، قولي لأهلك، لأمك وأبيك، عند عودتي، انقطعت الخضاضة واندلق الحليب..

هكذا تحب البيريفانة في بلادنا، في زوزان ودشتان، في بلاد الربيع والزهور، في ديار النسرين والخجخجوك، الحب الذي يأتي مع كل فجر، ولا ينتهي عند الأصيل، البيريفانة تعشق الراعي، ولا يهما إن أوصلت الحليب إلى أمها وأبيها، انقطعت الخضاضة، اندلق الحليب، لا ضير من ذلك، إن الحب عندها أكبر من زاد الأهل.

البيريفانات تبحثن دائماً عن الحب، ذلك الحب الذي يأتي من خلف جبالنا العالية، تلك الجبال تشرق من ورائها الشمس دائماً، قصص وحكايات تولد هناك، أصبحت أغانٍ هي أجمل سرد لأجمل روايات، قصص بات الرواة يتناقلونها هنا وهناك، منهم من غناها بحب وعشق، ومنهم من رووها بألم وآسى، كانت حكايات لعشاق رحلوا.

البيريفانة والراعي، قصة حب تولد كل صباح هناك في زوزان، مع الشمس، والنسيم، مع الزهور والقطا، والحجحجيك، القصة التي لا تنهي أبداً برحيل أبطالها، في كل يوم هناك بيريفانة وراع، يعلمون الآخرين الحب في بلادنا، يسردون قصصهم وحكايتاهم، لعل الحب ينهي آلامنا ومآسينا، هكذا تعشق البيريفانة في ديارنا.



#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آذار بهار
- في عيدها العالمي ما تزال المرأة أسيرة الاضطهاد بكافة أشكاله
- إنما الخيانة في آبائك الكرد
- الفتوى التي قتلت ميكي ماوس
- جمهورية الحجب... تقرير عن حجب المواقع الإلكترونية في سوريا
- ما تزال النار متقدة في كل المشاعل
- أحزمة ناسفة
- آلام وأحلام وكأس شاي عراقي
- ككردي... أخجل من سجالكم
- نوروز رسالة الألم الكردي
- آذار خان... سيد الشهور
- المرأة السورية بين ثنائية السياسة وحقوق الإنسان
- غني يا فيروز...
- إعلان دمشق.. اغتيال ربيع آخر
- رصيف أمن الدولة
- القمع الأمني للظواهر الكردية
- جرائم الشرف... وأد الأنثى من جديد
- خمسة عقود ونصف ومازالت المأساة مستمرة
- أصدقاء الأمس أعداء اليوم ... سوريا وتركيا وحزب العمال الكردس ...
- تركية وتحديات المرحلة الجديدة


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مسعود عكو - عندما تعشق البيريفانة