أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مسعود عكو - آذار بهار














المزيد.....

آذار بهار


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 2594 - 2009 / 3 / 23 - 04:22
المحور: القضية الكردية
    


السماء مرصعة بالنجوم هذا المساء، القمر يهدي ضياءه للعاشقين، ثمة غيمة تتلو دعاء الربيع، قائلة إلهي احم أزهاري ودعها تنشر عبقها، أدعية كثيرة يرددها أهورامازدا، متوسلاً الكلام أن ينتهي عند ضفاف هذا الألم، رحيق يعطر توابل الخوف، وفراشة تتنهد قبل الغروب، فينثر النوروز بهاراً أصيلاً، يرتل الحجحجيك آية الرحيل، داعياً الحجل لبدأ طقوس الربيع واحتفالية اليوم الجديد، النار تشتعل في قمة الأمل.

ليالٍ طويلة عزفت سيمفونية الحجل التائه، الخوف المتراكم في عبرات الأيام، الأنين المختنق بقطرات المطر، ما تزال الليالي تبكي نجوماً سقطت من سماء الألم، الخفاش يلبس جوربه في عتمة كهف الأنين، النجوم ترقص مع القطا، والربيع يبحث عن يوم جديد، هكذا يبيعنا آذار توابله.

آذار بهار، القادم إلى الشمال، الجزيرة المكتوبة بخط عريض في كتاب الأحزان، المطر الخائن لعشيقاته الورود والأزهار، سنبلة ثملة بصدى رصاص أخرق، وحده الشوك يملئ الهواء، والبلبل يغني لبهار جديد، بالرغم من أن البهار ظل حزيناً في كل ربيع. تتموج أنفاسه معطرة بدموع الأمل، آهاته تتقد في قلب الحجحجيك، البروين تنقل رسالة جديدة، تنادي حبيبي طال انتظار الوعد هيا نغني، ونقطف من الكلستان وردة جوري، وريحانة، وقلم رصاص، ونعزف من جديد، معزوفة المطر، فيحضر دلشاد كمانه، ويعزف في ملعب كرة القدم، "ئه ز كه فوكم" لتلحق به الأسراب التي مرت ذات يوم من هناك.

آذار بهار، حياتنا لحظات صمت ترنو بحنين إلى غد أجمل، وألم ينتهي عند المغيب، كلماتنا حبات مطر، تنهمر من سماء ملبدة بغيوم ثملة، تتخللها أحرف صدئة، آهاتنا قطرات ندىً في ربيع جبلي، بيوتنا أسيرة تسعة وأربعين قيدٍ، لكن!!! رغم ذلك، كل ذلك، الفرح يمس شغاف قلوبنا، وبريق الفرح يلمع في عبراتنا الحزينة على رحيل عشرات الجبال، قطفتها الصدأ، ما تزال عبرات ثكالى توحل قبوراً كثيرة، وتسقط جدائلهن عليها مقطوعة، عبرات متساقطة كشلال جن فيه الماء.

آذار بهار، الربيع الذي يسرق يراعاً، يكتب مخطوطة أمل بلوعة عشيقات ذرفن الكثير في شوارع المدينة، القلم انكسر عندما حاول سرد حكاية موت معلن، الحب ينتظر في مقبرة كبيرة، جثث وأشلاء ودموع، ترتمي بحزن بين يدي الربيع، أطفال قالوا رائحة تفاح من السماء، تفاح ذا رائحة كريهة، انهمر الموت من السماء، كان سماً من طائرات خائفة خائنة، الألم ما برح مكانه، هجرت النجوم ديارها، فصارت السماء بلا أوراق، الأمل انتظرهم كثيراً، ثمانية عشر ربيعاً مر عليهم، إنهم في دوحة آذار، نوروز مبارك للآلهة.

آذار بهار، خلف أمواتنا نسير تائهين، تخلى عنهم ملك الموت، وقال لقد نسيتكم، عيثوا في الكلستان فساداً، إنها لكم حتى تموت كل النجوم، صورهم انعكست على زجاج مهشم، مرآة خالية، إطار بدون صورة، لوحة بدون ألوان، قصيدة بدون كلمات، ياسمينة بدون عبير، الحياة عندهم توقفت منذ اثنتان وخمسون خريفاً، الكل ينادي في الظلام، اسلك دربي إنني على صراط مستقيم، اسأل الله عنهم، لقد تاهوا في صحراء الحياة.

آذار بهار، ورودك مزقت كل ألوان الكآبة، موسيقاك أحرقت كل أشكال الصمت، لقد أتلف الحزن كل أوراقه أمام دارك، وكتب الحجحجيك قصيدة جديدة، غني يا آذار، أعزف لحن الخلود والوجود، أعزف على قيثارة الأمل، إن الأمل يمزق كل كلمات الفشل، الأمل يحيي أرض السنابل، والزيت، والماء، الرسالة وصلت، والقصيدة يغنيها كوجري عاشق، ينتظر بيريفانة ترجع عند المغيب، وتقول تمزقت الخضاضة، واندلق الحليب.

آذار بهار، يسقط كل يوم أهريمان، وأسدل الليل ستاره في الشمال، وانهارت كل اتفاقيات الظلام، وحده غصن الزيتون يتلو ترانيم الوجود، القلم يكتب من جديد تاريخ أمة الحجل، طاووس ملك يفرد جناحيه على لالش، والبهار يرش عبقه في الشرق، لقد احترقت لحية التيس الأخرق، الطيور تترك السراب، والهجرة الأن نحو الأمل، الأمل الذي يرافق المزن في سماء الحب، البهار يعلن افتتاح مراسيم الربيع هذا العام، وتنشد الطيور لحن الخلود، حتى الهدهد عاد من سبأ، وقال اعزفوا وغنوا إن البهار أروع طقوس الحب والحياة.

آذار بهار، غني مع الراعي القره كيجي، أغاني الحب والعشق والأمل، أغاني الربيع والزهور "كريفه، غزال، فرات" غنوا معه كما فعلت كل العصافير، والألوان، غنوا معه "بهارى خوش بهارى" إن الحياة أجمل مع البهار، غني أيها الراعي، غني آذار بهار، آذار الربيع والأمل، غني في كل بهار، حتى تصبح كل أيامنا بهار.




#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في عيدها العالمي ما تزال المرأة أسيرة الاضطهاد بكافة أشكاله
- إنما الخيانة في آبائك الكرد
- الفتوى التي قتلت ميكي ماوس
- جمهورية الحجب... تقرير عن حجب المواقع الإلكترونية في سوريا
- ما تزال النار متقدة في كل المشاعل
- أحزمة ناسفة
- آلام وأحلام وكأس شاي عراقي
- ككردي... أخجل من سجالكم
- نوروز رسالة الألم الكردي
- آذار خان... سيد الشهور
- المرأة السورية بين ثنائية السياسة وحقوق الإنسان
- غني يا فيروز...
- إعلان دمشق.. اغتيال ربيع آخر
- رصيف أمن الدولة
- القمع الأمني للظواهر الكردية
- جرائم الشرف... وأد الأنثى من جديد
- خمسة عقود ونصف ومازالت المأساة مستمرة
- أصدقاء الأمس أعداء اليوم ... سوريا وتركيا وحزب العمال الكردس ...
- تركية وتحديات المرحلة الجديدة
- مقابلة مع السيد حسن سوادي عبد العزيز القائم بأعمال السفارة ا ...


المزيد.....




- رائد فضاء في مهمة لفتح الفضاء أمام ذوي الاحتياجات الخاصة
- أكسيوس: تدابير جديدة تخص طالبي اللجوء في أميركا تصدر قريبا
- انعكاسات الأحداث الجارية على الوضع الإنساني في غزة؟
- مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسؤولين أمميين حو ...
- اقتحام رام الله والبيرة واعتقال 3 فلسطينيين بالخليل وبيت أمر ...
- عودة النازحين.. جدل سياسي واتهامات متبادلة
- الخارجية الأردنية تدين الاعتداء على مقر وكالة -الأونروا- في ...
- برنامج الأغذية العالمي يحذر من شلل جهود الإغاثة في لبنان
- مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسئولين أمميين حو ...
- الأونروا: استمرار غلق المعابر ومنع دخول الوقود سيصيب العمليا ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مسعود عكو - آذار بهار