أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد المسعودي - مفهوم الحقيقة بين العلم والدين














المزيد.....

مفهوم الحقيقة بين العلم والدين


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 2604 - 2009 / 4 / 2 - 09:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قديما كانت المفاهيم الثلاثة التي نحن بصدد الكتابة عنها ، كانت محايثة ومرتبطة ببعضها البعض الآخر من حيث المعرفة اليقينية الثابتة ومن حيث وجود تكرار الفاعلين الاجتماعيين الذين يشرفون على ديمومة الثقافة التي تصدر الثبات حول مفهومي العلم والدين من اجل ربطهما في حقيقة واحدة لاغير ، ذلك الامر ينطبق على جميع المنظومات المعرفية التي وجدت بشكل مطلق وثابت لدى الانسان طيلة تاريخه ، والاديان بمضمونها السماوي والارضي لا تخرج من هذه الدائرة المغلقة في ربط العلم والدين في حقيقة واحدة وثابتة .
وقد يكون ارتباط العلم بالدين او العكس لا يعود الى النشأة الفكرية والثقافية بقدر ما يرتبط بالارضي ، الدنيوي ، من مصالح وخيرات وسلطات نفوذ .. الخ كل ذلك جعل مفهوم الحقيقة ثابتا في ظل سيطرة القوى الروحية التقليدية على نظرة الانسان لواقعه اليومي ومستقبله على حد سواء . فالساحر – الشامان في المجتمعات البدائية يملك التأثير اليومي على افراد القبيلة ويؤسس لوعي ثقافي ثابت لدى الجميع لا يمكن تجاوزه ، كذلك الحال مع رجل الدين في التجارب السردية الدينية الثلاثة ، خصوصا من يمتلك الروحي والدنيوي في قابلية واحدة مؤثرة على المجتمع في صياغة الحقيقة الثابتة والمطلقة على مستوى الاجيال الحالية واللاحقة . هذه الصورة بدأت تتغير مع الازمنة الحديثة ، تلك التي تم فيها الفصل فيما بين الدنيوي والديني من حيث الحقيقة والمعرفة والحكم ، في البدء كان الفصل معرفيا وثقافيا مع عصر النهضة ومكتسباتها العلمية والفلسفية متمثلة بديكارت وبيكون ونيوتن وباسكال وغيرهم ممن شجعوا على عملية الفصل اللاحقة بين العلم والدين ومن ثم الاعتراف بانهما كيانان منفصلان عن بعضهما البعض الآخر ، بعد صراع طويل مع انظمة المعرفة الثابتة متمثلة بالكنيسة وسلطتها المطلقة ، فالعلم اصبح نسبيا ومتراكما عن طريق المراجعة والاكتشاف الدائمين وان الخطأ في العلم طريق لتصويب الحاضر واكتشاف المستقبل ، اي ان العلم يحمل الاتساق المنطقي من حيث صرامة القوانين ودقتها ولكن كل ذلك من الممكن ان يتغير مع الاكتشافات الجديدة على عكس الدين او اللاهوت الذي يحمل اتساقا منطقيا مطلقا وثابتا دون وجود يذكر للمراجعة والنقد والتغير . هذه النظرة عممت على مجالات الفكر والسياسة والمجتمع من خلال وسائل وطرق المراجعة واكتشاف الخطأ وتصويبه واتباع الافضل منه في المجتمعات الحديثة .
ما تزال النظرة الى العلم اجتماعيا وثقافيا ضمن حدود النسبي في مجتمعاتنا العربية الاسلامية مرتبطة وتابعة للدين من حيث المضمون والمعنى ، بالرغم من وجود الكثير من المراكز البحثية والعلمية في دول عربية مختلفة ، وذلك الامر مرتبط بعوامل السياسة والاقتصاد ومستوى الوعي الثقافي العام في هذه المجتمعات ، فضلا عما موجود من تراث معرفي لا يشيع ثقافة المراجعة والسؤال والابتكار ، الامر الذي يجعل مجتمعاتنا لا تدرك قيمة العلم في مسألة التغيير واهميته في محاولة ردم الحواجز العلمية والتكنلوجية بيننا وبين المجتمعات الحديثة . ان محاولة الفصل بين العلم والدين ينبغي ان تتم ليس من خلال تكرار النموذج الغربي لان الاخير يمتلك حيثياته وظروفه الخاصة به ، بل من خلال العمل على ترسيخ التجربة النقدية والعلمية للتراث ، تلك التي تهتم بمسألة تزامن المعنى وارتباطه الوجودي ببنية اجتماعية وثقافية وسياسية قادت الى تكوينه وفقا لما موجود في الازمنة الراهنة ، والتجربة النقدية للتراث من شأنها ان تضع الدين في مصاف الزمني البشري ثقافيا ومعرفيا وليس في مصاف الثابت الذي يدور بشكل مغلق حول الازمنة القادمة والمستقبلية على حد سواء ، وهنا ينبغي الاستفادة من الباحثين الذين يشتغلون على التراث ولديهم مشاريعا فكرية وثقافية امثال محمد اركون ونصر حامد ابو زيد وخليل عبد الكريم وغيرهم من اجل الاستمرار في تأصيل ثقافة النقد التراثي ليس ضمن صورة الايديولوجيا المسبقة حول المعنى الذي يتضمنه الدين بل ضمن طبيعة البحث العلمي المجرد من المسبقات الاولية لدى الباحث او المفكر حول التراث واستمرار المعنى الذي يصدر حقيقة تبتعد عن الدقة والموضوعية العلميتان ، ان الحقيقة في مرحلة انفصالها عن الدين لا يعني انها قد اصبحت مرتبطة بالعلم ، فمن الممكن ان يكون العلم ايديولوجيا او مرتبط بالعلموية التي تمجد كل شيء مرتبط بالعلم الى درجة التقديس والعبادة كما كان الامر معمولا به في القرن التاسع عشر ، ولكن كل ذلك تم تجاوزه عن طريق منطق المراجعة واعادة النقد المستمر حول العلم والحقيقة التي يصدرها ، وهذه الحقيقة ماهي إلا خطأ مصحح حسب تعبير غاستون باشلار ، لترتبط في النهاية بكل ماهو نسبي وومرحلي قائم على مقاييس التراكم والاكتشاف المستمر . ان حقيقتنا ينبغي تحديثها عن طريق اعادة قراءة التراث بمعيار العلم الحديث وان الافكار شبيهه بالجسد البشري يمر في مراحل الطفولة والشباب والنضج والشيخوخة ، وهنا تصوير نيتشه في كتابه زردادشت الاول يحمل انتقالات من الممكن ان تنطبق على طبيعة تصورنا للمعرفة المتراكمة بالرغم من ان هذه الانتقالات شبيه بحياته وتحولاتها وهي التراث يمثل (الجمل ) الذي يحمل اثقال الماضي وعبئه وتقاليده .. الخ وبين ( الاسد ) بعد ان يتحول في الصحراء الى القوة والسيطرة والتحكم بارادته ، ومن ثم الى ( الطفل ) المولود الجديد الذي يعرف العالم من دون مسبقات ويمثل التواصل والاستمرار ، وهكذا في سلسلة متواصلة ، على الرغم من ان نهاية نيتشه المأساوية لا يمكن تشبيهها بما نهدف اليه من ديمومة متواصلة وولادة مستمرة من حيث الابداع والاكتشاف المستمرين ، الامر الذي يجعل الحقيقة اكثر التصاقا بالعياني والمشاهد والمدرك ، لا يتوفر فيها ادوات الرفض والامتناع او الحضر المجتمعي والثقافي ، حقيقة تتبع الحاضر وتحاول تجديده بشكل دائم وهي حقيقة العلم التي تختلف عن حقيقة الدين التي تحمل مقاييس الثبات والدوران حول نفسها بشكل تاريخي مزمن .





#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معوقات ثقافة الابداع في العراق
- في تاريخية الكتابة والموت ( قلق الكاتب من محو الذاكرة )
- فاعلية المثقف من العزلة والرفض الى الممارسة الاجتماعية
- نحو علمنة الزمن الثقافي العربي
- أزمة العقل السياسي العراقي ( بين الخضوع الايديولوجي وإعادة ا ...
- البحث عن مهمة اجتماعية للفلسفة.. فكر لا يغادر مدارج الجامعة
- الذات والاخر في صورة النقد المزدوج
- معوقات مجتمع المعرفة في العالم العربي
- سياسة الاندماج الاجتماعي الفعال في بناء الدولة العراقية
- حرس بوابة الاخبار
- مشروع ديكارت الفلسفي وإعادة ترتيب الوجود
- المجتمع الجماهيري .. عامل محافظة ام تطور
- مفهوم الحرية ركيزة اساسية لتطور المجمتع
- محددات ثقافة الارهاب
- لماذا يفشل المثقف الحر في في انتاج ابداع مختلف (المثقف والمؤ ...
- الاحزاب السياسية والوعي العمالي ( نكوص مجتمعي ام استقلال سيا ...
- المؤسسات الثقافية العراقية ( مصدر ابداع أم تأسيس فراغ معرفي ...
- جذور الغنيمة والانتهازية لدى المثقف العراقي (محاولة في نقد ا ...
- سيميائيات حجاب المرأة
- الكتابة بين نموذجين


المزيد.....




- مصر.. شهادة -صادمة- لجيران قاتل -طفل شبرا-: متدين يؤدي الصلو ...
- السعودية.. عائض القرني يثر ضجة بتعداد 10 -أخطاء قاتلة غير مع ...
- كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط ...
- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد المسعودي - مفهوم الحقيقة بين العلم والدين