أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمان فارس - مسرحية الام الشجاعة ولعنة الحرب















المزيد.....

مسرحية الام الشجاعة ولعنة الحرب


عصمان فارس

الحوار المتمدن-العدد: 2530 - 2009 / 1 / 18 - 07:51
المحور: الادب والفن
    



حينما وجه المنفي بريشت كلمته عام 1938 الي الجيل القادم لم يكن وقتها معروفا متي يسير الزمن المظلم الي نهايته. "انا اعيش حقا في زمن مظلم" لان الصمت يطوق جرائم لا تحصي.أن مسرح بريخت جاء ردة فعل على الحروب وما رافقها من فاشية ونازية وكنتاج أيضاً للمدرسة الشكلانية الروسية التي أكدت ضرورة تقطيع سيل الواقع للكشف عن غرابته، تلك الغرابة الضرورية لإيقاظ الجمهور وإشراكه في نقد الواقع. وقد قام بريخت بتطوير ثلاث تقنيات هي: "ليس... بل..."، والمونتاج، والإيماءة. وقد وضحها من خلال مسرحية "الأم شجاعة". فالأم شجاعة التي تكسب قوتها من الحرب، حيث ترحل بعربتها وأبنائها (ولدان وبنت خرساء) خلف الجنود فتشتري منهم ما يغنموه وتبيعهم الطعام، وعندما يقتل الحصان يقوم الأبناء بجر العربة، وتظهر تقنيات بريخت الثلاث عندما يخطف ابنها من قبل الجيش الآخر، هذه المرة نلتقي بيرتولد بريخت في مسرحية الام الشجاعة علي المسرح الملكي ستوكهولم في هذه البناية الجميلة والتي لها اهمية في تحديد تأريخ الحركة المسرحية السويدية منذ سنة 1788 في العاصمة ستوكهولم. ومسرحية الام الشجاعة من اخراج الشاب Anders Paulin والممثل هنريك وتمثيل Stina Ekblad بدور الام الشجاعة نورلين) روين كيلر، والممثلة انيا ليل اندرسون)، والمسرحية كتبها بريخت عام 1939 منددا بالحرب. احداث المسرحية جرت علي الارض الالمانية خلال حرب الثلاثين عاما بين السويد وبولندا واشتركت فيها المانيا في مطلع القرن السابع عشر. في كثير من العروض التي شاهدتها لهذه المسرحية تمتلك الام العربة وتتجول في جبهة القتال لتبيع الخبز والمشروبات للجنود يرافقها إثنين من أولادها وابنتها كاترين الخرساء
في هذا العرض ولج المخرج عالم التجريب والغي العربة وقدم العرض بشكل دائري والمسرح خالي من اي قطعة ديكور عدا استعمال زوايا الجدران الثلاثة لعرض السلايدات والتي هي عبارة عن رموز مثلثات ومربعات وفي الزاوية الاخري وضع الة البيانو المبرمجة مع اغاني الام الام تتجول في زمن الحرب من اجل كسب الرزق وقوت اسرتها وفي كل الاحوال تحاول ان تنأي بأسرتها عن ويلات الحرب لكن ابنها الاول ينضم الي الجيش متجاوزا تعليمات امه. اما الابن الثاني فينضم الي الجيش ويسرق صندوق المال ويحاول اخفائه في البيت لكن الام ترفض وتنهاه عن ذلك ولكن دون جدوي
يهرب الابن ويلقي القبض عليه متلبسا بجريمة السرقة ويصدر قرار اعدامه. ترفض الام الاعتراف امام الضابط علي انه ابنها. تدعي انها لا تعرفه خوفا علي ما يلحق ببقية الاسرة. ففي زمن الحرب يقتل الابناء، ويموت الناس من الجوع والخوف، وتفقد الحبيبة حبيبها ولم تسلم النساء من اعتداء الجنود. ولكن الشجاعة والاخلاص كلها فضائل لا يحتاجها المرء في بلد يحكمه ملك عادل. ومسرحيات برتولد بريخت التأريخية تتناول حكايات من الماضي القديم ولكنها قوية الاسقاط علي الحاضر حاول المخرج الغاء الديكور انسجاما مع اسلوب بريخت بالغاء عناصر الايهام والغاء البعد الثالث والجانب المعماري في المسرحية. وهؤلاء البشر يسيرون في ارض الخراب وفي ظل الحرب علي شيء يتحول الي فراغ وفراغ. هناك قواعد فنية ابتدعها بريخت في العرض المسرحي تشمل كل نواحي الشكل الدرامي من التمثيل والديكور وتوظيف الموسيقي، والذي يجمع بين الكلمة والموسيقي والصورة وتهدف جميعها الي هدم مبدأ الايهام والتعاطف والي التغريب اي اشارة المتلقي الي تغيير الواقع الغريب والمتناقض كاسلوب تجريبي اعتمده المخرج في تفسيره للمسرحية جعلنا امام الافق والمشهد العاري من الديكور
ادي الممثلون ادوارهم بأيماءات يغلب عليها ضبط النفس وتحاشي النبرة قدر الامكان وفي التصاعد التدريجي للصوت (الكرشاندوا) وتأتي الاغاني مرافقة الايقاع القادم من المذياع او الة البيانو، ويتميز هذا الاسلوب بالبساطة والخلو من كل زخرف ما عدا الحركة الايماءة, الوضع، وقصة الام الشجاعة كوراج واولادها تعرض في اثني عشر منظرا ولكن كل منظر ينقسم الي سلسلة من الاحداث. ففي البداية تدخل الام الي المسرح وتحاول التعريف عن نفسها ثم التعريف بالابناء وعلاقتها بهم وحبها العميق لهم، حافظ المخرج علي لغة المسرح والتي تترجم بطريقة موسيقية خاصة عند اداء الام للاغاني، ربما لم يكن المخرج موفقا في عرض بعض الصور او الدوائر والمثلثات ما عدا مشهد المسيح المحمول علي الصليب ليظهر عذابات المسيح وعذابات البشر في ظل الحرب او ربما يقصد المخرج ان الحل الوحيد هو التضحية او قبول التضحية كما في حال المسيح. ان مسرحية الام الشجاعة واولادها في المسرحية التي يجسد فيها بريخت نوعا جديدا من الفعل المسرحي والتي يخلق منها مادة يمكن مقارنتها في زخمها بالموضوع الاخلاقي، علي انه ليس في نعت هذا الفعل بالشكسبيرية اسراف في المديح،فالتأريخ والناس ينفجرون حيوية علي خشبة المسرح ويتجاوزون الفعل السكوني المنعزل، فالمسألة هنا ليست مسألة (اخذ حالة هذه المرأة) وانما هي رؤية ما يحدث لهؤلاء الناس والتفكير فيه، اذ يبدأ السؤال: ماذا تستطيع الام الشجاعة فعله لشخص ما ؟ ويكتمل السؤال من خلال الفعل المستمر.. ما الذي نملك فعله نحن ؟ حيث لا رادع للقوة العمياء. فالشجاعة تأتي من مزاولة الزراعة والبناء وانجاب الاطفال في زمن الحرب فنحن في حاجة الي هذه المرأة الشجاعة اذا شئنا النظر الي انفسنا، تمثل الام الشجاعة واولادها صرخة لتجاوز كل الاوهام والظلم السائد. فكاترين البنت الخرساء تقرع الطبل المسعور انه الصوت اليائس الذي تطلقه الام لحماية المدينة. والفتاة الخرساء التي تتحدث عن الحياة تقتل. ادت دور الام الشجاعة الممثلة الكبيرة ستينا إكبلاد بطولة مطلقة ثلاث ساعات تؤدي شخصية ام منكوبة مليئة بالحزن واحيانا تكسر الحزن لتجاوز الانفعال المكتوم.. وهي ممثلة قديرة ادت العديد من الادوار المهمة في المسرح السويدي. وسر نجاحها في اداء شخصية الام لكونها من اصل فنلندي هربت مع اهلها من ويلات الحرب وجاءت الي السويد فهي تلعن الحرب وصناع الحروب. اما الفتاة الخرساء كاترين فدورها صعب لا تستطيع الكلام ولكنها تجيد الصرخات واستطاعت شد المتلقي من خلال حركاتها وانفعالاتها .



#عصمان_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماء الحرية تلطخ يدي ماكبث
- قراءة في قصائد الغربة لدى الشاعر خالد الخفاجي
- جسد الممثل علامة بصرية
- طقوس ايقاعية علي الخشبة تتشكل عبر الاجسام
- نساء مشحونات بالعاطفة في بيت برنارد ألبا
- مسرحية أوديب... التجريب علي نص كلاسيكي
- الانسان جزء من العصر الذي يعيش فيه


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمان فارس - مسرحية الام الشجاعة ولعنة الحرب