أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - وأعدُّوا لهم ما استطعتم من -قِمَم-!















المزيد.....

وأعدُّوا لهم ما استطعتم من -قِمَم-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2528 - 2009 / 1 / 16 - 09:34
المحور: القضية الفلسطينية
    


عند الحديث عن "السياسة العربية" لا بدَّ أوَّلاً من مراعاة "حقيقة موضوعية" ظاهرة واضحة جلية يراها كل من يملك ولو نزراً من قوَّة البصر والبصيرة وهي أنْ لا "سياسة"، ولا صفة "العربية"، في "السياسة العربية".

إذا كان من وجود لـ "السياسة"، التي هي بنت العلم والفن، في "السياسة العربية"، فإنَّ وجودها هو من ذلك النمط الذي شرحه وأوضحه على خير وجه أبو العلاء المعري إذ قال وكأنَّه يتنبأ بـ "السياسة العربية" التي نراها اليوم بوجهيها الكوميدي والتراجيدي: يسوسون (أي الحكَّام) الأمور بغير عقل، فيُنْفَذ أمرهم، فيقال "ساسة"!

أمَّا صفة "العربية"، فهي، والحقُّ يقال، تزاوُجٌ بين صفتين هما "الغربية" و"العبرية"، فليس في كل "السياسة العربية" ما يَعْكِس المصالح القومية العربية، التي يَعْكِسها، عاطفياً وصوتياً، "الشارع العربي".

وأنتَ يكفي أن تُحاوِر "الساسة" العرب، الذين تنبَّأ أبو العلاء المعري بمَقْدَمِهم، والذين يُنْفَذ أمرهم بما يملكون من سلطة فحسب، في كل ما تجود به "عقولهم السياسية" من رُؤىً وقرارات ومواقف.. حتى ينتابك شعور بالتقهقر الفكري، فهم ليسوا بالخصم الفكري الذي يَقْصِف، عقلكَ بـ "قنابل" من الحُجَج والمنطق، فيَحْمِلكَ على مزيدٍ من التمرين والتقوية لـ "عضلاتكَ الفكرية"، ويتحدَّاكَ أن تشبهه منزلةً ومكانةً في الفكر والعقل والمنطق.

حاوِرْهُم لتكتشف أنَّكَ مضطَّرٌ لتأتيهم دائماً بما قد يُقْنِعهم بأن ليس ثمَّة ما يدعو إلى إقامة الدليل على وجود النهار، وبأنَّ العنزة إنْ طارت لا تكون عنزة، وبأن الجزء أصغر من الكل، وبأنَّ قطاع غزة يقع في قارة آسيا، وبأنَّ الحب الأفلاطوني لا يؤدِّي إلى إنجاب أطفال، فبئس حوارٍ يضطَّروننا فيه إلى أن نختلف، أو نتَّفِق، معهم في أمورٍ هي في منزلة البديهيات والمسلَّمات؛ ولكن لا غرو في ذلك، فَهْم مِنْ خَلْق مصالح شخصية وفئوية ضيِّقة، تُضيِّق العقول والآفاق، وتُزيِّن لهم انتهاج سياسة منافية للعقل والمنطق، وليس لمصالح شعوبهم وأمتهم فحسب.

كلهم يريدون "نُصْرَة غزة"؛ ولكنَّهم فرادى لا يفعلون شيئاً يمكن أن يجعل "نُصْرَة غزة" حقيقة واقعة؛ أمَّا عُذْرَهم فهو "الجماعية العربية" في القول والقرار والفعل، فعَبْر تلك "الجماعية"، وعَبْرها فحسب، يمكن أن تقوم كل دولة عربية بما تستطيع القيام به لـ "نُصْرَة غزة".. ولو بعد خراب البصرة، أو فوات الأوان!

يريدون "تصفيقاً"؛ ولكن لا "تصفيق" إذا ما كانت كل دولة عربية تَنْظُر إلى نفسها على أنَّها "يدٌ واحدة"؛ و"اليد الواحدة" لا تصنع "تصفيقاً".

إنَّهم، وعلى ما يُظْهِرون، يؤمنون بأنَّ "الاتِّحاد قوَّة"؛ ولكن ما أن تتحدَّاهم غزة على "الاتِّحاد"، وعلى أن "يتَّحِدوا" الآن، على ما لـ "الآن" من أهمية سياسية عملية وواقعية، حتى يتوفَّروا على البحث عن ذرائع للفُرْقة والانقسام، فاجتماعهم على مستوى القمَّة الآن، حيث الواقع يدعوهم إلى فَعْلٍ، يشبه "المعجزة"، لجهة عجزهم عن الإتيان به، ليس من الأهمية بمكان؛ وغزة يمكن أن ينصروها، أو أن ينتصروا لها، بشيء من "التشاور السياسي"، في "وقت الفراغ الاقتصادي"، فـ "الاقتصاد في السياسة" هو الآن السياسة الفضلى.

هم الآن ضد "القمة السياسية"، مع أنَّ الإكثار من عقد "القمم السياسية" كان هو كل عملهم السياسي، الذي فيه من "العمل" ما يعدمه أهميته السياسية، وفيه من "السياسة" ما يعدمها أهميتها العملية.

هم الآن ضدها؛ لأنَّها تدعوهم إلى قرارات ومواقف وتدابير وأعمال تشبه لجهة استعصاء محاولة الإتيان بها خروج المرء من جلده، فـ "ميزان غزة" لا يقيس إلاَّ ما ثَقُل وزنه من القرارات والمواقف والتدابير والأعمال؛ و"الأعظم" من قولهم وفعلهم الآن لا يَزن إلاَّ قليلاً، وقليلاً جداً، بـ "ميزان غزة"، فَلِم يجتمعون؟!

وإذا كان من شيء يؤلِّب كثيراً منهم على إسرائيل فهذا الشيء إنَّما هو ما يبديه "الجزَّار" من عجزٍ عن "الذبح السريع"، فـ "المهمَّة" استغرقت زمناً أطول ممَّا يجب، ومن غير أن تُنْجَز.

لقد رأيناهم يُعدُّون لـ "نُصْرة غزة" ما استطاعوا من "قِمَم"؛ أمَّا "النتائج" فقد أتت بما يقيم الدليل على أنَّ القِمَم العربية تقول وتَفْعَل كل شيء إلاَّ.. إلاَّ ما ينبغي لها قوله وفعله، وما يمكن العرب قوله وفعله.

أُنْظروا إلى كل "قرار"، ثمَّ اسْألوا: هل فيه من القول والفعل ما ينبغي للدول العربية قوله وفعله؟

كلاَّ، ليس فيه.

هل فيه من القول والفعل ممَّا يمكنهم قوله وفعله؟

كلاَّ، ليس فيه.

الشعوب تَدْعوهم، فيجتمعوا ليقرِّروا دعوة غيرهم إلى ما تدعوهم إليه شعوبهم، فكم مرَّة اجتمعوا ليقرِّروا دعوة "المجتمع الدولي"، مثلاً، إلى أن يكبح إسرائيل..؟!

لقد جنحوا لسِلْمٍ لم تجنح له إسرائيل، وأعلنوا التزامهم له بصفة كونه "خياراً إستراتيجياً"، وترجموا هذا الالتزام بـ "مبادرة"، استنفدوا ثمين وقتهم، وعظيم جهدهم، في "إقناع" إسرائيل بمزاياها، فلم "تَقْتَنِع"؛ ثمَّ قرَّروا الذهاب إلى "أنابوليس" ليقطعوا الشكَّ بسيف اليقين، قائلين، غير مرة، إنَّها "الفرصة الأخيرة" للسلام.

إنَّنا لا نكلِّفهم إلاَّ وسعهم، فنحن لا ندعوهم إلى "قرار"، وإنَّما إلى ما يشبه "التقرير الإخباري". لا ندعوهم إلى أن يقرِّروا العدول عن "خيارهم الإستراتيجي"، ولا إلى دفن "المبادرة" التي قتلتها إسرائيل، فإنَّ جُلَّ ما ندعوهم إليه هو أن يكتبوا ما يشبه "التقرير الإخباري"، يحيطوننا به عِلْماً بكل ما قاموا به توصُّلاً إلى "إقناع" إسرائيل، وبـ "النتائج" التي انتهوا إليها، لعلَّ "المراقبين"، أي شعوبهم، يَعْرفون، على الأقل، ماذا حَدَث، ويستخلصون من التجربة الدروس والعِبَر.

لقد حاربتم إسرائيل بما أقنعكم بأنَّ الحرب ليست نزهة، وبأنَّها ليست بالوسيلة لإنهاء النزاع؛ ثمَّ مددتم لها غصن الزيتون، وسعيتم في تحبيبها بـ "السلام"؛ ولكن بما ينبغي له أن يقنعكم بأنَّ السلام معها خرافة ووهم.

إنَّ "خياركم الإستراتيجي"، والحقُّ يقال، ليس "السلام"، فمن يَعْجَز هذا العجز عن "نُصْرة غزة"، إنَّما يؤكِّد أنَّه لا يملك من "قوى السلام" إلاَّ ما يشبه "صلاة الاستسقاء"، وأنَّ "خياره الإستراتيجي الحقيقي" إنَّّما هو ما يُنْتِجه هذا التزاوج بين عجزين: "العجز عن الحرب" و"العجز عن السلام".

وهذا التزاوج إنَّما يجعل "السياسة العربية" لجهة "واقعية وجودها" كالمرأة نصف الحامل، فالمرأة إمَّا أن تكون حاملاً وإمَّا لا تكون!

بالله عليكم انقسموا ولا تتَّحِدوا، فرُبَّما قويت الأمَّة بانقسامكم، بعدما عَرَفَت من الضعف ما لم تعرفه من قبل بفضل "اتِّحادكم" و"قِمَمِكُم"!

أمَّا غزة فيجب أنْ تُباد، بشراً وشجراً وحجراً، فصمودها إنَّما هو ذنبها الذي لا يُغْتَفَر!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -أفران الغاز- و-أفران غزة-!
- -القرار- و-المبادرة-.. أسئلة وتساؤلات -موضوعية-!
- السلام الأسوأ والأخطر من الحرب!
- منطق -الحرب- على ما شرحه بيريز!
- أردوغان -المُهان-.. أهاننا!
- إسرائيل يمكن ويجب أن تهزم في غزة!
- جلالة القول!
- في إجابة سؤال -ما العمل؟-
- مجرمون آخرون في خلفية الصورة!
- حروفٌ حان تنقيطها!
- هي حرب ضد الشعب الفلسطيني كله!
- العالم إذ اخْتُصِرَ زماناً ومكاناً!
- لا تسأل -هل الله موجود؟- ولكن اسْأل..
- حرب هي الامتداد للانتخابات!
- في نقد نقَّاد -الحذاء-!
- -التهدئة-.. نتائج وتوقُّعات وعِبَر!
- -الإرهاب- بعد بوش!
- إذا تكلَّم الحذاء فأنصتوا!
- ليفني تساعد نتنياهو ضدَّها!
- بعث -المجتمع-!


المزيد.....




- بآلاف الدولارات.. شاهد لصوصًا يقتحمون متجرًا ويسرقون دراجات ...
- الكشف عن صورة معدلة للملكة البريطانية الراحلة مع أحفادها.. م ...
- -أكسيوس-: أطراف مفاوضات هدنة غزة عرضوا بعض التنازلات
- عاصفة رعدية قوية تضرب محافظة المثنى في العراق (فيديو)
- هل للعلكة الخالية من السكر فوائد؟
- لحظات مرعبة.. تمساح يقبض بفكيه على خبير زواحف في جنوب إفريقي ...
- اشتيه: لا نقبل أي وجود أجنبي على أرض غزة
- ماسك يكشف عن مخدّر يتعاطاه لـ-تعزيز الصحة العقلية والتخلص من ...
- Lenovo تطلق حاسبا مميزا للمصممين ومحبي الألعاب الإلكترونية
- -غلوبال تايمز-: تهنئة شي لبوتين تؤكد ثقة الصين بروسيا ونهجها ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - وأعدُّوا لهم ما استطعتم من -قِمَم-!