أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق إطيمش - ألإزدواجية في فكر ألإسلام السياسي / القسم الثالث















المزيد.....

ألإزدواجية في فكر ألإسلام السياسي / القسم الثالث


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 2505 - 2008 / 12 / 24 - 09:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التناقض في خطاب الإسلام السياسي يشمل جميع إطروحاته بدون إستثناء . ولا يمكننا التطرق هنا إلى جميع هذه الطروحات وتعرية تناقضا تها ، حيث سنحتاج إلى المزيد من الصفحات ، إلا أننا سنتناول موضوعين من هذا الخطاب لتبيان التناقض الذي يقع فيه .
الموضوع الأول الذي يتناول نظرية الحكم والذي يدعو إليها ألإسلام السياسي تحت شعار " لا حاكمية إلا لله " مستندين في ذلك إلى بعض الآيات القرآنية الكريمة من سورة المائدة : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ، أو " وأولئك هم الفاسقون " ويفسرون كلمة الحكم هنا بمعناها السياسي ، أي السلطة السياسية ، في حين أن كل ما ورد لتفسير مصطلح القرآن في الحكم وفي القرآن نفسه يدل على ان المقصود بالحكم هنا ليس الجانب السياسي بل الجانب القضائي ، إذ إرتبط مصطلح الحكم هذا في النص القرآني بالظرف " بين " ......وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ( النساء 58 ) أو " إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه مختلفون " ( الزمر 3 ) ، وآيات أحرى . إلا أن التناقض اللغوي هذا في خطاب الإسلام السياسي ليس هو الوحيد فيما يتعلق بمسألة الحكم ومحاولاتهم التجاوز على النص القرآني أو حتى تحريفه عن محتواه الأصلي الذي عرَّف الحكم بمعناه السياسي بمصطلح ألأمر " وأمرهم شورى بينهم " ( الشورى 38 ) أو " حتى إذا فشلتم وتنازعتم في ألأمر " ( آل عمران 152 ) . هذا بالإضافة إلى كثير من أقوال الخلفاء الراشدين التي تشير إلى ذلك ، وخاصة الخليفة ألأول أبو بكر الصديق الذي أكد على أن الحكم بمعناه السياسي يعني ألأمر حينما قال : إن محمداً مضى إلى سبيله ولابد لهذا ألأمر من قائم يقوم به .
وأقول بأن التناقض في هذا الموضوع ليس لغوياً فقط ، بل ويتناقض ألإسلام السياسي مع الفقه الذي أنشأه هو.
هناك قاعدة فقهية ، خاصة في فقه الإسلام السني تقول : طالب الولاية لا يُولى . ويحللها هذا الفقه على أن الخلفاء الراشدين لم يطلبوا الولاية لأنفسهم ، بل رشحهم غيرهم لها . إلا أن ما يقوم به السيادينيون يتناقض تماماً مع هذا المبدأ الفقهي . فهم يقتتلون فيما بينهم لتحقيق أهدافهم بالوصول إلى السلطة السياسية متخذين من الدين ومبادءه وسيلة لهذا الإقتتال . وحتى تلك المجموعات من الإسلام السياسي التي نبذت العنف كوسيلة للوصول إلى السلطة السياسية والتي تسمى اليوم بالإسلام السياسي المؤسساتي ، أي الذي يحاول الوصول إلى السلطة السياسية عن طريق المؤسسات الدستورية والبرلمانية ، كحزب العدالة والتنمية التركي ، أو الطريق الجديد الذي يسلكه تنظيم ألأخوان المسلمون في مصر، على سبيل المثال ، تتناقض في جميع تصرفاتها ونشاطاتها اليومية مع هذا النوع من الفقه . وقد تُقدِم لنا الأمثلة التي وضعها أمامنا ألإسلام السياسي بالعراق والطرق التي سلكها بالإقتتال بين فصائله المختلفة للوصول إلى السلطة السياسية ، أفضل الدلائل لتأكيد ذلك . لقد خرجوا عن أطوارهم فعلاً ليربطوا أقدس مقدساتهم الدينية بالمصالح السياسية الآنية ، بحيث جاء هذا الربط غوغائياً بدائياً أساء إلى هذه المقدسات . فعندما يربطون رقم القائمة الإنتخابية ذات العدد المجرد باركان الدين الخمسة والصلوات الخمس والخمسة أهل الكساء ، فإن ذلك لا يدل إلا على الإستغلال الفاحش لهذه المقدسات الدينية وبالتالي ينبغي وضع إيمانهم بهذه المقدسات على المحك .
اما التناقض الواضح الآخر الذي يكاد يكون خطاباً عاماً للإسلام السياسي في جميع المجتمعات الإسلامية فهو ذلك الخطاب الذي يصرخ بشعار : ألإسلام هو الحل . فما هو الإسلام الذي يريدونه أن يكون الحل يا ترى..؟ وما هي الحلول التي يرجونها للمجتمعات الإسلامية الغارقة في غياهب العصور الوسطى من تطور البشرية اليوم ...؟
أما من ناحية الإسلام الذي يريدونه أن يكون حلاً ، فالمفروض في الإسلام السياسي نفسه أن يُعرِّف هذا الإسلام أولاً ، إذ ان مفكري هذا التيار السياسي في المجتمعات الإسلامية غير متفقين على ماهية ألإسلام الذي يريدونه ان يكون الحل لمشاكل هذه المجتمعات . وهنا سيأتي الجواب منهم والذين يدّعون فيه : وحدة الإسلام ، معللين ذلك بأن المسلمين جميعاً ومهما إختلفت مشاربهم يوحدون الله ويصلون الصلاة الخمس ويصومون رمضان ويدفعون الزكاة ويحج البيت منهم من إستطاع إليه سبيلا . إلا أنهم هنا ينسون أو يتناسون أن هذه الوحدة تتجلى في العبادات فقط وهي لا تشمل إلا الجزء اليسيرمما جاء به القرآن الكريم والذي يتعلق بالحياة الإجتماعية التي تناولتها مواضيع القرآن الأخرى في حقلي العلاقات والمعاملات التي إختلفت فيها المدارس الفقهية الإسلامية التي يدعي كل منها وصوله إلى الحقيقة المطلقة . فهل أن الإسلام السني أو الإسلام الشيعي هو الحل..؟ وحتى في هاتين المدرستين هنالك في كل منهما مذاهب وفرق ومِلل مختلفة يدعي كل منها التمثيل الصحيح للإسلام .
لقد تطرق شريف يحيى الأمين في كتابه " معجم الفرق الإسلامية "الصادر عن دار الأضواء في بيروت عام 1986 إلى الحديث النبوي القائل : تفترق أمتي من بعدي ثلاثاً وسبعين فرقة ، فرقة ناجية ، وإثنان وسبعون في النار . وما نجده في الإنشطارات الدينية اليوم يشير إلى أن كل فرقة سواءً من الفرق الرئيسية أو الثانوية المنشطرة عنها ، تدعي أنها الفرقة الناجية . لقد توصل شريف يحيى الأمين في كتابه هذا إلى حساب أكثر من 400 فرقة ومِلة تشعبت عن الفرق الأصلية الثلاث والسبعين ، والتي شرحها الشهرستاني بالتفصيل في كتابه الموسوم : المِلل والنِحل .
ألإنسان المسلم يقف حائرا ً اليوم أمام هذا الحديث وتأكيده بين الحين والحين من قِبل قوى الإسلام السياسي لتبرر بها إختلافاتها في المواقف السياسية والتوجهات الدينية التي أدت وتؤدي إلى إقتتالها فيما بينها في كثير من الأحيان ، ولا يدري هذا الإنسان الحائر ، هل يصدق هذا الحديث أم ما جاء في القرآن الكريم عن وحدة ألأمة الإسلامية التي هي " خير أمة أُخرجت للناس " .
أما المشاكل السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية وادعاءات الإسلام السياسي بأن الإسلام هو الحل لهذه المشاكل ، فلا داعي للخوض فيها كثيراً ونكتفي بذكر بعض " الحلول " التي توصل إليها السيادينيون بعد إستيلاءهم على الحكم في بعض المجتمعات الإسلامية وتسلطهم على شؤون الناس فيها . ونكتفي هنا بذكر مثالين من العديد من ألأمثلة ، مثال من الإسلام السني وآخر من الإسلام الشيعي بشكل عام ، والنظر لما حققاه في مجتمعاتهما من حلول لمشاكلها .
المثال الأول يتعلق بحكم الطالبان في أفغانستان وما آل إليه هذا البلد من تدهور وانحطاط على كافة المستويات طيلة الفترة التي سيطرت فيها مجموعة الإسلام السياسي المتمثلة بحركة طالبان .لقد حدث العكس تماماً طيلة هذه الفترة ، إذ تفاقمت مشاكل الشعب الأفغاني ولم تتناقص او تنته . ومن يراجع تاريخ تلك الفترة السوداء في حياة الشعب الأفغاني فسوف لا يصعب عليه كثيراً وضع اليد على مفاصل التخلف السياسي والإجتماعي والثقافي والإقتصادي الذي رافق فترة وجود حركة طالبان ، كنموذج للإسلام السياسي ، على رأس السلطة .
أما المثال الثاني فيتعلق بإيران وما جاء به حكم ألإسلام السياسي من قمع وكبت واضطهاد لكل القوى المخالفة لهذا التيار سواءً كانت هذه القوى من داخل التيار نفسه او من خارجه . إذ ان نظام دولة الفقيه الخاضعة للتسلط الدكتاتوري المتمثل بما يقرره الفقيه نفسه الذي يتجاوز كل المؤسسات ، جعل هذه الدولة وبالتالي المجتمع الإيراني برمته خاضعاً لمزاج وتصورات شخص واحد وضع عليه النظام نفسه ، من خلال تبني نظرية ولاية الفقيه ، نوعاً من القدسية التي لا يطالها النقد والجدل والإعتراض . إلا أن هذا النوع من الحكم تحت شعار ولاية الفقيه لا تؤمن به قوى شيعية أخرى حتى داخل إيران نفسها والتي تم القضاء عليها بكل الوسائل القمعية التي يمارسها نظام الإسلام السياسي هذا . والعراقيون الذين عاشوا وتعايشوا مع هذا النظام الدكتاتوري أثناء لجوءهم إليه هرباً من البعثفاشية ، وحتى ممن كانوا من مؤيديه ، إطلعوا جلياً على حيثيات هذا النظام واسلوب تعامله حتى مع مَن ينتمون إليه مذهبياً ، إلا أنهم قد يتجرأون أحياناً إعلانهم بأنهم لا يدينون بفكر المرشد ألأعلى .
أما ما عانى ويعاني منه شعبنا في وطننا العراق من ويلات الإسلام السياسي ومن خطابه ومريديه ، وما يمكن إتخاذه للوقوف بوجه ذلك كله ، فهذا ما سنتطرق إليه في القسم الرابع والأخير من هذا الموضوع .
الدكتور صادق إطيمش



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألإزدواجية في فكر الإسلام السياسي / القسم الثاني
- الإزدواجية في فكر الإسلام السياسي / القسم ألأول
- الحكيم بالأمس والقزويني اليوم
- لغة القنادر مرة اخرى
- الحوار المتمدن قفزة حضارية رائدة
- لماذا وكيف ومَن أنتخب....؟ 2/2
- لماذا وكيف ومَن أنتخب....؟ 1/2
- مَن إستطاع إليه سبيلا
- فزع ألأنظمة العربية من الإعلام الحر
- أحزاب المحاصصات الدينية والقومية مصابة بفقر الدم الوطني..... ...
- أحادية التفسير لتعدد الزوجات في الإسلام
- إنهيار التجربة وصعود النظرية
- صورة الإسلام في ألمانيا
- البلاء في فتاوى الفقهاء
- يهود العراق الجُدد
- عشرة أسئلة حول ندوة نادي الرافدين في برلين
- أما آن الأوان لتجارالمحاصصات أن يعلنوا إفلاسهم....؟
- دعوات غير مسؤولة لإخلاء العراق من مواطنيه ألأصليين
- وماذا بعد السبع العجاف.....؟
- صحافة السجون.....مرة أخرى


المزيد.....




- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق إطيمش - ألإزدواجية في فكر ألإسلام السياسي / القسم الثالث