هل تؤمن بالله؟ مفارقات الايمان الاعمى

بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 2491 - 2008 / 12 / 10 - 02:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

هل تؤمن بالله؟ شكراً ولكن هل يوجد أغبي من هذا السوآل؟ نحن نسأل شخص نعرفه عن شي لا نعرفه و نظن اننا نعرفه و نتصور ان السوآل مفهوم وواضح؟

بحكم الارث العربي الثقيل و الثقافة الضحلة الذي وقعت ضحيتها الكثير من الامم و الحضارات المنكوبة ومنهم بلدي السعيد العراق فأننا نتجه وبشكل لا أرادي وفي كل حواراتنا ومهما كان الموضوع الذي نتحدث عنه الى الدين و الغيبيات و الله و الملائكة و الصالحين. وفيما لو تجرأ اي شخص منا من ان يعطي رأيه الصحيح المبني على سلسلة طويلة و متواصلة من العلوم و المعارف الانسانية و التي في أغلب الاحيان تأتي مخالفة بل وناقضة للغيبيات و التخاريف التي نشأنا عليها يحتدم النقاش ويشتدُ الوطيس و كأننا في سقر, وما أدراك ما سقرات الحوار العربي بشكل عام و العراقي بشكل خاص.

بالطبع فأن الغيبيات و الاديان بشكل عام لها تفاسيرها الخاصة بها للاشياء و الكون و الحياة و التي بطبيعة الحال لا تكلف نفسها شرح او تبرير هذه التفسيرات بشكل يعطي للمؤمن فرصة للأيمان عن عقل و دراية, بل هي تفسيرات قائمة على ارث متوارث و تراكمي انساني قادم من عصور ساحقة في القدم ربما سبقت عصر الكتابة و التأليف وما على المؤمن الا ان يشتري السمك بالشط كما نقول بالعراقية اي تقبلها مثل ما هي وتؤمن بها حتى وأن خالفت كل ما تعلمته في المدرسة بل حتى و أن خالفت ابسط القيم و الاخلاق الانسانية التي لا يحتاج حتى الانسان العادي الى مدة تفكير طويلة كي ينكرها ويعلن اشمئزازه منها لولا وقوعه نفسه ضحية لها و قدره بأنه ولد في شرق اعمى لا يقيم للانسان قيمة ولا لعقل الانسان قدر بل القيمة العليا ملك صرف لكائن وصفه هلامي شخصه غير مرئي وصوته غير مسموع يسكن في السماء التي لا نستطيع ان نراها طبعاً.

وفي حال احتداد النقاش الى اقصاه ترى أحد الاخوة وفي غياب واضح لجميع الحجج العلمية و المنطقية التي يقوم بسردها كالببغاء, يقوم هذا الاخ بسوآلك سوآل واضح وبسيط على حد علمه, ألا تؤمن بالله ياهذا؟ يسأل هذا السوآل و ابتسامة الانتصار المقيتة تختفي خلف بريق عينيه الذي يعلن انه يملك الكلمة الاخيرة على كل حال. فهو يسأل هذا السوآل وبالطبع لا ينتظر جواباً أو حتى يكلف نفسه ليشرح ماذا يقصد بسوآله؟ ما هو الله؟ كيف هو؟ اين هو؟ ما لونه؟ شكله؟ لغته؟ عاداته وتقاليده؟ جنسه وجنسيته؟ ما هذا الله الذي يتصور جميع المؤمنين به انهم يعرفونه جداً رغم انهم لا يستطيعون الاجابة عن اي سوآل عنه؟ ولا حتى لماذا يؤمنون به؟

في أحيان كثيرة تصادفنا بعض المفردات و الجمل التي تدعي وصفها لبعض اجزاء الله او صفات الله في محاولة لتقريب صورة الله لمخيلة العقل البشري. فعلى سبيل المثال لا الحصر, يد الله, حزب الله, ارادة الله, ظل الله, عين الله, بيت الله ودين الله. وبالطبع لا يخفى على أحد بأننا بمجرد سوآلنا لهذا السوآل عن هذه الصفات التي يتم لصقها بالله المسكين هذا سيأتينا اكثر من صوت بأن هذه الصفات مجازية تقوم بوصف ما لا يوصف, وبهذا فأن الصفة المجازية بنفسها لا تحمل قيمة المجاز اليه, يعني الصفة لا تحمل نفس القيمة المعنوية للموصوف. هذا يعني مثلاً ان بيت الله هو وصف مجازي فقط اي ان الله لا يقيم في بيت وبالرغم من هذا ترى المفارقة الكبرى في الملايين كل سنة يقومون بالطواف و الحج مرة حول بيت الله في الحجاز ومرة أخرى حول بيت الله و أبنه في بيت لحم. اليس من الافضل من هذا التزاحم و التدافع لزيارة هذا البيت (المجازي) لله ان يقوم كل مؤمن بجعل بيته الشخصي (مجازاً) بيتاً لله وبهذا يكون هو و الهه ساكنين نفس البيت مع الله هذا؟ وبهذا نختصر ملايين من ميزانية الدول و رحلات الطائرات التي تمزق طبقات الاوزون و الوقت الضائع في زيارة بيوت افتراضية مجازية يمكن ان تكون بيت اي واحد فينا.

و أذا لم يكن هذا الوصف مجازاً, يعني ان بيت الله هو فعلا بيت الله وان روح الله القدوس تحوم فيه وحوله (رغم انني لم افهم لماذا سيختار الله فقط هذا المكان المقرف من كل هذا الكون الرائع) ولكن لنفترض انه روحه المباركة تحوم في المكان لهذا اصبحت بعض الاماكن مقدسة وطاهرة, وعلى هذا المنوال هل يعني هذا ان ظل الله هو ان الله واقف او جالس في الشمس و ان له ظل نحتمي به؟ ماذا لو كان محمد او المسيح من الاسكيمو هل كانوا سيبحثون عن ظل الله ام سيهربون من هذا الظل البارد الى شمس دافئة بعيدة عن ظله؟ ام اننا وبكل صراحة نرفض الاعتراف بتأثير البيئة الصحراوية و الشرق اوسطية التي نشأت فيها الاديان الهمجية الثلاثة اليهودية و المسيحية و الاسلام؟

هل اصبع الله هو فعلا احد اصابع الله التي تلعب بالقدر البشري؟ ترى كم اصبع لهذا الله؟ أتصور انه يحتاج مليارات الاصابع و التي كما يبدو انه سوف يحتاج اكثر خلال الخمسين سنة القادمة بسبب الانفجار السكاني الذي تشهده الارض (طبعاً بأرادته وبركته). ثم ياويل من لا ينتمي لحزب الله, فهو حزب حسن نصرالله نائبه و سبحان الله رئيسه فما حاجتنا اساساً لتعدد الاحزاب بعد حزب الله؟ أخيراً وليس آخراً نسأل ان كان الله رجلا كما يدعي البعض, بل وكما قال احد اصدقائي لو لم يكن الله رجل لما آمنت به فهل لدى الله سبحانه وتعالى ما للرجال في عالمنا؟ أم انه يملك شي آخر يحدد جنسه وما هو في هذه الحالة؟

أسئلة تبحث عن جواب!

#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات