أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بسام البغدادي - حين يخجل الرجال ان يكونوا رجال














المزيد.....

حين يخجل الرجال ان يكونوا رجال


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 1282 - 2005 / 8 / 10 - 08:05
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كانت الساعة الخامسة فجرا عندما رن الهاتف المحمول في غرفة الضيوف. أعوذ بالله كانت اولى كلماتي لهذا اليوم الكئيب عندما اقتربت من الهاتف وشاهدت ان الرقم الظاهر كان رقما من "العراق". كحال اي عراقي أيام حياتهُ جُبلت بالمرارِ و الموتِ و الفرارِ فقد خالت في مخيلتي مئات الافكار السوداء التي لا توصف بكلمات بسيطة وكل فكرة تنتهي بسوآلٍ لا جواب له.
عندما تناولت الهاتف وقربته من أذني وكأنني احمل قنبلة موقوته توشوكُ على الانفجار سمعت صوت شهيق لن أنساه ما حييت, كان صوت أنثى تبكي, وللحظة شعرت وكأن الزمن توقف وبدأ السواد يأكل زوايا الغرفة في مخيلتي. حاولت ان أتمالك نفسي وأستدرج الصوت الباكي هذا بالحديث, لم اعلم ان كانت احدى أخواتي المسكينات, ام حبيبة كنت قد نسيتها بين صخب الايام و الغربة. أو ربما ضحية رقبتها تحت سكين عمياء قرعت رقمٌ بلد لا تعرفهُ.
الو.. من وياي.. وشعرت وكان تلك الكلمات هي أقصى و أشجع ما استطيعُ قولهُ. جاءَ بعضُ النحيب و الحجرجة ثمُ صوتٌ يرتجف من وراء سماعة الهاتف في الطرف الآخر. سمعت اسمٌ نبش كل الذكريات في مخيلتي التي تصورت يوما اني رحلتُ عنها. كانت تلك الفتاة التي طالما وطالما حاولت التقرب منها أيام الكلية. كانت حبيبة صامته, ضائعة في عالم الامس و قد استيقضت اليوم وأيقضت معها كل لحضات الخوف التي كنت اخشاها. كانت اول جملة قالتها انها "لا تتحمل بعد. سوف تنتحر.."
كنتُ قد سمعت قبلها بانها تحاضر في احدى الجامعات في بغداد, كنتُ فخوراً بان نملك مثل هذا النوع من النساء ذو الفكر الحر و المتقدم في جامعاتنا. ولكن هيهات ان تدوم الفرحة في عراق ما بين النهرين. لقد أُجبرت على تركِ العمل.. ليس لانها لا تملك الكفائة أو الخِبرة, فقد عرفتها مثابرة ومجدة بل نحلة عاملة في مجالها, ولكنها أجبرت على تركِ العمل بعد شهور من العناء مع عصابات العراق الجديد التي انتشرت في جامعاتنا للاسف تحت اغطية معروفة لجميعنا ويافطات متهرئة أكل عليها الدهرُ و شرب لاداعي لتسميتها. العنصر الجامع الاوحد بين جميع هذه الجماعات ولِلأسف.. نعم اقولها لِلأسف أنهم "رجال" بعضهم اساتذة "ولا أعلم كيف اصبحوا أساتذة" وبعضهم طلاب جامعة "يوماً ما كان اسم طالب الجامعة دليل البلوغ و التقدم و الوصول".
أخبرتني انها وتحت شهور عديدة كانت مجبرة ان ترافق ابيها أو أحد أخوانها من و الى العمل, أخبرتني بان الوضع لا يطاق و أن الموت هو الحل لمشكلتها التي ليس لها حل. أخبرتني بان دكتاتورية الفرد قد ذهبت وجائت الآن دكتاتورية العصابات الحزبية و الدينية و المذهبية. أخبرتني بان كل من تعرفهم ومن اعرفهم من ايام الكلية من بنات قد أغلقوا على أنفسهم ابواب حصينة "تصوروا حجم الخسارة بالدراسة لسنوات طويلة" كحل أخير بعد ان عجزت كل الحلول الاخرى في اقناع تلك العصابات بان النساء هم شي اكثر من ماكنة تفريخ لحفظ النسل وثقب ضيق لافراغ الشهوات فيه في الليل. أخبرتني وأخبرتني الكثير.. لم انطق ببنت شفة. لم أجرؤ ان انطق بشي و الخجل كان يأكلني وأنا أرى بان المرأة التي كانت يوما ما مقدسة, يوما ما معبودة في بلاد ما بين النهرين, حيث كانت كمثال للمرأة في المنطقة بأسرها خلال كل العصور و الحقبات بما أنجزته في مجالات الفن و الابداع و السياسة, أصبحت تلك المرأة الان أدنى قيمة في المجتمع, أرخص سلعة تباع ولا تُشترى, نجاسة وغباء وحائض اصبحت بعض من صفات المرأة في عراقنا الجديد. ولا مكان لها في مجتمع التسلسل الهرمي الذي سنه رجالٌ يطلبون من الله ان يجعل المرأة في عينهم بقرة.

أخبرتني بانها تريد الخروج من العراق.. تريد ان تترك العراق لمن يريد ان يعيش في هكذا عراق. تصوروا يا معشر الرجال لو هربت كل النساء من عراق الرجال ماذا سيبقى من العراق. يا معشر الرجال بعض الاخلاق لا تؤذي, بعض الترفع بالنفس ليس بالشي الخطر, بعض الاحترام للرحم التي حملنا تسعة شهور و للصدر الذي ارضعنا في سنوات ضعفنا وللحبيبة التي كانت يوما ما مقدسة لقلوبنا لن يقلل من مقامنا وشأننا "الرفيع جداً". عجباً أرى ان بني جنسي "الرجال" قد تمادوا في كفرهم بعشتار ونسوا انها يوماً ما ستفوق من غفوتها العميقة هذهِ وتسأل عن هذا الذي يحدث اليوم في بلادها لبنات جنسها. فحذار من ذاك اليوم ثم حذار...



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السفارة العراقية في السويد
- ميادة العسكري ابنة العراق
- وصايا التاريخ العشرة
- وصايا التأريخ المقدسة العشرة
- كي لا ننسى! الى روح الشهيد احسان
- عندما نصوم ونفطر على بباي
- لا أنتخابات ولا هم يحزنون
- لماذا لا يكون اسم رئيسنا زينة


المزيد.....




- وفاة امرأة و3 إصابات جراء اندلاع حريق في موكبين بمهران
- اعتقال أميركية انتحلت صفة ممرضة وعالجت آلاف الأشخاص
- ما سر المشاركة النسائية المرتفعة في زيارة الاربعين؟ +فيديو
- خلال 24 ساعة .. 8 شهداء وأكثر من 12 جريحًا في اعتداءات صهيو ...
- ما هو مرض السيلان وكيف تختلف أعراضه بين النساء والرجال؟
- مسؤولون أمميون: النشاط الإرهابي يتصاعد بمنطقة الساحل الأفريق ...
- تظاهرت بأنها ممرضة مؤهلة.. اعتقال امرأة من فلوريدا بتهمة علا ...
- ذبح واغتصاب وخطف.. تحقيق يكشف فظاعات بمخيم للنازحين في دارفو ...
- -قيم الأسرة المصرية- تلاحق تطبيق تيك توك ومؤثريه
- مستقبل العراق وما يجب على السياسيين فعله وحقوق المرأة والطفل ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بسام البغدادي - حين يخجل الرجال ان يكونوا رجال