أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عبد الحسين شعبان - المعاهدة العراقية-الأميركية... من الاحتلال إلى الاحتلال! (1-3)















المزيد.....

المعاهدة العراقية-الأميركية... من الاحتلال إلى الاحتلال! (1-3)


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2480 - 2008 / 11 / 29 - 07:14
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


الاحتلال العسكري والاحتلال التعاقدي
أخيراً وقّعت الحكومة العراقية على الاتفاقية الأمنية مع الولايات رغم بعض الممانعات الرسمية أو شبه الرسمية التي سبقت إبرامها، خصوصاً في ظل المعارضة الشعبية المتسعة، إلاّ أنها، ولاسيما أركانها الاساسية، لم تكن تعارض فكرة إبرام معاهدة مع الولايات المتحدة، إنما كانت تريد استثمار الوقت والمناورة لتحسين بعض هوامش أو شروط التفاوض، وقد يكون للظهور بمظهر الممانع أو الرافض أو المضطر، فتارة تقول إن المعاهدة ستخرج العراق من مظلّة الفصل السابع ووصاية الأمم المتحدة، وتارة أخرى خرجت علينا بتبرير حول إمكان إطلاق الأموال العراقية المجمّدة في البنوك الأميركية، وثالثة انتقدت الأطراف الرافضة كما فعل رئيس الوزراء نوري المالكي عندما قال إنهم عارضوا قبل أن يطلعوا على نصوصها وصيغتها النهائية، ورابعة تبرير انسجامها مع مبادئ السيادة وضمان مصالح البلاد بالانسحاب الكامل حتى نهاية العام 2011 والانسحاب من المدن والقرى والقصبات في موعد أقصاه 30 يونيو 2009، وكان الناطق الرسمي علي الدباغ قد صرّح بأنها أفضل ما يمكن، لكنها ليست معاهدة مثالية.
أما الولايات المتحدة فقد حذّرت الحكومة العراقية من أن عدم التوقيع على المعاهدة سيؤدي إلى عواقب كارثية، كما جاء على لسان مايكل مول رئيس هيئة الأركان الأميركية، وأخيراً فإن الولايات المتحدة أخطرت الجانب العراقي بأنها قد تضطر إلى سحب قواتها، وعندها سيتعرض الوضع في العراق إلى انهيار متوقع محمّلة الحكومة العراقية مسؤولية ذلك، والنتائج التي سترتب عليه.
وأياً كان الأخذ والرد والشد والحل فإن الاتفاق تم التوقيع عليه من قبل وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والسفير الأميركي رايان كروكر، وأن واشنطن استطاعت فرضه أخيراً باللين أو بالقوة، واضطرت الحكومة العراقية للموافقة عليه مختارة أو مضطرة، سواء جرى تعديله شكلياً أم لم يجر، كما كانت الولايات المتحدة تصرّ على ذلك وكما هددت، لأن البديل عن عدم توقيع الاتفاقية سيكون إما بقاء الحكومة العراقية وإما رحيلها. والحكومة العراقية نفسها تقول إن القوات العراقية غير مؤهلة لحماية الوضع الداخلي «ضد الإرهاب» أو الوضع الخارجي «إزاء اختراقات القوى الإقليمية».
وبالمقابل فقد كان عدم توقيع الاتفاقية يعني بالنسبة لواشنطن اضطرارها لسحب قواتها من العراق، الأمر الذي سيعني انهيار استراتيجيتها في المنطقة ككل، لكن توقيع الاتفاقية سيضمن لها، بقاء قواتها بمسوّغ قانوني، بمعاهدة تريدها واشنطن تنفيذية، كي لا تعرضها على الكونغرس ولا يتطلب إبرامها حصول الرئيس بوش على تفويض جديد، مثل تفويض العام 2002 عشية غزو العراق، وهو الأمر غير الممكن حالياً، لاسيما بعد ورطة الولايات المتحدة في العراق، ولم يكن بإمكان واشنطن وليس مسموحاً لها إبقاء قواتها دون غطاء قانوني في العراق، الأمر الذي سيعرّض المسؤولين لمساءلات قانونية، وهي مسألة لا يمكن لأي إدارة أن تقدم عليها.
لعل بعض القوى تراهن اليوم على باراك أوباما كرئيس جديد للولايات المتحدة، ولذلك كانت تريد إطالة أمد التفاوض على أمل تحسين شروطه، علماً بأنها في الوقت نفسه تتخوّف من سرعة رحيل القوات الأميركية، رغم أنه أمر مستبعدٌ سياسياً، فتوازن القوى لا يميل إلى ذلك، خصوصاً أنه سيعني خروج الولايات المتحدة منهزمة من العراق، وسيكون ذلك نجاحاً أو انتصاراً للإرهاب وتنظيمات القاعدة، لاسيما إذا انهارت العملية السياسية التي جرى تسمينها لخمس سنوات وثمانية أشهر، وإذا ما أضفنا عنصر المقاومة فسيكون للأمر أبعاد تتعدى حدود العراق لتصل إلى المنطقة وهو مسألة خطيرة لواشنطن.
وهناك تساؤل مشروع يتعلق بموقف الولايات المتحدة، فهل ستترك «للذئب» المتربّص بالوضع العراقي حسب تقديرها: «قاعدة» أو مقاومة أو القوى المناهضة للاحتلال تحقيق الانتصار، الذي سيعني في مثل هذه الحال، الاستراتيجية الأميركية بكاملها التي ستكون قد أخفقت ليس في العراق فحسب، بل في عموم المنطقة، وسيكون ذلك إقراراً بواقع أليم قد لا يقل تأثيره على هزيمة واشنطن أمام هانوي في فيتنام، علماً أن عدوّها كان آنذاك، دولة عظمى هي الاتحاد السوفييتي، وليس تنظيمات «القاعدة» وبعض قوى المقاومة التي لا تحظى بدعم دولي.
إن توازن القوى مختل بين طرفين: أحدهما محتل وقوي ويستطيع فرض إرادته وهو الولايات المتحدة، والآخر محتلة أراضيه وضعيف ولا يملك أوراقاً كثيرة للعب أو للضغط، فالوحدة الوطنية مفككة والانقسام والتشظي المذهبي والإثني يهدد كيانية الدولة، والإرهاب والفساد مستشريان على نحو لا مثيل له، والميليشيات والصحوات تتصرفان بمعزل عن الدولة وأحياناً ضدها، وهيبة هذه الأخيرة لاتزال مصدر شك وتصدّع!
إن هذه اللوحة تفرض على الحكومة العراقية مرغمة القبول بشروط الولايات المتحدة، سواء تحت باب الواقعية السياسية، أو رغبة بعض القوى من البقاء في دست الحكم، لاسيما وقد فاز أوباما الذي وعد بانسحاب سريع، وليس كما تقول الاتفاقية إلى نهاية العام 2011، فيما إذا لم تطلب الحكومة العراقية تمديدها، حيث تعهد بتخفيض القوات الأميركية خلال النصف الثاني من العام القادم 2009 والانسحاب الكامل خلال 16 شهراً.
من جهة أخرى فإن بعضهم كان يرتاب فيما إذا لم توّقع المعاهدة، أو أن القوات الأميركية ستضطر إلى الرحيل سريعاً، فإن ذلك سيغيّر من ميزان القوى لمصلحة إيران، وهي الأخطر على بعض القوى، التي قسم يشارك منها في الحكم وقسم منها في المعارضة، وهي معادلة متداخلة ومتناقضة، لدرجة أن هذه القوى تعتقد أن إيران هي أكثر خطراً من الاحتلال الأميركي، الذي هو صائر إلى زوال لا محالة.
وحسب وجهة النظر هذه إذا كان نفوذ إيران حالياً غير مباشر، فقد يكون مباشراً بعد رحيل القوات الأميركية وفي حالة عدم التوقيع على المعاهدة، وبالتالي لا يمكن مقايضة الاحتلال الأميركي المؤقت بالنفوذ الإيراني الطويل الأمد، الأمر الذي يحتاج إلى معالجة شاملة تتطلب الانسحاب الأميركي بوضع جدول زمني، وتعهد إيراني بعدم التدخل بالشؤون الداخلية العراقية، مع التزام عربي لاسيما من دول الخليج بدعم العراق وإعادة الإعمار.
إن الولايات المتحدة حين حذّرت من مغبّة التردد والممانعة في إبرام الاتفاقية، لأنها لا تريد تراجعاً عن خطتها لغزو العراق وتحقيق مشروعها الإمبراطوري تحت يافطة ملاحقة «الإرهاب الدولي»، الذي كلّفها الكثير مادياً ومعنوياً، وبالتالي لا يمكن لها أن تترك الحبل على الغارب كما يقال، حتى إنْ كان الأمر يتطلب إجراء تغييرات للإتيان بطاقم عراقي جديد يستطيع قبول شروط الولايات المتحدة كما هي ودون تغيير، وهي تريد تحويل الاحتلال العسكري إلى احتلال تعاقدي، بصيغة اتفاقية تنظم العلاقات والوجود العسكري الأميركي!!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ست حقائق أفرزتها الانتخابات الأميركية
- بغداد - واشنطن بين التبرير والتحذير
- المستقبل والمجتمع المدني
- سباق اللحظة الأخيرة بين بغداد وواشنطن
- هل المجتمع المدني شريك للحكومات؟
- أنغولا غيت!
- موريتانيا والديمقراطية إلى أين؟
- العراق منجم الخطر
- من المستفيد من استئصال المسيحيين في العراق؟
- المستوطنات الإسرائيلية: الصقور والحمائم!!
- حين يكتب رجل الدين قصائد الغزل!
- ثرثرة الديمقراطية
- كيسنجر وموعد الانسحاب من العراق!
- هل جاء دور أوكرانيا بعد جورجيا؟
- انها الرأسمالية.. يا صديقي
- هل ثمة يوم للديمقراطية؟!
- ما بعد الصهيونية
- الحرب من الداخل والبرنامج السري!
- الأبعاد الأخلاقية في حقوق اللاجئين!
- النووي الصالح والنووي الطالح


المزيد.....




- من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا ...
- بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل ...
- نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
- القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
- -حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس ...
- بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية ...
- مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
- محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
- خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
- رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عبد الحسين شعبان - المعاهدة العراقية-الأميركية... من الاحتلال إلى الاحتلال! (1-3)