أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - المسكوت عنه في سجن (شرق التوسط) رثاء أخرس














المزيد.....

المسكوت عنه في سجن (شرق التوسط) رثاء أخرس


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 755 - 2004 / 2 / 25 - 09:07
المحور: الادب والفن
    


الكتابة أحد أنماط العيش, يقوم بها فرد محدد بالزمان والمكان, والنص سلوك إنساني, فيه كل مكونات
السلوك الأخرى, الفكرية والأخلاقية والجمالية.
اختصار النص إلى أحد مكوناته, تزييف وتشويه, لكن ربما في قراءة أثر نصوص محددة, على واقع محدد أيضا,
بعض المعرفة التي تبرر عملية الاختزال.النصوص الأدبية بشكل خاص, عامل أساسي في إنتاج القيم, تجديدها واستمرارها. هذا رأيي العميق والهادئ, أبدأ به, في محاولة لتجنب سوء الفهم, خاصة وأنني سأتناول كمثال
أدب عبد الرحمن منيف, رغم ما حققه من شهرة واهتمام. أولا أؤكد على احترامي الكامل لشخصه الكريم
ولسواه من الأشخاص, الذين أشادوا أسطورة السجين السياسي. التي أعمل ضمنا وصراحة على تفكيكها.
وهدفي من ذلك المساهمة في إنشاء أدب الحياة وثقافة الحياة. لربما ننجح يوما في الخروج من حالة الذهان الجماعي
التي حولت حياتنا إلى عبء شاق, بدلا عن كونها هبة فريدة, كانت وستبقى جوهر الوجود.
حول المسكوت عنه
حالة اللا مبالاة العامة التي قابلنا بها اكتشاف المقابر الجماعية في العراق, أمر مفزع.
عوامل متعددة أوصلتنا إلى هذا الحال, منها سيادة الفكر النضالي وتعميمه لزمن طويل, والذي
كان الأدب وما زال أحد منابعه العميقة. ليس أدب عبد الرحمن منيف وحده المسئول عن شيوع ذلك الفكر,
لكنه الأشهر والأبرز في ذلك المضمار.
السيناريو الأساسي لأدب السجن مكون من أربع مراحل:-
1. السجن مكان مؤلم وكريه, الإنسان العادي لا يحتمل قسوته, فينهار ويقدم للتحقيق ما يراد منه
2. السجين السياسي شخص فوق طبيعي, يحتمل مالا يحتمله البشر, إنه رمز من عالم آخر
3. ينتصر السجين السياسي على السجن والسجان معا بتحقيقه لشرطين

أ: إنكاره لجسده وحاجاته الطبيعية
ب: بقاء السر( المعلومات) مكتوما
4. لا فرق إن مات السجين أو خرج مشوها, جسديا أو نفسيا. فانتصاره لا شخصي, تبقى القضية
أو السيناريو النقيض: الاستسلام أسوأ من الموت
كل أدب السجن الذي عرفته سابقا تنويع على هذا السيناريو الموحد, إلا فيما ندر, سأهمل الاستثناء, عذرا.
كتاب ذلك الأدب خارج الموقعين الوحيدين في السجن: سجين وسجان.
السجان ما زال صامتا, لم أسمع بأي كتابة قام بها سجان, أكانت مذكرات أم أدب أم فكر
السجين لحسن الحظ بدأ يتكلم, عن كلامه وعن تجربته, السجينة أو السجين, من يعرفون التجربة كما تحدث.
ما هو المسكوت عنه في السجن؟
المستويين البيولوجي والغريزي, خارج الإرادة, ولا شخصيين. يستمر عملهما كما أعتقد داخل السجن وخارجه.
عن داخل السجن يتركز رأيي على رفض أدب السجون كما تم تكريسه.
نزع الفردية عن الموجود الإنساني يتم بصيغتين: الأولى عبر الحط من قيمته الإنسانية, بتسفيهه خائن, كافر.
وتكفي هذه الصفات لتبرير الاعتداء عليه فكرا وسلوكا. يتم الاعتداء على الجسد وعلى الاعتقاد, براحة
ضمير, بعد نزع الصفات الإنسانية, عن ذلك الموجود البائس. شخصيا تعرضت لتلك التجربة. ولم يختلف
مجتمع اللاذقية بتنويعاته السياسية والاجتماعية والأخلاقية, على أي حكم علي سوى في درجات الشدة. دخلت
السجن السياسي وبعده الجنائي بسبب سوء الحظ فقط.
الصيغة الثانية لنزع الفردية, والتي أجاد بها عبد الرحمن منيف, تكون بالرفع من شأن هذا الفرد صوريا, إلى درجة الأسطرة والرمز, ومطالبته بما يفوق طاقة البشر. ويترجم ذلك واقعيا وفعليا, بعدم الاعتراف بحقوقه
وحاجاته(الطبيعية) التي ينشغل بها الآخرون. ينتظرون منه السمو فوق العذاب الجسدي والنفسي, ليضاف ليس كفرد
له جنس واسم وهوية, إلى حكايات عنترة والزير, تحت اسم سجين سياسي.
خارج السجن معاناة أخرى, تتجاوز السجين إلى أسرته وأهله وأصدقائه. هنا سيرورة الحداد الناقصة,
تستمر في دورتها المغلقة, بالطبع خارج الواقع ولا تنتهي. حيث يتم تغذيتها باستمرار, من خلال الفكر النضالي وأدب
السجون. ولا يتاح لهذا الفرد سيئ الحظ أن ينهيها وينتقل فعليا إلى واقعه الجديد. فالبطل والضحية وجهان
لعملة واحدة, هي استيهام طفالي وحاجة الخاسرين لأسطورة خالدة. كم نجهد للحفاظ عليها وتجديدها, ليتسنى لنا البقاء
خارج الواقع, في أوهامنا وأخيلتنا التي حرمنا منها أطفالا, لتعود وتخنقنا رجالا ونساء. فالواقع الذي نعيش فيه فقير,
قاس, يصعب احتماله. وبحسب قانون الجهد الأقل, يبقى العيش في الخيال أسهل من ثقل الواقع المعاش وأعبائه.
حتى الدين في هذا الجزء من العالم, تم نهب جوهره الروحي, وتحول بواسطة الطامعين بالسلطة وعبرهم,
إلى أحد روافد الغيبوبة عن الحياة, و أحد منابع الشقاء المؤبد,
في هذه البلاد القديمة الملعونة المتعبة.
*****



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة إلى أحمد جان عثمان
- الوعي الزائف - الآيديولوجيا
- الوعي قعر الشقاء
- ضرورة الشعر والكلام المفقود
- الفرد والفردية في بلاد العرب أوطاني
- لو كنت أستطيع تبديل الأوطان كالأحذية
- الموقف الايديولوجي يتوسط الواقع والوهم
- حوار
- الآخر السوري
- الكلام
- مات اليوم بسام درويش وبقي شيوعيا إلى آخر لحظة
- الضجيج الذي أثاره أدونيس أو خطبة الوداع لبيروت
- رجل يشبهني


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - المسكوت عنه في سجن (شرق التوسط) رثاء أخرس