أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلكميمي محمد - فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية - 3-















المزيد.....

فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية - 3-


بلكميمي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2449 - 2008 / 10 / 29 - 03:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



5- ظهور راسمالية الدولة التبعية

لقد سجلنا سابقا بان الراسمالية التبعية المغربية ، قد مثلت التجاوز التاريخي للراسمالية الكولونيالية ، لكن الراسمالية التبعية ، ماهي ؟
ان عبارة « راسمالية تبعية » لاتعبر سوى عن مفهوم عام مجرد ، شانه شان كل المفاهيم المجردة الاخرى مثل ، الانسان ، المادة ، الوطن ، الحياة ... الخ
فانا مثلا عندما اكتفي بالقول : الانسان ، فاني بذلك ابقى في المجردات ، ولايمكنني الانتقال من المجرد العام الى الملموس المعين ، الا اذا تقمص المفهوم المجرد مضمونا ملموسا ، كمثل تجاوز مفهون الانسان بشخص جمال عبد الناصر ، او شخص فيروز ، او أي شخص محدد اخر .
كذلك هو الحال تماما بالنسبة لمفهوم الراسمالية التبعية المغربية اذ لكي يمكن تجاوز ذلك المفهوم المجرد ، لابد من مضمون ملموس محدد ، فماهو اذن المضمون بالنسبة للراسمالية التبعية المغربية ؟ .
ان هذا المضمون لم يتحدد تاريخية بطريقة اعتباطية ، من طرف هذا الزعيم السياسي او ذاك ، او وفق رغبة هذه القوة الاجتماعية او تلك ، ولكنه تحدد بفعل الضرورة التاريخية ، لان الذي حدده هو الراسمالية التبعية المغربية نفسها ، انسجاما مع واقعها القائم حينئذ ، وهذا الواقع نفسه ، قد انجبه التناقض الموضوعي الذي كان قائما في نهاية المرحلة الكولونيالية / كيف ذلك ؟
ان التناقض الذي جاءت الراسمالية التبعية لحله ، لم يكن بين طبقة بورجوازية مغربية مكتملة النمو ، وبين الراسمال الكولونيالي المعيق لذلك النمو ( فالبرجوازية المغربية كانت في ذلك الوقت ، لاتزال في بدايات تطورها) ، ولكنه كان بين الاقتصاد الراسمالي المغربي الذي اصبح ذا طابع وطني ( بحكم انتشاره وتوسعه على الصعيد الوطني ) ، وبين استمرار السيطرة السياسية الكولونيالية عليه ، من هنا فان حل ذلك التناقض حلا موضوعيا تاريخيا ، كان يقتضي احداث التطابق بين الاقتصاد والسياسة ، أي تحول الاقتصاد الراسمالي الوطني الى اقتصاد وطني حقا ، عن طريق تحريره من السيادة السياسية الكولونيالية ، وهو التحرير الذي كان يقتضي بدوره تحويل الدولة الكولونيالية الى دولة وطنية مغربية .
ان التطابق بين الاقتصاد والسياسة ( او وحدة الاقتصاد بالسياسة ) ، هو نفسه الذي حدد موضوعيا الشكل الذي ستكون عليه الراسمالية التبعية الخارجة حديثا من احشاء الراسمالية الكولونيالية ، ذلك ان الدولة المغربية الوطنية ، في غياب طبقة بورجوازية مكتملة النمو ، لم تكتف فقط بتأميم السياسة ( الغاء الدولة الكولونيالية وتحويل السيادة السياسية للدولة الوطنية ) ولكنها عمدت ايضا الى تاميم الاقتصاد نفسه ، عبر اخضاع المرافق الاقتصادية الاساسية لسيطرتها ضمن القطاع العام ، ومن هنا كان الشكل الاول الذي ظهرت به الراسمالية التبعية المغربية ، هو راسمالية الدولة التبعية .
ان الراسمالية المغربية التي تجسدت اقتصاديا في شكل راسمالية الدولة ، قد تطورت وتوسعت أيضا على اساس ذلك الشكل نفسه . هكذا كان شكل راسمالية الدولة حاضرا وممثلا في كل شيء ، في الزراعة ، في الصناعة ، في التجارة ، في المال ، في النقل ، في المعادن ، في الكهرباء ، في الماء ، في البريد ، في السياحة ، وغيرها .
لذلك ليس من قبيل الصدفة ، اذا كانت راسمالية الدولة المغربية تعتبر اول مستثمر ، واول مشغل لقوة العمل ، واول زبون واول مصدر .
ان القوة الاقتصادية لراسمالية الدولة ، يعبر عنها عدد المؤسسات الخاضعة لها ، وفي سنة 1983 ، بلغ عدد مؤسسات القطاع العمومي 600 مؤسسة .
في الجزء المقبل : تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية .

6- تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية

في كتاباته الاقتصادية ، يؤكد الاقتصادي المغربي الحبيب المالكي ، على ان المفهوم العلمي الانسب لواقع النظام الراسمالي المغربي ، هو مفهوم راسمالية الدولة التبعية .
ان الحبيب المالكي يرتكب هنا خطأ نظريا ، لانه يخلط بين شيئين مختلفين : بين جوهر النظام الراسمالي التبعي المغربي ، الذي هو وحدة العمل المغربي والراسمال المغربي .
( ولانه جوهر ، فلذلك سيظل ثابتا لايتغير ، مادامت العلاقات الراسمالية قائمة ) . وبين الشكل الخارجي الذي يتمظهر فيه ذلك الجوهر ، حسب اللحظة التاريخية التي يمر منها تطور النظام الراسمالي المغربي . وبالطبع فان الشكل الخارجي ، لانه شكل ، فهو بالضرورة معرض للتغير والتحول والانتقال من من حالة الى حالة اخرى نقيضة ، لذلك فان مايعتبره المالكي حقيقة النظام الراسمالي المغربي ( أي راسمالية الدولة التبعية ) ليس في الواقع سوى الشكل الاول ، المباشر الذي ظهرت عليه الراسمالية المغربية ، الخارجة للتو من احشاء الراسمالية الكولونيالية ، وكنا يقول المثل الشعبي بان « دوام الحال من المحال » كذلك ليس شكل راسمالية الدولة التبعية هو حدها الاقصى النهائي ، بل ان منطقها الداخلي نفسه ، يدفعها الى تجاوز ذاتها عبر الانتقال من شكل راسمالية الدولة الى الشكل النقيض ، الذي هو : ظهور الطبقة البورجوازية المغربية القائمة الذات .
ان مانشهده اليوم من تفكيك للقطاع العام ، وتفويت مؤسساته للقطاع الخاص ، ليس سوى تعبير عن المنعطف التاريخي النوعي الذي دخله التطور الاقتصادي – الاجتماعي المغربي ، والمتمثل في الانتقال من شكل قديم ( راسمالية الدولة ) الى شكل جديد ( الراسمال المغربي الخاص ) .
وهذا الانتقال من شكل الى شكل نقيض ، يندرج ضمن المنطق الضروري الداخلي الذي يتحكم في الحركة الموضوعية لتطور الراسمالية التبعية المغربية . فتحن اذن ، من زاوية المنطق الراسمالي التبعي ، نوجد في نهاية مرحلة موضوعية نوعية اخرى . وكما كانت راسمالية الدولة ضرورية في مرحلتها ، فكذلك اصبح الراسمال الخاص ضروريا في مرحلته . في المرحلة الاولى لم تكن هناك طبقة بورجوازية متطورة ، ولذلك لم يكن بد من سيادة شكل راسمالية الدولة . اما في المرحلة الحالية ، فمن جهة ، لقد استنفذت راسمالية الدولة امكاناتها التاريخية على قاعدة التبعية ، ومن جهة اخرى ، لقد تطورت البورجوازية المغربية الى الحد الذي جعلها تطمح وتتطلع الى مراقبة الراسمال المغربي في معظمه ، مما ادخلها في تناقض مع القطاع العام . هذه هي الحياة : في البدء كان القطاع العام بمثابة الثدي التي رضع منها الصبي الراسمال الخاص ، لكن في مرحلة لاحقة من التطور ، عندما لم يبق الصبي صبيا ، فقد ارتد ضد حليب امه ، مفضلا عليه طعاما جديدا اشهى والذ ، وهو لذلك اراد تصفيته.


6- تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية - تابع -


قلنا في الفقرة السابقة ان الصبي لم يبق صبيا ، فقد ارتد ضد حليب امه ، مفضلا عليه طعاما جديدا اشهى والذ ، وهو لذلك اراد تصفيته .
ان بعض الاقتصاديين المغاربة ، يسوقون حكاية الحليب تلك ، كحجة ضد البورجوازية المغربية ، ففي نظرهم ، ان الرضيع يجب ان يبقى رضيعا مهما كانت كمية الحليب التي غذى بها جسمه ، وان الام يجب دائما ان تبقى قادرة على انتاج الحليب مهما شاخ عظمها وجف جلدها .
وفي الحقيقة ان تلك الحجة ليست حجة ضد البورجوازية المغربية بقدر ماهي حجة لصالحها ، لان البورجوازية المغربية ، لاتتميز بشيء عن باقي ظواهر الوجود ، اذ ان كل هذه الظواهر بالمطلق ، في الارض كما في السماء ، وفي التاريخ والطبيعة كما في الفكر ، تخضع لقانون جدلي واحد : هو تحول الشيء الى نقيضه . لذلك فان ارتداد البورجوازية المغربية ضد القطاع العام ، الذي استمدت منه في الاصل وجودها ذاتها ، ليس سوى تاكيد لذلك القانون الكوني .
ربما ان اصحاب تلك الحجة يضعون نصب اعينهم بعض امثلة النموذج الاوربي ، الذي تميز بتطور الطبقة البورجوازية في استقلال عن الدولة ، وفي هذه الحالة فانهم يسقطون في التجريد الفارغ ، لانهم ينسون الاختلاف الجذري القائم بين التجربتين ، بالنسبة للتجربة الاوربية ، لقد خرجت الراسمالية من احشاء الاقطاع ، اما بالنسبة للتجربة المغربية ، فقد خرجت الراسمالية المغربية من احشاء الراسمالية الكولونيالية .
ان انتقال الراسمالية المغربية من شكل راسمالية الدولة التبعية ، الى شكل الطبقة البورجوازية التبعية ، لانه ينتمي لصلب الحركة الموضوعية للنظام الراسمالي التبعي ذاته ، فهو لذلك ، سيكون من العبث محاولة وقفه بواسطة اعادة الروح للقطاع العام ، على نفس القاعدة الراسمالية التبعية السابقة .
ان القطاع العام الحالي قد انتهى دوره التاريخي ، ولايمكن بالتالي تكراره الا في شكل نوع جديد ارقى ، أي ليس على قاعدة الراسمالية التبعية القائمة ، وانما على قاعدة الراسمالية الوطنية المتحررة جذريا من الراسمال الاحتكاري العالمي .
ان تراجع راسمالية الدولة امام صعود الطبقة البورجوازية ، لانلمسه فقط من خلال تفكيك بعض ممتلكات القطاع العام وتفويتها للراسمال الخاص ( كما هو الشان مثلا بالنسبة لمكتب التسويق والتصدير الذي فقد دوره الاحتكاري في تصدير المنتوجات الفلاحية ، بعدما تخلى عن تصدير المصبرات الحيوانية والنباتية ، او بالنسبة لقطاع السياحة ، والاراضي الفلاحية التابعة للدولة ... ) ، لكننا نلمسه ايضا من خلال الموقع الذي يحتله الراسمال الخاص ضمن البنية العامة للراسمال الاجتماعي في الصناعة
فهذه البنية تبين ما يلي في ذلك الوقت :
16.56في المائة للقطاع الخاص الاجنبي.
32.36 في المائة للقطاع العمومي .
51.28 في المائة للقطاع الخاص المغربي .
ان الانتقال من راسمالية الدولة الى الراسمال الخاص ، يشكل فعلا قفزة نوعية في مسيرة البورجوازية المغربية، وهذه القفزة لم تكن فحسب اقتصادية ، وانما ايضا هي بالضرورة قفزة سياسية وايديولوجية .
فعلى الصعيد السياسي : ان تنامي القاعدة الاقتصادية للطبقة البورجوازية ، قد خلق الحاجة لديها الى تعبير سياسي حزبي مستقل ، لتكريس سلطتها الاقتصادية ( من هنا ظاهرة الاحزاب البورجوازية الجديدة المتميزة بالاستقرار والاستمرارية ) .
وعلى الصعيد الايديولوجي : لقد منحتها تلك القاعدة الاقتصادية ، الاساس المادي لتشكيل منظور ايديولوجي طبقي منسجم سواء في تصورها للمجتمع او في نظرتها للعالم ولصراعاته ( نلاحظ مثلا كيف ان البورجوازية المغربية ، بدات تميل الى تغيير موقعها السابق ، وذلك بنزوعها الى الابتعاد عن بلدان عدم الانحياز ، وانحيازها المكشوف للعالم « الحر » ولقيمه الراسمالية التحررية المزعومة . بل اكثر من ذلك ، ميلها الى تغيير جذورها الافريقية – العربية – الاسلامية ، بالوحدة الوهمية مع اوربا الراسمالية ) .
وفي الواقع ان تبلور البورجوازية المغربية في شكلها الجديد ، له تاريخ : ويمكن تقسيم تاريخ تطور الطبقة البورجوازية الى اربع مراحل رئيسية :
1- المرحلة البدائية : تجسدت في صناعة إحلال الواردات التي كانت سوقها الاساسي هو الدولة بموظفيها وعمالها وتجهيزاتها ( ولقد استفادت الصناعة الوطنية الناشئة من الحماية الجمركية التي فرضتها الدولة )
2- مرحلة المغربة سنة 1973 : وفيها تمت تصفية الراسمال الاجنبي من الفلاحة ، واضعاف دوره في باقي القطاعات الاقتصادية الاخرى .
3- مرحلة الانتقال من الانتاج للسوق الداخلية الى الانتاج للسوق العالمية الراسمالية ، بعدما استنفذت امكانات الاول ، ولقد حدث ذلك الانتقال بشكل خاص في منتصف السبعينات .
4- بداية تفكيك القطاع العام وتفويته للراسمال الخاص سنة 1983 .

7- اتجاه تطور الطبقة البورجوازية


قالت احدى الشخصيات الرئيسية في تراجيديا « فاوست» للكاتب الالماني جوته ، بحسرة : ثمة وبالاسف ، روحان تسكنان قلبي .. والواحدة منهما تريد الطلاق مع الاخرى .
لعل هذا الكلام لهو اصدق تعبير ، عن الحالة النفسية التي تمر منها اليوم الطبقة البورجوازية المغربية ، ان هذه الاخيرة يمزقها تناقض داخلي حاد ، تتكون اطرافه من :
من جهة : فهذه الطبقة التي نمت وترعرعت في احضان السوق الداخلية ( صناعة احلال الواردات ) ، سرعان ما وجدت نفسها بعد استنفاذ تلك السوق لامكاناتها التاريخية السابقة ، امام هذين الخيارين : 1- اما الاستمرار في الاعتماد على السوق الداخلية . لكن هذا يتطلب توسيعها ، ، الامر الذي يقتضي بدوره احداث اصلاحات جذرية على البنية الاقتصادية – الاجتماعية ... 2- واما هجرها الى السوق العالمية الراسمالية .
ولقد اختارت الخيار الثاني السهل .
ومن جهة ثانية : بعد انتهائها الى قرار اللجوء الى السوق الخارجية ، وجدت نفسها تصطدم ( في ظروف انفجار الازمة الراسمالية العالمية ) ، بجملة عوامل ردعت اندفاعاتها الطموحة . ولقد تمثلت تلك العوامل المعيقة في ثلاثة رئيسية : 1) انضمام اسبانيا والبرتغال الى السوق الاوربية المشتركة .. 2) الخلل الكبير الذي اصاب نظام التبادل التجاري والنظام النقدي ..3) السياسة الاقتصادية المزدوجة التي تنهجها البلدان الراسمالية المتطورة ، والمتمثلة في: من جهة ، توجهها نحو التحديث الاقتصادي عبر التخصص في المجالات ذات التكنولوجيا المتطورة ، وهي سياسة تفرضها ضرورة تحسين موقعها التنافسية في السوق العالمية .. لكن من جهة اخرى رفضها احداث قطيعة تامة مع الصناعات الكلاسيكية ، رغم انها اصبحت بدون مردودية اقتصادية ورغم انها تكلف الدولة دعما ماليا ضخما . والسبب في ذلك هو ان تلك الصناعات تمثل مجالا هاما للتشغيل ، وبالتالي فان الدولة تتجنب تصفيتها من اجل الحد من اتساع البطالة . وبالطبع فان تلك السياسة المزدوجة ، تحرم البلدان المتخلفة مثل المغرب ، من التخصص في الصناعات الكلاسيكية ، وفق قسمة عمل دولية جديدة .
والخلاصة اذن هي ان الطبقة البورجوازية المغربية ، لا يمكن لها ان تتقدم الا عن طريق تحقق واحد من اثنين : اما اصلاح السوق الداخلية اصلاحا جذريا ( وهذا هو الخيار الوطني ) ، واما اصلاح السوق الراسمالية العالمية ، وهذا يعني تعميق الارتباط والاندماج بالراسمال الاحتكاري العالمي .
ان الخيار الاول في متناولها ، لكنها لاتريده ، لانه يتطلب منها تنازلات كبيرة ( مثل الاصلاح الزراعي ، وتاميم التجارة الخارجية والابناك الرئيسية ، واعادة الاعتبار للقطاع العام ).
اما الخيار الثاني فهي تريده ، ولكنه ليس في متناولها ، كيف سيتم الحسم ؟ .
لكي ينتصر الخيار الوطني ، لابد من توفر شرطيين رئيسين : الاول ، ان تكون الطبقات الشعبية وتنظيماتها السياسية والنقابية ، قادرة على فرضه .
والثاني ، ان تكون افاق السوق الخارجية افاقا مظلمة بالنسبة لها .
لكن القوى الشعبية لا تملك في الوقت الحاضر ، القوة التي تمكنها من فرض الخيار الوطني .
ثم من ناحية اخرى ، ان الطبقة البورجوازية المغربية تستطيع دائما ، ايجاد موطئ قدم في السوق العالمية ، فضلا عن ان هذه الاخيرة مرشحة لنوع من التغير يستجيب لبعض رغبات البورجوازية المغربية ( ان التوفيق بين سياسة التحديث الاقتصادي في المجالات ذات التكنولوجيا المتطورة ، وبين المحافظة على الصناعات الكلاسيكية ، لدرء اخطار تفاقم البطالة في البلدان المتقدمة ، هي مجرد سياسة انتقالية بالنسبة للراسمال الاحتكاري العالمي . ذلك ان تناقضاته الداخلية نفسها ، عندما تعجز عن التوفيق الدائم بين مصالح الربح الراسمالي وبين الاعتبارات الاجتماعية المحضة ، فانها تدفعه بالضرورة الى التضحية بمصالح الشغيلة . وهذا ما بدانا نلمسه بشكل صارخ في بريطانيا ، التي تمت فيها بطريقة عنيفة ، تصفية الصناعة الكلاسيكية في مدن الشمال العريقة ، التي مثلت تاريخيا مهد الثورة الصناعية الكلاسيكية ) .
من هنا يبدو بان اتجاه تطور الطبقة البورجوازية المغربية ، سيتبع طريق المزيد من الاندماج في الراسمال الاحتكاري العالمي ، وليس الارتداد ضده لصالح السوق الوطنية .
وفي الحقيقة ان الاتجاه الاندماجي التبعي الجديد ، قد تم حسمه منذ مدة ، وهذا ما يبينه التوجه الليبرالي المتبع حاليا ، والمتمثل بشكل خاص في تبني البرنامج الاقتصادي لصندوق النقد الدولي .
ان المرحلة التاريخية التي نحن بصدد اجتيازها ، ستكون قاسية بالنسبة للشعب الكادح ، سواء من الناحية الاقتصادية ( الضغط على الاجور لتحسين الموقع التنافسي للبورجوازية المغربية في السوق العالمية ) ، او من الناحية السياسية ( قمع الحريات لفرض ذلك الضغط الاقتصادي ) .

8- تناقضات الطبقة البورجوازية المغربية

ان البورجوازية المغربية لايمكن لها ان تنمي ذاتها كطبقة ، بدون تنمية في نفس الوقت ، الطبقة العاملة والطبقة الوسطى .
وفي مرحلة معينة من التطور ، سيحتد التناقض مابين : الطابع الديمقراطي للمجتمع المغربي ( الناجم عن تنامي الطبقات الديمقراطية ، وعلى راسها البروليتاريا والطبقة الوسطى الحديثة ) ، وبين الطابع الهيمني للبورجوازية السائدة على راس الدولة .
ان الحل السياسي الوحيد الممكن لذلك التناقض ، هو احداث تطابق بين المجتمع المدني والدولة السياسية وهذا يعني الانتقال من دولة الهيمنة للطبقة الواحدة الى دولة كل طبقات المجتمع .
لكن هذا التناقض السياسي الذي يقود الى ترسيخ الحياة الديمقراطية في البلاد ، لن يكون نهاية المطاف ، بل انه سيدفع الى بروز على السطح بتناقض جديد هو : مابين الطابع الاجتماعي للانتاج ، والطبع الخاص لملكية وسائل الانتاج .
ان الحل التاريخي الوحيد الممكن لذلك التناقض ، هو احداث تطابق بين الانتاج والملكية . وهذا يعني الانتقال من الملكية الراسمالية الى الملكية الاشتراكية لوسائل الانتاج .




#بلكميمي_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الدولة والمجتمع . تابع
- 3جدلية الدولة والمجتمع .
- حقيقة الدولة السياسية المغربية .
- نظرية الديمقراطية المغربية : حقيقة المجتمع المدني المغربي - ...
- فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية -2-
- نظرية الديمقراطية المغربية حقيقة المجتمع المدني المغربي
- نظرية الديمقراطية المغربية
- فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية 1
- اتجاه تطور الطبقة البورجوازية
- تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية - تابع -
- تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية
- ظهور راسمالية الدولة التبعية
- من الراسمالية الكولونيالية الى راسمالية تبعية
- تحول الراسمالية الكولونيالية الى راسمالية تبعية - تابع –
- تناقضات الراسمالية الكولونيالية المغربية - تابع –
- تناقضات الراسمالية الكولونيالية المغربية .
- تطور الراسمالية الكولونيالية المغربية .
- نظرية الراسمالية المغربية – عبد السلام المؤذن-تابع-
- نظرية الراسمالية الكولونيالية المغربية عند عبد السلام المؤذن
- جوهر الراسمالية الكولونيالية المغربية لعبد السلام المؤذن


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلكميمي محمد - فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية - 3-