أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - اللينينية ومفهوم الحزب اللينيني















المزيد.....

اللينينية ومفهوم الحزب اللينيني


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2434 - 2008 / 10 / 14 - 08:29
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مصطلح الماركسية - اللينينية :
معلوم أن مصطلح الماركسية – اللينينية ساد بعد وفاة لينين نتيجة للأفكار والرؤى الجديدة التي قدمها لينين حول الظواهر الجديدة التي نشأت بعد وفاة ماركس وانجلز .. وقدمت اللينينية مساهمات مثل :
• نظرية الإمبريالية كأعلى مراحل الرأسمالية .
• إمكانية انتصار الثورة الاشتراكية في بلد واحد .
• تحالف العمال والفلاحين في تركيب ديكتاتورية البروليتاريا .
• استراتيجية وتكتيكات انتقال الثورة البرجوازية الديمقراطية للثورة الاشتراكية .
• نظرية الحزب من النوع الجديد .
• المسألة الوطنية والقومية .
• برنامج مرحلة الانتقال وبرنامج بناء الاشتراكية .
• معالجة الظواهر الجديدة التي نشأت من تطور العلوم الطبيعية في بداية القرن العشرين والتي كانت تحتاج إلى تطوير مفهوم المادة والمنهج المادي الجدلي ( مؤلف المادية والمذهب النقدي التجريبي ) .
المناقشة حول اللينينية وأفكار لينين ليست جديدة ، وترجع جذورها إلى الصراع الداخلي الذي نشب في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي في بداية القرن العشرين ، والذي أدى إلى انشقاق الحزب ( بلا شفة ومناشفه ) حول استراتيجية وتكتيكات الحزب ، ومفهوم الحزب من النوع الجديد ، وهذا الصراع معروف ولانريد أن نخوض فيه هنا .
وبعد الثورة الروسية عام 1917 ، بل قبلها كانت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في أوربا قد عارضت أفكار لينين حول ديكتاتورية البروليتاريا والثورة البروليتارية المسلحة ، وغير ذلك مما لا يتناسب مع ظروف أوربا ، بل عارضتها حتى في روسيا نفسها ، ووقفت مع بورجوازية بلدانها في الحرب ، وطرحت الطريق الديمقراطي البرلماني .. وغير ذلك – مما حدا بلينين إلى اتهام تلك الأحزاب بالخيانة والانتهازية والارتداد عن الطريق الثوري .. والانفصال عن الأممية الثانية وتكوين أممية ثالثة ( كومنترن ) . تتمشى مع الأفكار الثورية التي طرحها لينين في ظروف تحول الرأسمالية إلى إمبريالية واحتكار .
وبعد وفاة لينين استمر ( الكومنترن ) ، الذي وصل كما كان يقال تطوير الماركسية اللينينية في الظروف التي نشأت بعد وفاة لينين ، والواقع أن مجموع الأفكار التي تكونت فيما بعد كانت تبريرا لقيادة الحزب السوفيتي الكبير أو تبريرا لسياسة الدولة السوفيتية بعد فشل نظرية الثورة في البلدان الرأسمالية .. أو تبريرا لقيادة ستالين وأفكاره العقيمة والتي وصل بها الحد إلى إضافة الستالينية إلى مصطلح الماركسية – اللينينية ليكون الماركسية – اللينينية – الستالينية .
والواقع أن الكومنترن كان بمثابة مركز للحركة الشيوعية العالمية .. وهو الذي يحدد موجهاتها السياسية والفكرية . التي كانت في الغالب تبريرا لسياسة الحزب الشيوعي السوفيتي وسياسة ستالين .. حتى تم حله عام 1944 خلال سنوات الحرب العالمية الثانية . وفي عام 1948 تكون الكومنفورم ( مكتب الدعاية للأحزاب الشيوعية ) وكان شكلا آخر لوجود مركز للحركة الشيوعية العالمية حتى تم حله عام 1956 . وبعد 1956 ، جاءت صيغة اجتماع الأحزاب الشيوعية كشكل لتطوير الماركسية اللينينية في الظروف الجديدة ، ولتبادل التجارب والخبرات . إضافة لمجلة قضايا السلم والاشتراكية التي كانت بمثابة المنبر النظري للأحزاب الشيوعية والعمالية التي كانت في الغالب مجلة دعائية تبرر سياسة الأحزاب الشيوعية الحاكمة في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق أوربا .
صحيح أن الحزب الشيوعي السوداني – عندما نشأ عام 1946 ، لم يكن مرتبطا بالكومنترن الذي تم حله عام 1944 – كما لم يكن مرتبطا بالكونفورم . ولكن أفكار ومفاهيم ستالين كانت سائدة في الحزب .. وخلال الفترة 1946 – 1956 ساد مصطلح الحزب الماركسي – اللينيني – الستاليني في أدبيات الحزب .
وبعد عام 1956 ، بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي الذي أدان سياسة ستالين وشن حملة ضد الجمود – ساد مصطلح الحزب الماركسي اللينيني في الحزب الشيوعي السوداني . كما سادت مفاهيم مثل ً الحزب اللينيني ً ً والقواعد اللينينية لبناء الحزب ً ... الخ .
كما ذكرنا سابقا أن المناقشة حول اللينينية ليست جديدة ، فقد استمر النقاش حولها ليس خارج الأحزاب الشيوعية فقط ، بل داخل الأحزاب الشيوعية نفسها ، مثلما حدث في منتصف السبعينيات من القرن الماضي عندما حذف الحزب الشيوعي الأسباني اللينينية من برنامجه .. وبرر ذلك أن إضافة لينين خاصة بالتجربة الروسية وما قدمه من أفكار كان صحيحا في زمانه وما تبقي يؤخذ بالصحيح منه دون التزام منهجي ، كما أنجزت بعض الأحزاب الشيوعية الأخرى في بلدان غرب أوربا بعد الحرب العالمية الثانية أعمالا نظرية تجاوزت فيها مفاهيم الماركسية – اللينينية حول ديكتاتورية البروليتاريا ، وطرحت استراتيجية جديدة لتطور الثورة عبر الطريق البرلماني .. هذا إضافة لمقاومة الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية لمفاهيم اللينينية التي خاضت صراعا ضدها بحجج مماثلة وهى أنها ليست أصل في الماركسية .. وانما ظاهرة خاصة بالثورة الروسية .
في مناقشة الشيوعي العدد ( 148 ) الصادر في أبريل 1980 لأفكار كاريللو سكرتير الحزب الشيوعي الأسباني الذي حذف اللينينية من برنامجه ، تمسك الحزب الشيوعي السوداني باللينينية .. جاء في المناقشة ما يلي :
ً .. بعد تلخيص التطورات التي تمت في مؤتمر الحزب السوفيتي العشرين وحذف اسم ستالين عن قائمة مؤسسي الاشتراكية العلمية ، ونقد انسياقها بلا منهج علمي خلف التبسيط الانتقائي للماركسية ووصفها بتعاليم : ماركس – انجلز – لينين – ستالين – ماوتسي تونغ ً . ثم تواصل الشيوعي وتقول :
ً اليوم ومن مواقع المنهج المادي الجدلي والتاريخي ، نقدر تماما صحة ما نقول ، عندما نعلن أن مرشد نضالنا هو تعاليم ماركس – انجلز – لينين واختصارا نكتفي ونقول أن إسهام لينين لم يكن كميا أو اجتهادا في قضايا بعينها .. إسهام لينين أعمق وأشمل . إذا كان كل عبقري لا يستطيع أن يري ابعد من مرحلته التاريخية ، فإن ما قدمه لينين في مرحلة انتقال الرأسمالية إلى الاستعمار ما كان لماركس أن يراه .. إن ما ساهم به لينين طور الماركسية وأهلها لمواجهة قضايا عصرنا – طال أم قصر – عصر الانتقال للاشتراكية .. ً ص 43 . ويواصل المقال ويقول :
ً تاريخ العلوم الطبيعية والإنسانية على مر العصور ، اسند بعض نظرياته لاكثر من عالم بما في ذلك المكتشف والمطبق : كانت – لابلاس مثلا ، فما بالك بدور لينين الذي طور واقتحم بالنظرية مجاهل في التطبيق .. وأي تطبيق ؟ يكاد يطابق مقولة الممارسة فلسفيا شامل ومتكامل في الطبيعة وعلومها في المجتمع بصراع طبقاته وانتقاله الثوري والشيوعي من تشكيلة اجتماعية لأخرى – نموذج أرضي إنساني لأسطورة برومثيوس في ميثولوجيا اليونان ، وحمل الإنسان للرسالة بعد أن ناءت تحتها الجبال كما جاء في القرآن !! . إسهام لينين إن شئنا اختزاله ، قلنا ماركسية أو لاماركسية عندما احتدم الصراع على مفترق طرق التاريخ المعاصر .. ً
هكذا كانت المناقشة حول اللينينية وقتها في أدب الحزب . والمناقشة الواردة أعلاه كانت جزءا من الجمود في الفكر النظري الذي كان سائدا وقتها في أغلب أقسام الحركة الشيوعية العالمية .. وحسب مستوى المعرفة والرؤية التي كانت سائدة يومئذ . فهناك أفراد رأوا الجديد .. وحاولوا التخلص من الجمود .. وهذا شئ طبيعي في المعرفة والعلم . فالعلماء والمفكرون يتفاوتون منهم من يلحظ اتجاه المستقبل أسرع من الآخرين ، ومنهم من يقاوم أو يرفض اتجاه المستقبل حتى تقنعه الأحداث فيما بعد . أي أن الحركة الشيوعية العالمية تخلفت في الفكر النظري ولم تر الجديد ، الذي بدأ يظهر في السبعينيات .. اندفاع الثورة العلمية التقنية ، تصدع وترهل المنظومة الاشتراكية ، تحولات عميقة بدأت تحدث في الطبقات الاجتماعية ، ثورة هائلة بدأت عناصرها تظهر في العلوم الطبيعية والاجتماعية ... الخ .
صحيح أن الأحزاب الشيوعية كانت تعالج التطورات الجديدة – الثورة العلمية التقنية وتشير إليها .. ولكنها كانت تعالجها كما تعالج أقسام من السلفية الدينية التحولات العميقة التي تحدث في العالم من حولنا – أي من مواقع الجمود .. وعدم الاجتهاد النظري العميق لمواكبتها .
ولكن التطورات العاصفة اليوم تقدم الإجابة بشكل قاطع .. وهى أن اللينينية تخلفت ، وفشلت في التطبيق ، بل دخلت في مأزق أحس به لينين نفسه في بداية الثورة الروسية وأيامها الأخيرة مثل مأزق الحزب الواحد الذي تحول إلى تجربة كاملة كان من أسباب انهيار التجربة الاشتراكية .
وحتى نكون موضوعيين ولا ننساق وراء دعوات التجديد السطحية التي نسمعها هذه الأيام ، مهم الإشارة إلى أن لينين كان مفكرا عميقا ، وكغيره من المفكرين والعلماء طرحوا قضايا في عصرهم لازال بعضها حيا ، وشاخ بعضها الآخر .. وعلى سبيل المثال من القضايا التي لازالت حية تناولها لينين :
1 – الماركسية منهج وليست عقيدة جامدة ، ومن المهم التفاعل مع التطورات الجديدة في العلوم الطبيعية والاقتصادية والإنسانية .. وهذا ما فعله لينين عندما تصدى للتطورات الجديدة التي نشأت في بداية القرن العشرين في علوم الطبيعة .. بعد اكتشاف الإلكترون وغيره من مكونات الذرة . وانهيار المفهوم القديم للمادة الذي كان سائدا في الفيزياء الكلاسيكية . واستخلص مفهوما فلسفيا أوسع وأشمل للمادة ( راجع المادية والمذهب النقدي التجريبي ) . كما تنازل الظواهر الجديدة التي نشأت في التشكيلة الرأسمالية في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين . ظاهرة الاحتكار والإمبريالية وقدم معالجات نظرية لها في مؤلفه ( الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية ) .
2 – طرح لينين قضية استقلال النقابات عن الدولة .
3 – أشار إلى أن دراسة الماركسية أو الشيوعية تعني دراسة الفكر الإنساني والثقافة الإنسانية .
4 – الديمقراطية التامة والطوعية التامة في حل المسألة القومية أو تقرير المصير : أما بالاتحاد أو الانفصال .
5 – استخلص منهجا عميقا لدراسة الواقع الروسي ، والثقافة الروسية ، والتاريخ الروسي وأشار إلي ضرورة اخذ خصوصيات كل بلد في الاعتبار في عملية التحول الاجتماعية .
6 – تعدد الطرق للوصول للاشتراكية .
7 – الديمقراطية كشرط للوصول للاشتراكية .
وغير ذلك من القضايا الحية والمنهجية التي يمكن إضافتها ، ومن القضايا التي شاخت على سبيل المثال :
1 – نظرية الإمبريالية كأعلى مراحل الرأسمالية ، بعد تجديد التشكيلة الرأسمالية لنفسها نتيجة لعوامل كثيرة – هذا ليس مجال الخوض فيها .
2 – دكتاتورية البروليتاريا ( كمقولة أساسية في الماركسية ) وإضافة لها تحالف العمال والفلاحين في تركيب ديكتاتورية البروليتاريا .
كان لينين في أيامه الأخيرة يحس بمأزق بناء الاشتراكية في بلد متخلف كروسيا ، بعد فشل التوقعات بقيام الثورة الاشتراكية في البلدان الرأسمالية المتطورة .. والمأزق أيضا في مقولة بناء الاشتراكية في بلد واحد . ويتضح ذلك من إدخال نظام الحوافز ( السياسية الاقتصادية الجديدة ) ، ضرورة حل المسألة الزراعية بوسائل الإقناع وليست بوسائل قسرية . كما كان يحس بمأزق الحزب الواحد وخطورة تسلل البيروقراطية إليه التي تخنق الديمقراطية وتعزل الحزب عن الجماهير .
هذا إضافة لحق الطبقة العاملة في الإضراب وغيره من الحقوق التي توسع النضال الديمقراطي الجماهيري .
وكما تخضع استنتاجات الماركسية نفسها اليوم للدراسة والنقد الشامل المنهجي ، فإن اللينينية نفسها تخضع للدراسة النقدية الشاملة في اتجاه ترسيخ المنهج العلمي الذي يغتني بالتطورات الجديدة في مختلف مجالات الحياة . وبالتالي فإن مصطلح الماركسية - اللينينية يوؤل إلى الماركسية ( كمنهج ) . وطالما اتفقنا على التعامل مع الماركسية كعلم ومنهج ، فإن هذا يتطلب التخلص من صنمية أسماء ماركس – انجلز – لينين ، ومعالجة الظواهر الجديدة بالمنهج ، وتطوير المنهج نفسه ، المنهج المادي الجدلي الذي يشكل لب الماركسية ، والمنهج المادي الجدلي نفسه يخضع للتطور بتطور العلوم الطبيعية والرياضية والمنطقية ، أي أن المنهج المادي يوؤل بالمعني الواسع والأشمل إلى المنهج العلمي ، ذلك المنهج الناقد الذي لا يعرف النهائية والاكتمال ، ويتمشي مع التطورات العاصفة التي نشهدها اليوم في مختلف مجالات المعرفة والحياة .
يقودنا ذلك إلى مفهوم الحزب اللينيني :
مفهوم الحزب اللينيني
مفهوم الحزب اللينيني هو نتاج نظرية لينين حول الحزب الثوري المعروفة ، الحزب من النوع الجديد ، حزب أكثر أقسام الطبقة العاملة وعيا وثورية ، حزب يقوم في تنظيمه على الطاعة الواعية والمركزية الديمقراطية ، وخضوع الأقلية للأغلبية وخضوع الهيئات الدنيا للهيئات العليا ، ويخضع في استراتيجيته وتكتيكه لمركز دولي ، للوصول للسلطة لابد من حزب عمالي صلب من الثوريين ، وان هذا الحزب باستمرار يتطهر من العناصر الانتهازية والمترددة ، وجذب أكثر عناصر الطبقة العاملة وعيا إلى صفوفه . وان الحزب كيما يدخل الوعي في صفوف الطبقة العاملة عليه أن يتوجه إلى كافة طبقات وفئات المجتمع ، وان الحزب يستند في نظريته إلى الماركسية ، وغير ذلك من مفاهيم لينين حول الحزب الثوري من النوع الجديد .
ولكن التطورات العاصفة التي نشهدها اليوم في كل أنواع المعرفة الإنسانية والحياة وفي علوم الإدارة التي تطورت مع الثورة العلمية التقنية الجارية اليوم ، وينتج منها أشكال تنظيمية وإدارية متطورة تناسب تلك التطورات وتساعد في تنمية وتعجيل تلك التطورات نفسها سواء كانت على مستوى المؤسسات الاقتصادية أو الأحزاب السياسية ، أو المنظمات الحكومية ، أو المنظمات العلمية والاجتماعية ، وبل حتى المنظمات الدينية من كنائس وغيرها ، هذا إضافة إلى تطور العلوم السلوكية مثل ( علم النفس ، الفسيولوجي .. الخ ) ، تلك العلوم التي بدأت تندمج مع علم الإدارة ، أي أن الإدارة نفسها بدأت تأخذ في الاعتبار الجوانب الإنسانية والحساسية العالية تجاه البشر ، وضرورة إشراكهم بمختلف السبل والوسائل في تطوير التنظيم نفسه ، اخذ رغباتهم وآمالهم وتطلعاتهم في الاعتبار .
وبالتالي فإن الحاجة اليوم إلى أشكال تنظيم أرقي تتميز باحترام عمليات اتخاذ القرارات الديمقراطية ، بتحمل وجهات النظر المختلفة ، بالتعقل والحساسية إزاء البشر ، حتى تكون تنظيمات حقيقية تنجح في تحقيق أهدافها ، وبدون ذلك تتجمد هذه التنظيمات وتصاب بالعقم والركود .. وتسود فيها البيروقراطية ، وتتسلل إلى قيادتها العناصر غير المؤهلة ، التي تعوق تطورها وازدهارها وتخنق كل جديد وحي فيها ، وتفرض على التنظيم أساليب عمل بالية وعقيمة .
ومفهوم الحزب كتنظيم سياسي وككائن اجتماعي يتطور مع الحياة والممارسة ، ومع تطور علم الإدارة ، الذي لا يعرف النهائية والاكتمال ، ويتفاعل ويتكيف مع المتغيرات الجديدة في الحياة والمجتمع .
وبالتالي فإن مفهوم المركزية كمفهوم مركب من عنصرين : المركزية والديمقراطية ، أيضا يخضع للتطور والتغير مع تطور الحياة ، ومع ازدياد اتجاه البشر للمشاركة في كل شئون تنظيمهم ، وبالتالي فإن المركزية تتقلص وتنكمش وتزداد الديمقراطية وتتسع ، بحيث أن مفهوم المركزية يؤول إلى الديمقراطية ، لأن انتخاب الهيئات من القاعدة إلى القمة بشكل حر ، وبدون وصاية أو إكراه ، والقيادة المنتخبة أو الشرعية هي بالضرورة مركز واحد ، ولا مركز آخر شرعي غير منتخب – ولن يستطيع هذا المركز أن يفرض نفسه على جماهير لم تنتخبه . كما أن احترم الأقلية لرأى الأغلبية هو نفسه ديمقراطية مع احتفاظ الأقلية برأيها ، على أن تصارع بوسائل ديمقراطية ليسود رأيها – ويمكن أن تصبح أغلبية في فرص لاحقة . والتزام الهيئات الدنيا بوجهات الهيئات العليا مفهوم يتحقق بالاقتناع ، ويعني أيضا العكس استجابة الهيئات العليا لرغبات ومقترحات وآمال وتطلعات الهيئات الدنيا ، أي أن له اتجاهين وليس اتجاه واحد: من أعلى إلى اسفل ومن أسفل إلى أعلى . وبالتالي ، فإن مفهوم المركزية الديمقراطية يتقلص إلى الديمقراطية .
والحزب الديمقراطي الحديث يسمح بسيادة التيارات الفكرية داخله لأنه من خداع النفس منع تلك التيارات ، والتيار هو عبارة عن أفكار توحد مجموعة من الناس داخل التنظيم التي تصارع بوسائل ديمقراطية ومكشوفة من أجل إقناع الآخرين بوجهة نظرها داخل الهيئات الحزبية ، وفي صحافة الحزب الداخلية والجماهيرية .
ووحدة الحزب نفسها تتم من خلال تعدد وتنوع واختلاف الآراء والتيارات داخله والصراع الفكري المكشوف المتصل والمستمر ، والديمقراطية داخل الحزب تعني أيضا انتخاب الهيئات القيادية بالاقتراع السري ، وتسمح بوجود قوائم مختلفة للترشيح للمناصب القيادية بدون وصاية من لجنة مركزية سابقة أو اختيار بالتزكية . وتعني أيضا إعطاء الفرصة الكاملة لأعضاء الحزب أو المؤتمر في التقويم الكامل للمرشحين : سلبياتهم وإيجابياتهم ومؤهلاتهم السياسية والفكرية والتنظيمية .. الخ .
والديمقراطية تعنى انتظام مؤتمرات الحزب وانتظام انتخابات هيئات الحزب القيادية ، كما تعني تحديد دورة محددة للقيادة المنتخبة . وأخيرا ، فإن ترسيخ الديمقراطية داخل الحزب أولا أو الأحزاب هو الشرط لترسيخها في المجتمع ككل .
بهذا الشكل وكعملية منطقية للتطور يتم تجاوز مفهوم الحزب اللينيني إلى الحزب الديمقراطي .. مع اختلاف توجهاته وأهدافه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية عن الأحزاب الأخرى .



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل نمط الانتاج الرأسمالي
- حول كتاب الحزب الشيوعي السوداني والمسألة الجنوبية(1946- 1985 ...
- حول مصطلح المركز والهامش والمناطق المهمشة في السودان
- حول اسم الحزب الشيوعي السوداني
- تطورات الأزمة المالية
- المفهوم الماركسي للطبقة الاجتماعية
- المنهج الدبالكتيكي
- بعض المفارقات في الماركسية والتجارب الاشتراكية
- الديالكتيك والايديولوجيا ونظرية المعرفة الماركسية
- عائدات النفط السوداني
- النفط السوداني وآثاره علي الصراع الاقليمي والدولي
- تداعيات الأزمة العامة للرأسمالية
- ماهي دلالات أزمة النظام الرأسمالي الراهنة؟
- الايديولوجيا
- النفط السوداني : تاريخ الاكتشاف وارهاصات الصراع
- حول الفصل التاسع من مشروع برنامج الحزب الشيوعي السوداني تجدي ...
- المنهج ونظرية المعرفة الماركسية
- محمد بشير عتيق: من الوعي النقابي الي الخلق والابداع الفني
- الآثار السلبية للجمود النظري علي تجربة الحزب الشيوعي السودان ...
- ديالكتيك هيغل: كل الفلسفات حقة وباطلة


المزيد.....




- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - اللينينية ومفهوم الحزب اللينيني