أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - أزهي عصور الفساد














المزيد.....

أزهي عصور الفساد


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2431 - 2008 / 10 / 11 - 09:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تكن مفاجأة أن تحتل مصر الترتيب الخامس عشر بعد المائة، علي مؤشر مدركات الفساد الذي أعلن قبل أيام، لتسبقها في مستوي الشفافية، دول عربية، مثل قطر والإمارات وعمان والبحرين والأردن وتونس والكويت والمغرب والسعودية والجزائر وجيبوتي ولبنان.. ولم يكن مستغربا أن تسبقنا بلدان ربما لا يعرف الكثيرون منا أن لها وجودا علي خريطة العالم أصلا، مثل: سانت لويس وباربادوس، وساموا وبوتان وماكاو وبوتسوانا، وبورتريكو وسانت فنسنت وجرينادين، وليسوتو والجابون وبينين.
بل ربما كان المدهش أن تأتي 65 دولة بعد مصر علي المؤشر الذي يضم 180 دولة!.. تحصل كل دولة علي درجة تتراوح بين صفر (أكثر الدول فسادا) و عشرة درجات (أكثر دول المؤشر نظافة وشفافية).. وحصلت أم الدنيا علي 2.8 درجة .. يا الله! هناك 65 دولة أكثر فسادا منا.. (ذات مرة، لاحظ زميل أنني أتفنن في رؤية نصف الكوب الملئ، بينما الكوب مخروم أصلا ولا يحتوي أي سائل!).. في الحقيقة أمر مدهش، يجعلنا نشعر بالرضا ونطلق العنان للخيال، ونتصور حال 65 شعبا يعيشون في ظل ما هو أسوأ مما نعيش، ونحمد الله عملا بالمثل القائل "من شاف بلاوي غيره..."
غير أن مؤشر مدركات الفساد، الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية (منظمة أهلية دولية رائدة في مجال مكافحة الفساد، وفقا لما تقول وثائقها) بناء علي إحصائيات من 13 مصدرا مأخوذة من 11 مؤسسة مستقلة، لتقييم حجم الفساد في كل دولة، يشوبه ما يشوب التقييمات البشرية من عوار. وتدل تسميته علي كون ما يقدمه ليس أرقاما دقيقة عن حجم الظاهرة؛ وإنما مجرد الانطباعات العالمية إزاءها، مبنية علي دراسات أكاديمية وأرقام وخبرات ميدانية؛ أي أن التقييمات تعتمد علي تقديرات بشرية معظمها لرجال أعمال، فإذا وضعنا في الاعتبار مدي تمحور تقديرات رجال الأعمال حول ما يرون فيه مصالحهم، ربما نجد موقعنا قد تقهقر لمسافات أبعد علي المؤشر، إلا أنه يظل له قيمته من حيث كونه دلالة لها قيمتها. حيث يبني المؤشر علي آراء جملة من المختصين، ومن لديهم تجارب عملية في الدول المعنية مع غياب وسائل قياس أكثر دقة.
فمصر ـ ولله الحمد علي أي حال ـ تحيا أزهي عصور الفساد، حيث لا يكاد يغيب ولو ملمح واحد من ملامحه عن الساحة المصرية، وتجتمع فيها صور الفساد التي أشار تقرير منظمة الشفافية الدولية إلي وجودها في الدول الفقيرة والغنية معا، سواء عدم فاعلية الهيئات القضائية والرقابة البرلمانية في البلدان الفقيرة؛ أو ما تظهره البلدان الغنية من دلائل علي عدم كفاية تنظيم القطاع الخاص، من حيث معالجة الرشوة في الخارج من قبل هذه الدول، وضعف الرقابة علي المؤسسات والمعاملات المالية. ومصر.. يا سبحان الله جمعت بين الحسنيين!.
ولعل من أهم ما يلفت النظر في تقرير منظمة الشفافية الدولية أن البلدان الاسكندنافية ـ التي تتميز بالدور الفعال للدولة، والاقتصاد الموجه لتحقيق الرفاهة لغالبية المجتمع ـ تواصل منذ بداية إصدار المؤشر عام 1995 احتلالها مراكز متقدمة بين الدول الأكثر شفافية والأقل فسادا، بينما يتراجع أداء الدول الرأسمالية الكبري. وهو ما يدحض شعارات يطنطن بها أصدقاؤنا الليبراليون الجدد، ويصرون علي جرجرتنا عبر هذه الشعارات في طريق الفساد حتي نهايته.
وثانيا: أن التحسن في أداء بعض البلدان الغنية، مثل بلدان الخليج، ليس بالضرورة نتيجة زيادة مستوي الشفافية أو تراجع مستويات الفساد في هذه البلدان، فكلنا نسمع أنباء الفساد الذي تفوح روائحه في هذه البلدان وتطول أسماء كبيرة؛ كل ما في الأمر أن الفوائض البترولية الكبيرة تغطي علي ما يسببه الفساد من خسائر، ليتواصل التستر علي المشكلة إلي حين.. ولا شك أن العلاقات بين نافذين في هذه الأنظمة ومؤسسات رأسمالية كبري في دول الاستعمار الجديد، تزيد الطين بلة حيث يساهم نفوذ الكبار ـ عابري القوميات ـ في التغطية علي الكثير من الحقائق التي لاتتكشف، ولا تؤثر علي تقييم مستوي الشفافية في الدولة إلا عندما يختلف الكبار.
وثالثا: إن أي محاولات لتلميع الصورة أو تحسينها، لن تؤدي إلا إلي مزيد من تفاقم حالات التدهور التي تشهدها، مع استمرار سوس الفساد ينخر في عظام الوطن، وقيح الاستبداد ينتشر بين خلاياه، في ظل عجز بين للمؤسسات الرقابية، وغياب المشاركة الشعبية الحقيقية، واستمرار التزاوج بين السلطة المستبدة ورأس المال الملوث.
ومن ثم، فلا معني لأي حديث عن ارتفاع معدل النمو، أو وعود بتحقيق مستوي أداء اقتصادي يسمح بتوفير حياة كريمة لأبناء هذا الوطن، وسط التفنن في عرقلة ازدهار حرية التعبير الحقيقية، ووضع القيود علي حق وسائل الإعلام في الحصول علي المعلومة ونشرها، والتضييق علي حركة منظمات المجتمع المدني، وجميعها أدوات لتنمية المشاركة الشعبية إلي جانب صيانة مبدأ الفصل الحقيقي بين السلطات، وتفعيل الرقابة التشريعية الحقيقية، ودعم حصانة السلطة القضائية لضمان التطبيق الأمثل لمبدأ سيادة القانون



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متلازمة -الغباء المصاحب للكرسي-
- مولد.. وصاحبه غايب
- متى يعلنون الحداد العام؟
- كرامتنا.. يا أصحاب الكرامات
- دعوها تشربه!
- فقع المرارة.. في ثقافة ركوب العبارة
- إنهم يسرقون التاريخ
- الحركة الطلابية المصرية.. أمس واليوم
- -الضنا- الغالي
- غزة قبل عشر سنوات
- مثلما النسمة من بردى!
- رحلة لأسوان
- شريفة!
- توأمي الضاحك
- فعلتها طهران!
- الوطن ليس أغنية !
- الوطن ليس أغنية!
- عبارات سيئة السمعة
- لم نكن مخطئين.. والتاريخ يشهد
- الديون.. وكوابيس التاريخ


المزيد.....




- ردا على بايدن.. نتنياهو: مستعدون لوقوف بمفردنا.. وغانتس: شرا ...
- بوتين يحذر الغرب ويؤكد أن بلاده في حالة تأهب نووي دائم
- أول جامعة أوروبية تستجيب للحراك الطلابي وتعلق شراكتها مع مؤ ...
- إعلام عبري يكشف: إسرائيل أنهت بناء 4 قواعد عسكرية تتيح إقامة ...
- رئيس مؤتمر حاخامات أوروبا يتسلم جائزة شارلمان لعام 2024
- -أعمارهم تزيد عن 40 عاما-..الجيش الإسرائيلي ينشئ كتيبة احتيا ...
- دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية تكشف عن عدد السكان
- مغنيات عربيات.. لماذا اخترن الراب؟
- خبير عسكري: توغل الاحتلال برفح هدفه الحصول على موطئ قدم للتو ...
- صحيفة روسية: هل حقا تشتبه إيران في تواطؤ الأسد مع الغرب؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - أزهي عصور الفساد