أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - متى نجرؤ على اغتنام -فرص الأعاصير-؟!















المزيد.....

متى نجرؤ على اغتنام -فرص الأعاصير-؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2412 - 2008 / 9 / 22 - 09:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة فرق بين ضعف وضعف، فهذا ضعيف لأسباب موضوعية، أي لكونه لا يملك شيئاً من أسباب القوة الموضوعية، وفي مقدَّمها السبب الاقتصادي؛ أمَّا ذاك فضعيف لأسباب ذاتية، فهو يملك من أسباب القوة الموضوعية ما يسمح له، لو امتلك ما يكفي من أسباب كالإرادة والعزم والتصميم والفكر والتخطيط..، بتحويل ضعفه إلى قوة.

إنَّ كثيراً من الرياح الدولية والإقليمية، الاستراتيجية في بُعْديها السياسي والاقتصادي، يجري بما تشتهي سفينتنا العربية؛ ولكن ثمة مِنَّا وفينا من يَظْهَر لنا، في القول والعمل، على أنَّ له مصلحة في منع تلك السفينة من الإبحار.

من قبل، وغير مرَّة، حذَّرنا من مغبة أن تتواضع مصالح استراتيجية لقوى دولية نافذة على وَضْع الثروة النفطية العربية العظمى تحت ما يشبه "الانتداب الدولي"، بدعوى أنَّ الأمن الاقتصادي للعالم، أي لقواه الاقتصادية الكبرى، في خطر.

وها هو وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق هنري كيسينجر يدعو، صراحةً، إلى ائتلاف دولي يُضْعِف ويشل قدرة "أوبك"، أي الدول العربية النفطية في المقام الأول، على التحكم في السعر العالمي لبرميل النفط، من خلال تحكمها في كمية الإنتاج.

وهذا "الانتداب الدولي" على الثروة النفطية العربية يمكن (ويجب) أن يستمر حتى يصبح في مقدور الغرب "الاستقلال التام" عن الطاقة النفطية المستوردة من خلال تطوير بدائل منها.

وتوصُّلا إلى ذلك "الاستقلال"، وهذا "التطوير"، لا بدَّ من فعل ثلاثة أشياء: تركيز الاستثمار (الغربي) في كل نفط بديل من النفط العربي، وفي النفط الإفريقي على وجه الخصوص، وتحكُّم الحكومات الغربية نفسها بأسعار المشتقات النفطية في أسواقها بما يشدِّد الميل إلى الاستثمار في تطوير بدائل من الطاقة النفطية، وإحكام الولايات المتحدة قبضتها السياسية والعسكرية والاقتصادية على مصادر الطاقة النفطية في العالم، وعلى مصادرها العربية على وجه الخصوص، توصُّلاً إلى اكتساب مزيد من النفوذ السياسي والاستراتيجي العالمي.

وها نحن نسمع، ونرى أيضاً؛ ولكن من غير أن نحرِّك ساكناً، مفضِّلين "سياسة النعامة"، وكأنَّ الأخطر علينا من هذا الذي نسمع ونرى هو أن نبدي الجرأة على المواجهة!

قصة النفط عندنا إنَّما هي قصة "الدجاجة التي تبيض ذهباً"؛ ولكن..

"الدجاجة" عندنا؛ أمَّا الذي يتحكَّم فيها، وكأنَّه المالِك الفعلي لها، فهو ليس نحن، وكأنْ ليس كل ما عندنا مُلك لنا. ويكفي أن تكون لنا على هذا النحو حتى لا نملك من الذهب الذي تبيض إلاَّ نزراً.

إنَّهما خللان كبيران، فهذه السلعة الاستراتيجية التي نبيع إنَّما نبيعها بما يقل كثيراً عن قيمتها الحقيقية مهما رَفَعَ قانون العرض والطلب من "سعرها الورقي"، أي من سعرها الدولاري؛ ثمَّ (وهنا يكمن الأخطر) أنَّنا لم نَسْتَجِب حتى الآن، وبما يكفي، لتحدِّي تلك السلعة لنا، فهي ما زالت تتحدَّانا على أن نعاملها على أنَّها أداة، أو وسيلة، لـ "توليد الثروة". إنَّها "ثروة"؛ ولكنها لو كانت عند غيرنا لعرفوا كيف يجعلونها أداة لـ "توليد الثروة"، أو الدجاجة التي تبيض لهم ذهباً.

كل تاريخ "التبادل السلعي" لم يعرف قط ظاهرة كظاهرة "أنْ نعطي قِيَماً اقتصادية حقيقية (سِلعاً.. وسِلعاً استراتيجية) لنأخذ أكواماً من الورق"، ولو كان أخضر اللون، ومفعماً بمعاني "الثقة"، فإذا كانت "فرنسا ـ ديغول" لم تستطع سنة 1973 أن تحصل من الولايات المتحدة على ما يعادل أكوام الورقة الخضراء (في بنكها المركزي) ذهباً، فهل نستطيع نحن؟!

حتى تلك الأكوام من الورق لم ننفقها ونستثمرها إلاَّ بما يؤكِّد عجزنا عن ابتناء "اقتصاد حقيقي"، فلقد استعملناها لابتناء مجتمع استهلاكي، مُفْرِط في نزعته الاستهلاكية، فمعظم السلع والخدمات التي حصلنا عليها لم يكن لـ "الاستهلاك الإنتاجي"، وإنَّما لـ "الاستهلاك الشخصي"، أو "الاستهلاك غير المُنْتِج للثروة". أمَّا استثمارياً فقد استثمرناها هناك، أي في الغرب، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، في "الاقتصاد الورقي"، فثروتنا إمَّا على هيئة "ورقة خضراء" وإمَّا على هيئة "سهم"، أو ما شابه.

وإذا ما "تطرَّفْنا" في "ذكائنا الاستثماري" فقد نحوِّل بعضاً من تلك الأكوام من "الورقة الخضراء" إلى عقارات في مدن غربية، وكأنَّ ملكية عقار هناك يمكن أن تُتَرْجَم بنفوذ سياسي، أو اقتصادي حقيقي.

إنَّه "ذهب أسود"؛ لأنَّه كالمرأة الحاد؛ ولقد بعناه بثمن بخس.. بأكوام من الورق. حتى تلك الأكوام لم تَنْجُ؛ فلقد ابتنوا لها عندهم ما يشبه "الثقب الأسود"، ليمتصها كومة كومة.

بعضها امتَّصها، معيدها لنا على هيئة سيارات ووجبات سريعة..

وبعضها امتَّصها، معيدها لنا على هيئة أوراق (مالية) أخرى، كالأسهم..

وبعضها امتَّصها، معيدها لنا على هيئة أسلحة، كلَّما امتلكنا منها أكثر زاد أمننا القومي ضعفاً.

نزرٌ من البيض الذهبي لتلك الدجاجة حصلنا عليه؛ ولكن مع قيود (خفية) على "كيفية إنفاقه واستثماره"، فنزر من هذا النزر رأيناه على هيئة إنتاج قومي صناعي وزراعي، أو على هيئة مؤسسات للإنتاج العلمي والتكنولوجي، وكأنَّ الاقتصاد الذي من حقِّنا أن نملك هو إمَّا "الاقتصاد الورقي" وإمَّا "اقتصاد الفقاقيع"!

عُقْدتنا هي "الأضخم" من كل شيء يضر ولا ينفع، فـ "الأضخم" من الأبراج يجب أن يكون عندنا، و"الأضخم" من "المراكز التجارية"، أي من المراكز المتَّجِرة بسلع الاستهلاك الشخصي، يجب أن يكون عندنا، و"الأضخم" من الفنادق والملاعب والمراكز الرياضية ودور السينما..، يجب أن يكون عندنا، و"الأضخم" من الأنفاق والجسور يجب أن يكون عندنا.

أمَّا الأضخم من المنشآت الصناعية ومن منشآت "الاقتصاد الحقيقي"، على وجه العموم، فَدَعْها لهم!

إذا كان ممكناً أن نُنْتِج بقليل من المال والجهد والوقت قمحاً في أرض سودانية، مثلاً، فإننا نضرب عن ذلك صفحاً، لننفق كل المال والجهد والوقت في إنتاجه من "العدم"؛ ومع ذلك نجود بمزيدٍ من "الخطاب الأخوي القومي"!

كان لا بدَّ من أن نستثمر أوَّلاً في ذلك "الأسود" من ثروتنا، توصُّلاً إلى السيطرة الفعلية على شروط صناعته من الألف حتى الياء، فتطوير القدرة الذاتية على استخراجه، وتصنيعه، ونقله، وعلى ابتناء كل صناعة يدخل في تكوين سلعها، كان هو التحدِّي الأول والأعظم الذي لم نَحْظَ بشرف "الفشل" في مواجهته؛ لأننا لم نحاول، أصلاً، أن نواجهه.

كان يجب "تعريبه"، عمالاً وخبراء ومهندسين..، ثمَّ كان يجب "تعريب" الجهد الذي لا بد من بذله توصُّلاً إلى جعله أداة لتوليد الثروة، ثمَّ كان يجب الانطلاق منه في ابتناء السوق العربية المشتركة، وفي جعل التكامل الاقتصادي العربي حقيقة واقعة، ثمَّ كان يجب جعل حمايته، ودرء المخاطر عنه، مهمة من مهمات النظام العربي للأمن القومي.

لقد فرَّطنا في كل هذا وذاك وذلك من حقائق القوة، ومن قوة الحقائق، لِنُفْرِط في استهلاك ما توفَّروا على إنتاجه لنا من أوهام سياسية واقتصادية وأمنية.. وثقافية، فكلمَّا أتى "إعصار"، مهيئاً لنا فرصة ذهبية جديدة للقوة اتَّخَذنا الضعف خياراً استراتيجياً!





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنَّها دولة وحكومة -وول ستريت- فحسب!
- مِنْ آفات الكتابة السياسية اليومية!
- -الوعيد- و-الصفقة- في خطبة مشعل!
- -تجربة- تَحْبَل ب -ثورة فيزيائية كبرى-!
- -القاعدة-.. لعبةٌ لمَّا تُسْتَنْفَد المصالح في لعبها!
- عندما تتصحَّر -الليبرالية- ويزدهر -الليبراليون الجُدُد-!
- تهاوي -ثقافة الحقوق- في مجتمعنا العربي!
- -العرب الجُدُد- و-العرب القدامى-!
- أُمَّةٌ تبحث عن فلك تسبح فيه!
- ما ينقص -الفكرة- حتى تصبح -جذَّابة-!
- -خيار أوكسفورد- لا يقلُّ سوءاً!
- ثقافة -الموبايل- و-الفيديو كليب-!
- لقد أفل نجمها!
- أسبرين رايس والداء العضال!
- خطر إقصاء -الأقصى- عن -السلام-!
- العالم اختلف.. فهل اختلفت عيون العرب؟!
- -الإعلام الإلكتروني- يشبهنا أكثر مما نشبهه!
- -العلمائيون- و-السياسة-.. في لبنان!
- -إيراروسيا-.. هل تكون هي -الرَّد-؟!
- ثرثرة فوق جُثَّة السلام! -دولتان- أم -دولة واحدة ثنائية القو ...


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - متى نجرؤ على اغتنام -فرص الأعاصير-؟!