أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عاصم بدرالدين - إستراتيجية الردع بين الطوائف














المزيد.....

إستراتيجية الردع بين الطوائف


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2412 - 2008 / 9 / 22 - 09:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في الزيارة الأخيرة التي قام بها نائب رئيس الحكومة اللواء عصام أبو جمرا (من التيار الوطني الحر) لـميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، اشتكى من الغبن الذي يحيق بالطائفة الأرثوذكسية، وخاصة غيابها عن "موائد" اتخاذ القرار. مع ذلك فإن اللواء أبو جمرا لم يفته تنبيهنا إلى أنه يفضل "أن تبقى السياسة بعيدة قليلاً عن الدين" مستدركاً "إلا في ما يتعلق بالطائفة"! لأنه يعتبر "كل تنازل من قبل الطائفة الأرثوذكسية في محيط طائفي وفي تركيبة طائفية يسيء للطائفة من جهة وللتوازن بين الطوائف والآخرين من جهة ثانية، ولأن التركيبة طائفية، نحن مجبرون أن نحافظ على حقوقنا".

لن ندرس النص بحرفيته، فهو لا يشي إلا بتناقض مريع، فـ فصل "الدين" عن "السياسة"، كصيغة علمانية، في بلد كلبنان تصبح شعاراً استهلاكياً مستخدماً من قبل الجميع، حتى أشد الجماعات تطرفاً وغلواً في التحريض الطائفي.. على أن هذا يرجع إلى غياب ثقافة "البرنامج" لدى أشباه الأحزاب المكونة للحياة السياسية المحلية، وما يستتبعه ذلك من رقابة ومحاسبة يقوم بهما الرأي العام.

قبل اللواء السابق عصام أبو جمرا، أحد أعضاء الحكومة الانتقالية (الانقلابية بلغة البعض) التي شكلها العماد عون في نهاية الثمانينات، كانت الطائفة الأرثوذكسية بعيدة، على ما نعلم، عن "المظلومية" كمحرك للمطالبة بتحصيل حقوقها المسروقة والمنتهكة. وإذا كان "الدارج" اليوم هو عودة الاهتمام بشؤون الطوائف لغايات لا تخفى عن أحد، وإن لم يكن الأمر هنا قصدياً أو مخططاً له، فهذا ما يمكن أن نسميه لبنانياً بـ"الغريزة الانتخابية" لدى القوى السياسية.. إذا كان "الدارج" اليوم هو المزايدة الطائفية للشرائح "الحزبية" أو "العائلية" (آل المر، مثلاً، ضمن الطائفة المذكورة أعلاه) المكونة لكل ملة على حدة، فإن هذه التصريحات المطلبية أضحت في العرف الوطني، إستراتيجية ردع بين الطوائف، لترسيخ "التوازن بين الطوائف والآخرين" كما سماها أبو جمرا نفسه. فهذه المطالب لن يتحقق منها شيئاً، لا للشيء، إلا لاعتبارٍ واحد، هو أن التغيير الذي قد يطاولها يعني تغيير النظام السياسي القائم برمته، وهو ما يستنكف عن القيام به، آنياً، كل الأطراف دون أي استثناء.

فقد كان الجنرال عون، لا ينفك- ولا يزال- عن المطالبة بالحقوق المسيحية والمارونية تحديداً، راغباً بإعادة الصلاحيات الملوكية لرئيس الجمهورية، رغم علمانيته.. المشبوهة طبعاً! والسنة، وفي حال الغليان التي يعيش فيها اجتماعهم المحلي اليوم، صاروا يطالبون بعودة الحقوق والتحذير والتنبيه استنفاراً إلى أن السنة بسلطتهم ونفوذهم مهددين، حتى أن الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي، رغم أنه "حليف" للعماد ميشال عون، اعترض على رغبة اللواء أبو جمرا بفتح مكتب خاص له في السراي الحكومي، رافضاً أن يعود رئيس الحكومة "باش كاتب"! أما الشيعة الممثلين بحزب الله، وإن أردنا أن نأخذ فقط بعين الاعتبار تصريحاتهم المعلنة، فإننا نركن إلى تصريح نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، من فترة ليست ببعيدة وربما قريبة لزمن "أحداث السابع من أيار"، حين طالب باستحداث منصب "نائب رئيس الجمهورية" على أن يعود إلى الطائفة الشيعية وهذا ما أطلقت عليه سابقاً "الانتفاخ الطائفي". أما الطائفة الدرزية، ولأن قيادتها الجنبلاطية، كانت على الدوام "مع الجميع"، ولا تسعى إلا للحفاظ على الجغرافيا تثبيتاً للوجود، باعتبارها، أقلية دينية في العالم.. فصوتها المطلبي غالباً لا يظهر إلى العلن، لأن لا مراكز سياسية نافذة لها، بل إدارية وعسكرية، داخل التركيبة الحالية للنظام.

بناءً عليه، يتساءل المراقب، عن من يحكم لبنان حالياً. وإذا كانت كل الطوائف والملل تشكو من انتهاك حقوقها وضعفها، فمن يسرقها ويحتكر الإدارة والسياسة والقرار في هذا البلد؟ ولأننا نحن اللبنانيون، من أبتدع شعار "حرب الآخرين على أرضنا" (على واقعيته النسبية) سوف نتهم "الأخر-الغريب-الخارجي" باستغلالنا ونهب حقوقنا وضرب التركيبة المقدسة، وذلك لنخرج كـ"الشعرة من العجينة" من احترابنا الأهلي، ولنترفع عن قيم القبلية التي إحترفناها لسنوات، وما زلنا.

بيد أن حقيقة الحكم تشير إلى منحى آخر. وهو أن طائفتين اليوم تتقاسمان النفوذ والحكم. رسمياً وظاهرياً السنة (تيار المستقبل) هم حكام لبنان استناداً إلى ما فرضه اتفاق الطائف، لكن ما فرضه حزب الله في سلسلة جولاته المحلية، المتداخلة مع حروبه الخارجية، كان أشد وقعاً وتغييراً، وهو ما يعبر عنه اليوم بـ"سلطة الأمر الواقع". وهذه المطالب ما هي سوى ضجيج غبار، ولا قيمة فعلية لها، ولا تهدف إلا لإبقاء الصراع دائراً، دون تحقيق أي إنجاز، لكي لا تنسى الطوائف "المتفوقة" حالياً أن الآخرين لا يزالوا ينظرون بشبق إلى الحكم والنفوذ والتسلط. ولكي لا تغرر السلطة الفئة "المتفوقة" فتبتدع وسائل تعسفية للتعامل مع الأخرى "الضعيفة" لأن عجلة الحكم ستدور يوماً ما وتعود، فهذه هي "إستراتيجية الردع بين الطوائف".



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمزية واقعة -كفررمان-: مدخل إلى الإستعارة
- جغرافيا الطوائف وسياسات تغييب الاندماج
- القاتل الشريف وحدود التنسيق ودولتنا
- في تسييس السنة على الطريقة اللبنانية!
- المواجهة مع حزب الله
- إلى محمود درويش: سيأتي الموت ويأخذنا معك
- بعض مفارقات التعامل اللبناني مع الذاكرة
- في نهرها: فلسطين حقاً عربية!
- العبارة المصرية كنموذج للغرق العربي
- إشكالية العلاقة بين العلماني والطائفي في لبنان
- الإنتخابات في لبنان:أبعد من السلاح، وأكثر من هيئة رقابية
- فؤاد شهاب يعظكم
- الهيئة العربية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- لا لعقوبة الإعدام في قضية الزيادين
- حينما يتمادى القمع
- علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!
- ذلك السلاح.. في إنتظار التسوية
- ليس بئس العلمانية التركية، على بؤسها، إنما بئس الإسلام العرب ...
- الطائف ليس المشكلة الأساس
- إستفحال الإستغباء بالتصفيق


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عاصم بدرالدين - إستراتيجية الردع بين الطوائف