أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إسلام يوسف - نشيج














المزيد.....

نشيج


إسلام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2407 - 2008 / 9 / 17 - 03:39
المحور: الادب والفن
    


لا شىء يبعث على الضيق، قدماى سليمتان وافرتى الصحة، متأهبتان للمشى، عقلى مازال قادراً على التفكير، يفتعل معادلات و يستنتج نتائج تبعث على معادلات أخرى، أجربه بين فترة و أخرى لأتأكد أنه لم يركن إلى الخمول، عينى ما زالت لها القدرة على إستدرار الدموع، المحاجر لم تتيبس، ملآى ببحور من الماء على إستعداد لأن تراق عند أول إشارة.

البيت متعدد الطوابق...ثلاث طوابق، أقطن فى الطابق الثالث مع الأسرة، فى الطابق الأول يعشوشب فراغ قاتل، فراغ يستدر عطف العناكب لتملؤه ببيوتها المتهالكة الكثيرة، الأرضية ملآى بالأتربة،الجدران خضراء، منضدة تتوسط الصالة، أربع غرف خلوٌ من أى شىء عدا الرطوبة و أملاح تأكل الأرضية فى نهم و هواء يتنزه بحرية فى أنحاء المكان يتنفس الرطوبة و يلعق الأتربة، دورة المياة ضيقة، تنبعث منها رائحة نفاذة كريهة لمكان مهجور، الدلو الأبيض الذى بداخلها ينساب إليه ماء متسخ عندما أفتح الصنبور، تتلوى بداخله ديدان صغيرة سوداء، على سطح المياه تحط و تقلع حشرات دقيقة.

أستولى على الطابق الأول عندما أود الإختلاء بنفسى، كل يوم أمارس عادة لا تنقطع، أمنح قدماى حرية الصعود من الطابق الأول و النزول إليه، لا أكاد أغادر المبنى، متوقفٌ فى المكان صعوداً و نزولاً، أصحو وقت المغرب لأظل متيقظاً حتى آذان الفجر ثم أنام ..و يتوالى الفعل مع انبعاث الزمن...لا يطلع لى نهار، لا ترانى الشمس، لن أعطيها فرصة التلصص علىّ و إرهاق عينى بأشعتها المملة الكئيبة، بالليل تمنحنى الشوارع أصواتاً لقططٍ تموء و كلاب تنبح و أصوات شبقية لحيوانات تتسافد، الليل يجلو حواسى و يجعلها متأهبة للفعل بإخلاص و مودة عند أى بادرة كصوت مهموس مثلاً أو فكرة شاردة للكتابة.

علبة السجائر الملقاة بإهمال على الطاولة تمنح نفسها طوال الليل لتمارس فعل الإحتراق، تمتلىء الحجرة- التى بها كراسٍ كلاسيكية قليلة مذهبة الإطار مكسورة الحواف ذات فُرُش مهلهلة- بالدخان..أتنفسه و أزفره و يزفره معى الشباك المطل على الشارع المظلم.

كفعلٍ متكرر يفتقد الزمان عندى قيمته، أنام و أصحو واثقاً من الخطوات القادمة، قدمى لن تخطو خطواتٍ أخرى، تحفظ السلالم..لكنها جاهلة بالشوارع و الطرقات، الوعى بالزمن عندى يلهث لهاثاً مخنوقاً لكائن على أهبة الإستعداد لِلَفظِ أنفاسه الأخيرة.

أفقد خاصية تسمية أشياء الزمن، ثوانٍ..دقائق ..ساعات..أيام ..أسابيع..شهور..سنوات ..عقود، كلها مصطلحات لم تعد تشكل جزءاً و لو يسيراً من قاموسى، أصعد، أنزل، أقرأ، ممسكاً القلم أكتب، منكباً على أوراقٍ بيضاء، أُحبّرها و أقلب بياض بشرتها سواداً ثم أنام.

لا شىء يبعث على الضيق، يدى لن يعتورها التأفف من قلمٍ تقبض عليه بمودة، قدمى تنزل و تصعد عارفةً الطريق غير عابئة بالتنفس فى الخارج و غير متطلعة لوطء طرقٍ جديدة، عقلى له القدرة على إملاء كلمات كثيرة على الورق..كثيرة...كثيرة...كلمات...كلمات، و عندما أنتهى كما الحال كل يوم..أجلس وحيداً، يدى أسفل ذقنى....على المنضدة يرقدون فى دعةٍ، قلمٌ و كرّاس و كتاب و جريدة، أنظر إليهم ثم كما كل يومٍ فى نفس اللحظة.....تجهش عينى بالبكاء.




#إسلام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تتهجى أحرفها الأولى
- السىء فى الأمر ....أنه ليس سيئاً إلى هذا الحد
- حجرة مظلمة
- بقايا أوراق محترقة من إعترافات قاتل جون لينون
- مرحاض عمومى
- ألم رصاص
- مقعد للجلوس
- أشياء حميمة
- المرآة ذات اللون الأحمر
- بحر يتسع لإحتوائى
- رسالة مغايرة...إلى الآنسة نون
- الإنتحار كفعل إرادى فى مواجهة لا إرادية و لا أدرية العالم
- عازف البيانو


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إسلام يوسف - نشيج