أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - عودٌ على بدءٍ مع حسقيل قوجمان















المزيد.....

عودٌ على بدءٍ مع حسقيل قوجمان


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 2402 - 2008 / 9 / 12 - 10:07
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كان شيخنا الجليل حسقيل قوجمان قد طلب في نهاية حلقته الثامنة من الحوار معي وقف الحوار مما ألزمني بالصدوع إلى طلبه بعد أن شكا من الجهد اللازم للبحث الذي يثقل على صحته، وهي عزيزة عليّ، خاصة وأنني، من جهة أخرى، كنت قد قلت كل ما يجب أن يقال تقريباً في حوار مع ماركسي أربعيني من رفاق مؤسس الحزب الشيوعي العراقي وشهيد الحركة الشيوعية العربية الرفيق فهد .

ما كنت لأعود إلى محاورة السيد قوجمان لولا أنه عاد ليناقش مسائل في غاية الأهمية تتعلق بآفاق الحركة الشيوعية بعد الهزيمة الكبرى التي لحقت بها وانحراف العالم عن مسار تطوره التاريخي الصحيح، عاد ليطعن في صحة النتائج التي عرضتها عليه أثناء الحوار معتذراً عن العودة للطعن كونها تلبية لطلب من قرّائه. وهنا يلزمني أن أعتذر لرفيقنا قوجمان عن العودة كي أطعن في ما قدم من شروحات لا علاقة لكارل ماركس بها بل هي متعارضة مع أهم مكتشفات ماركس وهو " فائض القيمة " (Surplus-Value)، شروحات تصب في النهاية في طاحونة نظام الإنتاج الرأسمالي وهو ما لا يليق بشيخنا الجليل حسقيل قوجمان .

رفيقنا قوجمان يخطئ خطأً فادحاً في مقاربته لمسألتين جوهريتين في علم الماركسية ، الأولى وهي مفهوم الطبقة لدى ماركس وكتب فيه قوجمان في 23/8 تحت عنوان " إقتصاد المعرفة وتقييم عمل المثقفين واختصاصيين بموجب قانون القيمة " ، والثانية وهي " فائض القيمة " وكتب فيه في 7/9 تحت عنوان " شرح مبسط لقانون فائض القيمة " . في كلتا المقالتين انتبذ أخونا قوجمان مكاناً قصيّاً متخليّاً عن ماركس وأخذ يرطن رطيناً لا قاموس له .

حول مفهوم الطبقة لدى ماركس

أول أسباب اختلافي مع السيد قوجمان هو أنه لم يأخذ بمفوم كارل ماركس عن الطبقة ولذلك رفض الإعتراف بوجود طبقة وسطى، كان ماركس قد حدد وجودها، ولا يفتأ يشير إليها (بالمراتب الوسطى) . لقد تحدث ماركس وإنجلز بقوة عن الطبقة الوسطى في بيانهما الشيوعي 1847 وقالا في الفصل الأول " البورجوازية والبروليتاريا " صفحة 40 ما يلي ..
" الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى (Middle-Class) مثل صغار التجار وأصحاب الدكاكين والتجار المتقاعدين والحرفيين والفلاحين، جميع هؤلاء يهبطون إلى الإنضمام إلى البروليتاريا بفعل فقر وسائلهم " .
ثم عادا إلى الحديث عن الطبقة الوسطى في الصفحة 44 فقالا ..
" الطبقة الوسطى الدنيا، مثل أصحاب المانيفاكتورة وأصحاب الدكاكين والمهنيين والفلاحين، جميع هؤلاء يقاومون البورجوازية حمايةً لسبلهم في العيش كونهم شرائح من الطبقة الوسطى . إنهم لذلك ليسوا ثوريين بل محافظين . بل أكثر من ذلك، إنهم رجعيون حيث يجهدون في إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء " .

السيد قوجمان يرفض الإعتراف بوجود طبقة وسطى ذات مصالح وسبل عيش تختلف وتتعارض مع تلك التي للبورجوازية الرأسمالية أو التي للبروليتاريا وسبب ذلك أنه لا يعلم بالضبط محددات الطبقة الإجتماعية . الطبقة الإجتماعية هي مجموعة من أفراد المجتمع تنتج سبل عيشها بوسيلتها الخاصة . فالطبقة الرأسمالية تمارس عملية الإنتاج من خلال المتاجرة بقوى العمل فتحرص على أن تبيعها بأكثر مما تشتريها . وطبقة البروليتاريا تمارس الإنتاج من خلال بيع قوى العمل المتجددة يومياً فيها للرأسماليين . أما الطبقة الوسطى التي هي موضع اختلافنا فإنها تنتج بذاتها ولذاتها، والفلاحون خير مثال على ذلك، إذ ينتجون المواد الغذائية بأنفسهم ثم يبيعونها في السوق لصالحهم . أما شرائح الطبقة الوسطى من غير الفلاحين فإنهم ينتجون الخدمات بصورة فردية وبدون رأسمال وبدون أدوات إنتاج ذات شأن . يبادلون خدماتهم بالنقد خارج السوق غالباً، وفي السوق محملة في جوف السلعة فلا تكتسب قوى الصنم، صنمية السلعة. يبيعون خدماتهم دون اعتبار لوقت العمل وكلفته الإجتماعية . ما كان على شيخنا الجليل حسقيل قوجمان أن يعرّض صدقيته الثورية الماركسية للاشتباه فيكتب فيما كتب .. " ما يسمى بالطبقة الوسطى " بعد أن سماها كارل ماركس نفسه ب " الطبقة الوسطى Middle-Class " وذكرها خمس مرات في " البيان الشيوعي " وتسع مرات في " الحرب الأهلية في فرنسا " على سبيل المثال لا الحصر .

الذين قالوا باقتصاد المعرفة لم يستأذنوا رفيقنا قوجمان ليؤكدوا أن المعرفة أخذت تحل محل العمل كمعامل حدّي في تحديد قيمة الخدمة حتى بتنا نرى أن السيادة في المجتمعات الرأسمالية سابقاً مثل الولايات المتحدة وبريطانيا لم تعد للطبقة الرأسمالية، كما لم تعد الطبقة العاملة ذات دور كبير في تقرير مسار مجتمعها مثلما كان الحال قبل العام 1975، بل أضحت الطبقة الوسطى التي تنتج الخدمات بصورة فردية وبوسائل غير رأسمالية هي صاحبة الأمر والنهي في هذه البلدان . لو كان الأمر خلاف ذلك لترتب على السيد قوجمان أن يفسر ظاهرتين، يتعذر عليه تفسيرهما قبل التخلي عن نظرياته بهذا الخصوص، وهما رحيل مؤسسات الإنتاج الرأسمالي من مراكزها الكلاسيكية إلى الأطراف وهو ما يسمى بالعولمة، ثم إنكماش الطبقة العاملة بصورة مريعة في كافة مراكز الرأسمالية الكلاسيكية . كان بليخانوف يتوعد الرأسماليين في العام 1918 مؤكداً انتصار الشيوعية من خلال تزايد أعداد البروليتاريا في أمد قريب في البلدان المتقدمة حتى تصبح هي الأكثرية وتقرر بالتالي مصير بلادها والعالم من بعد ؛ لكننا اليوم وبعد قرن طويل نواجه انكماشاً في حجم الطبقة العاملة بنسبة 30% في بريطانيا و 40% في الولايات المتحدة . مثل هذا الجزر المريع في مساحة الطبقة العاملة يملؤه مدّ مريع أيضاً بمساحة الطبقة الوسطى . إنكار مثل هذه الحقائق لن يفيد رفيقنا قوجمان بشيء وهو ما يرتب علينا كأمناء للمنهج الماركسي أن نحذّره، كونه بتقديرنا من الأمناء أيضاً لهذا المنهج، نحذره من أن يسمح بأن تسيل الماء من تحته أو أن يأتيه الأعداء في ليل بهيم .

فيما اقتطفنا أعلاه من البيان الشيوعي (Manifesto) أكد ماركس وإنجلز عام 1847 أن الرأسمالية في طريقها إلى تصفية الطبقة الوسطى بدءاً بشرائحها الدنيا . ومن المعروف تماماً أن ميكانزم تطور النظام الرأسمالي تعمل على تحويل عامة الشعب إلى بروليتاريا مثلما توعّد بليخانوف . والسؤال الفيصل الذي على رفيقنا قوجمان الإجابة عليه هو .. هل كان ماركس وإنجلز مخطئين بتشخيص كيمياء الرأسمالية التي انقلبت كليّاً فأخذت تزيد من مساحة الطبقة الوسطى وتشجع وسائل إنتاجها الفردية، إنتاجها المتعارض بحكم طبيعته مع الإنتاج الرأسمالي ؟! نظام الإنتاج الرأسمالي يقوم كليّاً على الإتجار بقوى العمل، وتصيح الطبقة الوسطى اليوم بأن المعرفة ، وهي بضاعتها، هي السائدة اليوم وليس قوة العمل التي هي بضاعة الرأسماليين ؛ فكيف نصدق دعاوى قوجمان بأن الرأسماليين ما زالوا هم السلطة الحاكمة في البلدان الرأسمالية سابقاً ؟ وأن النظام الرأسمالي اليوم هو في تمام عافيته وتمام التمام في حين أن إنتاج الخدمات في الولايات المتحدة يساوي اليوم خمسة أضعاف إنتاج الطبقة العاملة وفي بريطانيا أكثر من ثلاثة أضعافه ؟! وأخيراً نتساءل لماذا تجاهل صديقنا قوجمان سؤالنا السابق حول رأسمالية الولايات المتحدة وهي التي تشكل أكبر مستورد للبضائع المصنعة ولرؤوس الأموال، ولم يجب عليه !! وكيف لدولة رأسمالية إمبريالية لا توفر سبل عيش شعبها إلا عن طريق الإستدانة حتى أمست الولايات المتحدة مدينة ب 44 تريليون دولاراً وهو ما يساوي أربعة أضعاف مجمل إنتاجها القومي ؟!! وكيف لدولة رأسمالية إمبريالية تعجز عن توفير الغطاء اللازم لنقدها (الدولار) فتعهد به للدول الأجنبية كما أعلن في رامبوييه 1975 ؟!! ألا يخجل القطب الأوحد في العالم من رهن عملته الوطنية للأجنبي ؟!! لن يستطيع الرفيق قوجمان استئناف الحوار والطعن في أطروحاتنا قبل أن يجيب إجابات علمية وتامة على كل هذه التساؤلات .

نحن لا نقبل أيضاً بدعوى الطبقة الوسطى حول إقتصاد المعرفة لكن من زاوية مخالفة تماماً لزاوية قوجمان . ففي حين يدعي قوجمان أن قانون القيمة الرأسمالي لا يسمح ولا يقبل بمثل هذه الدعوى، فإننا على العكس تماماً من أسباب قوجمان نؤكد انهيار النظام الرأسمالي وما رافق ذلك من تآكل لقانون القيمة الرأسمالية وبذلك تمكنت الطبقة الوسطى من مبادلة إنتاجها من الخدمات بأضعاف أضعاف قيمته حتى أخذ ميكانيكي السيارات مثلاً يتقاضى خمسين دولاراً لقاء خدمة اقتضته نصف ساعة عمل، وأجر مذيعة تلفزيون يساوي أجر خمسة آلاف عامل !! ثم كيف يدور في خلد رفيقنا قوجمان أن قانون القيمة هو أبقى من النظام، لأنه قانون موضوعي وليس من صناعة الإنسان، ثم يعود فيقول أن قانون القيمة تستخدمه الدولة الإشتراكية في التخطيط الإقتصادي ولا يخضع له توزيع الإنتاج ؟!!

موضوع الطبقة الوسطى ودورها في الإنتاج القومي يكتسب اليوم أهمية قصوى بعد انهيار " نظام " الإنتاج الإشتراكي من جهة ونظام الإنتاج الرأسمالي من جهة أخرى . فالتناقض الرئيس الذي وضع ماركس يده عليه في المجتمع الرأسمالي (قوى الإنتاج>< علاقات الإنتاج) وعزا إليه كل المسؤولية عن انهيار النظام الرأسمالي في المستقبل، لم يعد هو التناقض الرئيس بعد أن سُدّت الطريق عليه . قام خروشتشوف على المسار الإشتراكي بسد الطريق أمام البروليتاريا وألغى دولتها الدكتاتورية، وقام زعماء الدول الخمس الصناعية الكبرى (G5) بإعلان تعهدات خطيرة في رامبوييه نوفمبر 1975 تكفلت بسد الطريق ليس على البروليتاريا في بلدانهم فقط بل وعلى البورجوازيات الوطنية في الدول المستقلة حديثاً أيضاً . التناقض الرئيس يقوم اليوم بين الطبقة الوسطى من جهة والبروليتاريا من جهة أخرى . نعود لملاحظة ماركس وإنجلز التي اقتطفناها من البيان الشيوعي والتي تقول بأن الطبقة الوسطى تقوم في حالات كثيرة بدور رجعي يتمثل بإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، إلى ما قبل النظام الرأسمالي، حين كان مجمل الإنتاج القومي يتحقق بوساطة الإنتاج الفردي . تصول وتجول الطبقة الوسطى اليوم لتأسيس وتكريس الإنتاج الفردي على مستوى العالم فنرى مثلاً منظر حزب العمال البريطاني أنطوني جدنز (Anthony Giddins) يطالب قادة العالم بإيجاد النظام السياسي (الطريق الثالثة) الذي يستجيب بصورة فعّالة لنظام الإنتاج الفردي السائد اليوم في العالم كله . هذا هو الدور الرجعي، بل المغرق في الرجعية، الذي تقوم به الطبقة الوسطى اليوم والذي حذر منه كارل ماركس وفردريك إنجلز في العام 1847. الطبقة الوسطى تعيد عجلة التاريخ إلى الوراء بعد أن انتصرت انتصاراً مؤقتا على صعيد العالم بمساعدة الخائن خروشتشوف والمجرمين الخمسة زعماء رامبوييه (G5) . بعد أن فسدت حجج الرأسماليين في الدفاع عن نظامهم الاستغلالي تلجأ اليوم قوى الرجعية المتوحشة إلى الإختباء وراء حجج جديدة هي حجج الطبقة الوسطى .

الاستغلال المريع الذي تكابده البروليتاريا العالمية اليوم تمارسه الطبقة الوسطى بما عرف عنها من خسة ودهاء ويتحقق ذلك من خلال المبادلة التي تجري على المستوى العالمي بين السلع إنتاج العمال والخدمات إنتاج الطبقة الوسطى . هذه المبادلة تحديداً لا تخضع لقانون القيمة كما يعتقد السيد قوجمان وذلك لأن الخدمة لا تدخل السوق بتاتاً وإن دخلته فلا تدخله إلا متخفية في جوف السلعة وفي الحالتين فإنها تقصر عن حالة الصنمية (fetishism) التي دونها لا يفعل قانون القيمة فعله . بحجة أن المكوّن الرئيسي للخدمة هو المعرفة وليس العمل، وهي حجة زائفة، تبرر للطبقة الوسطى أن تفرض أثماناً لإنتاجها من الخدمات تتعدى كل المعايير المعروفة . الطبقة العاملة تخسر في هذه المبادلة الضيزى حوالي 75% من إنتاجها. كان العمال يخسرون ما نسبته 20% من استحقاقهم في أسوأ المبادلات مع الرأسماليين أما أن يخسروا 75% فذلك يؤشر على وحشية الطبقة الوسطى وانحطاطها، ويؤشر قبل هذا على أن النظام الرأسمالي الذي يعمل وفقاً لقانون القيمة لم يعد موجوداً، وأن " نظام " الطبقة الوسطى الذي يتماثل اليوم على الأرض ليس نظاما يقوم على الذات، ولن يستمر طويلاً طالما أنه لا يستمر دون تدمير الطبقة العاملة .


حول مفهوم فائض القيمة (Surplus-Value) لدى ماركس

ما كان لشيخنا المناضل الذي نجل ونحترم أن تدهمه تلك الجرأة الزائدة فيكتب تحت عنوان أكثر جراءة هو " شرح مبسط لقانون فائض القيمة " . حبذا لو أن السيد قوجمان ينكر كل علاقة له بهذا المقال ويقول أن أحداً ما لا علاقة له بماركس وبالماركسية كتب مثل هذه الهرطقة وأرسلها إلى الجريدة باسم حسقيل قوجمان ليس لغاية أخرى سوى لاغتيال الشخصية . ليس من أحد له أدنى علاقة بماركس يمكن أن يزعم بالقول .. " أن الإنسان منذ نهاية المجتمع الشيوعي البدائي أصبح ينتج أكثر مما يحتاجه لمواصلة حياته فوق ما يحتاجه العامل لمعيشته اليومية " . القانون الفيزيائي لفعل الأنسنة يقول أن التاريخ سيقفل راجعاً إلى الخلف حين يصل حجم الإنتاج إلى ما هو أكثر من حاجة الناس . مجتمعاتنا في المشرق العربي مثلاً التي تجاوزت الشيوعية البدائية قبل أربعة آلاف سنة اعتمدت بمعاشها على الزراعات الصغيرة ومع ذلك عانى حتى ملاك الأراضي الكبار من شظف العيش وبدون أن تطلب منهم السلطات أية عوائد أو ضرائب أو ريوع . يتأنسن الإنسان بفعل الحاجة إلى تحسين شروط حياته ولذلك يوظف كل ملكاته في تطوير وسائل الإنتاج وأدوات الإنتاج بالدرجة الأولى . لو توصل الإنسان إلى وسائل إنتاج تعطيه أكثر مما يحتاج لتوقف التطور الإجتماعي قبل أربعة آلاف عام .

ويزعم صاحب الهرطقة المنشورة باسم أخينا حسقيل قوجمان بالقول .. " نفترض أن الرأسمالي يشتري قوة عمل العامل بقيمتها التبادلية الكاملة " ، ويقول بمكان آخر بقيمتها الحقيقية . أبسط سؤال يمكن توجيهه إلى صاحب تلك الهرطقة المعادية لماركس والمناصرة للرأسماليين هو .. لماذا إذاً الصراع الطبقي في المجتمع الرأسمالي ؟ إذا باع العمال قوة عملهم إلى الرأسمالي بقيمتها الحقيقية، أي بكلفة تجديدها فيهم، فماذا يتبقّى لهم لدى الرأسمالي ؟ يدّعي صاحب هذه الهرطقة أن العمال ينتجون أكثر مما يستحقون، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا الإشتراكية إذاً ؟ وكيف لماركس أن يزعم بأن الإشتراكية استحقاق تاريخي ؟ ـ هل هو كب شر، كما يقول العامة ؟

في مناقشة سابقة كان السيد قوجمان قد عرض تفسيراً لفائض القيمة (Surplus-Value) كما عرضه في مقالته الأخيرة " شرح مبسط لقانون فائض القيمة " وكنت آنذاك قد خالفته وعرضت عليه شرح كارل ماركس لفائض القيمة فحسبت أن الرجل عاد إلى المراجع واقتنع بما شرحت . فوجئت بالأمس بإصراره على مفهومه غير المسند لفائض القيمة والمناصر لدعاوى الرأسماليين بالرغم من أنه كان بإمكانه أن يرجع إلى كتاب رأس المال الجزء الأول في باب " رأس المال الثابت ورأس المال المتغيّر " صفحة 201 حيث يقول كارل ماركس حرفياً ..
" يمكن للعمل أن يستمر إلى ما هو أكثر من الوقت اللازم لإعادة إنتاج وتجسيد المنتوج المحدد المعادل تماماً لقيمة قوة العمل . وبدلاً من الست ساعات الكافية لهذا الغرض، يمكن للعمل أن يستمر لاثنتي عشرة ساعة . وبذلك فإن فعل قوة العمل لا تعيد إنتاج قيمتها بل أكثر منها بكثير . هذا هو فائض القيمة (Surplus-Value) " .
ويشرح كارل ماركس في فصل " إنتاج فائض القيمة " القسم الثاني فيقول ..
" الرأسمالي يدفع للعامل 3 شلنات والعامل يعيد إليه ما يعادل ذات المبلغ، 3 شلنات . إذا ما توقف شغل العامل عند هذا الحد فذلك يعني أن النتيجة هي إنتاج قيمة، أما إذا ما استمر شغل العامل بعد هذا الحد فإن الشغل الزائد يعطي قيمة زائدة أو Surplus-Value.

ليس أمام النص الماركسي من اجتهاد . قال ماركس أن العامل يسد كل كلفة الإنتاج بمختلف عناصرها بعمل ست ساعات وإذا ما استمر عمل العامل أكثر من ست ساعات فقيمة الإنتاج خلال العمل الزائد بعدئذٍ تمثل فائض القيمة . وحبذا لو أن رفيقنا الشيوعي الصامد يعود ليعتذر عن خطئه في " الشرح المبسط لقانون فائض القيمة ". إن أية مناقشة بسيطة من شأنها أن تبيّن جسامة الخطأ الذي اقترفه قوجمان في شرحه لفائض القيمة . فلو أن العامل قبض القيمة الكاملة والحقيقية لقوة عمله ليوم واحد كما شرح قوجمان، ولنفترض أنها عشرة دولارات، وأنتج خلال اليوم قطعة من النسيج فيها من المواد الخام والمستهلكات الأخرى ما قيمته 25 دولاراً وبذلك تكون قيمة قطعة النسيج 35 دولاراً فكيف للرأسمالي أن يبيعها ب 36 دولارا ليكسب دولاراً واحداً فقط . لو تم له ذلك لكان ذلك يعني أن قيمة قطعة النسيج تساوي أكثر من قيمة ما تختزنه من ساعات العمل، وهذا كسر لقانون القيمة الرأسمالية . الرأسمالي يدفع للعامل عشر دولارات بدل يوم عمل من ثمان ساعات لكن قيمة العمل المختزن في الإنتاج بعد ست ساعات فقط من الشغل هي عشر دولارات فذلك يعني أن العامل اشتغل ساعتين بدون أجر . هذا الشغل الزائد ينتج قيمة زائدة هي Surplus-Value .

ما نود أن نؤكد عليه أخيراً هو أن مشروع لينين الإشتراكي قد انهار بفعل الصراع الطبقي، وأن الطبقة الوسطى بقيادة رجلها الأول نيكيتا خروشتشوف ما كانت لتنتصر لو امتلك الحزب الشيوعي السوفياتي، وخاصة قيادته، الوعي الماركسي اللازم . التاريخ المشرق للإتحاد السوفياتي منذ الثورة 1917 وحتى رحيل ستالين 1953 إنما صنعه الوعي الماركسي الخلاّق لدى لينين أولاً ثم لدى ستالين . بدأ التاريخ السوفياتي بالإنطفاء حالما بدأ الوعي الماركسي بالاضمحلال . نرجو أن يعي سائر الشيوعيين في العالم هذه الحقيقة جيداً وأن يعملوا على هديها ليل نهار .

فؤاد النمري
www.geocities.com/fuadnimri01



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين عقبة كبرى في وجه التقدم الإجتماعي
- شيوعيو الأطراف ليسوا ماركسيين وليسوا شيوعيين
- المسكونون بدحض الماركسية
- العدالة الإجتماعية والمساواة ليستا من مفردات الشيوعية
- كتابة تفتقد التوازن العقلي
- - النظام - العالمي الهجين القائم اليوم
- دعوى البورجوازية الوضيعة بتقادم الماركسية
- أيتام خروشتشوف ليسوا مؤهلين للمراجعة وللنقد الماركسي
- َعَلامَ يختلف الشيوعيون البلاشفة اليوم ؟
- العمل الشيوعي والمسألة الوطنية (2)
- العمل الشيوعي والمسألة الوطنية
- حقائق العصر الكبرى وتقادم الماركسية المزعوم
- الحزب الشيوعي اللبناني يستعير مكتبه السياسي من مكتب حزب الله
- ما بين العمل البرجوازي والعمل الشيوعي (Individual production ...
- الحرية في الجوهر
- في حوارٍ ماركسي
- في المعتقدات الصدئة
- إلى الذين استبدلوا الماركسية اللينينية بالسياسات الوطنية الب ...
- في الحوار غير الماركسي
- إساءة إستخدام قوانين الديالكتيك (ما لا أزال مختلفاً فيه مع ا ...


المزيد.....




- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - عودٌ على بدءٍ مع حسقيل قوجمان