أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - تسونامي - قصص قصيرة جدا - الكتاب كاملا-















المزيد.....



تسونامي - قصص قصيرة جدا - الكتاب كاملا-


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 2346 - 2008 / 7 / 18 - 11:05
المحور: الادب والفن
    


الكتاب : تسونامي.
قصص قصيرة جدا
المؤلف: مصطفى لغتيري.
الطبعة الأولى: 2008.
رقم الإيداع: 851/2008.
الناشر: منشورات أجراس.
سلسلة إصدارات الصالون الادبي.
تصميم الغلاف : شرف بن حسون.
الإهداء

إلى كل من آمن بالإنسان كقيمة تسمو على ما سواها من القيم.

نظافة
منقادة بحسها الغريزي ،زحفت دودة جائعة نحو جثة داهمها العفن ..ببطء دلفت نحوها ..بعد لأي أشرفت عليها.. لمحت جمعا غفيرا من الديدان يحيط بالجثة ..بنهم يقتات عليها..للحظة توقفت الدودة ..تأملت المشهد مليا،فاكتسحها تقزز مقيت ..عافت نفسها أن تتغذى على تلك القذارة النتنة..
بعد هنيهة ،نكصت على عقبيها متقهقرة ..بتثاقل دبت نحو مستقرها،في انتظار جثة أكثر نظافة.
المطهر
هنالك في البحر الأبيض المتوسط ، وبتواطؤ مكشوف مع هبات النسيم ،القادمة من القارة العجوز ،كنت أغوص بجسدي المتعب في المياه الهادئة..وبوحي من عرافة إفريقية ،حرصت على أن يكون عدد الغوصات سبعا ..وكأنني بذلك أتطهر من خطايا المحيط الأطلسي



حذر







حاملا سلته، كان الصبي يتعثر على بساط الرمال المتراكمة..بين لحظة وأخرى يدنو من أحد المصطافين، فيعرض عليه بضاعته .
من بعيد، لمح الصبي امرأة تتراقص أشعة الشمس على جلدها المدهون..حين دنا منها رفع صوته ،علها تشتري منه شيئا.. ببطء رفعت المرأة رأسها، لمحت الصبي متباطئا يدب نحوها..انسلت يدها نحو حقيبتها الجلدية ..بحذر سحبتها نحوها..ثم عادت إلى غفوتها.









الموت


على هيئة رجل ،تقدم الموت نحو شاب ،يقتعد كرسيا على قارعة الطريق..جلس بجانبه،ثم ما لبث أن سأله:
-هل تخاف الموت؟
واثقا من نفسه ،أجاب الشاب:
-لا ،أبدا ،إن لم يمت المرء اليوم،قطعا سيموت غدا.
بهدوء أردف الموت:
-أنا الموت ..جئت لآخذك.
ارتعب الشاب ..انتفض هاربا..لم ينتبه إلى سيارة قادمة بسرعة مجنونة،فدهسته...
























تفوكت
في بلاد الأمازيغ ،كان تلميذ يجلس في الصف الأمامي ،يتتبع باهتمام محاولات المدرس تعليم التلاميذ اللسان العربي.
فجأة التفت المدرس ،لمح الشمس بازغة تطل من النافذه، فنبه التلاميذ إلى وجودها ،ثم سألهم “ماهذه؟” .. رفع تلميذ أصبعه ،فأجاب “تفوكت” ..غضب المدرس ،فعقب قائلا ” إنها الشمس” ..ثم طلب من التلاميذ أن يرددوا وراءه لفظة “الشمس” مرات عدة..
تعلم التلاميذ اللفظة ،فعاد المدرس إلى درسه..حين انتهى منه ،قصد التلميذ الجالس في الصف الأمامي ..سحبه من يده ..أوقفه أمام الباب..أشار بأصبعه نحو الشمس ،ثم سأله..”ماهذه؟”
دون تردد أجاب
الطفل :
“في المدرسة اسمها الشمس، وفي البيت اسمها “تفوكت”.
















خداع









في رحاب الجنة ،كان آدم وحواء ،متثاقلين ينقلان خطواتهما ..بانتشاء يتمليان روعة المكان من حولهما ..فجأة تبدى لهما رجل غريب الهيئة ،لا يرى عليه أثر السفر.. ما لبث أن طفق يغريهما بتناول ثمار الشجرة المحرمة..مليا نظر إليه آدم ،ثم فكر ” أبدا ،لا يمكن أن يكون هذا الر جل شيطانا ..فالشيطان مطرود من رحمة الله ،ولا يستطيع مطلقا دخول الجنة” .
اطمأن آدم إلى حجته ،فالتهم هو زوجه التفاحتين دون إحساس بالذنب.




















عدالة







ارتفعت قوقأة الدجاجة في الأجواء..سمعتها المرأة العجوز،فقالت في نفسها” لقد باضت الدجاجة” وقامت متهالكة، تجر خطواتها بحثا عن البيضة .
في نفس الوقت، سمع صبي – اعتاد سرقة البيض –صوت الدجاجة ،فقال في نفسه ” فلأدرك البيضة ،قبل أن تقع في يد العجوز”
بسرعة تسلل نحو الزريبة ..سطا على البيضة ،وانسحب.
حين وصلت المرأة العجوز ،بحثت في كل مكان ،فلم تجد البيضة..حينذاك قالت في نفسها ” لم تعد هذه الدجاجة
نافعة في شيء،يجب ذبحها”.








ذكرى









هي امرأة وحيدة، منذ أن غادرها زوجها فجاة ،ودون مبررات مقنعة.. اعتادت ،كل ليلة ،قبل نومها، فتح صندوق.. بأناة وحرص شديدين تخرج منه معطفا ،خلفه الزوج وراءه ..تتأمله جيدا..تستنشق رائحة أنهكها تداول الأيام..تشهق باكية..بعد أن تنفرج غمة في صدرها ،تعيد المعطف إلى مكانه ..تغلق الصندوق،ثم تأوي إلى فراشها..
























تناص.







في معرة النعمان ،كان أبو العلاء مكتفيا بذاته ..معتزلا الناس، يفكر بتمعن شديد في الجنة والجحيم ..
بعد ثلاثمائة عام ،وعلى بعد آلاف الأميال من المعرة ،شاء مكر التاريخ أن يجلس دانتي وحيدا ،ليفكر – باختلاف في التفاصيل طبعا – في نفس الموضوع تقريبا..
حدث كل ذلك ..فقط ليطرح بعد مئات السنين سؤال حقيقي:
-ترى هل اطلع صاحب "الكوميديا الإلهية " على" رسالة الغفران".




















طفولة.
من نافذة البيت لمحتها تحجل وسط المربعات المرسومة بخطوط رديئة..بسرعة غادرت البيت ..توجهت نحوها..على بعد خطوات انتصبت واقفا ، أتابع حركاتها البديعة..التفت إلي،فخاطبتها:
- أ ألعب معك؟
نظرت إلي نظرة متشككة،ثم أجابت:
- لا ..هذه لعبة بنات.
دون تباطؤ أردفت قائلا :
- فلتلعبي معي إذن.
واصلت قفزها في مربع إلى آخر..توقفت فجأة ..ركزت بصرها علي ،ثم قالت:
- ماذا سألعب معك؟
أجبتها:
- لنلعب البلي.
دون ترددت قالت :
- إنها لعبة فتيان.
حائرا سألتها:
- ماذا نلعب إذن؟
قبل أن تجيبني رجنا صوت امها المتوعد .
- ألم أحذرك من اللعب مع الفتيان؟

إنفلوانزا









في مزرعة نائية ،أصيبت دجاجة بأنفلوانزا الطيور ،فاكتسحها رشح مزمن ..كل الدجاج علم بالخبر فتجنبها..وحده ديك تعاطف معها ،فلازمها..أبدا لم يفارقها لحظة..بعد مدة انتقلت عدوى المرض إليه فابتعد عنه باقي الدجاج..بعد أيام قرر الديك والدجاجة مغادرة المزرعة ،كي يهيما على وجهيهما ، في انتظار المصير المحتوم..
ليلا تسللا خارج المزرعة دون أن يفطن لهما أحد..
صباح الغد ،أصدرت السلطات قرارا بإعدام جميع طيور المنطقة.


















نكاية









منحي الظهر ،منشغل البال ،كان "سارتر "يمضي حثيثا ،شابكا يديه وراءه ، وهو يردد - بل ملل- لازمته الأثير :
"الوجود أولا..الوجود أولا.."
نكاية فيه كانت" سيمون دي بوفوار"، عن كثب،تقتفي خطواته ، بعبوس وتحد ظاهرين ،وهي تردد بإصرار :
" المرأة أولا.. المرأة أولا.."
























الشاعر









بعد كل قصيدة تجود بها قريحته ،يداهمه إحساس بأنه يدنو حثيثا من قصيدته المثلى ..تلك التي حلم دوما بكتابتها..في دواخله تجذر اقتناع راسخ ،بأن حياته لا تساوي شيئا دون هذه القصيدة..
في ليلة ما ،اكتسحه توتر، لا عهد له بمثله ..استيقظ ..أشعل النور ..تناول ورقة وقلما ..فاندلقت ببهاء تلك القصيدة..بعدها عاد إلى فراشه هادئا مطمئنا..
صباحا قرأ القصيدة ،فانبهر ..أبدا لم يصدق ما اقترفت يداه..بعد لحظات اخترقه غم ثقيل ،لا قبل له بتحمله..في نفسه قال "أبدا لا يستحق العالم هذه القصيدة"..
دون تردد أحكم قبضته على الورقة ..حملق فيها جيدا..تملكته حالة غريبة ..فمزق القصيدة.










تسونامي











هنالك في ذيل القارة السوداء،جاء الغرباء فجأة،وطفقوا - بلا هوادة - يدهنون الذيل بطلاء أبيض،فاقع لونه..
من مكانها على مقربة من رأس الرجاء الصالح،رأت موجة سوداء ما حدث ،فثارت غاضبة ..انطلقت من عقالها..اكتسحت الذيل،فجرفت ذلك الطلاء الأبيض.




















وثيقة











لأنه يحب الوطن حبا جنونيا،اعتقلته السلطات ،واحتفظت به في زنزانة منفردة،خوفا عليه من الضياع.
إنها -اللحظة- تفكر جديا في عرضه في المتحف الوطني.
















شهد الملكة



من بعيد تراءت له الملكة تتقاطر عسلا ، و تجللها – ببهاء- هالة من نور .. بخطوات حالمة دلف نحوها..دنا منها .. مرتبكا مد سبابته ..أغمض عينيه و غمس الأصبع في العسل..تذوق قطرة واحدة ، فغدا العالم من حوله بطعم ، أبدا لم يعد قادرا على تحمله.









































تقمص









أبدا لم تنطل حيلة الرداء الأحمر على الثور..
أمام اندهاش الجميع ، قصد المصارع ،و أصابه إصابة قاتلة..
كان الثور يتقمص روح خفاش ،قادر على تحديد أهدافه ،بالتقاط الذبذبات.






























السكوت من ذهب











لكي يصبح الرجل ثريا،
قرر أن يصمت إلى الأبد.
























الآخر











في قصته “الآخر” التقى بورخيس العجوز ،على كرسي في إحدى الحدائق،ببورخيس الشاب..دار بينهما حوار حقيقي،تعرف من خلاله كل مننهما على الآخر المطابق له..مندهشا ظن بورخيس أنه يحلم.. شيء واحد أبدا لم يخطر على باله ،أن يكون قد تعرض –في غفلة منه- لعملية استنساخ ماكرة.






















وحدة











وحيدا ظل العصفور في القفص..كئيبا لا يسمع له صوت ..فكر الرجل ،فاشترى له عصفورة تؤنسه..
حين حلت الضيفة الجديدة ،أصبح العصفور نشيطا ، لا يتوقف عن الحركة ،وامتلأ البيت بوصوصاته المسترسلة ..
صباحا تأمل الرجل العصفورين ،فرأى منظرا بديعا ،أدهشه..
لحظتها فقط ،أحس بأنه وحيد بشكل فظيع .






















حرية.











مدججين بعتادهم الحربي،تقدم الإسبان نحو جبال الريف المنيعة..
بعد محاولات عدة للاختراق،نكصوا على أعقابهم مندحرين.
حينها فقط ،أدركوا أن الحرية ليست بالضرورة،امرأة شقراء،ذات عينين زرقاوين.




















عرائس











بحركاتها البديعة المتناسقة ،كانت العرائس ترسم على قلوب الصغار لوحات الدهشة والفرح.
فجأة تسلل طفل صغير ..في غفلة من الجميع مضى نحو المنصة ،ليطل على الرجل الخفي ،محرك العرائس.
حين أشرف عليه ،مكث لفترة من الزمن يحملق فيه..حانت من الرجل التفاتة نحو الصبي المتسلل..اندهش..فقد تركيزه ،فاختلت حركات العرائس..
لحظتها لعلع في الأجواء صوت احتجاج الصغار.














قصة









بإصرار أمسك القلم ..قرر كتابة قصة تختلف عن باقي القصص..في نفسه تردد "التكنيك أولا.." ثم ما لبث أن اكتسحه سيل من الأفكار المتناقضة..بصعوبة أبعدها عن ذهنه..مرة أخرى تردد في دواخله " الخلق أم التعبير" ..لاشيء منهما يضمن جودة القصة ..الأحاسيس والعواطف بائسة لا يمكنه الاعتماد عليها ..
بعد محاولات عدة أحس بالفشل ،فجال في خاطره " جميع القصص تافهة ،لا تستحق كل هذا العناء " ..
حينذاك وضع القلم وانسحب..


















غزو









من أجل أن يغزو قلب امرأة ،كان يكفيه حذاء لامع ،وأظافر نظيفة جدا.
بعد مدة ،حاول المغادرة ،فاكتشف أن حذاءه فقد لمعانه ،وأظافره أضحت منفرة .
حينذاك قرر صاغرا أن يمكث هناك إلى الأبد.


























فرح











قبيل حلول العيد ،أعد نفسه للفرح ..مساء انتظر كباقي الناس ظهور الهلال،لكنه لم يظهر ،فتأجل العيد يوما واحدا..
حين حل العيد ،كان الفرح قد تعفن.


























اكتئاب







أطلت نجمة من عل ..رأت صورتها مشعة على صفحة البحيرة الهادئة ،فابتهجت.
دارت الأرض دورتها .. تفقدت النجمة البحيرة ،فلم تجدها.
مرتبكة بحثت يمينا ..بحثت شمالا..ليس هناك سوى فراغ مقيت..
انطوت النجمة على ذاتها فأصابها اكتئاب مزمن.


























أحلام







أحلامه غدت متشابهة ..أصبح نومه رتيبا بشكل لا يطاق .. كلما وضع رأسه على الوسادة ،أبدا لا يطمع في الظفر بحلم جديد .. بعد تفكير طويل قرر التدخل لإصلاح الأمر .. مساء حين أوى إلى فراشه ,وضع عدة الإصلاح بجانبه ..حين تفتح بوابة الحلم،سيتسلل خلسة لإصلاح الآلة معطوبة.
























عري









على شاطئ البحر ،تخلصت الفتاة من ملابسها تباعا..فقط احتفظت بالقطعتين.
فجأة أحست الفتاة أن أحدا يرابقها ..بحذر التفتت خلفها..رأت رجلا ،بتمعن مفرط يتفحصها..داهمها خجل مباغت .. شعرت لحظتها وكأن الرجل يجردها من القطعتين الباقيتين.
























قرار







كان كلبا أنيقا معتزا بذاته ..لمح ذات صباح كلبة جميلة ،فوقع في حبها ..طاردها مدة طويلة ،دون أن يقضي منها وطره.
ذات مساء رأى الكلبة تجامع كلبا بشكل فاضح ..اغتم ،فقرر ،منذ ذلك الحين ، أن يصبح ناسكا.




































الغريب













في بلادنا شجرة وارفة الظلال ..
جاء الغريب اشتراها، وطردنا بعيدا ،
لنصطلي تحت نيران الشمس الحارقة..
بعد زمن ، رحل الغريب..
مبتهجين عدنا إلى الشجرة ، فلفحتنا ظلالها الحارقة.
















دمعة.









من مكانها خلف الواجهة الزجاجية ، رأت الدمية طفلة تزحف نحوها ببطء.. خفق قلب الدمية فرحا .. بعينيها الباسمتين احتضنت الطفلة الدمية .. تمنت فقط لو تأخذها معها إلى البيت ، وتقضي معها أوقاتا ممتعة.. فجأة قدمت أم الطفلة .. بغضب أمسكتها من يدها ، وسحبتها بعيدا عن الواجهة الزجاجية.
تألمت الدمية ، فترقرقت في عينيها دمعة.






















ملاءمة









مليا نظر الرجل إلى صديقه ، الذي تجاوز الأربعين بقليل ، و على حين غرة سأله:
-لم لم تتزوج إلى الآن؟
فكر الصديق لحظة ثم قال:
-لم أجد المرأة التي تناسبني.
دون تردد أردف الرجل سائلا:
- و كيف هي تلك المرأة التي تناسبك؟
شرد الصديق برهة ، ثم أجاب:
- هي -بالضبط- تلك التي لا أناسبها.
















عقم









صباحا هبت ريح قوية ..حملت حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى .. كل الزهور ابتهجت .. زهرة واحدة فقط ابتأست.. كانت تعلم أنها زهرة عقيم.























مراهنة









وضعت الأم يدها على بطنها المنتفخ ، فابتسم الجنين.

وضع الأب يده على ذات البطن ، فاختفت ابتسامة الجنين .

أراهن أن الجنين ذكر.



























جريمة





من عليائها ، لمحت الشمس أزهارا متفتحة ..ألوانها الزاهية حركت الفرح في دواخلها ، فابتسمت.. فجأة رأت رجلا يتأبط منجلا .. حثيثا يمضي حيث الأزهار اليانعة ، فأسقط في يدها .. أحست الشمس أنها عاجزة ، لا تقوى على فعل شيء .. فكرت قليلا ، ثم زحفت نحو سحابة ، فاحتجبت خلفها ، حتى لا تكون شاهدة على وقوع الجريمة.





























عقبان









هنالك في بلاد فارس ، نام زرادشت نومته الأبدية..في لحظات متباعدة كانت تحوم فوقه منتشية حمائم وديعة.

جاء "نيتشه" ..أيقظه ، أخرجه من قبره ..سلمه حصانا.. امتطاه فانطلق به نحو البراري البعيدة.

هنالك لمح زرادشت نهرا هادرا ..عب من جرعات ، فحلقت فوق رأسه عقبان ، سرعان ما التهمت حمائمه الوديعة.





















العرافة







في ساحة" جامع الفنا" بمراكش..تحن مظلة شاحبة، كانت العرافة جالسة ، تلفها غلالة من العتاقة ، و كأنها خرجت لتوها من بوابة الزمن العتيق.

دون ترددت قرفصت بجانبها..تناولت المرأة أوراقها..بدربة حركتها..مددتها أمامها..نظرت إليها مليا ، ثم قالت :

- أنت رجل محظوظ..ستفتح لك الدنيا احضانها..لكن حذر من النساء.

متثاقلا غادرت المكان، وقد تردد في دواخلي :

- أي حظ هذا بدون نساء؟













أمل











في حرب لبنان ، تعرضت بلدة صغيرة لقصف إسرائلي وحشي ، لم يوفر أحدا .. بعد لحظات أضحت البلدة أثرا بعد عين ..لم يبق هناك لا طير و لابشر.

وحدها امرأة عجوز ظلت هناك ، تنتظر قدوم الربيع ، موقنة أنه أبدا لن يخلف موعده.





















تمثال











في بلاد اليانكي، أخذ تمثال جورج واشنطن منظارا..ومن مكانه طفق يجول ببصره في بلاد الجنوب القصية .. فجأة تبدى له تمثال بوليفار بسحنته الإيبيرية ، ومعطفه الطويل..

غضب التمثال ..رمى المنظار بعيدا ، و أصيب بعسر في الهضم.



غزل

بعد قراءته لقصيدة غزلية لبشار بن برد مطلعها :

يا ليتي تزداد نكرا من حب من احببت بكرا

بحماس لا مثيل له انبرى الأستاذ لشرح القصيدة.. أخذت تلميذة قلما .. رسمت قلبا يخترقه سهم .. شردت الفتاة برهة ، ثم استفاقت على عبارة نطقها الأستاذ بصوته الجهوري العميق " الحب عاطفة نبيلة" .. فجأة حانت منه التفاتة يقظة نحو الفتاة .. لمح القلم بين أناملها يداعب الورقة.. غاضبا وضع الأستاذ الكتاب ، وبحزم توجه نحوها.. مرتبكة أخفت الفتاة الورقة .. متوترا وقف بجانبها ، ثم بنبرة ساخطة خاطبها :

- ماذا تفعلين؟

وجلة أجابته :

- لا شيء أستاذ .

مصرا أردف قائلا :

-أريني الورقة.

حمرة الخجل خضبت وجنتيها .. ترددت برهة ، ثم ناولته الورقة.. تأملها لحظة .. استفزه القلب و السهم يخترقه .. جلد الفتاة بنظرة حانقة .. مزق الورقة ، ثم خاطبها قائلا :

- أنت فتاة قليلة الأدب



مسرحية









من مقعدها في الصف الأمامي ، كانت المرأة تتابع بشغف أحداث المسرحية.

أعجبها رد فعل الممثلة حينما اكتشفت خيانة عشيقها.

حين انتهت المسرحية ، لم تتوقف المرأة عن التصفيق إعجابا بالممثلة.

المرأة المصفقة هي كاتبة المسرحية ، و أحداثها مستوحاة من حياتها.















حريق









على ورقتها رسمت ضحى نجمة.. فجأة اشتعلت النجمة، فاحترقت الورقة .. شبت النار في قاعة الدرس.. هرب التلاميذ .. أخبروا المدير ، فنادى رجال الإطفاء.

على عجل أطفئت النار..وجد المعلم يحتضن النجمة ، لكنه لم يحترق.

















قوس قزح







ارتدت الصبية فستانا أصفر، فاقع لونه ، يتخلله أحمر زاه.. رنت بعينيها النجلاوين نحو المدى البعيد.. ارتعش الكون.. خفق قلبه فرحا ، ثم مالبث أن ارتسم في الأفق قوس قزح بألونه الزاهية.















احتجاج

انتظم العمال في طابور طويل .. ببطء يتقدمون في الشارع ، مرددين شعارات منددة بالاستغلال و ضعف الأجور.

حين بلغوا المنصة ، كانت حناجرهم قد كلت ، و أتعبهم طول المسير.

بدأ الزعيم خطبة حماسية ، امتدت لأكثر من ساعتين ، حتى بدا أنها لن تنتهي أبدا.

حينذاك غضب العمال ، فرددوا شعارات ضد الزعيم.





أسرة



قال الابن :

- أنا سعيد ، لأن أبي يشتري لي كل ما أحتاجه.

- قلت البنت :

- أنا سعيدة لأن أبي يسمح لي بالذهاب أينما شئت.

- قالت الزوجة :

- أنا سعيدة لأن زوجي أبدا لا يرفض لي طلبا.

- قال الزوج ، وقد طفرت من عينيه دمعة :

- حتما ، يجب أن أكون سعيدا لأن كل من حولي سعداء.

















وطن

و أنا أجول في بلدي ، من شماله إلى جنوبه ، ومن شرقه إلى غربه .. في نفسى قلت " ياه ، كم هو شاسع و جميل هذا الوطن".

وحين تأملت ناسه ، بدوا لي بسطاء ، وعلى سحناتهم حزن مقيم.

مرة أخرى تردد في أعماقي " ترى أ يكفي قلب واحد لتحمل كل ذلك؟".



























غيمة



من أعماق المحيط ، انطلقت غيمة داكنة ، تبحث عن مكان يستحق ماءها.. تواطأت الريح معها ، فسحبتها نحو اليابسة.

فجأة لمحت الغيمة قطعة أرض يابسة ، قد علا الاصفرار ذؤابات نباتاتها .. مبتهجة هرولت الغيمة نحوها ، عازمة على ريها..

حين أشرفت عليها .. جاهدت حاولت سقيها .. لكنها متأسفة اكتشفت أن طول الرحلة أنهكها ، فأضحت سحابة عجفاء شاحبة.

























وداعة





في أعماق الجبل الشامخ المتوحش ، كان جدول ماء يترقرق خافتا ، لا يكاد أحد يسمع خريره.

حين دنوت منه ، انعكست أشعة الشمس على خيط مائه الفضي ، فأعشى بصري .. مددت يدي نحوه .. كان الجدول واهنا ، منعشا و حيا.

رفعت بصري في رحابة الجبل و شموخه ، وبصوت خافت سألته :

«كيف تتحمل كل هذه الوداعة أيها الجبل؟ »











فنان







فجأة ، ودون سابق إنذار ، تملكت فان غوغ حالة عشق فريدة .. أبدا لم تقو أية لوحة من لوحاته على تحمل سيلها الجارف.

تحت تأثير حالته الهيستيرية هاته ، قرر انتزاع حبة القلب ، وتقديمها هدية لمعشوقته .. بحسرة تبين أنها في مكانها المتواري داخل الصدر بعيدة المنال ..حينذاك ، وبوحي من مصارعي الثيران ، عمد فان غوغ إلى إحدى أذنيه ، اجثتها بعنف ، وقدمها هدية لحبيبته.

















ذهول







أمامه سيارة متطابقة – بشكل تام – مع سيارته .. استبد بها الفضول نحوها ، فقرر تجاوزها .. أشعل الإشارة الضوئية الجانبية .. ضغط على البنزين.. حين توازى معها ، حانت منه التفاتة نحو سائقها .. ذهل .. كان هو نفسه سائق تلك السيارة.



































كسوف





لردح من الزمن ، اتسعت رقعة المملكة ، حتى أضحت امبراطورية لا تغرب عنها الشمس.

فجأة بزغ في بلاد الهند الفقيرة قمر عار .. ببطء و ثبات زحف في كبد السماء ، ثم ما لبث أن كسف شمسها.





























نبوءة



هكذا على حين غرة ، وقعت أبصار الهنود الحمر على ورجال شاحبي الوجوه ، يمتطون صهوات دواب ، لم يروا مثلها من قبل .

حينذاك تحققت لديهم نبوءة قديمة ، فأيقنوا أن الآلهة قد قدمت لخلاصهم.



























انتقام





بجانب الجدار المتهالك ، على بعد خطوات منه نمت شجرة .. بزهو ارتفعت متسامقة ، تنشر في المكان ظلالا وارفة.

ذات يوم قائظ ، مر كلب بجانبها.. كان قد أنهكه الحر .. لمح الظلال المتمددة ، فهرول نحوها .. بتكاسل انبطح في رحابها ، ثم ما لبث أن غفا .. حين انتعش جسمه ، استيقظ .. تمطط للحظات ، ثم دلف نحو جذع الشجرة .. رفع قائمته الخلفية ، و أفرغ متانته عليه.

غضبت الشجرة ، فقررت منذئذ أن تتخلص من ظلالها.



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرسي -مسرحية من فصل واحد-
- إبداعات مغربية 2
- ضفائر للطيفة لبصير
- إبداعات مغربية
- السرد الروائي في رواية - رجال وكلاب- لمصطفى لغتيري
- روايات مغربية.. 2
- مميزات القصة القصيرة جدا ومرجعياتها الثقافية والواقعية (أضمو ...
- روايات مغربية
- التخييل القصصي القصير جدا في تسونامي
- ملامح شعرية في المجموعة القصصية -تفاح الظل- لياسين عدنان*
- قصص قصيرة جدا من - مظلة في قبر-
- حوار مع مصطفى لغتيري بمناسبة صدور -تسونامي-
- -الشيء ونقيضه -ثنائية فلسفية عميقة تؤثث ديوان -بين -ذراعي قم ...
- المفارقة والسخرية في مجموعة (تسونامي)*
- قصص قصيرة جدا من تسونامي
- قراءة في حب على طريقة الكبار لعزالدين الماعزي
- المغرب بلد قصصي بامتياز
- السخرية والغرابة في رجال وكلاب لمصطفى لغتيري
- حوار مع رئيس الصالون الأدبي المغربي
- عندما يطير الفلاسفة


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - تسونامي - قصص قصيرة جدا - الكتاب كاملا-