أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - قراءة في حب على طريقة الكبار لعزالدين الماعزي














المزيد.....

قراءة في حب على طريقة الكبار لعزالدين الماعزي


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 2273 - 2008 / 5 / 6 - 06:43
المحور: الادب والفن
    



مع توالي الإصدارات في مجال القصة القصيرة جدا ،لا شك أن المتتبع يلاحظ بوضوح انبثاق بلاغة جديدة في الكتابة القصصية ،ميسمها الأساس الإيجاز والتكثيف ،والاشتغال المركز والعميق على الجملة القصصية لتودي وظيفتها بكثير من التركيز والدقة ،المناسبين لهذا الفن القصصي الوليد في مشهدنا القصصي.
ولا ريب أن كل إصدار جديد يساهم - بشكل من الأشكال - في ترسيخ هذا التوجه ،بإبراز ملامحه الفنية وطرائقه الأسلوبية ،مما يحتم على النقاد مواكبة كل جديد في هذا الميدان ،حتى يتسنى لهم رسم الحدود المميزة والمائزة لهذا النوع من الكتابة.
وسأحاول في إطلالتي هذه على المجموعة القصصية “حب على طريقة الكبار” للكاتب عزالدين الماعزي الوقوف عند أهم السمات المميزة لكتابته للقصة القصيرة القصيرة جدا ،لإبراز الملامح العامة لهذه التجربة.
ولعل أهم ما يثير الانتباه عند قراءة نصوص المجموعة السادسة والثلاثين احتفاؤها بالجملة الفعلية في نسج القصص ..وقد ألمح أكثر من ناقد إلى أهمية هذا النوع من الجمل في كتابة القصة القصيرة جدا ،إذ يمنحها من ناحية الحيوية المطلوبة ،وييسر من ناحية أخرى تطور أحداث القصة..والقارئ لهذه المجموعة سيلمس - لا محالة - مدى أهمية الجملة الفعلية في هذا النوع من الكتابة ،لهذا عمد الكاتب - في رأيي -إلى إيلائها كثيرا من الاهتمام ،فوفر بذلك لقصصه كثيرا من اسباب النجاح.
وقد تظافرت عوامل عدة لإنجاح الجملة السردية في هذه المجموعة ،فبالإضافة إلى الاعتماد على الجملة الفعلية كما سلف الذكر،أسجل كذلك هيمنة تقنية اختراق الرتبة النحوية في الجمل ،فكثيرا ما يلاحظ المتلقي تقديم الفضلة على العمدة..ولا شك أن ذلك يكثف الجمل أكثر،ويمنحها عمقا دلاليا لا يخفى على المتتبع ،فالكاتب -هنا- يعمد إلى تقديم ما يهمه إبرازه خلال صياغته للجمل ..ويمكن أن نورد بعض النماذج الدالة على ذلك فيما يلي
- أسفل الساقية رأيتها تحمل جرة ماء.
-كل يوم تنحدر السيارات والناقلات.
-في غرفته وجد نفسه وحيدا ..باردا..
-فرحا كان الطفل يقفز بجانب أخته.
-جانب الطريق مدت الأستاذة يدها..
وإذا كان التكثيف والإيجاز من أهم خصائص القصة القصيرة جدا ،حتى أن الكثيرين يعدانهما عمادها ،فإن الكاتب ،ووعيا منه بأهمية هذين المكونيين ،أفرد لهما جانبا كبيرا من اهتمامه ،فقدم لنا - بفضل ذلك- قصصا مركزة ،يشعر القارئ وكأن كل كلمة وضعت في مكانها المناسب ،وأن الأحداث اختزلت إلى أقصى حد ،حتى تحافظ على طراوتها ووحدة أثرها في نفسية المتلقي .ويمكن في هذا الإطار إيراد قصة ” حب على طريقة الكبار ” التي اختارها الكاتب لتكون عنوانا للمجموعة كدليل على ماذهبت إليه.
نزع البتلة الأولى ..قال ..تحبني..
نزع البتلة الثانية .. قال .. لا تحبني..
نزع الثالثة والرابعةو ..
أكمل البتلات ،أسقط الوردة غاضبا.
بكت الوردة ،أحست بالبرد وهي عارية.
قالت لا تحبني.
ومن مميزات القصة القصيرة جدا اهتمام كاتبها المفرط بالخاتمة أو “القفلة” فناجحه في صياغتها يحدد إلى مدى بعيد قدرته على الإدهاش والمرونة والذكاء في التعا طي مع قصته..وقد نجحت بعض قصص المجموعة في التعامل الإيجابي مع خواتمها بشكل يدعو إلى الإعجاب ،ومن هذه القصص ،قصة “لأنه جائع”.
” لأنه جائع ،رسم الطفل على الورقة تفاحة ..
رسم طماطم ،أسماكا ،بصلا ،خبزا طويل الشكل
لأنه جائع..
قطع الطماطم أطرافا والبصل قطعا ..قطعا ..
فتح الخبز ،رماها جميعا ..و .. مضغ الورقة.
وتمنح السخرية للكتابة بصفة عامة قيمة مضافة ،تبعد عنها على الأقل شبح البكائية الذي لا يفيد في شيء العملية الإبدعية ،ولأن القصة القصيرة تتماهى بشكل كبير مع النكتة ،فإنها مؤهلة أكثر من غيرها للاستفادة من ملمح السخرية ،والذي إن حسن توظيفه عمق الجانب الجمالي والدلالي للنصوص ..وقصص “حب على طريقة الكبار ” لم تهمل هذا الجانب ،فجاءت كثير من نصوصها طافحة بالبعد الساخر..نذكر من هذه القصص قصة “قنبولة” وقصة ” قاتل محترف”
وفي الأخير يسعدني أن أشير إلى أن هذه المجموعة استطاعت بكثير من النجاح أن تحقق لنفسها نوعا من التاكامل والانسجام بين المضامين والأشكال،فحققت بذلك خطوة متقدمة نحو ترسيخ فن القصة القصيرة جدا في المتن السردي المغربي ، وقد ساعدها في ذلك تمثلها لأهم مميزات وخصائص هذا النوع من الكتابة ، خاصة فيما يتعلق بالحكائية والتكثيف ،والاعتماد على الجملة الفعلية ..كل ذلك مؤطر بوعي سردي قصصي مميز.
فهنيئا لعز الدين الماعزي بهذا الأثر الجميل.
_______________________



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب بلد قصصي بامتياز
- السخرية والغرابة في رجال وكلاب لمصطفى لغتيري
- حوار مع رئيس الصالون الأدبي المغربي
- عندما يطير الفلاسفة
- حوار
- بيت لا تفتح نوافذه لهشام بن الشاوي


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - قراءة في حب على طريقة الكبار لعزالدين الماعزي