أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوزيف بشارة - حول المؤتمر السعودي للحوار بين الأديان والحضارات والثقافات















المزيد.....

حول المؤتمر السعودي للحوار بين الأديان والحضارات والثقافات


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 2343 - 2008 / 7 / 15 - 10:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تبدأ بعد غد الأربعاء الموافق 16 تموز/يوليو الجاري في العاصمة الأسبانية مدريد فعاليات المؤتمر الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي ويرعاه العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز والذي أطلق عليه "المؤتمر العالمي للحوار" ويضم عدداً من أتباع الديانات والحضارات والثقافات. يجيء المؤتمر في وقت ينشغل فيه العالم بالعديد من المواجهات والصراعات والنزاعات التي تأخذ بعضها مناحي دينية أو حضارية أو ثقافية. ففي حين يركز العالم الغربي جل جهوده لمحاربة الإرهاب الديني الذي التصق بالعرب والإسلام لأسباب لست بصدد الخوض فيها في هذا المقال، نجد أن العالمين العربي والإسلامي يتهمان الغرب بشن حرب عشواء ضد الإسلام والمسلمين. وقد حذر الكثيرون من مخاطر نشوب صراع بين الحضارات بسبب الانقسامات التي يشهدها العالم في مواجهة قضايا مصيرية ياتي على رأسها قضية التطرف الديني. ونظراً للحساسية التي تشكلها قضية المؤتمر فقد تباينت ردود الأفعال عربياً وإسلامياً ودولياً على دعوة الملك السعودي للحوار بين مختلف الأطراف، فكان هناك من رحب بقوة بالمؤتمر، وبنفس مقدار القوة كان هناك من اعترض عليه، وبين المرحب والمعترض كان هناك الكثيرون من المتحفظين على المؤتمر.

لا شك في أن دعوة الملك عبدالله بن عبد العزيز لعقد مؤتمر حوار مع المنتمين لعقائد دينية أو حضارات أو ثقافات مختلفة تشكل انفتاحاً غير مسبوق من قبل المملكة العربية السعودية التي اكتفت في الماضي بالانكفاء على الذات من منطلق دفاعي احترازي بحت تارة ومن منطلق نرجسي شوفيني مطلق تارة أخرى. وإذا كانت دعوة الملك عبدالله بن عبد العزيز لشخصيات دينية مسيحية ويهودية بغرض الحوار حول المشترك الإخلاقي الذي يمكن أن يجمع بين أتباع الديانات الإبراهيمية الثلاث تعتبر حدثاً يسترعي الانتباه نظراً للتشدد الكبير الذي يتسم به الإسلام الوهابي السعودي تجاه المسيحية واليهودية، فإن دعوة العاهل السعودي لرموز ثقافية ودينية من ديانات غير توحيدية ربما تشكل نقلة كبيرة في الموقف الوهابي الرسمي الذي يسم غير الموحدين بالكفر والشرك. ورغم الإشادة التي تستحقها كل مؤتمرات الحوار التي تبغى نشر ثقافة السلام والتسامح والتعايش المشترك بما فيها مؤتمر مدريد، إلا أنني أرى أن هناك ثلاث نقاط يجب مناقشتها بشأن المؤتمر السعودي للحوار.

تتعلق النقطة الأولى بشأن اختيار العاصمة الأسبانية مدريد لعقد المؤتمر. فقد ثارت تساؤلات كثيرة بشأن عقد مؤتمر سعودي تنظمه رابطة العالم الإسلامي التي تتخذ من مكة مقراً دائماً لها ويرعاه العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز في عاصمة دولة أخرى. وقد أثير تساؤل بشأن مغزى قبول السعودية قبل أسابيع قليلة استضافتها لمؤتمر إسلامي للحوار بين السنة والشيعة وعدم قبولها استضافة مؤتمر الحوار بين الأديان. هناك سببان واضحان لهذه النقطة. السبب الأول هو عدم رغبة المملكة في استضافة رجال دين غير مسلمين على أرض المملكة. المعروف أن السعودية لا تصرح مطلقاً ببناء دور عبادة لأتباع الديانات الأخرى ولا تسمح أبداً لغير المسلمين بأداء صلواتهم الدينية. أما السبب الثاني فهو عدم رغبة المملكة في استضافة إسرائيليين تمت دعوتهم لحضور المؤتمر، لأن السعودية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وقد جاء قرار المملكة عدم استضافة المؤتمر ليتعارض تماماً مع رسالة التسماح التي ينبغي للمؤتمر أن يتبناها. المثير أن الأصوات التي ترتفع دفاعاً عن موقف المملكة بادعاء خصوصية موقفها وحساسيته تجاه استضافة دور عبادة لغير المسلمين تنكر تناقض دفاعهم عن المملكة مع مباديء التسامح. والغريب أن هذه الأصوات لا تكف عن الصراخ مشتكية من اضطهاد مزوعم من قبل الغرب للإسلام والمسلمين.

النقطة الثانية ترتبط بالمشاركين في المؤتمر. فقد لفت انتباهي الصبغة السياسية للمؤتمر باعتبار أن معظم الكلمات الملقاة في المؤتمر ستكون لشخصيات سياسية مثل الأمين العام رابطة العالم الإسلامي، والأمين العام لقمة السلام الألفية لزعماء الأديان التابعة للأمم المتحدة، ووزير الثقافة اللبناني، ورئيس مجلس الشورى السعودي، ومستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة. وفضلاً عن عدم توازن التمثيل الطائفي والديني في المؤتمر، فقد بدا التمثيل الدولي في المؤتمر متواضعاً ومثيراً للجدل، إذ لم يتمكن العديد من قادة العالم كالأمين العام للأمم المتحدة من الحضور، وقد ألقى البعض باللوم في هذا الصدد على الإعداد السريع للمؤتمر. ولعل إضفاء الصبغة السياسية على المؤتمر يضعف، برأيي، من أهميته على اعتبار أن مصدر مشكلة غياب التسامح هو رجال الدين المتطرفين وليس السياسيين. وربما يعود اهتمام المملكة العربية السعودية بدعوة العديد من السياسيين، وبخاصة الغربيين منهم، إلى المؤتمر يعود إلى ثلاثة أسباب؛ الأول هو رغبة المملكة في تبرئة ساحتها على الساحة الدولية من تهمة الإرهاب التي ارتبطت بها بعد مشاركة نحو شتة عشر سعودياً في أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، والثاني هو رغبة المملكة في تبرئة الإسلام من تهمة الإرهاب التي ألصقت به بعد الأحداث الإرهابية الكثيرة التي نفذتها جهات إسلامية متطرفة، والثالث هو رغبة المملكة في الضغط على الغرب لوقف انتقاداته التي تطول الإسلام ورموزه.

النقطة الثالثة تتعلق بممارسة التسامح عملاً قبل أن التلفظ به قولاً من خلال الكلمات والمؤتمرات. لست أدري كيف سيروج السعوديون في مؤتمر الحوار لمباديء التسامح والتعايش المشترك في الوقت الذي تعاني فيه مملكتهم من غياب هذه المباديء. فالمملكة الدولة الراعية للمؤتمر تنتهج سياسات محلية وإقليمية ودولية لا تتفق مطلقاً مع ما يهدف إليه المؤتمر من زرع بذور التسامح والسلام وقبول الأخر. وربما كانت السعودية بحاجة ملحة لإعادة النظر في الفتاوى التكفيرية الكثيرة التي تصدر عن مشايخها بحق غير المسلمين. ولعل السعودية بحاجة شديدة أيضاً للتسامح مع أتباع الطوائف والديانات الاخرى كالشيعة والبهائيين والمسيحيين واليهود والبوذيين والهندوسيين الذين يعيشون أو يعملون بالمملكة. كما أن السعودية بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم مناهجها التعليمية التي تحرض على كراهية الأخر. ولقد كانت الإدانة الأخيرة التي أصدرها تقرير اللجنة الامريكية المختصة بشئون حرية الأديان الدولية دليل واضح على مدى غياب مباديء التسامح عن مناهج التعليم السعودي.

من المؤكد أن حجراً صغيراً قد ألقي مؤخراً فحرك المياه الراكدة بعض الشيء في بحيرة الاعتدال بالمملكة العربية السعودية، بعد سنوات طويلة توقفت فيها المملكة تماماً عن التواصل مع العالم والحضارات والثقافات المختلفة، وكان من نتيجتها انتشار التطرف والإرهاب الديني في السعودية وخارجها. ولعل مبادرات الملك عبدالله عبد العزيز الأخيرة التي بدأت قبل شهور بلقاء عقده مع البابا بندكت السادس عشر في الفاتيكان، ثم تبنيه المؤتمر الإسلامي للحوار، وأخيراً رعايته لمؤتمر الحوار العالمي في مدريد هي دليل على أن القيادة السعودية ربما تكون قد بدأت في إدراك مدى التحديات التي تمثلها ظاهرتا التطرف والإرهاب ليس للعالم الغربي فقط، وإنما للعالمين العربي والإسلامي أيضاً. و إذا كان للملك عبد الله أن يقود تيار الإصلاح في السعودية فإن طريق الإصلاح سيكون طويلاً ستتخلله معارك شرسة مع الأصوليين والمحافظين المتشددين بالسعودية. ولذا فإنه قبل أن نهلل للمؤتمر ونعقد عليه الآمال من المفيد التنبيه على أن المقررات التي يمكن أن يخرج بها المؤتمر ستبقى حبراً على ورق ما لم تكن هناك خطوات عملية تلحق به؛ وهي خطوات تنقي النفوس من الحقد والغل والكراهية وتغرس بدلاً منهم مباديء التسامح والإخاء والسلام. ولا يغفى على أحد الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه السعودية في إنهاء المشاكل المتعلقة بالتطرف والإرهاب إقليمياً وعالمياً. فهل تخطو السعودية خطوات واسعة نحو الإصلاح الديني؟ لعل هذا ما نأمل حدوثه قريباً حتى يعرف العالم بيهوده ومسيحييه ومسلميه وبوذييه وملحديه وغيرهم طريق السلام والتسامح والتعايش المشترك.



#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو معيار دولي واحد للتعامل مع الأنظمة الدكتاتورية
- عندما يفسد التطرف الديني المنافسات الرياضية
- حول المطالبة بمقاطعة المسلمين لعادل إمام
- هل يقود أوباما الولايات المتحدة إلى المجهول؟
- مسيحيو بلاد المسلمين بين خيارين أحلاهما بطعم العلقم
- عبد المعطي حجازي ومقارنة أنصاف المواهب بين فيروز وأم كلثوم
- رغم سلبياته: إتفاق الدوحة خير من دولة حزب الله
- بعد ستين سنة من الرفض والعنف: هلموا نمنح السلام فرصة
- مرارة الهزيمة السياسية لحكومة السنيورة أمام سلاح حزب الله
- هل ينقذ المجتمع الدولي لبنان من براثن حزب الله؟
- الإضراب وكعكة عيد ميلاد الرئيس مبارك
- قبو الرعب يسلط الضوء على جريمة كل العصور
- احتكار الله في بلاد المسلمين
- مساعي كارتر الحميدة تصطدم بمواقف حماس المتطرفة
- بين كراهية اليهود والعداء لإسرائيل
- الدكتاتورية أمامنا والفوضى خلفنا
- مناهضة تشويه الأديان بين العالمين الغربي والإسلامي
- في أوغندا: درس مسيحي في التسامح الديني
- موطيء قدم للمسيحي في وطنه
- كيف تحولت حرية العقيدة إلى حرية كفر في بلادنا؟


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر ...
- “وفري الفرحة والتسلية لأطفالك مع طيور الجنة” تردد قناة طيور ...
- “أهلا أهلا بالعيد” كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024 .. أهم ال ...
- المفكر الفرنسي أوليفييه روا: علمانية فرنسا سيئة وأوروبا لم ت ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف ميناء عسقلان المحتل
- المقاومة الإسلامية بالعراق تقصف قاعدة -نيفاتيم- الصهيونية+في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوزيف بشارة - حول المؤتمر السعودي للحوار بين الأديان والحضارات والثقافات