أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - اسماعيل خليل الحسن - يوميات السجن هو شي منه شاعراً














المزيد.....

يوميات السجن هو شي منه شاعراً


اسماعيل خليل الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 2337 - 2008 / 7 / 9 - 10:51
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


يوميات السجن – (هوشي منه) شاعرا

إن ما في السجن جسمك

ليس ما في السجن روحك

فاحفظ القلب سليما

تنجز الأمر العظيما

سأله الصحفي الغربي: هل سجنت أيها السيد لمدة طويلة؟

فأجابه القائد الكبير: الوقت في السجن طويل دائما

آب-(أغسطس) آسيا

كانت السنة الثانية من الحرب على وشك الانتهاء, اليابانيّون يحتلون الهند الصينية, ولكن ثمة قوى جديدة قد نهضت, وفي فيتنام مقاومة سرية قابضة بحزم على المنطقة العليا.

ذات يوم على مقربة من الحدود الصينية- الفيتنامية أوقفت شرطة ديكتاتور الصين (تشان كاي شك), رجلا لا تعلم عنه شيئا سوى أن اسمه هوشي منه, وأنه قاصد (تشون كن) ويقول عن نفسه انه ممثل للوطنيين الفيتناميين.

قبل ذلك حوالي 1926-1927 كان اسمه نغوين أي كووك وكانت تعرفه كل دوائر شرطة الشرق الأقصى, كان لديهم من ما يكفي من الأسباب لوضعه في السجن, فاعتقل في تشان سي ثم ساقوه إلى نان تنغ و منه إلى كوي لين ومنه إلى ليثو تشيثو تم عادوا به من حيث أتى.

كان الوضع في السجن وفي مراكز الاعتقال مأساويا, لكن برغم التسفير لمسافة خمسين كيلو مترا مشيا على الأقدام, و الليالي التي لم يذق فيها طعم النوم, وبرغم الجوع و البرد و الحميات و المحابس الخشبية الصينية ذات الثقوب لإبراز الرأس و اليدين فقط, و برغم تكبيل الساقين و الساعدين, ورائحة العفونة و الرطوبة و النوم بين القاذورات و أرتال البعوض, كان السجين ينفث ما بصدره من أحاسيس على شكل أشعار غاية في الجمال:

الطائر المتعب

يؤوب في الغابة ميمما عشّه

و في السماء سحابة تؤوب لوحدها شريدة

وثمّ في القرية صبية تطحن ذرتها الصفراء

بينما تحمرّ نار في ضوئها الأحمر

و في سجن الصين, كان يكتب بلغة سجّانيه, فقد كان من شأنهم أن يرتابوا لرؤيته يكتب باللغة الفيتنامية, كان يختلس الفرص فيخرج دفترا صغير خضراويا من مخبأ ويكتب:

يتفتح في الأرض الورد

يتفتح في الأرض و يذبل

لا يدري الورد بما يفعل

يكفي أن ينشر أريجه

ويشم عبير الورد سجين

حتى تتصايح في قلبه

و يضج ظلام الدنيا

و يقول لنا في قصيدة في الصفحة الأولى لماذا يكتب شعرا

لم أكن جد ولوعا بالقوافي أبدا فيما مضى

غير أني الآن و السجن مقامي

ولعجزي عن أداء الأفضل

لقضاء الوقت في الأيام أيامي الطوال

انظم الأشعار ترويحا لنفسي

بانتظار أن أرى حريّتي

وفي قصيدة يعبر عنوانها عمّا فيها: لدى الدخول الى سجن تشان سي

في السجن هنا يستقبل القديم الوافد الجديد

و في السماء غيوم زرق تكر

و ثمة إنسان حر وحيد

يلبث في زنزانة

في قصيدة درب الحياة يعبّر عن خيبة أمله بالإنسان:

لقيت نمور الذرى ولم أجد عناء

لكنني ما كدت أصادف الإنسان

حتى اعتقلت

وعن حياته في السجن يقول في قصيدة طعام السجناء:

كل ما نطعم حفنة من أرز أحمر

فيا لها تعاسة لا ملح لا خضار حتى ولا حساء

في السجن يقدر أن يأكل من كان يستجلب لنفسه الطعام

أما الذي لا أحد خلفه فدأبه استغاثة بالأم و الأب

لكن المساجين يحتالون على الملل باختراع لعبة شطرنج يزجون بها الوقت

فلتكن الضربات جيدة الإعداد

ولتبق خطتك طي الكتمان

تصبح جديرا بأن تكون القائد الكبير

وكان له ما أراد فقد أصبح قائدا عظيما

وهو رغم معاناته لا يني يستشعر جمال الطبيعة

برغم أن ساعدي و الساقين

تشدهما القيود

فإنني في كل ناحية أصغي إلى الطيور

أشم ّطيب الزّهر

فهل في وسعهم أن يمنعوا عني سعادة الإحساس

سعادة الإصغاء

سعادة تقصّر الدروب و تجعل الإنسان

اقل عزلة

و على درب شقائه كان حراسّه يجرونه مشيا على الأقدام حين كانوا يحملون خنزيرا صادفهم:

يجرني حراسي جرا

ويحملون في الدرب خنزيرا

الجر للإنسان

و الحمل للخنزير

انك أنت أدنى من ذلك الخنزير

في عالم التقييم

كم ذا يحط من قيمة الإنسان

قصائد عديدة و جميلة, بين دفتي الديوان, تمنيت لو أنقلها جميعا إلى ذهن القارئ الكريم, تشي بمكنونات( العم هو كما يلقّبه شعبه) شاعرا, أما هو تشي منه قائدا, فكان مثالا للتواضع و الإيثار و التقشّف بل كان أقرب إلى الأسطورة.



دفتر السجن

هوشي منه

ترجمة وصفي البني

منشورات وزارة الثقافة و الإرشاد القومي

دمشق-1969







#اسماعيل_خليل_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملامح من الفكر النقدي عند ياسين الحافظ ( منهج الشلف التأويلي ...
- لمحات حول المرشدية
- شهوة الشعار
- عودة الروح القدس إلى دنيا الكروب
- البغل والناعورة
- ما بين التكفير و التخوين شعرة: في السجال حول مقالة ياسين الح ...
- في هزيمة أمريكا و انتصارها
- صفحات مجهولة من تاريخ الرقة: أرتين مادويان
- صفحات مجهولة من تاريخ الرقة: سلمان المرشد
- المصلحة الأمريكية في تشويه الديمقراطية
- موريتانيا الشامتة بالعرب!
- الرافضون
- من يوميات قرية محاصرة
- اعجبي من أرض العجائب!
- وليمة لطغاة العالم
- إلى الأخوة المفسدين
- الرجاء تركك رسالة بعد سماع الموسيقى
- حزب الله يتصرف وكأنها حربه الأخيرة
- المتفرجون على الحرب
- الى جورج دبليو. سي بوش


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - اسماعيل خليل الحسن - يوميات السجن هو شي منه شاعراً