أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - إسألوا الأسئلة – طالبوا بأجوبة















المزيد.....



إسألوا الأسئلة – طالبوا بأجوبة


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2292 - 2008 / 5 / 25 - 03:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


"من الضروري أن يدرك المرء أنه متى ما اعطيت السلطة للسياسيين أو البيروقراطيين فإنها ستستعمل لما يريدون هم، وليس لما تريد انت".... هاري براون

اخترع الديمقراطيون أدوات عديدة مثل التحديدات الدستورية وفصل السلطات، لحماية الديمقراطية من الخطر الأساسي الذي يتهددها: السلطة القوية. من المعروف أيضاً ان السلطة ، ديمقراطية كانت او دكتاتورية، تميل الى التمدد وزيادة تحكمها، وتفعل ذلك في اية فرصة. ولذلك فمن الضروري للديمقراطية والحريصين عليها، بذل جهد معاكس ومستمر لمراقبة ومجابهة هذا الميل ووقفه قبل وصوله مرحلة الخطر(*). تقع مسؤولية هذه المراقبة على عاتق المواطن الذي يعي هذا الميل ويدرك خطره فيبقيه ضمن حدوده بواسطة مجموعة متجددة من "الأسئلة" التي يفرض على السلطة الإجابة عليها كشرط لقبوله إياها وكيلاً له في إدارة بلاده، ولتذكير الحكومة بانها تعمل لحسابه وليس العكس.

ليس بالضرورة أن تكون الحكومة "شريرة" لكي تستغل الثغرات ونقاط الضعف في المجتمع وتساهله لتوسيع سلطاتها وتتجاهل القانون وتعرض الديمقراطية للخطر، فالضعف الإنساني وحده سبب كاف لتوقع مثل هذا التدهور إن تم السماح به. "إنه الضعف (الإنساني) ذلك الذي يجعل الناس غير آهلين لمنحهم الثقة بالسيطرة على سلطة غير محدودة" (جون آدمز). و"كل حكومة على الأرض تحتوي على أثر لضعف انساني، جرثومة فساد وتدهور. وكل حكومة سوف تتدهور وتنحدر إن تم تسليم الرقابة عليها إلى الحكام فقط" ( توماس جيفرسون)

إن وعي المواطن لهذه العلاقة مع السلطة، بشكلها السليم، ولجوءه إلى الشك الصحي ($) في قراراتها ودوافعها وإدامة فحصها هو ما سيقدم له الإطار الفكري الذي يساعده على اكتشاف الأسئلة المناسبة الفاصلة، ويقدم له وعيه بحقه في المحاسبة، الإصرار اللازم للحصول على أجوبة مقنعة.
الفارق في وعي الناس كبير حتى بين ابناء البلاد الديمقراطية، فكما رأينا في الجزء الأول من هذه المقالة (1) فإن السيدة شيهان كانت الأكثر اصراراً من بين أمهات الجنود الأمريكان الذين قتلوا في العراق للحصول على أجوبة مقنعة على أسئلتها.

العلاقة الصحية بين المواطن وحكومته الديمقراطية ومؤسساتها علاقة توتر وانتباه اكثر مما هي علاقة سلام واطمئنان ، إنها علاقة الثقة المحدودة التي تميز علاقة صاحب المال (المواطن) بوكيله الذي يدير أملاكه (الحكومة). فبعد أن يختار صاحب المال، الوكيل الذي يطمئن اليه أكثر من غيره، فإنه يتفق معه على طريقة لمتابعته ومحاسبته بكل حرية. فمتى ما شعر صاحب المال بالخوف أو القلق أو الخجل من طرح أسئلته لمحاسبة الوكيل ومطالبته بشرح قراراته، كانت العلاقة مريضة خطرة وتبشر حتماً بضياع المال. ومثلما يضيع المال من بعض اصحابه دون غيرهم, تضيع الديمقراطية من بعض الشعوب دون غيرها. ربما يلعب الحظ دوراً لمرة او مرتين في اختيار الوكيل، لكن لامفر لمن يتكاسل عن المتابعة من الخسارة في النهاية. لقد أسس "الآباء" الديمقراطية في اميركا، لكن من طورها وحافظ عليها لقرون عديدة (رغم أنها مليئة بالجروح اليوم) هم الناس الذين رفضوا الخوف من طرح الأسئلة من أمثال روزا باركس التي رفضت القيام من مقعدها عام 1955 لرجل ابيض وطالبت بإجابة مقنعة عن السبب في التمييز بين قومها السود والبيض، فوقف السود معها يطالبون بجواب على السؤال الذي تبنوه وأخلصوا له وأضربوا عن استعمال الباصات لأكثر من سنة، وكانت تلك تضحية عظيمة الكلفة لهم، حتى رضخت الشركة، فخطت الديمقراطية خطوة إلى الأمام. إن الصحافيين والفنانين الذين وقفوا ويقفون اليوم بوجه حملة إدارة بوش لتقويض دور الدستور والقانون والحريات الشخصية مثل مايكل مور وكيث اولبرمان وغيرهما الكثير ممن اصروا على طرح اسئلتهم والمطالبة بالأجوبة، إنما يستوحون موقفهم وشجاعتهم وأسئلتهم من تأريخ من وقف قبلهم من أبطال الصحافة الذين جابهوا المكارثية ووضعوا لها حداً ثم قضوا عليها من امثال فنان الإذاعة والتلفزيون جون هنري فولك.

إنهم ايضاً ذوو ضحايا 11 سبتمبر، والمتعاطفون معهم الذين أصروا وما زالوا يصرون على طرح اسئلتهم التشكيكية بالرواية الحكومية للجريمة، يساندهم العديد ممن يقف معهم في شكوكهم. مازال الآلاف من هؤلاء يتجمعون في كل عام، من مختلف انحاء العالم في نيويورك بمناسية 11 سبتمبر. يرتدون تي شيرتات سوداء كتب عليها: حققوا في 11 –سبتمبر" ويحملون لافتات كتب عليها: "اسألوا الأسئلة – طالبوا باجوبة". حركة "حقيقة 11-9" تشمل اكاديميين ونشطاء سياسيين ورجال اطفاء ومختلف انواع البشر مقتنعين أن حقيقة ما حدث لم تظهر بعد وأن الأسئلة لم تتم الإجابة عنها.
ألمشككون برواية 11 سبتمبر لم يكتفوا بالتظاهر، بل كتبوا الكتب والمقالات وانتجوا الأفلام وعروض الكومبيوتر من أجل ايصال أسئلتهم الى نتيجتها وغايتها، وقد تمكنوا من نشر تلك الأسئلة بشكل محرج للإدارة الأمريكية: لماذا سقطت البنايات بهذه السرعة بالضد من الحسابات العلمية وبالضد من الحوادث التأريخية المشابهة؟ كيف سقط البرج الثالث ولم تضربه أية طائرة؟ كيف وجدوا هويات وجوازات سفر الإرهابيين وحدهم دون غيرهم!، وكيف نجت من حريق وحرارة "بخرت" الصندوق الأسود؟ لماذا لم تكن هناك طائرات حماية للبنتاغون للتدخل، ولأول مرة في التأريخ؟ كيف ادخلت الطائرة الواسعة رأسها في تلك الفتحة الضيقة في بناية البنتاغون؟ أين بقايا تلك الطائرة؟ أين افلام الكامرات التي لابد أنها صورتها؟
إنهم يحفظون أسئلتهم في قلوبهم عن ظهر قلب ويصرون على الحصول على إجابةعليها. (2)

أن حق المعرفة هو من أخطر الحقوق لدى المواطن في الديمقراطية، ولذلك تلعب حرية الصحافة اهمية حاسمة في الحفاظ على الديمقراطية، ولنفس السبب تبدأ الدكتاتوريات نموها بالهجوم وارهاب الصحافة، ولنفس السبب فإن لدى الناس حساسية خاصة لأي هجوم على الصحافة، فمثل هذا الهجوم يثير قلقهم مما قد يأتي.(#).
لقد حدث العديد من الهجمات على حرية المعلومات والصحافة في العراق ولم تثر برأيي ما يكفي من الإحتجاج اللازم لردع الحكومة عن الإستمرار في ضغطها على حرية الصحافة وتسجيل التقدم على حسابها. فالصحافيون لايقتلون بكثرة من قبل الإرهاب المجهول فقط، بل يضربون بشكل متكرر ومنتظم من قبل جهات حكومية معروفة، ويقتلون ايضاً، خاصة من قبل قوات الإحتلال والفضائح في هذا مستمرة (@). كما وجهت في ا لفترة الأخيرة تهديدات مبطنة ومعلنة إلى الصحف التي تكتب بشكل لايناسب الحكومة، وهددت القنوات "المثيرة للقلاقل" بمحاكمتها وفق قانون الإرهاب.

كذلك لم تجد محاولة استبدال التصويت العلني في البرلمان بالتصويت السري، لم تجد الكثير من الإحتجاج على ضياع المعلومات الأساسية التي تساعد الشعب على تقييم ممثليه. لم ينجح المشروع لكننا لم نعلم ايضاً من الذي اعترض عليه ولا من الذي قدمه، ولا احد يهتم بإخبار الناس بذلك، ولم يطالب هؤلاء بحقهم بالمعرفة.
بسبب هذا التساهل تم حصر التغطية الإعلامية للبرلمان بشكل ثابت بجهات حكومية مسيطر عليها ومنع الصحفيون من دخول البرلمان، وهكذا حكم الشعب على نفسه بالإكتفاء برؤية ما تسمح له الحكومة برؤيته مما يجري في البرلمان من مناقشات تقرر مصير بلاده، ويفترض ان تساعده على تحديد مرشحيه القادمين وقراراته الإنتخابية.

ألأسئلة الجريئة، البريئة من أمراض المجاملة والمخاتلة والتخوف تمثل العلاقة السليمة بين المواطن وحكومته، لكنها تمثل أيضاً العلاقة السليمة بين المواطن وحزبه، إن كان منتمياً أو الحزب الذي يصوت له إن لم يكن، بل وأي حزب آخر أيضاً. لذلك تقام الندوات بين قياديي الأحزاب وناخبيهم والمهتمين. الغرض منها استثارة علاقة الأسئلة تلك وتشذيبها، لكن من السهولة تماماً ملاحظة المجاملة والملاطفة في اختيار الكلمات وعدم إحراج المقابل والرضا بنصف جواب او جواب مبهم وعدم الإلحاح، واعطاء الفرصة للمسؤول للّف والدوران او تجاهل بعض الأسئلة بشكل تام. أمراض الأسئلة لاتصيب علاقة المواطن بالحكومة فقط بل أيضاً علاقته بحزبه. لو تابعت محاضرة مسؤول حزبي في جمهور من الأعضاء والمؤيدين للحزب لأحسست أن هؤلاء جاءوا للإطمئنان وليس للمحاسبة والمجابهة. إنهم يريدون في أحسن الأحوال أجوبة على أسئلة "مزعجة" طرحها "اعداء الحزب" و"المتربصين به" و "المشككين بـ..." و "المسيئين الى تأريخه". إنهم يكتفون بالأجوبة العامة المبهمة والمتهربة لأنهم لايحسون أنها أسئلتهم فعلاً.
يجب النظر إلى تلك المجاملات والكلمات الملينة و"أدب الضيافة" ليس على انها مظاهر حضارية وإنسانية بل على أنها امراض تصيب العلاقة وتشوه اسئلتها فتزيل خطوطها الحادة وتحولها إلى هلام مشوش.

من مظاهر هذا المرض تسمية استجواب الوزراء في البرلمان بـ "استضافة"، والأسئلة التي توجه لـ "الضيف" غير التي توجه لـ "المستجوب" والإلحاح الذي يوجه للأول غيره للثاني. الوزير يستدعى إلى البرلمان لاستجوابه بسبب الشك بتقصيره وليس تثميناً للطفه او استعراضاً لكرم الضيافة البرلماني. الوزير يجب ان يشعر أنه امام سلطة اعلى منه، سلطة الشعب، وانه هنا للمحاسبة وليس لـ "استضافته" فلماذا تشوه العلاقة بتشويه تسمياتها؟ لا اعني هنا أن الوزير (لماذا لا تستبدل هذه التسمية المنفوخة؟) يجب ان يشعر بالخنوع امام البرلمان، لكنه قبل ذلك واهم منه، يجب ان لايعطى اي شعور بأنه اعلى منه وفوقه. العلاقة بينهما اقرب الى علاقة المتهم بالحاكم والإحترام بينهما، يجب ان يكون من النوع الذي يسود بين المتهم والحاكم وليس العكس.

يجب أن لايتساهل المواطن في حق أسئلته من الحكومة، فـ "شرور الحكومة تتناسب مع تساهل الشعب" كما يقول فرانك كنت، وكل سؤال تسمح للحكومة ان تمرره دون جواب لايخفي فقط احتمال حقيقة خطيرة يجب أن تعرفها، بل أيضاً يرسل إلى الحكومة رسالة بأن يمكنها أن تمرر أعمالاً غير قانونية مستقبلاً دون أن تتوقع إزعاجاً من شعبها او برلمانه. لقد أدرك صاموئيل آدمز هذا الخطر وتهديده حتى لأجيال قادمة فقال (خطاب في بوسطن 1771): "لنتذكر بأننا إن تحملنا الهجوم غير القانوني على حريتنا باستسلام، فأننا نشجعه ، ونسحب آخرين معنا إلى مصيرنا السيء. إنه أمر خطير أن الملايين الذين لم يولدوا بعد قد يكونون المتأثرين سيئي الحظ بهذا الحدث."
إذا اقتنعنا بصحة ما ذهب إليه فرانك كنت وصاموئيل آدمز، فكل سؤال هام نتساهل فيه، يمثل ثغرة تمر منها الأخطار المهددة للديمقراطية والمستقبل والأجيال القادمة. ربما تكون تجربة مثيرة أن نتساءل دائماً عن "الشرور" التي سمحت تساهلاتنا بمرورها والرسائل التي اوصلتها تلك التساهلات الى الحكومة بإمكانيتها لأن تدوس على الدستور والقانون والديمقراطية وحقوق الناس دون خشية حساب. لاشك أن بعض مصابنا السياسي اليوم نتيجة تساهل آبائنا إزاء حقهم في طرح الأسئلة على حكامهم، فهل نفعل اليوم افضل منهم لحماية أولادنا وأحفادنا؟ أنني ارى العكس، فما زاد هو سهولة قبول الإستسلام وصعوبة تنظيم الرفض وقلة الإستعداد للتضحية وهبوط الشعور بالكرامة، حتى كثر من ينظر في الهجوم على هذه المفاهيم "المتخلفة"، فأي مستقبل ينتظر اولادنا نتيجة تقصيرنا في واجبنا هذا تجاههم؟

لقد تساهلنا بالكثير جداً من أسئلتنا، وارسلنا رسائل كثيرة خاطئة مؤذية إلى حكوماتنا. ولعل من المناسب أن نراجع هنا بعضا من الأسئلة التي تم التساهل بشأنها على غير ما يفترض، وأن نحاول أن نحزر الرسالة التي اوصلها إهمالنا لكل سؤال من هذه الأسئلة وما الذي يمكن أن تكون حكومتنا قد استنتجته حول حريتها في التعامل مع الشعب بعيداً عن الدستور والقانون من كل سؤال مهمل، ليس لأنها حكومة شريرة، وإنما لأنها كأية حكومة اخرى، لديها "أثر" الضعف الإنساني الراغب في المزيد من التسلط.

ليس من الضروري أن تكون مؤيداً للمتضرر من تصرف ما لكي تسأل وتلح بالسؤال عن الأساس الذي بني عليه ذلك التصرف، فالأساس الخطأ الذي يضرب اليوم عدوك - او من لاتهتم بمصيره - سيضربك غداً.
حين علم فولتير بقصة الشيخ الذي عذبته سلطات بلاده حتى الموت، لأنه شنق ابنه الشاب الذي اراد التحول عن مذهبه الديني إلى مذهب السلطة، حسب ادعاء تلك السلطة، مر برأس لفولتير سؤال: "كيف تمكن شيخ كهل من شنق رجل شاب؟". لم يكن تفسير السلطة قابلاً للتصديق برأي فولتير.
لاشك ان هذا السؤال البسيط والحاسم، مر على رؤوس عديدة أخرى، لكن أي منها لم يكن مستعداً لتبنيه حتى وصل الى رأس فولتير، فاوصله بعد جهد إلى النتيجة: محاكمة الحكام لما اقترفوه، واهم منها إنذار أمثالهم من ذوي النفوس الضعيفة أن لايفعلوا ذلك مستقبلاً، وأن في البلاد من يتابع صيانة الحرية. كسب القانون والعدل والحرية في فرنسا معركة هامة، ولا شك ان ما ينعم احفاد البلاد اليوم من حرية يعود بجزء منه الى نتيجتها.

لنعد الى العراق وننظر إلى بعض الأسئلة التي ثارت في المدة الأخيرة دون أن تجد من يتبناها ويتعهدها:

ما هي حقيقة عصابة الـ 8000 ارهابي المتخصصين بقتل الكفاءات التي تحدثت عنها الحكومة؟ من الذي يدفع لهم وكيف انتظموا في مثل هذه العصابة الهائلة؟ ما هو مصدر تمويلهم؟ كيف حوكم هذا العدد الهائل في وقت قصير؟ من هم الـ 600 المحكومين بالإعدام؟ من هم الـ 200 الذين تم تنفيذ الحكم بهم؟ لماذا مرت هذه الأحكام على رئاسة الجمهورية التي إدعت حساسيتها مسبقاً لأي حكم إعدام؟ من هم الـ 2000 المحكومين بالسجين المؤبد؟ هل هذه الأرقام المدورة الأصفار صدفة؟

على إثر وضع شرط حل جيش المهدي على التيار الصدري للمشاركة في الإنتخابات، ما هي الشروط التي يمكن للحكومة ان تضع شروطها على ترشيح جهة ما للإنتخابات؟ هل يكفي ان تتفق الكتل الكبرى على ذلك مثلاً؟ هل يمكن ان تلعب قرارات بريمر دوراً في تحديد من يسمح للشعب ان يصوت له ومن لايسمح بذلك؟ هل تكفي اغلبية برلمانية؟ إن كان صحيحاً فهل يعني هذا انه في الديمقراطية يمكن لأية كتل اواغلبيات برلمانية، الغاء احزاب الأقليات بقرار؟ ما الذي يمنع الحكومة غداً ان تطالب الشيوعيين مثلاً بالتخلي عن أدبياتهم المضادة لحرية السوق كشرط للسماح لهم بالمشاركة بالإنتخابات باعتبار أن الدستور يقول ان إقتصاد العراق يجب ان يكون موجهاً الى حرية السوق؟
ملاحظة: ربما كان هذا السؤال قد اصبح عاطلاً من الناحية العملية بعد اتفاق الحكومة مع التيار الصدري، لكنه مازال يحتفظ بكامل اهميته النظرية في معرفتنا لكيفية تصرف الحكومة وأسسها.

لماذا عاملت الحكومة المتهمين الصدريين بشكل مختلف وغير قانوني في الماضي؟ لماذا تعتقلهم عشوائياً؟ لماذا تتجاهل اوامر القاء القبض القضائية الصادرة بحق المعتدين على عوائلهم؟ لماذا يسلم المبرأون منهم من قبل القضاء العراقي الى السجون الأمريكية؟ أليس من المفروض ان تتبع الحكومة أساليب قانونية لمحاسبة الخارجين عن القانون؟

ما تفسير احداث كربلاء الماضية؟ لماذا لم تقم الحكومة بالتحقيق بالأحداث رغم الطلبات المتكررة للتيار الصدري ولم تفعل ذلك إلا بعد تهديدها من قبله بإجراءات اخرى؟ لماذا تحتاج الحكومة إلى الضغط اساساً لتقوم بالتحقيق؟ وأين نتائج التحقيق وقد قالت الحكومة انها توصلت الى القائمين بها؟

لماذا ومن قام بتعذيب شخصيات في التيار الصدري حتى الموت تقريباً لإجبارها على تقديم اعترافات مضادة له؟ ألا يعني هذا محاولة لتضليل الشعب العراقي عن الحقيقة المتعلقة بمكون اساسي من مكوناته واتهام أعضائه بما لم يقوموا به؟ هل يمكننا بعد الآن ان نصدق اي شخص يأتي باعترافات ضد التيار الصدري؟ هل يعني هذا ايضاً ان جميع الكتل السياسية معرضة للإبتزاز بهذه الطريقة ولن يستمع اليه احد ان اشتكي؟ هل يعني هذا اننا يجب ان لا نصدق اي شخص تقدمه الحكومة يعترف على اي تيار سياسي بأي شيء؟ لماذا تتجاهل الحكومة مثل هذه الشكاوى الخطيرة التي يقدمها التيار الصدري؟ لماذا تسمح الحكومة ان تهدر مصداقيتها هكذا وتترك تصرفاتها المواطن حائراً فيما يجب ان يصدق مما تقول وما لا يجب ان يصدق، ويبدو كل شيء قابلا للكذب والتزوير؟

لماذا لايتم التحقيق في اي حادث يشير الى متهمين امريكان؟ ما نتائج التحقيق في مقتل اللواء مبدر الدليمي؟ ما نتائج التحقيق في جريمة قتل أطفال النعيرية؟ قال وزير النفط ان طائرة من قوات التحالف تسببت في انفجار مصفى الشعيبة، هل تم التحقيق في كيفية حدوث ذلك؟ هل يعني هذا ان الحادث يمكن ان يتكرر في اي وقت تمر مثل هذه الطائرات فوق منشآت نفطية او حتى محطات وقود؟ هل تمت مفاتحة الإحتلال حول دفع التكاليف التي تسببت فيها؟ هل طلب منهم التحقيق في احتمال كون الحادث متعمداً من قبل بعض افرادهم مثلاً؟ هل اتخذت إجراءات ما تضمن عدم تكرار مثل هذا "الحادث"؟

ما هي نتائج التحقيقات في قصة البصرة حين القي القبض على بريطانيين متنكرين بزي رجال دين ومسلحين بأسلحة ارهاب منها جهاز تفجير عن بعد قرب حسينية في المدينة؟ لقد قتل هذان البريطانيان شرطيين عراقيين فما نتائج ذلك؟ هل يفترض بالشرطة مستقبلاً ان لاتلقي القبض على اي ارهابيين ان قالوا انهم تابعون للقوات متعددة الجنسية حتى ان امسكوا متلبسين بالجريمة؟ كيف عرفت الدبابات البريطانية بالتحديد مكان البريطانيين؟ لماذا سمح لها باختراق السجن وتحريرهما بهذه الطريقة الهمجية بدلاً من طلب ذلك من الحكومة وفق ابسط الأعراف؟

ما حقيقة الإتهامات الخطيرة الموجهة الى رئيس الوزراء السابق أياد علاوي؟ إن كانت مؤسسة على دلائل كافية لماذا لايتم القبض عليه وتقديمه الى المحاكمة لينال جزاءه؟ ام ان رئيس الوزراء شخص يطلق التهم الكبيرة جزافاً؟ إن كان الأمر هو ذاك فهل ان العراق في مأمن ان كان رئيس حكومته فاقداً لإتزانه بهذا الشكل؟

هل صحيح أن إقليم كردستان استولى بالقوة على اراض نفطية خارجه في الموصل وتكريت واعطاها الى شركات اجنبية؟ هل صحيح ان أشتي هورامي حول حقولاً نفطية إلى "بقع استكشافية" مثل حقل طقطق النفطي الضخم وحقل كرومر الغازي، ليتمكن من تسليمها بعقود شراكة الى شركات اجنبية؟ هل هناك حقول اخرى عوملت بهذه الطريقة ولم يتم اكتشافها؟ هل صحيح ان حكومة اقليم كردستان استولت على قبة خرمالة النفطية في كركوك بقوة السلاح بعد ان طردت فريق النفط العامل فيها بواسطة البيشمركة؟ إن كانت تعتقد أن لها الحق في ذلك، لماذا لم تلجأ الى "حل الخلاف" بواسطة المحكمة الفدرالية؟ كيف وقع نجرفان برزاني (او من يمثله) عقداً لمبادلة النفط بأعمال بناء بقيمة 12 مليار دولار مع شركة كورية جنوبية حسب تصريحه؟ الا تعود هذه المليارات الى الخزينة العامة وحصة الإقليم منها 17% بعد فرز الحصة الفدرالية، فلماذا تعاقد برزاني على اعمال بناء له مقابلها؟ كيف ستتصرف الحكومة مع هذه الحقيقة؟ هل صحيح ان خسائر العراق ستقدر بمئات المليارات ان تمت عقود مشاركة الإنتاج؟ لماذا لايعترض احد في حكومة اقليم كردستان او برلمانه والسرقة تصيب الإقليم قبل غيره بالضرر؟ كيف وافق البرلمان العراقي على اعتبار نسبة كردستان من الموازنة17% في حين ان جميع الإحصاءات تقل عن 11%؟ على اي شيء اعتمد البرلمان إن كان يعتبر تلك الإحصاءات قديمة؟ هل هناك اية مؤشرات أن النمو السكاني في تلك المناطق كان اكبر من بقية العراق؟ هل يزيد عنها بنسبة تزيد على 50%؟ هل لا يوجد في البرلمان او الحكومة في كردستان من يقول أنا ارفض الدخول في هذه اللعبة؟ هل هناك طريقة لتقديم وزير او مسؤول كبير كردي الى المحاكمة بتهمة السرقة؟ (3)

يصدر الجيش الأمريكي بين الحين والآخر بيانات تعلن عن قتل مواطنين بصراحة ولأسباب بعضها غريب للغاية مثل قتل من "يشتبه بهم" بأنهم من الـ"متشددين" بواسطة القصف من الطائرات...هل ان حكم "المتشددين" في العراق هو الإعدام؟ وهل ان الإعدام يمكن أن يتم في العراق بدون محاكمة؟ وهل يعتمد مثل هذا التشخيص من الطائرات مباشرة، حتى في الليل؟ لماذا تمر مثل هذه التصريحات بلا تساؤلات؟ ألا يعني ذلك صكاً مفتوحاً لقصف وقتل العراقيين للقوات الأمريكية؟ إن كانت الحكومة غير قادرة على محاسبة هذه القوات وهي تتصرف من خلال مجلس الأمن فكيف حين يتم إبعاد هذا المجلس من خلال الإتفاقية القادمة؟ لماذا تم تمديد عقد مجرمي بلاك ووتر, وما موقف الحكومة من التمديد الذي جرى دون مشورتها؟ ما موقف الأحزاب؟ ما الذي ينوي اؤلئك وهؤلاء عمله إزاء ذلك؟

لماذا تجاهل رئيس الوزراء البرلمان حين وقع إعلان المبادئ مع اميركا رغم ان الدستور ينص على عكس ذلك؟ لماذا مدد رئيس الوزراء حالة الطوارئ دون إذن من البرلمان كما ينص الدستور؟ لماذا لم يعترض البرلمان على سلبه حقه الدستوري؟ كيف سيتمكن من أداء مهامه إن لم يكن حريصاً او لم يكن قادراً على الدفاع عن صلاحياته؟ هل سيعترض مستقبلاً إن تجاوزت الحكومة على تلك الصلاحيات أم انه سينكمش كما فعل؟

ولماذا يعامل رئيس البرلمان العراقي أعضاء البرلمان وأسئلتهم بطريقة بعيدة عن الإحترام؟ لماذا يقبل أعضاء البرلمان ذلك؟ إن لم يكونوا قادرين على الدفاع عن انفسهم وعن احترام اسئلتهم أمام واحد منهم فكيف نأمن أنهم سيجرؤون على الدفاع عن مصالح الشعب امام قوى اكبر واكثر خطراً او اكثر قوة؟ ما هي صورة الديمقراطية التي تثبتها لدى المواطن حقيقة أن أعضاء مجلس النواب انفسهم غير قادرين على انتخاب رئيس ٍ يبادلهم الإحترام، وأنهم مجبرون على الخضوع لدكتاتورية قلة أدبه؟ هل المقصود بذلك تثبيت صورة مشوهة وجبانة للديمقراطية لدى المواطن تحضيراً له ليتقبل التجاوزات عليها وتسهيلاً لتخليه عنها وإحباط احتمال دفاعه عنها، عن حقه في الحكم، مستقبلاً؟ هذه الديمقراطية هل هي أمر مرتب القصد منه إحتقار أسئلة المواطن من خلال احتقار اسئلة ممثليه والتعامل معها باستخفاف لتشجيعه على نسيان اسئلته واهمالها؟ لماذا لا تجيب الحكومة عن اسئلة الصحافة عادة؟

من الذي يقود المؤامرة على الأسئلة؟

العديد من الأسئلة الجميلة في "ملجأ ايتام الإسئلة الجيدة" هذا، وربما تعرف بنفسك أسئلة اخرى اجمل منها، فهل تمكن بعضها من إغرائك لتتبناه، او تتبرع له بالبعض من وقتك وجهدك؟ هل داعب أي من هذه الأسئلة مقالقك؟ الم يتستفز تفسير السلطة لأي منها إحساسك بالخديعة ورفضك الضحك على الذقون، فوجدت نفسك تقول: يجب ان اعرف الجواب على هذا السؤال؟

"الحكومات الحرة مؤسسة على الشك وليس الثقة. الشك وليس الثقة هو ما يكتب الدساتير المحددة، لتربط أؤلئك الذين لا مناص لنا من ان نمنحهم السلطة.....لذا، فحين يتعلق الأمر بالسلطة يجب ان لايتحدث أحد عن الثقة بالآخرين، بل بربطهم بسلاسل الدستور لمنعهم من ارتكاب الخطايا. " ..... توماس جيفرسون



هوامش:

(*)" لكن يجب ان تتذكروا يا مواطني بلدي، بأن الإنتباه الأبدي هو الثمن الذي يجب على الشعب ان يدفعه من اجل حريته." أندرو جاكسون

($) "هناك صمام امان واحد يعرفه عموم الحكماء، يمنح الأفضلية والأمان للجميع، ولكن بشكل خاص للديمقراطيات في مواجهة الدكتاتورية. ماهو؟ إنه "عدم الثقة!" ديموسثينس

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=132972 (1)

http://video.google.nl/videoplay?docid=8510748876310097541&hl=nl (2)

(#) "إذا أملت أمة أن تكون حرة وجاهلة في نفس الوقت، فأنها تأمل بما لم يحدث يوماً ولن يحدث... لايمكن أن يكون الشعب في مأمن بدون المعلومات. فعندما تكون الصحافة حرة، ويكون كل انسان قادر على القراءة، سنكون في أمان" توماس جيفرسون

(@) الجيش الأميركي استهدف فندق فلسطين ببغداد "عمدا"
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/5D68141C-83B2-4EEE-9E96-FFAD29851AE6

مرصد الحريات يطالب بإعادة البت بقرار اغلاق اذاعة العهد
أبدى مرصد الحريات الصحفية في العراق استغرابه من اغلاق الحكومة العراقية اذاعة العهد يوم امس الخميس دون سابق انذار او وجود امر قضائي. http://www.alkufanews.com/news.php?readmore=948

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=125077 (3)





#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعطونا تفسيراً محترماً واحداً لسعيكم إلى العمالة المصرية يا ...
- إستخدام الإلكترونيات في الإنتخابات ليست حضارة وإنما محاولات ...
- أن يدرك الشعب أن الدكتاتورية إحتلال أيضاً وأن يؤمن بحقه في م ...
- المالكي وقصة التمديد -الأخير-
- ألإنتحار يقتل من الجنود الأمريكان أضعاف قتلاهم في العراق وأف ...
- وصية أهلنا القديمة في -الصداقات- المريبة
- صولة الفرسان: أمتعاض الناس من جيش المهدي لايعني احترامهم للم ...
- رسائل محيرة من مدينة الصدر والبصرة تكشف انشقاقاً خطيراً
- الإعلام وكتابة التأريخ
- توفير الوقت اللازم للقتلة
- صديقي الذي قضى في بشتاشان، حلبجة العرب
- ألليبرالية: ثورة عمال سرقتها الشركات وقلبتها على رأسها
- نحو علاقة حميمة وعهد شرف مع أسئلة رؤوسنا
- ممثلونا يفاوضون اصدقاءنا على حقهم بقتلنا
- نظام القائمة المرنة- مقترح لنظام انتخابات أفضل
- المالكي وسيناريو السادات
- هدية مشاغبة متأخرة بعيد الشيوعي العراقي: السفير والسكرتير
- من قال ان بدر ليست ميليشيا وان البيشمركة لم تشتبك مع الحكومة ...
- سرقة آشتي لحقول النفط ليست جزء من الخلاف الدستوري بين بغداد ...
- حل سريالي لمشكلة كركوك


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - إسألوا الأسئلة – طالبوا بأجوبة