أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ناظم الديراوي - حملة نابليون في الفكر العربي المعاصر(2)














المزيد.....

حملة نابليون في الفكر العربي المعاصر(2)


ناظم الديراوي
(Nazim Al-Deirawy)


الحوار المتمدن-العدد: 2274 - 2008 / 5 / 7 - 09:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في بحثه(المشرق العربي والغرب)أضفى الدكتور جلال أمين أهمية خاصة على الحملة الفرنسية ورأى فيها بداية اتصال الشرق العربي بالغرب الحديث.واعتبرها بداية(التمدن)العربي الذي مَهَّدَ ليقظة العرب وتقدمهم.غير أنه يعتقد أن من يرفض هذه النظرة من شأنه أن يعتبر نقطة التحول الأجدر بالاهتمام إنما تقع في السنوات الأخيرة من العقد الرابع من القرن التاسع عشر.إذ شهدت هذه الفترة البداية الحقيقية لضغط الغرب اقتصاديا وعسكريا،وبهذا دشنت ما يزيد على قرن كامل من السيطرة البريطانية والفرنسية على المشرق العربي.هذه البداية التي تمثلت في عقد الاتفاقية التجارية بين بريطانيا والباب العالي سنة(1838)،وفي احتلال بريطانيا لعدن في السنة التالية(1).وفي السياق نفسه أوضح الدكتور علي محافظة آثار الحملة على مستقبل العرب؛إذ فتحت باب الصراع الدولي في الشرق العربي على مصراعيه،وأطلقت العنان لمخططي السياسة الاستعمارية في أوروبا،فقدموا مشروعات عديدة ترمي إلى تجزئة الدولة العثمانية واقتسام ممتلكاتها،في وقت بلغ الجشع الاستعماري،مع انتشار الثورة الصناعية،أوجه،وكانت فلسطين بحكم موقعها الجغرافي والاستراتيجي وأهميتها الدينية هدفاً لمخططي هذه السياسة(2).كما ونسب الدكتور عبد الوهاب الكيالي إلى حملة نابليون فضل إيقاظ أطماع بريطانيا ورغبتها في السيطرة على المنطقة بشكل أكثر مباشر نظراً لما انطوت عليه من تهديد خطير لمصالح بريطانيا في الهند(3).ولاحظ أن اهتمامات بريطانيا بالمنطقة العربية لم تقتصر على تأمين الطرق التجارية للهند،والمواصلات البحرية العسكرية وحمايتها،بل كانت تريد أن تحتفظ بالمنطقة لحساب نفوذها،وذلك عن طريق سيطرة أُسطولها والحفاظ على الإمبراطورية العثمانية كحاجز في وجه أطماع الدول الأوروبية الأخرى(4).من جهته لاحظ المؤرخ أميل توما أن سبب إضعاف النظام الإقطاعي وسلطة المماليك في مصر وإشاعة الأفكار البرجوازية...وتنمية البذور القومية مرتبطة بإفرازات حملة نابليون.وزعم أن الحملة على بلاد الشام لم تؤثر في حياة المساحة الفلسطينية بل وطدت سلطة أحمد الجزار (5).وفي هذا يكرر توما ما أورده حتي في كتابه(تاريخ سورية ولبنان وفلسطين)؛بلغ الجزار أوج مجده سنة(1799)إثر فوزه بإيقاف زحف نابليون(6).ويرى المؤرخ توما في الحملة الفرنسية عنصراً فعالاً في تغيير أوضاع الشرق العربي من حيث طرح قضيته في الدبلوماسية العالمية ودخول القوى الاستعمارية كعنصر منافس لتحريك الأحداث في منطقة طال سباتها في ظل نظام جامد هو الحكم العثماني(7).من جانب أخر يرفض بعض المؤرخين المصريين نسب فكرة دخول المدنية الحديثة إلى مصر وبلاد الشام إلى الحملة الفرنسية.إذ يجب أن يكون واضحاً،في اعتقادهم،أن الفرنسيين إذا كانوا قد قاموا بمهمة تعريف أهل الشرق بالمدنية الحديثة فإنهم لم يدخلوا هذه المدنية إلى أقطار الشرق،ولم يتركوا شيئاً منها عندما غادروا البلاد فقد أخذ الفرنسيون معهم كل شيء،وزال ما كان قد تبقى وراءهم من مظاهر هذه المدنية في السنوات التي أعقبت خروجهم.التي ابتدأت بالصراع والقتال والتنافس بين الطامعين في الحكم إلى أن انتصر الشعب في النهاية،وبعد ذلك بدأت النهضة الحديثة في مصر ثم في غيرها من أقطار العالم العربي معتمدة على جهود العرب وأحوالهم وحكوماتهم(8).ومع أن حملة نابليون كانت فاتحة الاستعمار الأوروبي في العالم العربي،وهي مشكلة ما زالت الدول العربية تقاسي منها ومما يحيط بها من ملابسات إلى الوقت الحاضر،إلا أن الحملة الفرنسية كانت المناسبة التي أوقفت أنظار الشرق على هذه المدنية الحديثة وعلى تفوقها وأقنعتهم بوجوب اقتباسها(9).
هذا وإن كانت حملة نابليون على المشرق العربي قصيرة الأمد(1798-1801)،غير أنها أحدثت عدداً من التطورات والتحولات في المنطقة العربية،واستمرت،ولم تنقطع،حتى بعد جلاء الحملة عن مصر،إذ استغلتها الدول الكبرى وسخرتها لخدمة مصالحها وأهدافها السياسية والاقتصادية.ولا شك أن الغزو الفرنسي شكل نقطة تحول في تاريخ المنطقة ووضعها على طريق الانخراط في السياسة الدولية.وأدى عجز العثمانيين وسلطاتهم المحلية في مواجهة التحديات الخارجية إلى دخول الولايات العثمانية في مجال المنافسة بين الدول الكبرى وتحويلها،تدريجياً،إلى جزء لا يتجزأ من المسألة الشرقية.وعملت الدول الأوروبية على إقامة علاقات مباشرة مع شعوب وطوائف وملل السلطنة العثمانية وتمكنت من كسب بعض مراجعها الدينية والعرقية إلى جانب سياستها التي ألحقت أضرارا فادحة بثروات ومستقبل الأمة العربية.وما مشروع نابليون"إقامة كومنولث يهودي في فلسطين"الذي طرحه عام(1798)،إلا واحداً من أخطر إفرازات الحملة الفرنسية،والذي كان له أثر كبير على مستقبل فلسطين والمنطقة العربية،وتحديداً بعد أن تبنته بريطانيا ليشكل،في وقت لاحق،برنامجاً سياسياً وممارسة عملية لإنشاء كيان صهيوني استعماري في فلسطين طوال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين.ومن نتائج الحملة الفرنسية على المشرق العربي،أيضاً،أنها أشعرت العثمانيين ورعاياهم بالتخلف مقارنة بأوروبا الناهضة،وحاجتهم للإصلاح الشامل حفاظاً على كيان الدولة العثمانية الآيلة إلى التصدع والانهيار...
المصادر
1-د.أمين،جلال،المشرق العربي والغرب.بيروت/1979،ص15.
2-د.محافظة،علي،العلاقات الفلسطينية- الألمانية(1831-1845).بيروت/ 1981،ص26.
3-د.الكيالي،عبد الوهاب،تاريخ فلسطين الحديث.بيروت/1976،ص10.
4-المصدر نفسه،ص11.
5-د.توما،أميل،فلسطين في العهد العثماني.عمان/ بدون تاريخ إصدار، ص61.
6-المصدر نفسه،ص62.
7-د.قدورة،زاهية،تاريخ العرب الحديث.بيروت/1985،ط:2 ص32.
8-د.عبد الكريم،د.البطريق،د.أبو الفتوح،تاريخ العالم العربي في العصر الحديث،القاهرة/ بدون تاريخ إصدار.ص119.
9-المصدر نفسه،ص119-121.



#ناظم_الديراوي (هاشتاغ)       Nazim_Al-Deirawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حملة نابليون في الفكر العربي المعاصر
- وَجَعُ الغَرامِ
- الوَصيَّةُ
- نسرين ومرجان
- مؤثرات عربية في الأدب الأوكراني
- بغدادُ وموصلي
- البصرةُ أنيسةُ البحرِ
- بُدع وزوغان العقيدة الألفية
- أضاليل العقيدة البيوريتانية
- يا لخزينا المُشين..!
- صفحة سوداء للقراصنة البؤساء
- شجون عابرة
- تشاكل العفة والدنس
- يفغيني يفسييف ناصر الحق العربي /الحلقة الثانية
- يفغيني يفسييف ناصر الحق العربي
- (فرية(الإشتراكية-الصهيونية
- فلسطين في الفكر السياسي المُتطرف
- من الأساطير إلى العقلانية
- ابداعات الدُرّه تجريب تجريدي
- الحلقة الثالثة - صورة الإسلام في الإستشراق المُبكر


المزيد.....




- سلاف فواخرجي تدفع المشاهدين للترقب في -مال القبان- بـ -أداء ...
- الطيران الإسرائيلي يدمر منزلا في جنوب لبنان (فيديو + صور)
- رئيس الموساد غادر الدوحة ومعه أسماء الرهائن الـ50 الذين ينتظ ...
- مجلس الأمن السيبراني الإماراتي يحذّر من تقنيات -التزييف العم ...
- -متلازمة هافانا- تزداد غموضا بعد فحص أدمغة المصابين بها
- ناشط إفريقي يحرق جواز سفره الفرنسي (فيديو)
- -أجيد طهي البورش أيضا-... سيمونيان تسخر من تقرير لـ-انديبندت ...
- صورة جديدة لـ -مذنب الشيطان- قبل ظهوره في سماء الليل هذا الش ...
- السيسي يهنئ بوتين بفوزه في الانتخابات الرئاسية
- الفريق أول البحري ألكسندر مويسييف يتولى رسميا منصب قائد القو ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ناظم الديراوي - حملة نابليون في الفكر العربي المعاصر(2)