أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عصام شكري - الحزب الاسلامي وتحالف أمريكا الرباعي وحول تحالف اليسار















المزيد.....


الحزب الاسلامي وتحالف أمريكا الرباعي وحول تحالف اليسار


عصام شكري

الحوار المتمدن-العدد: 2200 - 2008 / 2 / 23 - 11:26
المحور: مقابلات و حوارات
    


لقاء تلفزيون سيكولار مع عصام شكــــري*

خيال ابراهيم: هناك حديث عن ادخال الحزب الاسلامي العراقي الى التحالف الرباعي والمشكل من قبل حزب الدعوة والمجلس الاعلى الاسلامي والحزبين القوميين الكرديين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني. تم الاعلان عن هذا رسميا من قبل قيادي في المجلس الاعلى الذي قال بان هنالك مذكرة تفاهم تجمع الحزب الاسلامي والمجلس الاعلى حول مجموعة من القضايا السياسية والامنية . ما هو برأيك سبب اصطفاف قوى اسلامية طائفية متناقضة مع بعضها في هذه المرحلة . فالحزب الاسلامي هو حزب اسلامي سني طائفي مع حزب اسلامي شيعي طائفي ايضا. هل ان الفوارق الطائفية بدأت بالذوبان ويتم تشكيل التحالف على اسس اخرى؟.

عصام شكـــري: اعتقد ان احد الشيوخ من المجلس الاسلامي الاعلى صرح بوجود مذكرة تفاهم بينهم وبين الحزب الاسلامي. والحزب الاسلامي كما هو معروف هو الواجهة السياسية لجبهة التوافق العراقية وهي جبهة برلمانية واعتقد ان لديها 44 عضو فيما يسمى البرلمان العراقي (اللوياجيركا او مجمع العشائر والطوائف العراقية). وجود هذا التحالف في ظاهره غريب ، لانه يجري بين قوة اسلامية طائفية شديدة الرجعية مثل الحزب الاسلامي واخرى طائفية مقابلة وهي القوى الاسلامية الشيعية اي المجلس الاعلى الاسلامي، تمهيدا لادخاله في تكتلهم الرباعي ولكن في جوهره طبيعي. انه تعبير عن ان الخطوط او المحاور الطائفية التي سادت في اوائل او بعد اسقاط نظام صدام واقتلاع الدولة من قبل امريكا وقواها وتشكل فراغ ملئ بهذه الميليشيات الاسلامية ومن ضمنها حزب الدعوة والمجلس والحزبين القوميين الكرديين قد ازيحت. في تلك الفترة حصل تناحر عنيف بين المجاميع الاسلامية على اساس طائفية كل منها. اليوم يجري اعادة اصطفاف او استقطابات جديدة داخل هذه القوى. ان ما يجري ليس ذوبان للطائفية او المذهبية بالمعنى المدني؛ أي تحول تلك القوى من دينية الى سياسية وبالتالي تنازلها عن اسلاميتها او طائفيتها او تخلف مناهجها. فما يزال الحزب الاسلامي حزبا اسلاميا دينيا وطائفيا. الحزب الاسلامي في شكله ومحتواه قوة سياسية رجعية معادية للمساواة والحرية والتمدن. فماذا يريد ان يقول الحزب الاسلامي عن نفسه؟. انه ليس حزباً سياسياً بالمعنى المدني ولا يمكن ان يكون كذلك الا اذا غير تعريفه. فالحزب السياسي لا يمكن ان يختم ختما دينيا على تعريفه و نشاطه السياسي. انه باطلاق صفة دينية على نفسه فانما يقوم بصب اهتمامه على مجموعة محددة وتقسيم المجتمع ضمنا الى مجاميع مزيفة وهمية. ان الحزب الاسلامي يقسم البشر حسب الدين وذلك وهم . نفس التعريف موجود عند المجلس الاسلامي الاعلى وهو حزب ديني طائفي وجوهرا هو تنظيم ميليشياتي مدعوم من ايران ولكنه شبيه بالحزب الاسلامي . ان التحالف بينهما سببه الازاحة الحاصلة في مواقع الخطوط التي كانت تقسمهم.

المجلس الاسلامي والحزب الاسلامي يتحالفان اليوم تحت المظلة الامريكية. هذان الطرفان، بالاضافة الى القوى الاخرى الدينية والقومية - حزب الدعوة والحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وهي قوى امريكا وموالية للنهج السياسي لامريكا، اي نهج البرلمانية او التعددية البرلمانية ( على اسس دينية وقومية وليس مواطنية ) . بهذا المعنى فان هاتين القوتين تنازلتا او اجبرتا بضغط من المحتل الامريكي على التخندق في المشروع الامريكي بعنوانه السياسي العام. اذا جاز لنا القول فان هناك نوع من التجاوز لحالة الطائفية الفجة نحو التبلور من اجل تقوية المشروع الامريكي من جهة ولمقاومة مشروع الاسلام السياسي المعادي لامريكا والمتمثل تنظيمات القاعدة من جهة وجماعة مقتدى الصدر ومؤخرا برزت اشكال جديدة من التنظيمات كجند السماء واليماني. اعادة الاستقطابات اذن هي نتيجة تبلور مشاريع سياسية: واحدة موالية لامريكا واخرى موالية للاسلام السياسي المعادي لامريكا.

خيال ابراهيم: لقد تحدثتم عن هذه الفكرة من قبل وهو اعادة الاصطفاف. هل ان اعادة البرجوازية لاصطفافاتها يعني انها باتت اليوم اكثر قوة من قبل وان العمال والاشتراكيين اصبحوا خارج اللعبة؟. هل ان التحالف اليميني هذا يزيد من قوة جبهة اليمين في المجتمع؟

عصام شكـــري: كلا. ان التحالف من هذا النوع يدل بالتحديد على ضعف اليمين. عندما يتحالف حزبان اسلاميان طائفيان احدهما شيعي والاخر سني فان ذلك يدل على وجود وهن يحاولون بتحالفهم تداركه. هذا التاكتيك الذي يستعملوه الان هو نتيجة انهيار نفوذهم ( الديني والطائفي تحديدا) والاجتماعي داخل المجتمع.

ارى في هذا التحالف الاسلامي الطائفي وبالرغم من كل ما يقال من قبل جبهة اليمين في العراق واؤلئك هم زعمائها حاليا، فان افعالهم تشي بالعكس تماما. ان التحالف ليس دليل قوتهم السياسية او الاجتماعية بل لان كل فريق قد خسر مواقعه ونفوذه وينفض الناس عنه. انه دليل على تفتت هذه القوى واندحارها سياسيا وهي تلجا لذلك ومن اجل الحفاظ على وجودها، الى التخندق المشترك أي التكتل او التحالف (الكتلة الرباعية). بهذا المعنى لا يدل تحالف قوى امريكا الطائفية والاسلامية على ضعف اليسار او الحركة الاشتراكية او العمال وليس له علاقة بتراجع الحركة العمالية او العلمانية بل يدل على ضعف البرجوازية نفسها وعجزها البين. هذان الحزبان قوتان برجوازيتان اسلاميتان لم تجدان وسيلة لابقاء الهيمنة والتسيد الطبقي او ادامة وجودها في السلطة الا بعقد التحالفات بينها. لقد تخندف هؤلاء في الماضي القريب ضد بعضهما البعض، كل منهما يحاول انهاء خصمه باي ثمن (وجدت عبوة ناسفة في سيارة احد اعضاء جبهة التوافق وهو من الشخصيات المعروفة ويحاول من خلالها ان يفجر غريمه عن طريق احد افراد حمايته). لحد فترة قريبة يحاول هذا الطرفان الرجعيان ان يلغيا الوجود السياسي لبعضهما. الان يجدون ان التحالف هو البديل ويبدأون بعقد المشاورات. انهم يدركون بالطبع انه دون التحالف فان القوتين معرضتان للانهيار. كما ان الانتماء الى الكتلة الاكبر وهي الكتلة الموالية لامريكا والمدعومة من اليمين الامريكي يكسب مشروعهم السياسي البرلماني قوة ومصداقية. ذلك لا علاقة له بواقع التضاد الاجتماعي في العراق. اليسار موجود في العراق ولكن خارج اروقة هذه القوى الرجعية. اليسار موجود في حركة الجماهير المطبية والتحررية؛ في الشوارع والمعامل وداخل الحركة النسوية والاشتراكية ومنظماتها. هذا التحالف او الاصطفاف الرجعي بمعنى اخر هو محاولة اليمين التابع لامريكا وقف تقدم اليسار او العلماني و المد الاعتراضي ولرأب الصدع داخل جبهة البرجوازية الدينية التي افلست اجتماعيا وسياسياً بعد اربع سنوات على حكمها.

خيال ابراهيم: ان الاسلاميين الموالين للنهج الامريكي البرلماني والمسؤلين عن افراز نظام ديمقراطي اسلامي وقومي طائفي شديد الرجعية قد حققوا نجاحات منها سحب فتيل قوة الاسلام السياسي بجناحيه الشيعي كمقتدى الصدر وجند السماء واليماني ومن جهة اخرى القضاء على القاعدة وتنظيماتها. هل ان ارجاع المجتمع الى الحالة الطبيعية هو رهن بسيادة قوى امريكا وتفوقها وبالتالي فسح المجال امامها لتحسين الامن والاستقرار وتوفير الرخاء للمواطنين. هل ان جبهة امريكا بامكانها ان تحقق تلك المهمات والتي يبدو انها مازالت غير منجزة كما يتضح جليا من الانتخابات الرئاسية الامريكية؟؟

عصام شكـــري: لقد اجبت على هذا السؤال ضمناً. هذا التحالف بين قطبين رجعيين في العراق كل منهما يمثل او يدعي تمثيل شريحة طائفية معينة هو دليل عجز تلك القوى. في حالة مشوهة كحالة العراق اليوم أي الحالة الاسلامية فان مظهر القوة يتجسد في التمترس الطائفي. دليل قوة الاسلاميين هي حالة كمقتدى الصدر وبن لادن ( أي معاداة امريكا ورفع السلاح بوجه الاستكبار وقوى الكفر.. الخ) ولكن الحالف داخل المعسكر الامريكي يريد ان يدفع بمنهج الديمقراطية الطائفية بمعنى ديمقراطية تكون فيها الطائفة الشيعية اغلبية والسنة اقلية والعرب عرب والاكراد اكراد الخ. انهم يقسمون المجتمع حسب هذه الديمقراطية الى فئات وهمية ومن ثم يقولون ليقبل السنة بالاقلية في مجلس النواب لان عددهم في المجتمع اقل. السؤال هو من قال ان هؤلاء البشر يريدون ان يصنفوا كسنة او شيعة؟ فقط الاحزاب الاسلامية الطائفية تود تصنيف المجتمع على اسس دينية وليس على اساس المواطنة citizenship. ليست الديمقراطية التي يحاولون تطبيقها اليوم في العراق ديمقراطية ليبرالية (لا امنح هنا افضلية او مصداقية للديمقراطية الليبرالية ولديمقراطية الغرب على ديمقراطية الاسلاميين كما ان ايران والسعودية ديمقراطية— مجلس الشورى في السعودية يطبق الديمقراطية بينما لا يظم امراة واحدة وهو شديد التخلف والرجعية !). تلك القوى الاسلامية تدافع عن الديمقراطية والمنهج الامريكي وهي تتمترس ضد القوى المعادية لامريكا—أي الاسلام السياسي. ان تلك القوى ليست قادرة على اضعاف الارهاب او تحقيق الامان في العراق. بالعكس تلك القوى ترتجف لانها غير متيقنة من مصيرها وتحاول ان تثبت اقدامها. ان ما اضعف قوى الاسلام السياسي المعادي لامريكا في العراق ليس قوة معسكر امريكا بل بالعكس تراجع وهزيمة النظام العالمي الجديد لامريكا (قرار الحزب حول الاوضاع السياسية في العراق بعد افول النظام العالمي الجديد ان النظام العالمي الجديد). نتيجة هذا التراجع فان الاسلام السياسي المقاتل لامريكا بدأ بفقدان تعريفه السياسي. ليس له هوية واضحة اليوم. فماذا يقول مقتدى الصدر اليوم و امريكا تلوح بالانسحاب وهي بدعم الديمقراطيين في الكونغرس تقول لنتفاوض مع الجمهورية الاسلامية ولنتفاوض مع تلك القوى ولندخل البعثيين الى السلطة ( قانون العفو) وتدعو مقتدى الصدر نفسه الى قبول العملية السياسية واعطاءه دور سياسي قوي (بعد ان جردته من السلاح). الاسلام السياسي بدأ بالضعف واوراقه تحترق الواحدة بعد الاخرى. ذلك يشمل قوى تنظيمات القاعدة ومقتدى الصدر التي تحارب ”الكفار والصليبيين والمستكبرين“. ان تراجع النظام العالمي الجديد يتم على صعيد عالمي مع ادراك ان المعركة هي اساسا في العراق. ان هذا الفشل الامريكي هو الذي اضعف الاسلاميين. ان الاسلاميين الموالين لامريكا هم مجرد اوراق لعب تستعملها امريكا. فالمالكي والجعفري والحكيم والهاشمي كارتات سياسية تحرقها امريكا او تمزقها في أي لحظة تشاء. ان اعطاءهم هذا الحجم هو مبالغة. تلك القوى كارتونية وتتحرك بالخيوط كالدمى الخشبية. دخول الحزب الاسلامي بالتحالف جاء برأيي بتوصيات من رايان كروكر وساسة البيت الابيض. كما ان انفصالهم ايضا سيأتي باوامر امريكا وتبعا لنجاح او فشل السياسة الامريكية ووصايا المحتل الامريكي في هذه اللحظة او تلك.

دعوات لتحالفات اليســـــــار

خيال ابراهيم: نأتي الان للحديث عن اليسار في العراق. هناك دعوات تطلقها بعض القوى اليسارية العراقية حول توحد وتحالف اليسار وتشكيل جبهة واسعة لليسار للوقوف بوجه جبهة اليمين وتحقيق بديل اليسار أي الحكومة العلمانية والمجتمع المدني. حتى ان بعض تلك الدعوات تطالب باقامة جبهة ثالثة او معسكر ثالث وتسميه معسكر اليسار . ما تعليقكم على تلك الدعوات. هل تواجهون تلك الدعوات بايجابية. كيف تردون على تلك الدعوات دون ان تصفوا بالمخربين او المتطرفين او كما يقول البعض الايديولوجيين.

عصام شكــري: نحن نقف في الصف الامامي للدعوة الى بروز اليسار وقوته. نحن ندعو الى دفع اليسار قدما الى الامام واحلال بديله في المجتمع. نحن نعرف ماهو بديل اليسار: انها العلمانية والمواطنة ومساواة المرأة بالرجل وحقوق العمال ومصالحهم وابراز دورهم ونزولهم الى ميدان النضال الاجتماعي . انه الاشتراكية. هذه بدائل اليسار ونحن نناضل من اجلها. انا مع كل قوة تطالب بدفع اليسار الى الامام. نريد باليسار ان يدفع الى الميدان. ولكن منهج التحالف شئ اخر. لماذا تتحالف قوى اليسار او تريد التحالف؟. فالتحالف يبغي معالجة مشكلة ما تعاني منها الاطراف المتحالفة. برأيي ان قوى اليسار تتصور ذاتيا، وانا اتحدث هنا خارج اطار الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي، بانها ضعيفة وتعاني من مشاكل تنظيمية وتعبوية وانها غير قادرة على التطور والنمو والتأثير داخل المجتمع. وهذا الضعف والهزال والذي تشعر به تلك القوى تحاول ان تعالجه، بدلا من العمل على قضايا اليسار والاشتراكية وتصعيد النضال ضد النظام الرأسمالي ونقد قواه الاصلية او بدلا من تصعيد المطالبة بمساواة المرأة بالرجل، او نقد الاسلام السياسي فهم يطرحون التحالف: انهم يقصدون: نحن ضعفاء، لنتحالف. انا انتقد هذا المنهج. اقول لليساريين وللاشتراكيين ان امامكم مجتمع ب 30 مليون انسان محروم متعب ومنهك يعاني من انعدام المساواة والحرية والامن. اذهبوا وتصدوا لمشاكل المجتمع والناس ونظموا قوى الجماهير، اذهبوا ودافعوا عن كرامة ومساواة المرأة، انتقدوا الاسلام السياسي وواجهوه بقوة. ارفعوا شعاراتكم الاشتراكية والراديكالية داخل المجتمع. ولكن اليسار الذي يأتي اليوم ويقول: ” نحن مع الاسلام السياسي المعتدل“ او ”نحن مع الوطن والوطنية والمواطنين الشرفاء ومع كل مواطن شريف“. هذا هراء. هذا ليس يساراً. لا يمكن تعريف اليسار على اسس ومقولات قومية وانتهازية كالاسلام المعتدل. ما معنى الاسلام المعتدل؟ انه يعني ان تلك القوى تريد ان تعطي مصداقية وشرعية لتلك القوى الاسلامية بقصد التحالف معها. انه يقسم الاسلام الى معتدل ومتطرف من اجل ترك الباب مواربا لعمل التحالف مع القوى الرجعية من اجل زيادة شعبية تلك القوى ( او نقص نفوذها ). يجب فضح هذه الافكار الرجعية والمدمرة للحركة الاشتراكية. الاسلام السياسي حركة بربرية بكليتها وليس فيها اي اعتدال وتطرف. اما ان تكون اسلامي او لا تكون. لا يمكن ان تكون اسلامي معتدل. الاسلام السياسي قائم على تحقير المرأة ومعاداة الحركة الاشتراكية واستغلال الطبقة العاملة. ومن جهة اخرى هناك قوى داخل الحركة القومية العربية والتي ضربت ضربة قاصمة بدأت برفع شعارات اليسارية لتقول: نحن يساريون. يكتبون في الصحافة والاعلام ويدعون الى التحالفات والجميع يعرف انهم قوميون او من التيارات القومية المهزومة. ان مصلحة تلك التيارات اليوم ان تدعي اليسارية من اجل ايجاد موطن قدم لها وازاحة حركة وتيارات الاسلام السياسي التي حلت محلها في السلطة. مع ذلك اقول قد تكون تلك التيارات قومية او يسارية قومية ولكن ان يقال ان تلك التيارات يسارية وتطالب بالتحالف مع قوى قومية و ”اسلام معتدل“ فهو محل نقد وعلى الاشتراكيين والشيوعيين ان يفضحوا هذه القوى.

خيال ابراهيم: قلتم سابقا بان الديمقراطية ليست مقولة اساسية لدى الشيوعيين العماليين. ماهي المقولة الاكثر جوهرية واساسية لديكم. فالعديد من نالناس يعتقدون ويروجون بان الديمقراطية هي اهم هدف تسعى اليه المجتمعات والافراد.

عصام شكـــري: قلنا ان الديمقراطية ليست محل اهتمام الشيوعيين والشيوعية العمالية تحديداً والاشتراكيين لا ينظرون الى الديمقراطية ولا يعتبروها جزءا من اهدافهم السياسية. السبب انه تعريفنا للديمقراطية او كما هي من الناحية الواقعية الوعاء الذي استعملته طبقات اجتماعية محددة خلال التطور التاريخي من اجل عملية صياغة واتخاذ القرار السياسي وبتعبير اخر هي العملية process او الصيرورة التي يتخذ من خلالها القرار في الدولة البرجوازية او التي تسيطر عليها الطبقة البرجوازية. تاريخيا نشأت الديمقراطية خلال القرنين او الثلاثة الماضية بعد صعود الطبقة البرجوازية واحرازها لانتصارات سياسية ساحقة على الطبقة الاقطاعية وعلى سلطة الكنائس وعلى حكم الملالي والائمة والقساوسة في اوربا ورجال الدين. وبصعود الطبقة البرجوازية استعملت تلك الطبقة هذه الالية المطالبية ( الية لتحقيق مطالب الفئات الاجتماعية ) التي استمرت بالنضال من اجلها وصارت سمتها المشخصة او اللازمة للمجتمع البرجوازي.

بالنسبة للاشتراكيين فانهم ينظرون الى الديمقراطية على انها قولبة او وضع اطار محدد للحرية الانسانية؛ تحجيم تلك الحرية وتقزيمها. ان الحرية الاشتراكية اوسع نطاقا واكثر جذرية واكثر انسانية من الديمقراطية البرجوازية. انها تشمل الانسان بكل خصائصه وبكامل وجوده الاجتماعي وبالتالي فان الاشتراكيين وجوابا على السؤال ينظرون الى الحرية كمفهوم ومقولة اساسية وهم معنيون بالاجابة على مسألة الحرية وليس الديمقراطية.

خيال ابراهيم: الطبقة البرجوازية تنظر الى الديمقراطية على انها الحرية. هل من الممكن معرفة كيفية ظهور الديمقراطية وانها حصيلة أي نظام؟.

عصام شكـــري: الديمقراطية هي حصيلة صعود الطبقة البرجوازية وتسيدها في المجتمع وظهور الرأسمالية كنظام اقتصادي واجتماعي قائم على اساس الملكية الخاصة لوسائل الانتاج. من الناحية التاريخية فان الديمقراطية قد برزت خلال القرنين او الثلاثة الماضية خلال صيرورة تاريخية ظهرت من خلالها الطبقة البرجوازية التي قامت بتأطير العملية السياسية ( أي عملية المشاركة في السلطة ). سمي هذا الاطار بالعملية الديمقراطية او سلطة الشعب. ولكن الديمقراطية ليست مفهوم مطلق. بمعنى لكل حقبة تاريخية معينة توجد قوى معينة تطلق على نفسها كلمة الديمقراطية او صفة الديمقراطية او هي تطلق على نضالها من اجل المشاركة في السلطة السياسية اسم النضال الديمقراطي. بعذا المعنى فان النضال من اجل، مثلا، تحرير الزنوج في امريكا ودخولهم الى العملية السياسية ومشاركتهم بالعملية السياسية للطبقة البرجوازية السائدة يعتبر من الناحية من النواحي نضالا ديمقراطية. نضال النساء في امريكا مثلا من اجل الدخول في العملية الانتخابية وترشيح انفسهم كنائبات في البرلمان او حتى حق الانتخاب كأمراة. كل ذلك النضال جاء ضمن مجتمع وظروف معينة كانت الطبقة البرجوازية هي التي تضع له القواعد. كما بينت فان هذا المجتمع يقوم على اساس اقتصادي وهي الملكية الخاصة وله سمة طبقية واضحة. ان الديمقراطية مقترنة بنظام حكم الطبقة البرجوازية ومقترنة بالرأسمالية. ولكن الطبقة البرجوازية نفسها تحاول ان تبين وكان الديمقراطية ( تماما كالرأسمالية )هي مسألة ابدية وخالدة وبالتالي تحاول غرس هذا الفهم في وعي جميع طبقات المجتمع ومنها الطبقة العاملة وتحاول ان تجعل نضال الطبقة العاملة دائما نضال قانوني وشرعي .

خيال ابراهيم: يعتبر الساسة البرجوازيون ان الديمقراطية هي توسيع لقاعدة المشاركة السياسية للفئات المهمشة والمعزولة وزيادة حرية الافراد في التدخل في شئون المجتمع وتحديد مسارات مجتمعهم. كيف تنظرون الى الموضوع.؟

عصام شكـــري: بالنسبة للعملية الديمقراطية فكما قلنا انها صيرورة او مطالبة لشرائح معينة بالدخول في العملية السياسية لاشراكها في العملية السياسية وتوسيع قاعدة مشاركتها في السلطة. لناخذ مثل من العراق. العراق مقسم اليوم ونتيجة لوجود قوى دينية طائفية اسلامية؛ شيعية وسنية واخرى قومية؛ عربية كردية وتركمانية وغيرها من التقسيمات. لنفترض جدلا بانه عندما لا يكون هناك مقاعد كافية للتركمان على سبيل المثال ( او متناسبة مع نسبة عدد المتحدثين بالتركية في العراق ) في البرلمان فان نضال السياسيين او القوميين التركمان الان من اجل احراز عدد مقاعد اكبر فان نضالهم يسمى، حسب البرجوازية، ويشاد به على انه نضال ديمقراطي. انه توسيع قاعدة المشاركة السياسية لما يسمى فئات المجتمع. ولكن من يحدد فئات المجتمع؟ نفس الطبقة البرجوازية هي التي تقسم المجتمع الى: عرب واكراد وتركمان وسنة وشيعة ونفس الطبقة البرجوازية تنتج هذه التقسيمات وبالنتيجة تجعل الاكثر تهميشا في نضالها لزيادة عدد المقاعد نضالا ديمقراطيا وتمتدحه. ولكن لننتبه ان العملية برمتها جوفاء وسخيفة.

ان توسيع قاعدة المشاركة في السلطة بهذه الطريقة لا يعني تمثيل حرية الانسان او حرية الافراد او المواطنين. ان وصفي لنفسي باني عربي او تركماني او كردي او سني او شيعي وبالتالي رغبتي في زيادة مقاعد التركمان او العرب او السنة ...الخ، ليس ذي معنى للعامل. ماذا يعني ذلك للعامل الذي يتحدث التركية او العربية او يلصق به صفة السني او الشيعي؟ هل يعني ان حياته سترفه اكثر؟ هل تعني ان حقوقه ستزيد؟ مالذي سيستفيده ذلك العامل؟؟ ان الموضوع لا علاقة له بحرية الافراد وتدخلهم في رسم مسار مجتمعهم.

لقد ربطت في سؤالك بين توسيع المشاركة السياسية وبين زيادة حرية الافراد وانا معارض لفكرة ان الديمقراطية لها علاقة بحرية الافراد او تزيد من حرية الافراد او مساواتهم او تجعلهم اكثر قدرة على تحديد مستقبلهم او مصير مجتمعهم.

خيال ابراهيم: اليس من المفترض ان "في الاتحاد قوة" كما يقال. اليس من المفترض ان تشاركوا في تدعيم هكذا جبهة من اجل ان تراها الجماهير وتختارها؟. اليس التحالف منهج استراتيجي للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي؟. لماذا؟ وكيف يتقوى اليسار اذن.؟؟

عصام شكـــري: برأيي ان التحالف ليس منهج ستراتيجي. من الممكن التحالف حول مسائل معينة. يمكن اقرار او الدفاع عن قانون او مسألة تمس مطلب مساواة المرأة الكاملة بالرجل. أي نشاط سياسي يواجه حركة الاسلام السياسي وينتقد الحركة القومية العربية والكردية نقف معها. بامكاننا الجلوس والتحدث لعمل مشترك ولكن التحالف على اساس مفاهيم كالاسلام المعتدل؟! الديمقراطية ؟! الوطن؟! تراب الوطن؟!. فلا علاقة لها باليسار ومبادئ اليسار والطبقة العاملة.

ان القوميين يروجون لهذه المقولات وهم من موقعيتهم الطبقية البرجوازية المهزومة يدافعون عن تلك القيم . انا اسمع ان تلك المقولات تلصق باليسار. ولكن اليسار ينتمي الى الطبقة العاملة والاشتراكية. اليسار لا ينتمي الى الوطن والقومية والدين. اليسار هي القوة السياسية المعبرة عن امال ونضال الطبقة العاملة. اليسار حركة مساواة المرأة الكاملة بالرجل. اليسار هي الحركة التي تسعى للاطاحة بالنظام الرأسمالي واقامة النظام الاشتراكي. اليسار يعني الالحاد وفصل الدين عن الدولة وعن التربية والتعليم ويعني مجتمع حر.

رأس حركة اليسار هي الشيوعية العمالية ونضال العامل من اجل الاشتراكية. لن يقوى اليسار الا بحركة الشيوعية العمالية التي ستسحب كل القوى الاخرى باتجاه اقصى المطالب اليسارية والراديكالية وبالتالي تسحب كامل المجتمع نحو اليسار والاشتراكية والتمدن وليكون اكثر انسانية. يجب تقوية حركة الشيوعية العمالية وحركة العامل المعترض، ليصبح بامكان اليسار التقدم وطرح بديله للمجتمع.

التحالف ليس حل في هذه الظروف. يجب على اليسار ان يناضل داخل المجتمع من اجل اكثر المطالب راديكالية وثورية للجماهير. هذا هو سبيلنا لتقدم اليسار ولاقتداره في المجتمع.

———————————————
عرضت في حلقة يوم 28-1-2008. تم اعادة صياغتها لتلائم النشر.
بالامكان مشاهدة اللقاء في صفحة الانترنيت وذلك بالذهاب الىwww.socialismnow.org والضغط على لنك تلفزيون سيكولار في الجانب الاعلى الايسر من الصفحة العربية.




#عصام_شكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول الديمقراطية والانتخابات الرئاسية الأمريكية
- موسى حسين المضحي للاشتراكية
- حول الشيوعية العمالية والماركسية
- درس من اكتوبر
- نظام مدرسي واحد
- ملاحظات حول أفول النظام العالمي الجديد
- امنح العقل إجازة مفتوحة
- اجندة اليسار
- أفكار موجزة حول الأوهام -الثقافية- التي يشارك في إنتاجها بعض ...
- فوضى عارمة تجتاح قوى البرجوازية الاسلامية والقومية
- حول قانون النفط والغاز ومواقف القوى السياسية
- وهم ”الحضارة الإسلامية“
- الوضع الراهن وبناء الحزب
- بمناسبة الاول من أيار رسالة الى العمال والعاملات
- وقف النتائج الكارثية للحرب رهن بصعود يسار راديكالي مناهض لقط ...
- حول النداء الموجه -الى القوى والأحزاب الماركسية في الوطن الع ...
- خطة بوش ”الجديدة“! تصعيد المواجهة الارهابية
- نداء الى قوى اليسار والشيوعية والاشتراكية في الشرق الاوسط
- الانتخابات الامريكية حول فوز الحزب الديمقراطي
- بإمكاننا إسقاط ”باستيل“ آخر لهم


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عصام شكري - الحزب الاسلامي وتحالف أمريكا الرباعي وحول تحالف اليسار