|
خصخصة الصهيونية
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 2191 - 2008 / 2 / 14 - 11:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خصخصة الصهيونية بقلم : نيف غوردون و ايريز تزفاديا 15 ديسمبر كانون الأول 2007 ز نت
مقابل أقل من أربع دولارات في الساعة ينقل مراهقون يهود الأثاث و الملابس و أدوات المطبخ و الألعاب من البيوت و يضعوها في الشاحنات . فيم كانوا يعملون باجتهاد بجانب العديد من رجال الشرطة الذين جاؤوا ليؤمنوا تدمير 30 منزلا في قريتين بدويتين غير مصرح بهما كان المراهقون البدو يقفون و هم يراقبون منازلهم فيما يتم إخلاءها . عندما جرى نقل كل الممتلكات قامت البلدوزورات بتدمير المنازل بسرعة . كل الحاضرين , يهودا و بدو , هم مواطنون إسرائيليون , تعلموا سوية درسا مهما في التمييز الذي يطبع الحياة المدنية في الدولة العبرية . هذا التدمير الحالي هو جزء من إستراتيجية بدأت مع تأسيس دولة إسرائيل . هدفها الأبعد هو تهويد الأرض . في هذه الحالة نفذت أعمال التهديم لبناء قريتين إسرائيليتين . إن بناؤهما يشكل جزءا من خطة أكبر بكثير تتضمن بناء حوالي 30 مستوطنة يهودية جديدة في النقب الإسرائيلي , عبر الاستيلاء على أرض البدو لأغراض عسكرية و بناء عدة دزينات من المزارع وحيدة الأسرة على الأرض التي كان البدو يسكنوها منذ أن تمت إعادة توطينهم من قبل الدولة في أوائل الخمسينيات . سأل ناشط بدوي , بعد أن شاهد تدمير المنازل , مراهقا إسرائيليا لماذا وافق على المشاركة في عملية الإجلاء . رد المراهق من دون أي تردد : "أنا صهيوني و ما نفعله هنا هو الصهيونية " . لم يكن المراهق على خطأ . و حتى ربما كان أصغر من اللازم ليدرك أنه حتى إذا لم تتغير الأهداف الكبرى للصهيونية فإن الأساليب التي تستخدم لتحقيقها هي عرضة لتغير جذري . فيما تقوم الدولة تقليديا بأداء مهام تهويد الأرض فإنها قد بدأت عبر السنين بنقل كثير من مسؤولياتها أكثر و أكثر إلى شركات خاصة . هذا المراهق نفسه تم استئجاره من قبل مؤسسة خاصة , جرى استخدامها من قبل الدولة لتقوم بطرد البدو من منازلهم . كان تقدم عملية خصخصة الصهيونية بطيئا . طوال خمسة عقود كانت الدولة هي الوكيل الوحيد المسؤول عن كل أعمال التخطيط للقرى و البلدات و المدن الجديدة و كان البناء فقط يجري بيد مقاولين خاصين . أما الآن فإن الأراضي التي طرد منها البدو قد بيعت بأسعار منخفضة جدا إلى واحدة من أبرز شركات العقارات , المسؤولة في هذه الحالة ليست فقط عن بناء القرى و البلدات اليهودية بل أيضا عن التخطيط لها . يتدبر المتعاقدون الخاصون جني أرباح أكبر من ذي قبل , لأن الفرق في السعر بين الأرض "غير المخططة" و الأرض التي يجري "تخطيطها" هائل . ليس الوكالات و المتعاقدون من القطاع الخاص على أي حال وحدهم أبطال الحملة لخصخصة الصهيونية . تفصل خمسة دقائق بالسيارة القريتين البدويتين غير المصرح بهما عن مجموعة من المزارع اليهودية وحيدة العائلة التي أقيمت في السنوات الأخيرة القليلة . تعطي الدولة هؤلاء المزارعين اليهود قطعا كبيرة من الأرض و تربطهم بالبنية التحتية كالماء و الكهرباء , و بالمقابل تتوقع منهم أن يكونوا جزءا من جهاز وظيفته تقليص و تحديد حركة و تطور البدو و ليساعدوا القوى الأمنية في مراقبة سكان النقب الأصليين . إذا ما قاد المرء سيارته بضعة كيلومترات فقط أبعد و اجتاز الخط الأخضر إلى المناطق الفلسطينية المحتلة فسيمكنه أن يلاحظ أن نقاط التفتيش العسكرية قد جرى خصخصتها . في السنة الأخيرة تم تسليم خمسة نقاط تفتيش إلى مقاولين فرعيين و يجري إدارتها اليوم من قبل مقاتلي الشركات . الاختلاف بين جنود جيش الدفاع الإسرائيلي و مقاتلي هذه الشركات هو أن الأخيرين يعملون في المنطقة الرمادية من القانون . إنهم بلاك ووتر* إسرائيل . هكذا مع استمرار هذا الاتجاه نحو الخصخصة فإن نقاط التفتيش العسكرية في الضفة الغربية , التي اكتسبت سمعتها السيئة تحت إشراف الجيش الإسرائيلي , ستصبح بالتأكيد مواقع للمزيد من البؤس للفلسطينيين الذين يحاولون اجتيازها . و لو أن نقاط التفتيش مجرد تطور أخير في عملية تجري لعدة سنوات في الأراضي المحتلة . في بداية الثمانينيات منحت الحكومة الإسرائيلية المتعاقدين من القطاع الخاص أراضي مناسبة داخل الأراضي المحتلة و سمحت لهم ببيعها بأرباح كبيرة , فيما قام الجيش بتشكيل ميليشيات المستوطنين لمساعدته في أعمال البوليس ضد المواطنين الفلسطينيين . أعطيت هذه الميليشيات المدنية معدات عسكرية , ناقلات جنود و أسلحة و أجهزة اتصال و طلب منها أن تقوم بأعمال الدورية حول مستوطناتهم , الأمر الذي عنى في الواقع غالبا قيامها بأعمال البوليس قرب القرى الفلسطينية . لا ترمز خصخصة الصهيونية لتغير إستراتيجي بل لتغيير تكتيكي . تقوم السلطة بالتنازل عن بعض من مسؤولياتها فيم القطاع الخاص أخذ يقوم بالمهام التي كانت حتى وقت قريب تقوم بها الحكومة . الفرق الأساسي هو أن هذه الشركات الخاصة أقل مسؤولية قانونية حتى من الحكومة . من هنا كان استخدام المراهقين لترحيل البدو من بيوتهم ليس هو الانعكاس الوحيد لهذه العملية المغرية للخصخصة , بل أيضا ذلك التآكل الذي لا يتوقف للمسؤولية الأخلاقية .
* بلاك ووتر : الشركة الأمنية الخاصة الأبرز في العراق المتعاقدة مع وزارة الخارجية الأمريكية و التي نسبت إليها تقارير صحفية عمليات سقط فيها ضحايا عراقيين مدنيين . ترجمة : مازن كم الماز نقلا عن http://www.zmag.org
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكرى ثورة كرونشتادت , بقلم نستور ماخنو
-
أخبار كرونشتادت
-
جيمس كونولي عن الفعل المباشر
-
عراق ما بعد الحرب : مثال حي عن الخصخصة ؟
-
لا بد من التصدي لقمع النظام الهمجي , من أجل إطلاق سراح رياض
...
-
الحضارة الغربية : فكرة حان وقتها .
-
نحو استعادة الشوارع , من أجل كل الحرية للجماهير , نحو بناء ا
...
-
انقطاع الكهرباء و الغلاء و الطائفية و البشر....
-
على أي حال , و في كل الأحوال ! السيد محسن بلال , الشعب ما زا
...
-
من أجل كل ضحية و إنسان , أطلب منك أن تعتذر لأهل غزة , رد على
...
-
مسؤولية الكتاب و المثقفين لنعوم تشومسكي
-
في رفض الديمقراطية الأمريكية و حرية الأنظمة في قمعنا , دفاعا
...
-
بين ساركوزي و بوش و المطاوعة , النفط هو السر
-
هذا هو الرد على الحصار ! تحية للرجال !
-
فبراير 1928 , التصريح الأخير لفانزيتي
-
في فضائل مقاومة الأنظمة القمعية و الإمبراطورية
-
الأناركية ضد الاشتراكية
-
ما هي النيو ليبرالية ؟
-
التشويش النيو ليبرالي
-
أين أقف ؟ لميخائيل باكونين
المزيد.....
-
بـ4 دقائق.. استمتع بجولة سريعة ومثيرة على سفوح جبال القوقاز
...
-
الإمارات.. تأجيل قضية -تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي- إلى
...
-
لحظة سقوط حافلة ركاب في نهر النيفا بسان بطرسبوغ
-
علماء الفلك الروس يسجلون أعنف انفجار شمسي في 25 عاما ويحذرون
...
-
نقطة حوار: هل تؤثر تهديدات بايدن في مسار حرب غزة؟
-
حصانٌ محاصر على سطح منزل في البرازيل بسبب الفيضانات المميتة
...
-
-لا أعرف إذا كنا قد انتشلنا جثثهم أم لا -
-
بعد الأمر الحكومي بإغلاق مكاتب القناة في إسرائيل.. الجزيرة:
...
-
مقاتلات فرنسية ترسم العلم الروسي في سماء مرسيليا.. خطأ أم خد
...
-
كيم جونغ أون يحضر جنازة رئيس الدعاية الكورية الشمالية
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|