أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالص عزمي - أدب القضاة ( 21 )















المزيد.....

أدب القضاة ( 21 )


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 2152 - 2008 / 1 / 6 - 10:43
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


هو من الاسرة الادهمية المشهورة في انحاء شتى من العراق وغيره ؛ يوصلهم النسب الى جدهم الامام موسى الكاظم ؛ فهم من السادة الحسينية ؛ وقد افرد لهذا الشأن كتاب ( الروض الازهر في تراجم آل السيد جعفر ) شرحا وافيا لهذه الشجرة المباركة . وقد خرج من هذه الاسرة الكريمة عشرات العلماء والفقهاء ومنهم السيد محمد امين الواعظ الذي أخذت عنه الاسرة هذا اللقب في القرن الثامن عشر . كما عرف من ابنائها العلامة المفتي مصطفى الواعظ وهو جد القاضي الصديق الراحل مصطفى الواعظ الذي نتحدث عنه هنا اذ هو من اسرة علمية ادبية قضائية معروفة تقلد جده رئاسة محكمة جزاء البصرة ؛ والافتاء في الحلة ؛ وتقلد والده رئاسة محكمة استئناف الموصل ؛ ورئاسة التفتسش العدلي ورئاسة الدائرة القانونية في جامعة الدول العربية في مصر .
كان الصيف عام 1949 في مدينة الموصل رائقا ونديا ؛ وكان مصطفى قد حل في مدينة الحدباء حيث كان والده الاديب الشاعر ابراهيم الواعظ رئيسا لاستئناف المنطقة العدلية كما بينا اعلاه ـ( راجع الحلقة 1
من هذه السلسلة ايضا ـ) وكان ان تعارفنا تبعا لتقارب العمر وكذلك للصداقة الحميمة التي تشدها رابطة الادب والشعر بين والدينا . وكانت صداقتنا نموذجا للود الذي ثبت مع الزمن رغم عوارض الايام ؛ وكما يقال ( الارواح جنود مجندة ما تعارف منها أئتلف وما تنافر منها أختلف ) .
كان مصطفى طويل القامة رشيق الحركة لطيف النكتة رقيق العبارة كريم اليد ؛ قد ترى في طبعه جموحا احيانا ؛ ولكن طيبة قلبه تدفع به الى التسامح الاوسع ؛ لان المحبة عنده كانت الاعم الاشمل ؛ ولعل لعراقة اسرته البغدادية المرموقة ؛ أثرها في سلوكه ومروئته واريحيته ورقة شمائله ووفائه المشهود لاصدقائه . وفي مدينة الحدباء لاحظت في بداية تعارفنا اهتماما واضحا بالادب والقانون والتاريخ ومن ذلك انه كان يشجعني على ارتياد المجالس الادبية التي كانت تعقد في الموصل يوم ذاك ؛ و من اشهرها الندوة العمرية التي كان لوالده فيها شأن بارز ؛ الا انني كنت عتذر ولوج مثل هذه المحافل التي كانت تستقبل البعض من اساتذتي الشعراء والباحثين المرموقين ؛ اذ كانت لهم عندي مكانة وحرمة لم أستطع تجاوزها .

في بداية الخمسينات ؛ انتدب والده ليشغل رئاسة الدائرة القانونية في الجامعة العربية ؛فا تيحت لمصطفى فرصة ذهبية للتعرف على مصر الكنانة ؛ والالتقاء بجمهرة من قضاتها و ادبائها وشعرائها وفنانيها في المجالس التي كان والده يأمها او يقيمها هو نفسه لزملائه ؛ حيث حصد الشاب اليافع من ثمارها الشيء الكثير ؛ وكون منها في محصلته نتاجا غزيرا من المعرفة افادته في نتاجه الادبي والقانوني الذي ظهر بعضه بعد ئذ فيما نشر على صفحات الجرائد والمجلات في الفترة المتأخرة .

حينما التحق مصطفى الواعظ بالسلك القضائي ؛ كان مهيئا لذلك تماما ؛ فقد شرب من نبع القضاء توارثا ومارسه تدرجا حتى وصل الى منصب القاضي الاول ؛ حيث اعطى المنصة هيبتها وعدالتها واجاد في منح الادارة كفاءتها واحترامها .
لقد عرف عن مصطفى الواعظ اهتمامه بلغة سبك القرارات التي كان يكتبها او يمليها على مساعديه ؛اذ لو رجعت اليها اليوم لوجدت في بعض نصوصها قطعا ادبية صيغت بلغة قانونية ناصعة البيان .كنت اترافع امامه في بداءة الاعظمية في قضية تتعلق بتجاوز حقوق التأليف ؛ فلما انتهت المرافعة وختمت ؛جاء قراره بصيغة قانونية أدبية تتناسب مع جوهر الدعوى واطار شكليتها .
ان صرامة مصطفى الواعظ على منصة القضاء و ردوده معروفة لدى نفسه قبل غيره ؛ الا انه كان معروفا ايضا بدماثة الخلق والترفع عن الدنايا وحب الطرفة والتلذذ بسماعها وروايتها ؛ و قد كان من عادته ان يرحب كثيرا ببعض المحامين من الادباء والشعراء في غرفته قبل المرافعة من امثال ؛ مهدي مقلد ؛وهلال ناجي ؛ وعدنان فرهاد ؛ وغني الحبوبي ؛ وعدنان الامين ؛ واحمد فوزي عبد الجبار ؛ ونور الدين الواعظ ؛ ومدحة الجادر ؛ وفؤاد الونداوي ؛ وفريد فتيان .... فيجول معهم في آخر نتاجاتهم ؛ او ما قرأوه من الكتب والمجلات الثقافية الواردة للعراق ثم يعرج على ما سمعوه من ملح شعرية او تثرية ؛ عندها تراه وقد تفتحت نفسه واشرق محياه وبدأ يومه القضائي على احسن وجه .

كنا اذا ما مللنا جلسات البيوت ( نحن الثلاثة الراحل مصطفى والاديب الشاعر حارث طه الراوي وانا ) جعلناها لقاتءات ثقافية متنوعة المشارب ؛ ملونة الاتجاهات ؛ نقضي أماسيها الزاهية في النوادي الاجتماعية المعروفة كنادي السكك ؛ا والمنصور ؛ ا وجمعية التراث ؛ ا والمحامين ؛ حيث نلتقي بعدد من وجوه المجتمع من قضاة ومحامين وادباء وصحفيين وغيرهم حيث تنتثر على الموائد المليئة بما لذ وطاب ؛ احاديث وقصائد وطرائفبل و بعض الموالات والاغاريد التي تسمح بها احيانا اجواء تلك الجلسات .

لقد انكب الواعظ على نتاج ابيه الغزير ؛ فنظمه ووضعه تحت عناوين تنسجم مع المتن ؛ وكنا اذا ما زرناه في البيت وجلسنا في باحة المكتبة الانيقة ذات السبع خزانات ؛ مد يده الى آخر تلك الانجازات ؛ فقرأ لنا شيئا من قصائد والده او نثرياته التي انتهى توا من ترتيب صفحاتها وتنسيق مضامينها .
وحينما تقاعد لم يجلس خاملا بل انصرف ايضا الى نتاجه فراح ينشر منه الشيء الكثير في جريدة الاتحاد وغيرها ؛ ويرسل الى اصدقائه ومجبيه بعضا مما يتوقون الى الاطلاع عليه .
لقد وصلتني ـ وانا في الغربة ـ ولسنوات عدة مجموعة كبيرة من الرسائل مع مرفقات كانت في غاية العذوبة حيث يروي في بعضها معلومات طريفة واخرى جزازات مما نشره في حينه ؛ ومنها النماذج الآتية بحسب تواريخ ارسالها : ـ

7/ 1 /1997 ــ مع هذه النفحات صفحات من الذكرى عن عمك المحب ( الواعظ ) ستقع من نفسك موقعا طيبا ومثيرا لاجمل الذكريات ( 6 صفحات ) .
25/3 /1998 ــ ذكريات عن مقاعد الدراسة في الموصل ( مع مقال منشور في ستة اعمدة )
15/11 / 1998 ــ عزيزي : ترافق رسالتي صفحات من الذكريات والتي نشرت خلال هذه الفترة لعلها تقع من نفسك موقع الرضا وتلمس فيها بعض المسرة ( 4 صفحات )
9/ 5 /2000 اخي : حدثني صديق عن الايام الاخيرة للمرحوم الفنان عزيز علي وقال :هناك شخص وحيد كان يرعاه رعاية انسانية ولا يحضرني اسم الشخص ولكن حسب علمي انه مقيم في النمسا وكان من رجال الاعلام ووالده كان متصرفا ؛ فأجبته انه امثولة الانسان الاخ الوفي انه خالص عزمي وانه من شجرة مباركة تؤتي اكلها كل حين وأضفت ان لسان حاله كما قال ابراهيم الواعظ: وأفعل فعل الخير للخير نفسه ولست ابالي بالثواب وبالاجر .
20/8 /2001 ــ ... رغبت ان اطلعك على مقال كتبته قبل سنتين عن الشاعر المبدع ( علي الجارم ) واترك لك تقديره ...
18 /2 /2002 ــ .. في صباح الخميس 24/1 اتصلت هاتفيا بالاخ اسماعيل الشيخلي لآصطجبه الى ندوة الاخ نافع قاسم فشكرني وابلغني انه سيحضر برفقة الاستاذ علاء الدين حمودي وقد حضر ومعه مجلة فرنسية بها صورة نادرة لاروع ما تكون عليه الامومة ؛ تجمع طفولة الانسان مع طفولة الحيوان ؛ وابلغني ان في نيته ان يستوحي منها لوحة كما طلب مني ان اراجع له كلمة كتبها واعيد كتابتها بخطي عنوانها ( بين جيلين ) . بعد ان امضينا ساعات الندوة خرجنا سوية .... عند المساء اتصل بي الاخ الدكتور غانم ينعي اليّ الاخ الانسان والفنان الرائد اسماعيل حيث اختاره الله الى جواره.
و في بعض تلك الرسائل وجدت الكثير من الخفايا والمعلومات التي لايعرفها الكثيرون ومنها ؛ ان ماغناه ناظم الغزالي من ابيات اشهرها (من علم الظبي ضربا بالنواقيسي ) هي من تخميس أبراهيم الواعظ لاصل بيتين من نظم رفاعة الطهطاوي .
اضافة الى ذلك فقد ارسل اليّ مجموعة احتوت على ما اختاره من نثر وشعر وهو لم يتجاوز الثالثة عشرة من العمر ( عام 1941 ) ؛ وقد كانت تلك المؤشرات تحمل عنوان ( مقتطف الازهار ) .

ان ما اضعه بين يدي القاريء من هذا المقتطف ؛ يعطي نموذجا على اسلوب الواعظ الادبي حيث كتب عن التشطير في الشعر يقول : ( ..... وقد وصف الشاعر القروي( سليم رشيد الخوري ) التشطير بأنه لباقة وصنعة اذ يتخذ الناظم من الشعر المراد تشطيره قاعدة انطلاق مولدا فيها بتداعي الفكر معاني متناسقة . والبراعة هي بمقدار التفنن في جعل اللحمة بين الصدر القديم والعجز الجديد ؛ وكذلك الصدر الجديد والعجز القديم ؛ لحمة طبيعية بعيدة عن التكلف ؛ بحيث يعكس مراد البيت الاصيل وينفي عنه غموضا فيجلوه ناصعا مشرقا وهذه نهاية الابداع .... وقد جاء الشاعر المدني ( قيصر سليم الخوري ) بمثال عند تشطيره بيتا مشهورا للشيخ ناصيف اليازجي يقول فيه : كل من القاه يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن ؟
اذ اضفى على المعنى حيلة بارعة حوله بها عن مراد ناظمه الى مراده هو فجاء بالتشطير الآتي :
كل من القاه يشكو دهره
وانا اشكره طول الزمن
واذا لم تكن الدنيا لنا
ليت شعري هذه الدنيا لمن ؟ ..... )

قبيل عيد الاضحى الفائت ؛ اتصل بي الصديق المشترك الوجيه الاردني الاستاذ معن التل مهنئا كعادنه الكريمة بتلك المناسبة ؛ ولكن صوته كان ينم عن الم ممض يكشف عنه خبر لم يستطع كتمانه ؛ حيث عزاني برحيل مصطفى بعد معاناة مع المرض لم يستطع جسمه الواهي من تحمله ؛ فكان خبرا لم استطع معه ضبط النفس ؛ اذ وجدتني اتهاوى حزنا وشريط الذكريات الماضية يتوارى خلف حجب الالم مخلفا حرقة تدمي القلب وتقض المضجع .

لقد دعوت سابقا ( و في مثل هذه الحالة المؤسفة من فقدان شخصيات عراقية قدمت الكثير للوطن) ؛ وها أنذا ادعو اليوم ــ و بكثير من الرجاء ــ اسرته وزملاءه القضاة والادباء والصحفيين ؛ الى جمع اهم قرارته القضائية ونفثاته الادبية ؛ اضافة الى الارث الغزير الذي أئتمن عليه و بذل فيه اخصب سنوات عمره تنظيما وجمعا وتنسيقا وتهيئة للنشر ؛ لكي يصدر كل ذلك ـ او على الاقل اهمه في الوقت الحاضر ــ في كتب تليق بعطاء ابداعي ادبي وتأريخي وقانوني لايقدر بثمن .



#خالص_عزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موجز لما نشرت عام 2007( 4 ) الخاتمة
- اليوبيل الذهبي لجمعية الفنانين التشكيليين العراقيين
- موجز لما نشرت عام 2007(3)
- موجز لبعض ما نشرت عام 2007 (2 )
- موجز لبعض ما نشرت عام 2007 (1 )
- تطور الصراع الدرامي المسرحي
- لقطات غير عابرة
- مسيرة شركاء الحرف
- المُهجرون
- الساسة المصفدون
- سلمان شكر شاعر الموسيقى
- الى قيثارة الشاعر العراقي الكبير حافظ جميل
- مشروع تقسيم العراق وتجاهل القانون الدولي
- من مقدمات كتبي : أدب القضاة
- ووجهكِ ضاحك القسمات طلقُ 2
- ووجهك ِ ضاحك البسمات طلقُ 1
- بائع الرمان في غرناطة
- يحكى أن .... يا له من انقاذ !!
- العصر .... ورجال الدين
- 100000 قاريء


المزيد.....




- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...
- خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا: انتقادات حقوقية ولندن تصر
- حملة -تطهير اجتماعي-.. الشرطة الفرنسية تزيل مخيما لمهاجرين و ...
- الأمم المتحدة تطلب فتح تحقيق دولي في المقابر الجماعية في مست ...
- أرقام صادمة.. اليونيسيف تحذر من مخاطر -الأسلحة المتفجرة- على ...
- أهالي الأسرى الإسرائيليين يحتجون في تل أبيب لإطلاق أبنائهم


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالص عزمي - أدب القضاة ( 21 )