أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - القضية العراقية بين التدويل والتأويل















المزيد.....

القضية العراقية بين التدويل والتأويل


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2156 - 2008 / 1 / 10 - 11:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دخلت القضية العراقية مرحلة التدويل منذ غزو القوات العراقية للكويت في 2 آب (أغسطس) عام 1990، بل انها كانت على قدر من التدويل منذ الحرب العراقية- الايرانية، التي دامت ثماني سنوات 1980-1988.

وقد طغت أزمة الخليج والحرب التي أعقبتها على غيرها من الاهتمامات والمشكلات السياسية، التي كانت تشغل المنطقة بعد وقف الحرب العراقية- الايرانية، وتتصدر المانشيتات العريضة للصحف والمجلات، وتتقدم على غيرها من الأنباء لنشرات الاخبار.
أربع مشكلات رئيسية برزت بعد الحرب العراقية- الايرانية، وعلى نحو متداخل ومتزامن أحياناً، كان يراد لها أن تكون وجهاً جديداً ومستديماً للصراع في المنطقة، ويمكن إدراجها ضمن العناوين التالية:
العنوان الاول: بدأ بحملة صاخبة ضد امتلاك العرب ناصية العلم والتكنولوجيا وكانت اليافطة " السلاح الكيماوي" المحرّم دولياً، وهو ما يسمى " بسلاح الفقراء النووي"، ذلك السلاح الذي جرى تصنيعه وتطويره في الدول العظمى. وفي حين يجري غضّ الطرف عن امتلاك اسرائيل ليس السلاح الكيماوي حسب، بل السلاح النووي، اثيرت الضجة الكبرى ضد البلدان العربية، واقترنت بتفجير معمل الرابطة في ليبيا وبتهديدات ضد العراق وتلميحات ضد سورية ومصر. وامتدت الحملة لتشمل كوريا الشمالية وإيران وغيرها، ورغم ان السلاح الكيمياوي شأنه شأن بقية أنواع الاسلحة المدمرة ينبغي أن يحدد وأن يمنع انتشاره إلا أن الضجة لم تكن بمعزل عن أهداف سياسية خاصة وان كانت " كلمات حق يراد بها باطل"! ولعل أزمة الملف النووي الايراني الحالية ليست بعيدة عن هذا العنوان الاساسي.
العنوان الثاني: يتجسد في مجابهة الانتفاضة الفلسطينية الاولى باجراءات ذات حدين، الاولى تتمثل في تصعيد الارهاب بهدف تصفيتها او اجهاضها من الداخل، والثانية في انعاش المشروع الاستيطاني الاستعماري الصهيوني، خصوصاً في ظل مأزق اسرائيل الذي ساعدت الانتفاضة في تعميقه، وذلك بتشجيع مئات الالاف من اليهود السوفيت للهجرة الى اسرائيل واسكان بعضهم في الأراضي المحتلة بما فيها القدس لمجابهة الانتفاضة، ومن جهة اخرى للتصدي للقنبلة الديموغرافية الفلسطينية المحتملة.
العنوان الثالث: هو معركة المياه العربية، تلك التي ترافقت مع تحركات ما يدعى بدول الحزام المحيط بالوطن العربي، ونعني بها تركيا واثيوبيا (الحبشة) وايران، اضافة الى اسرائيل. فقد أقدمت تركيا على قطع مياه نهر الفرات لمدة شهر لملء سد أتاتورك، ملحقة أضراراً بليغة بكل من سورية والعراق، وأعلنت اثيوبيا عن شروعها في انشاء ثلاثة سدود على نهر النيل بمساعدة اسرائيل، وهو ما يسبب أضراراً كبيرة بالسودان ومصر وبشكل خاص بأمنهما المائي والغذائي.
واستمرت مشكلة شط العرب، الى أن قرر الرئيس العراقي السابق صدام حسين العودة الى اتفاقية الجزائر لعام 1975 (المجحفة) لمشاركة إيران للعراق بنصف شط العرب بموجب ما يسمى بخط الثالويك، تلك الاتفاقية التي أعيدت الحياة اليها بعد أن مزقها الرئيس العراقي السابق عشية الحرب العراقية-الايرانية فعلاً تحت ضغط التورط العراقي في الكويت. وواصلت اسرائيل شفطها لمياه الارض المحتلة وفي استثماره مياه نهر اليرموك ونهر الاردن والاستحواذ على مياه نهر الليطاني في جنوب لبنان.
العنوان الرابع: هو التأثير على سوق النفط بحيث تتم زيادة الانتاج وخصوصاً من دول الخليج، التي رفعت انتاجها بعد وقف الحرب العراقية- الايرانية، مما أدى الى إغراق السوق وبالتالي انخفاض الاسعار، وقد انعكس ذلك على نحو مباشر على العراق، مما ضاعف في مشكلاته السياسية المستعصية وازماته الاقتصادية المتفاقمة الناجمة عن الحرب والمتزايدة بسبب الديون المرهقة فضلاً عن طبيعة نظامه الاستبدادي ونقص الحريات.
في ظل تلك الاوضاع العربية والاقليمية والشرق أوسطية، جاء الاجتياح العراقي للكويت ومن ثم إعلان ضمها مفاجأة خارج السياق وفوق حدود الاحتمالات، خصوصاً في خضم تطورات دولية وميزان قوى عالمي جديد، نجم عن إقرار سياسة " الوفاق الدولي" وانهاء حالة الحرب الباردة، تلك التي جرى وضع اللمسات الاخيرة لها في حزيران (يونيو) 1990 بين غورباتشوف وبوش (الأب) في لقاء القمة بعد ان تم تحديد ملامحها في مالطا في اواخر العام 1989. وفي أجواء انهيار ما كان يطلق عليه " المنظومة الاشتراكية" بعد احداث اوروبا الشرقية واضطرار الاتحاد السوفيتي السابق الى تقديم المزيد من التنازلات في ظروف داخلية تتسم بالصراع العنيف والانفجارات القومية والانفلاتات الاجتماعية والاوضاع الاقتصادية المزرية، ثم التفكك المدّوي.
وقد استثمرت الولايات المتحدة الاجتياح العراقي للكويت، فأقدمت فوراً على إرسال قواتها الى المنطقة مستغلة الوضع الدولي الجديد، الذي توّجها قوة أعظم لا منازع لها، إضافة الى إمكاناتها الاقتصادية ونفوذها السياسي، فحاولت التعكّز على "الشرعية الدولية"، التي رفضت منطق الغزو والاحتلال والضم القسري.
واستغلت الولايات المتحدة الوضع الدولي الجديد الى أقصى حد، فشنت حملة شعواء تحت يافطة " تحرير" الكويت وبغطاء رسمي عربي أحياناً مكدسة قواتها وقوات حلفائها في أراضي المملكة العربية السعودية ومياه الخليج العربي.
واستهدفت الولايات المتحدة لا إكراه العراق على الانسحاب من الكويت حسب، بل بسط سيطرتها واحكام نفوذها على المنطقة، وهو ما دفع وزير الخارجية الامريكي السابق شولتز الى التصريح بضرورة " تدمير القوة العسكرية العراقية" حتى لو انسحب العراق من الكويت، لأن بقاء القوة العسكرية العراقية سيخلق " خللاً في توازن القوى" وأكد كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الأسبق، بأن إنسحاب القوات العراقية من الكويت لن يقدم وحده حلاً كافياً لأزمة الخليج، دون معاقبة المعتدي، وبتقديرنا فان ذلك أحد أهم الاسباب للهستيريا الحربية، التي رافقت أزمة الخليج ونعني به تدمير القدرة العسكرية العراقية التي خرجت من الحرب مع ايران وهي تمتلك كفاءة قتالية عالية وخبرة كبيرة يحسب لها حسابها، إضافة الى العقول والأدمغة العراقية وهي نخبة العلماء والاكاديميين (الذين اغتيل منهم بعد الاحتلال الامريكي للعراق نحو 1000 عالم وأكاديمي وطبيب ومثقف وصحافي) واضطرت عشرات الالاف منهم الى الهجرة.
لقد كانت فرصة ذهبية للولايات المتحدة للانقضاض على العراق كي لا يدخر تلك القوة والعقول في الصراع العربي- الاسرائيلي في يوم من الايام، واقترن الأمر بضمان مصالح الولايات المتحدة والغرب في هذه المنطقة الغنية بالنفط.
ولم تتورع الولايات المتحدة في استخدام " الشرعية الدولية"، التي وقفت ضد احتلال الكويت، لتجويع الشعب العراقي وهو الحصار الذي استمرت 13 عاماً ونجم عنه أكثر من مليون و650 ألف قضوا نحبهم وأكثر من 4 ملايين إنسان يعيشون تحت خط الفقر، ومجتمع عليل نفسياً وصحياً واجتماعياً، ومنقطعاً عن الحضارة والتقدم، الى أن تم اسقاط الثمرة الناضجة بالأحضان بعد قرارات دولية جائرة، وصلت الى أكثر من 60 قراراً.
وكانت الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق تفتقر الى الشرعية الدولية وبالضد من ميثاق الامم المتحدة، فحتى القرار 1441، الذي صدر أواخر العام 2002 لم يرخص للولايات المتحدة بشن الحرب.
واعتبر القرار 1483 الصادر في 22 ايار (مايو) 2003 الولايات المتحدة وبريطانيا قوة احتلال " مشرعناً " الاحتلال، بعد أن أعلن الرئيس بوش إنهاء العمليات الحربية الكبرى في أيار (مايو) 2003 وكان صدور القرار 1546 في 8 حزيران (يوينو) 2004 بمثابة محاولة لاعتبار قوات الاحتلال " قوات متعددة الجنسية " بعد نقل السلطة " شكلياً "الى العراقيين وتشكيل أول حكومة عراقية بعد مجلس الحكم الانتقالي والوزارة التي انبثقت عنه.
الولايات المتحدة التي أدارت ظهرها للشرعية الدولية، التي تدعو اسرائيل للانسحاب من الاراضي المحتلة منذ عام 1967 بموجب قراري مجلس الأمن 242 و338، وتغض النظر عن وقوفها الى جانب الشعب العربي الفلسطيني من أجل حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية كانت تتعكز عليها في الحالة العراقية، ناهيكم عن انها وقفت بسفور الى جانب حليفتها اسرائيل في عدوانها على لبنان في صيف العام 2006، ذلك العدوان الذي دام 33 يوماً ودون أن يستطيع تحقيق أهدافه، بفعل صمود وصلابة الشعب اللبناني، بل ان حزب الله رغم المعركة غير المتكافئة والظروف الدولية الملتبسة استطاع أن يلحق أضراراً بالغة باسرائيل وخططها الحربية، تلك التي اضطرت معها الى اجراء مراجعات وتعديلات، معترفة بهزيمتها العسكرية، لكنها سعت ومعها واشنطن لتحويل الهزيمة العسكرية الى نجاح سياسي.
لقد تم تدويل القضية العراقية منذ اكثر من ربع قرن من الزمان، لكنها دخلت مرحلة معقدة منذ الاحتلال، خصوصاً في ظل حالة الفلتان الامني، الذي ليس له مثيل والتطهير المذهبي والطائفي والإثني، ووجود الميليشيات وتدهور قطاع الخدمات على نوع مريع واستشراء الفساد والرشوة، فضلاً عن التداخل الدولي والاقليمي.
ولعل الامر الاخطر في ظاهرة التدويل العراقية، هي أن المسألة اشتبكت بعدد من العناوين:
الاول: وجود واستمرار الاحتلال ورفضه حتى الآن اعلان جدول زمني للانسحاب.
الثاني : تفشي الطائفية وما صاحبها من عمليات تطهير واجلاء طالت أكثر من 4 ملايين و400 ألف عراقي (في الداخل والخارج) حسب آخر تقرير للامم المتحدة (حزيران/يونيو 2007).
الثالث: استمرار الارهاب المنفلت من عقاله، حيث انتشرت ظاهرة القتل على الهوية والجثث المجهولة الهوية، المقطوعة الرؤوس، إضافة الى الجريمة المنظمة وما تقوم به العصابات الاجرامية المحترفة.
الرابع: ضعف الهوية الوطنية العراقية، خصوصاً حالات التشظي والتفتيت، وبروز هويات تجزيئية، تقسيمية، دينية، مذهبية، عشائرية على حساب الهوية المانعة الجامعة.
الخامس: غياب مرجعية الدولة وهيبتها، خصوصاً بعد حل الجيش والأجهزة الامنية، مما عرّض الدولة وممتلكاتها لأعمال النهب والسلب والسرقة، وتلك الخطوة التي اتخذتها ادارة بول بريمر تعتبر احدى خطايا الولايات المتحدة التي تستحق المساءلة ناهيكم عن انكشاف خدعة أسلحة الدمار الشامل والعلاقة مع الارهاب الدولي.
السادس: فرض الصيغة الطائفية- الاثنية من جانب الحاكم المدني الامريكي بول بريمر ، والتي أدّت الى شق المجتمع عمودياً ورأسياً من الوزير الى الخفير كما يقال، وانعكست تلك المحاصصة، على السعي للحصول على امتيازات ومكاسب أنانية ضيقة، على حساب الوطن.
وقد استغل أمراء الطوائف، مثل هذا الوضع لدفع الأمور باتجاه تقسيم فعلي لمناطق النفوذ، حتى وإن بقى العراق موحداً شكلياً، فمشكلة كركوك بالنسبة للأكراد هي قُدس الأقداس رغم حصولهم على الحق باقامة كيان خاص باسم الفيدرالية، والمشكلة بالنسبة للبعض الآخر، تحت عنوان المظلومية هي أقاليم الجنوب، في حين انهم يحكمون العراق ككل، لكن الخوف من انحسار النفوذ وعدم الثقة بالمستقبل وتحت باب الحصول على ضمانات يتمترس كل طرف بحججه ومواقعه! ولا يمكن بناء دولة على أسس جديدة الاّ بعيداً عن الكيد والثأر رغم ما تعرضت له فئات واسعة من السكان من اضطهاد وعسف تاريخيين.
هذه النظرة عمّقت التهميشية إزاء البعض الذين ازداد شعورهم بالعزل والتحجيم، بل وبالاضطهاد، والمشكلة هنا هي ليست بالفيدرالية بقدر ما هي الظروف غير الطبيعية وغير السلمية التي يعيشها العراق، خصوصاً في ظلّ استمرار الاحتلال، وهو ما يجعل الأمر مطروحاً بحدة إزاء هذه المسألة بالذات بالاشتباك مع جيران العراق، وبالأخص تركيا وإيران وسوريا إضافة الى المملكة العربية السعودية والاردن، وما لذلك من انعكاس على الموقف الحذر من جانب الكويت.
ما السبيل للتخلص من " التدويل" و"الأقلمة" للقضية العراقية؟ المدخل الاول: يتعلق بما يترتب على الارض فعلياً، فهل ستنزلق البلاد في الحرب الاهلية، التي نحن في أتونها الى النهاية؟ علماً بانها ليست حرباً تقليدية كما ينظر اليها او كما يتراءئ للبعض، فهي ليست حرباً بين الشيعة والسنة أو بين العرب والكرد أو بين الكرد والتركمان، أنها: حرب الجميع ضد الجميع، ولعلها اذا ما استمرت ستدّول معها قضايا بلدان المنطقة لأن لهيبها سيسري الى دول الجوار وربما لن يتوقف عندها.
المدخل الثاني: هو إذا اضطر الاحتلال للانسحاب بفعل الضربات التي تلحقها به المقاومة، خصوصاً وقد سقط منه حتى الآن 3342 قتيل ونحو 22 ألف جريح، ولكن هل ستُسلّم واشنطن بالرحيل على الطريقة الفيتنامية عام 1975 أي " الهروب الى الامام "، أم أنها ستضطر ربما باتفاقات وتسويات الى اختيار الطريقة الكورية أو على الطريقة اليابانية، حين أبقت في كوريا نحو 30000 جندي بعد الأزمة الكورية المشهورة وعام 1950 -1953 وفي اليابان 48000 جندي في قواعد عسكرية خارج المدن، ما تزال حتى الآن موجودة وليس بامكان السلطات الكورية أو اليابانية الدخول اليها أو معرفة ما يدور فيها، فضلاً عن ذلك فان جنودها غير خاضعين للقوانين المحلية، حتى وان ارتكبوا جرائم خطيرة، بل الاكثر من ذلك ان الحكومتين الكورية واليابانية تقدمّان 50000 دولار سنويا عن كل جندي امريكي.
والراجح ان الولايات المتحدة تسعى لبناء أربعة قواعد عسكرية في العراق للبقاء لسنوات طويلة فيه، وهو ما عبّر عنه الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر (شباط- فبراير 2007) وهو ما نفته الادارة الامريكية، لكن الناطق باسم البيت الابيض أفصح في تصريحات مقتضبة ولكنها واضحة بأن الولايات المتحدة تخطط لوجود عسكري طويل الأمد في العراق، لأن الحرب الدائرة والحرب الأوسع نطاقاً ضد الارهاب الدولي ستستغرقان طويلاً، ولتحقيق خطة الاحتلال الدائم شرعت الولايات المتحدة ببناء 4 قواعد عسكرية: الاولى قاعدة بلد (بمساحة 14 ميل) والثانية "قاعدة الأسد" (بمساحة 19 ميل) والثالثة في كردستان وتطل منها على سوريا وايران وتركيا، والقاعدة الرابعة في المنطقة الخضراء، ونعني بها السفارة الامريكية، التي تعتبر أكبر سفارة في العالم، ومساحتها 100 فدان، وتستخدم عمالاً آسيويين بأسعار بخسة دون رعاية وضمانات صحية واجتماعية.
هذه المعطيات لا تشير الى نيّة واشنطن في الانسحاب رغم المأزق الكبير والخسائر الفادحة وضغوط الديمقراطيين ومقترحات خطة بيكر-هملتون، ولعل هذا ما قصده الرئيس بوش حين قال "سننجح إذا لم نغادر"، في مقارنة مع الهروب الى الأمام في الورطة الفيتنامية.ومع ذلك هناك الرقم الصعب في المعادلة، وهي المقاومة، التي قد تغيّر أو تعدّل هذه الحقائق، ولكن ما بين الاحتلال المؤقت والاحتلال الدائم:
هل يستمر النزيف العراقي الى ما لا نهاية!؟

المدخل الثالث: لكن ماذا لو اضطرت واشنطن للرحيل سريعاً، هل ستترك الأمر لقوى ربما تعتبرها متطرّفة ومتشددة، إسلامية أو قومية أو من بقايا النظام السابق للعودة الى حكم العراق بما يزيد من توتر علاقة امريكا مع العراق ومع دول المنطقة؟ أم أنها ستسعى الى إشراك الأمم المتحدة، وقد تلغي العملية السياسية وما ترتب عليها من انتخابات ودستور وحكومة دائمة الى آخره، أو تقوم بتعديلها بما يوّفر أرضية لحكومة "مقبولة" وقد تكون "مفروضة" لإطفاء الحرائق ولإمتصاص النقمة ولوضع حد للاحتقان المذهبي والإثني والاجتماعي، تهيئ المستلزمات بعد عام أو عامين لإجراء انتخابات مع تطبيع الحياة السياسية واعادة هيبة الدولة، وقد لا يكون ذلك بعيداً عن مقترحات بيكر-هاملتون، الذي اقترح اشراك ايران وسوريا في إيجاد حل عراقي دولي اقليمي مناسب، ولعل أي صفقة من هذا القبيل ستقترن بخمس عوامل أساسية:
الأول: إعلان خطة للانسحاب وجدول زمني لانهاء الاحتلال.
الثاني: الكف عن التدخل الاقليمي تحت أي ذريعة بالشؤون الداخلية العراقية.
الثالث: استعادة هيبة الدولة واحتكار السلاح من جانبها ومساعدتها في القضاء على الارهاب.
الرابع: التعهد الدولي بمساعدة العراق على اعادة اعماره وإطفاء ديونه أو جدولة ما تبقى منها وتقديم جميع التسهيلات له للاندماج بالمجتمع الدولي.
الخامس: تهيئة الظروف لأحداث نوع من التعايش السلمي بين المكونات المختلفة، قومياً ودينياً ومذهبياً واجتماعياً على أساس المواطنة والمساواة وتلبية المطالب والتطلعات وفقاً للمواثيق الدولية لحقوق الانسان.
لعل مثل هذا السيناريو قد يكون الأقل عاراً بالنسبة للولايات المتحدة، والأكثر واقعية ومعقولية لدول الجوار والأجدر قبولاً من جانب العراقيين. إن الخروج من مأزق التدويل، لا بدّ أن يمر بمرحلة انتقالية ولعلّ ذلك أيضاً هو من مسؤولية المجتمع الدولي والشرعية الدولية اللذان باسمهما تم تشريع القسوة ضد العراقيين ومحقهم واحتلال بلادهم وجعلها عرضة لكل مظاهر التخلف والعنف والغرائزية، تلك التي تستوجب مساعدتهم في التخلص من هذا الوضع وتعويضهم قانوناً عما لحق بهم من غبن وأضرار.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة العراقية: سياقات التماسك والتآكل
- اختلاس الزمن في ظاهرة الاختفاء القسري!
- البصرة هل هو ثمن الحرية!
- الهوية الثقافية: الخاص والعام
- حين يختفي الاعلامي مؤرخ اللحظة !!
- مجتمع الايتام والآرامل!!
- اللاجئون العراقيون: مسؤولية من!؟..
- شهادة حية على التعذيب في سجن ابو غريب
- الاقليات والحقوق الثقافية
- المساءلة والحقيقة في تجارب العدالة الانتقالية
- التنوّع الثقافي والشعية الدولية !!
- التنوّع الثقافي: الاقرار والانكار !
- بعد 90 عاماً: هل تعتذر بريطانيا عن وعد بلفور ؟!
- الديمقراطية : أزمة وعي أم أزمة ثقافة ؟
- دارفور وتجارة الاطفال
- المعرفة وحرث البحر
- واشنطن بين حليفين لدودين
- بلفور العراقي: حامل لوعد أم حامل لبرهان
- التنوع الثقافي في المجتمعات العربية - مصدر غنى أم فتيل أزمات ...
- وجه آخر للتراجيديا العراقية: الطفولة المنسية!


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - القضية العراقية بين التدويل والتأويل