أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - خالد الكيلاني - نائب رئيس المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان : توليت وزارة في حرب أكتوبر لم تعلم بها سوى أميركا















المزيد.....


نائب رئيس المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان : توليت وزارة في حرب أكتوبر لم تعلم بها سوى أميركا


خالد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2141 - 2007 / 12 / 26 - 03:41
المحور: مقابلات و حوارات
    


أصبح لدينا "تدين الهم والغم والنكد"
ما يجري في العراق محاولات جادة لتقسيم الأمة العربية
الذين يدفعون الضرائب والجمارك في مصر هم الفقراء
المثقفون منفصلون تماماَ عن الشارع
أوضاع حقوق الإنسان في مصر ضعيفة
لا يعرف الناس طريقاَ للآخرة لا يمر بالدنيا
الدولة المسلمة هي دولة مدنية ديمقراطية تأخذ بسيادة القانون

حاوره في القاهرة : خالد الكيلاني

المفكر العملاق والكاتب الإسلامي الكبير الدكتور أحمد كمال أبو المجد يعد واحداً من قلة قليلة في العالمين العربي والإسلامي تجمع بين رحابة العلم وجدليته واستنارة الدين وثباته، وهذا الرجل السبعيني الباسم الذي تولى الوزارة أكثر من مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود ونصف مازال يبهر الناس ويسلبهم بأفكاره وتشبيهاته وإسقاطاته وإستشهادته.
تخرج الدكتور كمال أبو المجد من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1950 وحصل على الدكتوراة في القانون العام من جامعة القاهرة عام 1958 والماجيسيتر في القانون المقارن من جامعة " ميتشجان " الأمريكية عام 1959 وعمل أستاذاً بالجامعة ومحامياً وقاضياً ورئيساً للمحكمة الإدارية للبنك الدولي بواشنطن منذ عام 1980 حتى عام 2002 وهو عضو في العديد من الأكاديميات العلمية داخل مصر و خارجها من بينها أكاديمية المملكة المغربية والمجمع الملكي الأردني ولجنة العشرين التي أختارها الأمين العام للأمم المتحدة "كوفي عنان " لوضع تقرير عن حوار الحضارات عام 2001 وهو مفوض شئون حوار الحضارات بالجامعة العربية ، وقد عمل أيضاً مستشاراً ثقافياً لمصر في واشنطن عام 1966 حتى عام 1971 ثم وزيراً للشباب من عام 1971 حتى عام 1973 وتولى وزارة الإعلام عقب حرب أكتوبر عام 1973 مباشرة وظل وزيراً لها حتى عام 1975 ثم عمل عميداً لكلية الحقوق والشريعة بجامعة الكويت من 1977 حتى 1979 ثم مستشاراً دستورياً لسمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء بالكويت من 1979 حتى 1985 ، ورئيساً للجنة القانونية لنظر المنازعات بوكالة غوث اللاجئين بالأمم المتحدة من عام 1982 حتى عام 1985، ورئيساً للجنة القانونية للتظلمات ببنك التنمية الإفريقي من عام 1991 وحتى عام 1998 .
والدكتور أحمد كمال أبو المجد له العديد من المؤلفات والأبحاث القانونية والإسلامية بعدة لغات منها كتابه الشهير " رؤية إسلامية معاصرة " الصادر عام 1991 وهو يعمل الآن نائباً لرئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، الحوار المتمدن التقت الدكتور أبو المجد وكان هذا الحوار

* في البداية سألنا الدكتور أبو المجد عن رؤيته للمشهد الحالي عربياً ومصرياً؟
** المشهد عربياً ومصرياً ودولياً ليس مطمئناً لأن هناك حالة من غياب التوازن على كل الساحات، وإذا غاب التوازن عن ساحة من الساحات يصعب إقامة العدل فيها، والتوازن غائب على ساحة المنطقة العربية طالما ظلت إسرائيل لديها قوة نووية وتأييد أميركي غير مشروط وبذلك فلن تحل قضايا المنطقة، وأيضاً لن تحل مشاكل العالم ولن يقوى دور الأمم المتحدة طالما أن العالم لا يوجد به سوى قطب كبير واحد يملك القوة والمال، وعلى أصحاب القضايا أن ينتظروا حتى يعود التوازن الإقليمي والدولي.

محاولات جادة وحادة

* ألا تعتقد أن مؤتمر "أنا بوليس" ربما يكون بداية حل قضية العرب المركزية؟
** أنا غير متفائل بنتائج "أنا بوليس" لأن حسابات القوة ليست في صالحنا، ونحن في موقف ضعف بسبب الهيمنة الأميركية على العالم وبسبب نفوذ "اللوبي" الصهيوني على القرار الأميركي الذي يحافظ على انفراد إسرائيل بالقوة النووية في المنطقة، وعندما تبدأ دولة مثل إيران نشاطاً نووياً سلمياً تقوم الدنيا ولا تقعد، ولا نأخذ من أميركا سوى الوعود، وساعة الحسم تقول "لا نستطيع الضغط على إسرائيل"، أما ما يجري في العراق فهو محاولات جادة وحادة لتفكيك الأمة العربية.

* وإلى متى سوف تستمر هذه الحالة؟
** للأسف هذه الحالة سوف تزداد تعقيداً لأن فكرة "الدولة اليهودية" التي طرحت في مؤتمر "أنا بوليس" تعني عملياً إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وفي نفس الوقت الحصول على قبول من المجتمع الدولي لأن يعامل غير اليهودي معاملة أقل من اليهودي وهذا تكريس لظاهرة العنصرية والاستعلاء العرقي ولكن المؤرخ الذكي يرى أن التاريخ ليس له صاحب، وأنا أرى أن التأثير الصهيوني إذا استمر على السياسة الأميركية والأوروبية فيهود العالم سوف يتعرضون لأزمة واضطهاد ومآس كبيرة لأن الحركة الصهيونية أضرت ومازالت تضر يهود العالم والمنطقة، وهذا الكلام قلته في حديث جرى على مائدة العشاء بيني وبين المستشرق اليهودي "برنارد لويس" منذ سبعة سنوات في "دافوس"، وقلت له إن هذا الأمر سيسأل عنه أمام الله والتاريخ زعماء إسرائيل واللوبي الصهيوني الأميركي، وقلته أيضاً للجنة اليهودية الأميركية التي زارت مصر مرتين أخراهما بعد الحرب الإسرائيلية اللبنانية مباشرة.
رؤية "جوانية"


* وهل قدرنا دائماً أن ننتظر الحل من الخارج؟
** للأسف يا سيدي فمشكلتنا أننا أمة تُرى ولا ترى، ويبدو أنها لا تحب أن ترى، وهى أمة منغمسة في مشاكلها ورؤيتها "جوانية" تكذب فيها على الناس وتكذب فيها على نفسها، وأنا أقول إنه يجب علينا كمثقفين عرب أن نقرأ على "الإنترنت" ثلاثة مرات يومياً و إلا فإننا نعمل – في تلك الحالة - على خارطة قديمة.

* وكيف ترون المشهد مصرياً؟
** من يعيش خارج مصر سوف يصعب عليه فهم ما يجري لأن الإنسان إذا كانت حياته سهلة فإنه يرى الدنيا كلها سهلة ويفترض أن الآخرين مسؤولون عن أن حياتهم ليست سهلة، وعندما أكون في دولة تعدادها 77 مليون فإن الأمر يختلف عن دولة تعدادها نصف مليون أو مليون، وعندما تريد أن تتحرك من حالة ضيق إلى حالة سعة، فيجب أن يكون لديك "سيادة" للتكنولوجيا ونظام تعليمي جيد ونظام سياسي يمكن الجميع من المشاركة بحيث لا يهمش أحداً.

* وهل تعتقدون أن مشاكل مصر سببها عدد السكان مع أن هناك دولاً تجاوزت المليار وليست لديها مشاكلنا أم أن مشكلتنا تكمن في تلك الفوضى الهدامة التي نعيش فيها؟
** العدد أيضاً مشكلة لأننا لم نستثمر القوة البشرية فهناك زيادة سكانية مع موارد قليلة أما الفوضى الهدامة التي تقصدها فسببها ثقافة الزحام لأن الفرد عندما يشعر أن المكان لن يسعه والآخرين يكون غير آمن على نفسه فتبدأ الاشتباكات وبالتالي فإن الناس في مصر تهدر طاقتها كلها ضد بعضها ويغيب الانتماء، والانتماء ليس نشيداً نغني فيه "مصر .. مصر .. مصر" إنما هو علاقة أخذ وعطاء بينك وبين المجتمع والناس معذورة لأنها تطبق ما قاله شاعر عربي "لا أزود الطير عن شجرٍ .. قد بلوت المر من ثمره"، وأنا أذكر أنه في فجر يوم 23 يوليو عام 1952 كنت شاباً تخرج حديثاً من كلية الحقوق، وكنت أقطن مع بعض زملائي في ميدان العباسية، ولما لاحظنا وجود دبابات في الشوارع وحركة غير عادية خشينا أن يتكرر سيناريو 26 يناير (حريق القاهرة)، وخشينا من تدخل الإنجليز فأخذت ثلاثة من زملائي وذهبنا لحراسة "الكاتدرائية الأرثوذكسية" لأن المصرين في تلك الأيام كان لديهم انتماء وكان لديهم حس وطني.
العصيان المدني

* وما هو المخرج من ذلك؟
** لكي تعيد الانضباط والولاء للمجتمع المصري عليك بأمرين، الأول هو محاربة الفساد، والفساد من وجهة نظري هو أن يصل غير صاحب الحق إلى حق صاحب الحق، وأن يحرم صاحب الحق ويجلس مذموماً مدحوراً وهو يرى حقه يغتصب، وغيره يأخذ ما ليس له وينعم به، وهذا هو سبب كل الصور السلبية في المجتمع المصري.

* وهل هذا هو سبب ظاهرة التطرف والإرهاب أيضاً؟
** بالطبع لأن الإحباط يولد فقه عنيف، ولكن الظاهرة الأكثر انتشاراً في مصر الآن هي ظاهرة العصيان المدني السلبي، فالمواطن الآن لا يعطي أو ينتج إلا بقدر ضئيل لأنه ليس مستريحاً ولا آمناً على نفسه ونحن هنا لا ندعو إلى العصيان المدني ولا نشجع عليه، ولكن الله قد رفع التكليف عن الخائف والمحتاج، وعندما من الله على قريش قال "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" لأن الجوع والخوف هما مدخل الذل للإنسان، وهما مدخل الاعتزاز إن استغنى وآمن على نفسه.

* ولكن أليس هناك دور للمثقفين في فض ما أطلقتم عليه "حالة الاشتباك" ؟
** بصراحة شديدة نحن المثقفين والنخبة شريحة لا تمثل الشارع في مصر، والكثير منا منفصلون تماماً عنه ولا يعلمون شيئاً عن معاناة مئات الآلاف من الأسر التي تسكن العشوائيات أو الأطفال الذين ينامون أسفل الكباري، ومع ذلك فإن الذين يدفعون الضرائب والجمارك في مصر هم الفقراء، ودور المثقفين هو إيجاد نظام تعليمي وإعلامي يكرس الولاء والانتماء وتعميق المشاركة السياسية بحيث ينظر المواطن للحكومة نظرة الجندي للقائد وليس نظرة الطير للصائد.
أوضاع ضعيفة

* وما هي أوضاع حقوق الإنسان في مصر حالياً؟
** نحن طموحون وطموحنا كبير ولدينا في المجلس القومي رؤية في تحسين أوضاع حقوق الإنسان ولكن المسألة مسألة مسار وليست مسألة قرار، وعندما أصدرنا أول تقرير منذ حوالي سنتين ذكرنا فيه السلبيات والإيجابيات بالأسماء والأرقام، وقد سبب هذا صدمة لكثيرين، ولكننا لا نريد أن نهدم الشعور بالأمل ولا نريد تجريحاً لأحد أو لجهة ما.

* ولكنكم منذ أيام وصفتم أوضاع حقوق الإنسان في مصر بأنها ضعيفة؟
** نعم للأسف هي ضعيفة لأن هناك نقصاً في ثقافة حقوق الإنسان سواء لدى أفراد المجتمع أو لدى صانعي القرار، ونحن نرى أن الحفاظ على حقوق الإنسان هو مدخل الإصلاح كله، ولا يمكن أن يكون هناك إصلاح إذا انتهكت حرمة الإنسان وحقوقه المنصوص عليها في الدستور وفي المعاهدات والمواثيق الدولية خاصة وأن الأضواء أصبحت مسلطة علينا بعد أن أصبحت مصر عضواً في لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والضغوط الداخلية تلتقي بالضغوط الخارجية لصالح حقوق الإنسان لذلك فإن لدينا مصلحة أكيدة في أن نبادر ونصلح من أنفسنا.

* أشرتم في التقرير الأول الصادر عن أوضاع حقوق الإنسان عام 2006 إلى العديد من الانتهاكات .. هل مازالت تلك الانتهاكات جارية؟
** نحن ننقد من أجل الإصلاح لا من أجل الهدم أو التجريح، وعندما نشير إلى هذه الانتهاكات وندينها يطمئن المواطن في مصر على حقوقه وحرياته، ويعرف الآخرون أن مصر دولة تسعى إلى احترام حقوق الإنسان، لكن التغطية على الانتهاكات ليست عملاً جيداً، كما أننا اعترضنا منذ أول يوم على استمرار حالة الطوارئ، وطالبنا بتصفية أوضاع المعتقلين، وبتعديل نظام الحبس الاحتياطي الذي كان شبيهاً بالاعتقال حيث وجدنا في السجون محبوسون احتياطياً لفترات طويلة، وتم تعديل قانون الحبس الاحتياطي وفي الطريق قانون جديد لمكافحة الإرهاب سوف يحل محل حالة الطوارئ.

تحفظ

* ولكن هناك تخوفاَ من أن يكون هذا القانون بديلاً تشريعياً يقنن حالة الطوارئ؟
** هذا التخوف له وجاهته، وله أسبابه ونحن عيننا على هذا القانون لأننا لا نريد له أن يهدر الضمانات الدستورية تحت دعوى مكافحة الإرهاب، وهذا القانون يحاول أن يوفق بين التزامين هما المحافظة على أمن المجتمع واستقراره، والحفاظ على حرية المواطن منطلقاً من أن أمن المواطن من أمن المجتمع، ولا يمكن أن يتحقق أمن المجتمع بانتهاك حريات وحقوق المواطنين إلا بما تقتضيه الضرورة.

* ولكن تعديل المادة 179 من الدستور زاد من شكوك الكثيرين وتخوفاتهم؟
** المجلس القومي لحقوق الإنسان تحفظ على هذه المادة وعلى عدد من المواد الأخرى التي شملتها التعديلات الدستورية وأعددنا تقريراً بذلك قدمناه لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الشورى.

* وما هي طريقة عمل المجلس القومي لحقوق الإنسان وما هي مصادره؟
** نحن نتلقى الشكاوى من الأفراد أو من منظمات المجتمع المدني، ونرصد الانتهاكات الواردة في تلك الشكاوى أو المنشورة في الصحف ونقوم بالتحقيق فيها وإرسالها إلى الجهة المختصة، كما أننا نقوم بفحص حالات المعتقلين وزيارة السجون وأماكن الاحتجاز لمراقبة تطبيق مبادئ حقوق الإنسان، ولدينا مصادر أخرى هي ورش العمل التي ينظمها المجلس لمناقشة مختلف الموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان.
لا تغير الواقع

* وما هو مدى استجابة أجهزة الدولة لما ترسلونه إليها من شكاوى؟
** هناك تحسن في الاستجابة بالرد على الأقل، ولكن الاستجابة التي تغير الواقع ليست كثيرة حتى الآن، ونحن وصلنا حالياً إلى نسبة 50% ردود، لكنها في غالبيتها ردود غير مقنعة لأن الإطار التشريعي الذي نعمل في ظله غير جيد، ومؤخراً صدر توجيه من رئيس الوزراء لكل الوزارات بأن ترد على كافة المراسلات الواردة لها من المجلس رداً مفصلاً وموضوعياً، ويقوم د.مفيد شهاب بصفته وزيراً للشئون القانونية بتجميع هذه الردود في تقرير شامل يقدمه لرئيس الوزراء شهرياً.

*ولكن الملاحظ زيادة الحديث عن الانتهاكات وخاصة التعذيب في الفترة الأخيرة، فهل زادت الانتهاكات أم الكشف عنها هو الذي سلط الأضواء عليها؟
** الأمرين معاًَ، فزيادة الوعي جعلت الناس والصحافة يتحدثون عن تلك الانتهاكات ويسلطون الضوء عليها، وأعتقد أيضاً أن الانتهاكات زادت في الفترة الأخيرة وعلينا أن نتحرى أسباب ذلك.

* وما هي تلك الأسباب في نظركم ؟
** ضباط البوليس جزء من المجتمع، ويتعرضون أيضاً للقهر والعنف مما يجعل ردود أفعال الكثيرين منهم عنيفة، كما أن المواطنين ليسوا كما كانوا، فكثير من ضباط البوليس يتعرضون للعنف من جانب معتادي الإجرام، والظاهرة معقدة فالمجتمع نسيج واحد ومن الصعب أن يصيب الميكروب جزءاًَ منه دون أن تنتقل العدوى لباقي الأجزاء.

*هل عملكم قاصر فقط على الانتهاكات المتعلقة بالحقوق السياسية أم أنه يشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ؟
** المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر مختص بأي انتهاك لأي حق من الحقوق وفي السنة الأخيرة زادت جداً العناية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية خاصة في موضوعات مثل البطالة والدعم والرعاية الصحية والفئات المهمشة وحقوق الأطفال.
انتهاكات أخرى

*هناك انتهاكات أخرى يشكو منها الجميع هي مخالفة العديد من الأحكام القضائية لمواثيق حقوق الإنسان، فهل تدخل تلك الانتهاكات في اختصاصكم ؟
**في الحقيقة نحن ننأى بأنفسنا عن التعليق على أحكام القضاء ولكننا حريصون على استقلال القضاء لأنه ضمانة للمواطن فحصانة القاضي هي صمام الأمان للمواطن الذي يحتكم إليه أو يلجأ إليه، والحصانة في القضاء لها جناحان هما النزاهة والكفاءة، النزاهة تعني ألا يكون القاضي طامعاً أو خائفاً أو مسيساً أو مشترىَ وقديماًِ جعل الخليفة المأمون مرتبات القضاة بلا حدود فلما سأل في ذلك قال " لأعصمهم من السؤال والرشا" أما مسألة الكفاءة فنحن نتصدى لها ببرنامج تدريبي مكثف لقضاة المحاكم في مجال حقوق الإنسان بالتعاون مع المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل، وفي الوقت نفسه نحن نطالب بحزمة تشريعية تكفل التزام مصر بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

*تعد واحداً من أهم الكتاب الإسلاميين في العالم العربي الذين مالوا إلى جانب الاستنارة والتسامح ، فما هو سبب انتشار التطرف والعنف في الفكر الديني طوال العقود الأخيرة ؟
** المقهور أو المهمش أو الغاضب أو التعيس لا تنتظر منه يا سيدي بهجة ولا تيسيراً إنما " كآبة وتعسيراً " وكل إناء بالذي فيه ينضح، فمن كان داخله ضيقاً، كيف يوسع على الناس ولو سألت من تعكر مزاجه عن شرب الماء البارد لقال لك حراماً مع أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) الذي كان مسؤولاً عن أمة كان هيناً ليناً عطوفاً رحيماً وما خير بين أمرين إلا أختار أيسرهما، والدين أنزل لكي يسعد الناس ولكي يبتهج الناس، ولكي يحب الناس الناس.
الطريق الوحيد

*هل السبب في ذلك هو انتشار الفتاوى أم الفهم الخاطيء للدين ؟
** القضية ليست ما يقدمه المفتون والوعاظ، ولكنها قضية الفكر الديني السائد لدى عامة الناس الذي أسميه أنا " تدين الهم والغم والنكد" لأنهم يضعون الدنيا في مواجهة مع الآخرة، مع أن البشر لا يعرفون طريقاًِ أخر للآخرة لا يمر بالدنيا، فهل يمكن أن نحرم الدنيا وهي الطريق الوحيد للآخرة، وهناك أنماط جديدة من المسلمين يميلون إلى الأخذ بحرفية النص والبعد عن مقاصد التشريع والإسلام لا ينتزعك من الحياة ولا يسلب منك الحياة، وإنما هو يعطيك الحياة كلها بين يديك وفي عقلك وقلبك لتنهل منها فتسعد وتسعد، وترحم وترحم، وتحمد الله.

*وهل هناك دولة دينية في الإسلام ؟
** مصدر السلطة في الدولة المسلمة ليس رجال الدين، وإنما هو رضا الناس عمن يختارون، وبالتالي فالدولة في الإسلام مدنية وليست دينية، ولكن هناك قضية أخرى هي مضمون النظام القانوني الذي يسود في الدولة فديننا به شريعة تماثل القانون الروماني والقانون اللاتيني، ولذلك فعندما أقول إن الشريعة مصدراً للتشريع فليس معنى ذلك أنني أقيم دولة دينية لأن السلطة السياسية يقررها الناس.

*ولكن المسألة مختلفة هنا فالقانون اللاتيني مفصل في مدونات تنظم كل شيء ، أما الشريعة فتحتاج إلى اجتهاد جديد وهو الأمر الذي يفتح الباب إلى تدخل رجال الدين أو السلطة الدينية ؟
** هناك فرق بين الفقه والشريعة، فالفقه هو عمل رجال الشريعة، والمصلحة من أدوات الاجتهاد و"ابن قيم الجوزية" وهو " حنبلي" يقول: المصلحة أساس التشريع، ومدار الأمر في تطبيق الشريعة هو استحداث أدوات لإنزال الحكم على الواقع، فمن جهل الحكم لا يصلح، ومن جهل الواقع أيضاً لا يصلح، وهناك من سدوا على الناس طرقاً كثيرة من طرق الحق والخير اعتقاداً منهم أنها تنافي الشريعة، وهي لا تنافي الشريعة وإنما تنافي ما فهمه هؤلاء عن الشريعة.
مدنية ديمقراطية

*إذا تقصد دولة مدنية تطبق الشريعة الإسلامية ؟
**الدولة المسلمة هي دولة مدنية ديمقراطية تأخذ بسيادة القانون ولا تقبل استثناءاً واحداً ويختار فيها المحكومين حكامهم لأن الإمامة عقد قائم على الرضا، وهي دولة يتساوى فيها الجميع دون تمييز تطبيقاً لقوله تعالى" ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة " وما كان يطلق عليه قديماً "عقد الذمة" انقرض وحل محله الدستور الذي هو عقد بين المواطنين جميعاً بما فيهم الزوار والسائحين.

*وما هي أوضاع حقوق الإنسان في الدول العربية ؟
**الأوضاع متفاوتة فهي مازالت ضعيفة في السعودية وليبيا، وهناك تقدم كبير في المغرب وانفتاح يبشر بالخير في الكويت والإمارات وقطر ولكن المهم أن التاريخ لن يعود فالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان هي الآن شروط الدولة الصالحة القادرة المستدامة، وأنا أرجو من الدول العربية أن تحذو حذو المغرب التي قطعت شوطاً كبيراً في مجال حقوق الإنسان خاصة في عهد العاهل الحالي وقدمت مئات الملايين من الدولارات تعويضاًِ لكل من انتهكت حقوقه السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.

* لماذا أخذتك قضايا حقوق الإنسان من الكتابة ؟
** هذا الأمر يحزنني كثيراً وفي النهاية ما أنا إلا عبد ضعيف له إمكانيات محدودة والانشغال بشيء لا بد أن يكون على حساب شيء أخر ولكني أطمئنك أني الآن منشغل بكتابة " رؤية إسلامية للمستقبل " على غرار ما كتبته من سنوات طويلة بعنوان " رؤية إسلامية معاصرة".

* وما هي قصة توليك وزارة لم يعرف بها سوى الأميركان ؟
** قبيل حرب أكتوبر عام 1973 كنت وزيراً للشباب، وكان وزير شئون مجلس الوزراء ضابط هو عبد الفتاح عبد الله أخذه السادات في غرفة العمليات وأرسل لي مع الدكتور عبد القادر حاتم أن أتولى وزارته ولكن لا توجد في مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية أية ورقة رسمية تشير إلى هذا الأمر، وحدث منذ سنوات أن كنت في مؤتمر بإحدى الولايات الأميركية وفوجئت بالجهة التي تنظم المؤتمر أعدت لي سيرة ذاتية تضم هذه المرحلة ولا أعلم حتى الآن كيف عرفوا بها .
ملحوظة : نشر هذا الحوار بجريدة النهار الكويتية بتاريخ 22/12/2007



#خالد_الكيلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبراء وباحثون : لا مفاوضات ولا تعهدات في -أنابوليس-‏
- رئيس حزب الوفد المصري محمود أباظة : الدولة الدينية خطر كبير ...
- الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة المصري للشؤون النيابية و ‏القا ...
- ضياء الدين داوود : اعترف .. - الإخوان - اكثر قدرة على الإنتش ...
- عودة الملف السوداني إلى واجهة السياسة المصرية
- رئيس مجلس الوحدة الاقتصادية العربية: لست مرشحاَ لرئاسة الوزر ...
- بعد إخفاق حرية الصحافة ... حرية الإبداع أمام القضاء مجدداَ
- دعهم يعلقون ... أو يفضفضون
- وداعاَ رجاء بلمليح - رجاء التي عرفتها
- قصة صعود وسقوط وزير الداخلية 2/2
- قصة صعود وسقوط وزير الداخلية 1/2
- الفرق بين رد القضاة ورد المحكمين في القانون المصري
- دستور 1971 ... هل يصلح لمصر الآن؟بين ضرورة التغيير ومخاطره
- الدستور المصري بين التعديل والتغيير
- هموم مصرية - لماذا جرى ما جرى؟
- عاشق أصيلة
- حوار مع رئيس مركز دراسات الإسلام والديمقراطية في واشنطن
- دستوركم ياسيادي
- مش كفاية!!


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - خالد الكيلاني - نائب رئيس المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان : توليت وزارة في حرب أكتوبر لم تعلم بها سوى أميركا