أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود جلبوط - قصص قصيرة جدا من مجموع ندى الذاكرة














المزيد.....

قصص قصيرة جدا من مجموع ندى الذاكرة


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 2124 - 2007 / 12 / 9 - 10:28
المحور: الادب والفن
    


6_ذاكرة
قريبا منه في الأفق , وهو معتكفا تحت صمت الكون , بينما كان يتلهى بعدّ النجوم كما تعود منذ أن كان طفلا مشردا, تراءت له , فارتجف قلبه , أحس أنها مازالت تملك وجدانه .
ناداها كالتائه أن تنزل إليه , أن تعود معه للماضي الذي تحول إلى مجرد ذاكرة , ناشدها أن ترد إليه حياده .
ناجاها أن البعد عنها ثقيل الوطأة على نفسه , والشوق إليها حارق .

„أيتها البعيدة البعيدة , عساك تعودي , فحبك يا عميقة العينين تصوف , بل عبادة لدرجة التطرف , هو مثل الولادة والموت لا تكرر لهما في حياة أي منا . أيتها المنفية عني , أنظري إلي , حدقي في عيني فستري أنك مازلت تغتسلين في أحداقها , وأنك تسكنين كتاباتي و أوراقي .“

7_كانت أمنية

كانت أمنيته أن يقضي ما تبقى من حياته بين ذراعيها كطائر العنقاء الأسطوري .
كانت أمنيته أن ترحل منافيه إليها , أن يصبح بحرا لها .
كانت أمنيته أن يتوحد بها , وأن تتوحد به , فلا يستطيع الناس أن يميزوا أسمها عن أسمه , ولا تعود العيون المعلقة بهما دهشة بقادرة على أن ترى فيهما اثنان , فيغدوان ولادة جديدة لجسد واحد يأخذ ظل الله , أو شكل نبي يتلعثم اسمه على لسان الله وهو يصيغ ولادتهما معا .
كانت أمنيته أن تكون له شمس تضمحل في بؤرتها الحارقة كل لجوءاته ومنافيه .
إنها ظمأه وارتواءه , مساؤه وصباحه , إنها له شيئا شبيه بالأضداد .
كانت تضمه خجولة , تلمس جبهته بشفتيها , وتندهش أن تكتشف أن له قلب طفل يرتعش , وكان عندما يستيقظ من حرارة شفتيها يطوق رأسها بذراعيه , ويزرع حقلا من شقائق النعمان البيضاء والحمراء على جيدها .
آه لو تعلم كم تألم عندما قرر أن يكتفي بالوقوف على حدود منفاها المجاور , وهي لا تستطع أن ترى ما يخبيء في قلبه لوعة يسهر على شمعته .
كانت له دائما أمنية .
8_الحب الكبير

كان مستعدا من أجل وهج عينيها أن يقدم لها روحه فداءا , فلقد قضى زمنا بجوارها يقلم شجر الياسمين على حدود منزلها كي تزدهر أشجار الزيتون في حقولها , فهو منذ أن غادرها إلى الشتات راح يقضي معظم الوقت يغنيها ويروي للمنافي المتبدلة عن جمال عيونها البحرية .
قضى الأيام يرسم على حدود اللجوئات صورتها , تارة يمنى وأخرى يسرى , وكلما كان يقترب من تلابيب ثوبها يحتفظ في قلبه برائحة قدميها , ولما يبتعد عنها يقضي وقته مرابطا على حدودها يهمس باسمها.
يشعر الآن , والآن أكثر من أي وقت مضى أنه لم يعد يطيق أن يحبها أكثر , كم انتظر بلا حراك مرابطا على أطلالها طلوع الفجر على بهائها لتنهض من نومها , لتتقدم إليه وهو يرابط على دربها , يمسك ذراعها الحلو فيزهر بين يديه الحبق والزعتر , ويصير وجهها سماءه وأغانيه نجومها , وهي تكتفي عندما تنهض بأن تنزل بطيئة بطيئة من سطح إلى سطح بخطا قمر ليلي لتصغي إلى وقع خطواته تقترب منها , فيتحاضنان , ولما يبتعد , تمضي لياليها تحلم بلقائه مهما ابتعد .
تتداوله المنافي يحلم بلقائها حتى امتلأ صمتا من النوع الذي يصم , عبثا اشتهى أن يضمها إليه ثانية , عبثا اشتهى أن ينام في دارها ثانية , عبثا كانت كل الزهور التي قطفها ليقدمها لها في لقاء يجمعهما .
عبثا قضى العمر يحلم بأن يموت على صدرها .... إنه حبها الكبير .

9_سراب

كلما كان يهم ليصارحها بمكنونات قلبه تفر من أمامه , ولما كان يتبعها تطير , فتصبح عيناها بعيدتان , ومن البعيد البعيد تحاول إواء قلبه بكلمات قليلة قليلة وأغاني كثيرة , ويغرق هو في حاضر أعمى تتحول أيامه فيه شتاءا طويلا .
كلما كان يطوف الليل ساحة وجده ويئن الزمن في تثاقل على عينيه , يدهن جسده بالطيب متأهبا كي يلقاها على شرفة الحلم .
مرارا حاول أن يحدثها لكنها كانت تستسلم لأحلام قادمة من بعيد , وكلما اقترب ليلمسها فرت منه , وراح يسير على دروب لم تعهدها خطاه ليتبعها , لكنه يخشى ما يرد إلى مسامعه من البعيد , ويتساءل : ترى ماالذي عند البعيد ما يشدها إليه فتفر منه إليه ؟
ترى ماتقول هذه الأصوات القادمة من بعيد ؟
ويتابع سيره يحمل صليبه يطارد خطاها .
آه يا حبيبته البعيدة والوحيدة , آه يا حبا وراء الحدود لا يستطيع الوصول إليه .



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة جدا ....من مجموعة - ندى الذاكرة-
- قصص قصيرة جدا من مجموعة - ندى الذاكرة-
- (موضوع مؤجل)....قراءة في كتاب منشور باللغة الألمانية يتناول ...
- في المشهد الأوربي
- الكلمة القذرة
- ماذا يحصل للفلسطينيين في لبنان؟
- رأي حول محاكمة رجالات النظام العراقي السابق
- ترجمة مقال من اللغة الألمانية للعربية لداعية السلام المناضل ...
- أسئلة ولدي الصغير الصعبة
- في المشهد الفلسطيني
- سقوط الورقة الأخيرة
- إعلان
- مرة أخرى في المشهد السوري
- ذكرى النكبة , ثم النكسة , على قصف أو حصار المخيم المباح
- مايجري خلف المشهد السوري الأخير
- نكبة الشعب الفلسطيني المتجددة
- من الذي يضعف الشعور القومي والوطني واقعيا في سوريا؟
- هل نتعلم من عدونا
- أسئلة ابنتي الصغرى الصعبة
- وردتان


المزيد.....




- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...
- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود جلبوط - قصص قصيرة جدا من مجموع ندى الذاكرة