|
ما بعد المأساة ! يوشكا فيشر / وزير خارجية المانية السابق
كاظم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2119 - 2007 / 12 / 4 - 10:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نشر هذا المقال في جريدة داكينس نيهتر السويدية
رغم كل شئ فالتاريخ يعيد نفسه ، والتطورات الاخيرة التي شهدها الشرق الاوسط مؤخرآ تؤشر إلى ذلك ، فمع ما تبقى من فترة بوش الدستورية كرئيس للولايات المتحدة الامريكية ، والتي تذكرنا بالسنة الأخيرة لبيل كلنتون ، حيث حاول وبنهاية فترته الرئاسية ، كما يفعل بوش الان ، أن يحل أعقد وأخطر نزاع عالمي ، في الوقت الذي تضائلت قدراتهم السياسية على التأثير ، وانحسرت مجالات التحرك المطلوبة لديهم . ان المرء لا يفقد الامل ، رغم ان ادارة بوش قد أضاعت سبع سنوات ثمينة ، كان ممكنآ ان يتحقق فيها الكثير من النتائج ، بدلآ ان نعود اليوم الى نقطة البداية . أن مباحثات كامب ديفيد وطابة ، والتي توقفت في يناير 2001 ، سوف تستأنف من جديد ، وهذا أفضل من لاشيئ ، وهو خطوة الى الأمام على طريق حل الدولتين ، التي ينبغي ان يكون مؤتمر انابوليس مناسبة لعقد المفاوضات النهائية لها بين الطرفين ، على اساس اقامة الدولة الفلسطينية بحدودها وعاصمتها ، ومعالجة قضية المستوطنات وحق العودة لللاجئين الفلسطينين ، وبنفس الوقت ينبغي على المؤتمر ان ياخذ قضايا الأمن بنظر الاعتبار ، لأنهاء عقود من حالة الحرب والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود . إنها لفرصة ، في ان يأخذ حل الدولتين خطوة إلى الأمام ، خاصة وان الفلسطينين فقدوا الأمل في نيل حقوقهم واقامة دولتهم ، ولذلك دون التقدم للأمام ، فأن العنف سيكون هو السائد . أن الحديث عن التسويات المقبولة ، قد تكرر مرارآ ، وتم التفاوض بشأنها كثيرآ ، واهملت وركنت جانبآ ، وكانت الارادة السياسية والقدرة على الدخول في اتفاقية سلام ، من العناصر المفقودة لدى اطراف الصراع . واليوم إذ يفتقد كل من رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس ، القوة السياسية اللازمة للقيام بمثل هذه التسويات ، فالأثنان ضعفاء داخليآ ، ويخاطرون اذا ما اقدموا على متطلبات التسوية الضرورية ، وهو ما يمكن قوله ايضآ حول الرئيس بوش ، فالحكومة الامريكية لا تقف وراء مبادرتها من القلب ، ووزيرة الخارجية الامريكية التي جهدت لعقد مؤتمر السلام ، حاولت عمل الكثير من خلال التحضير لأنعقاده ، ولكن ما نوع الحلول التفاوضية التي سيقبلها بوش . لحسن الحظ ان الضعف المشترك لأولمرت وعباس أبرز مصلحة مشتركة في عقد اتفاقية سلام ، ان كلا الرجلين يأملون في الاستمرار سياسيا من خلال اتفاقية ما ، فأولمرت ينتظر انتخابات جديدة وعباس يصبو نحو استفتاء شعبي كي يعطيه السطوة على حماس ، وفي الوقت الذي حدثت فيه تغيرات داخلية في اسرائيل وفلسطين ، فان الوضع الاقليمي شهد متغيرات حامية في بيئته السياسية ، فأغلب الدول العربية اليوم ، لا تخشى اسرائيل بقدر ما ينتابها القلق والخوف من التوسع الايراني ، وهذا ما خلق افاق جديدة غير منتظرة في هذا الاصطفاف ، الذي ربما يشجع اولمرت ان يقدم التنازلات الضرورية في مسائل الحدود والقدس ؟ في الوقت الذي يواجه فيه عقبات ، وتنحسر امامه امكانيات المناورة داخل حزبه وتحالفه السياسي ، وهذا ما ينطبق على محمود عباس ، بقدرته على اعطاء الضمانات الامنية الكافية التي يحتاجها اولمرت دون ان يخل ذلك بالمطالب الاساسية للفلسطينين .
ان العقبة الرئيسية ، ليست المفاوضات بحد ذاتها ، بل التطبيقات اللاحقة لاي اتفاق بين الطرفين ، خاصة وان الفلسطينين يجدون انفسهم من الان في حرب اهلية ، وكذلك هنالك احتمال معارضة قوية لمثل هذه التسويات المطلوبة ، في اسرائيل. وبالتاكيد فان اولمرت سيكون حذرآ في عقد اتفاقات نهائية ، وعلى مراحل ، وفي كيفية تنفيذها ، والذي سيعتمد على التزام الاطراف خلال مسيرة التفاوض ، وعلى الولايات المتحدة كطرف ثالث مراقب ودافع لميكانيكية هذا التفاوض ، وإلا فان بروز الخلافات والنزاعات سيؤدي الى افشال وغرق كل العملية في رمال متحركة . لذلك لا ينظرالفلسطينيون بعين الثقة لنجاح محادثات انابوليس ، حيث يُطرح السؤال ، لماذا الان وفجأة يستطيع ابطال المسرح بوش واولمرت وعباس ، حل هذا النزاع ، في الوقت الذي يجدون فيه انفسهم في حالة من الضعف ؟
لقد كتب كارل ماركس يقول " التاريخ يعيد نفسة ، اولا كمأساة وبعدها كمهزلة " ، لذلك فالخوف ان يكون كامب ديفيد كمأساة وانابولس كمهزلة . لكن هذا هو الوجه الاخر للشرق الاوسط ، النجاحات تتمخض فيه عن الخسارات وليس عن الانتصارات ، لذلك ممنوع الياس وفقدان الامل ، رغم ان الامل بعيد المنال .
#كاظم_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لبنان وانابوليس
-
اقطاعيات العراق وكانتونات بغداد / ايها الوطنيون احذرو التقسي
...
-
الحوار غير المتكافئ
-
النكبة الشاملة
-
المتغيرات الدولية والسيادة الوطنية
-
البريق الروسي الجديد !
-
حصاد القمة !
-
! المؤتمر الدولي حول العراق ) حركة التفافية فاشلة )
-
لعبة القط والفأر .. ألى اين ؟
-
الفتنة الشرق اوسطية ! ايها الوطنيون كفوا عن النفخ في بوق الط
...
-
أفغانستان في ظلال العراق
-
افغانستان في ظلال العراق
-
الصومال امتداد لمشروع الشرق الاوسط الكبير
-
مصالحة على عجل ( النسخة الثالثة)
-
حركة مكشوفة في التوقيت والمكان
-
مهمة التحرير والبديل الوطني العراقي
-
المتغيرات واستراتيجية حزب الله
-
هل حملت زيارة رايس أي معاني استراتيجية ؟
-
القرارات الدولية وهستيريا العبث الأمريكي
-
فاشية المسلمين ! أم فاشية رأس المال الأمبريالي
المزيد.....
-
زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
-
دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما
...
-
الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
-
شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
-
اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا
...
-
بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس
...
-
إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
-
دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با
...
-
مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
-
هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|