أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز العرباوي - المثقف والإرهاب :















المزيد.....

المثقف والإرهاب :


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2074 - 2007 / 10 / 20 - 12:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لما سمعت بخبر العمليات الإرهابية التي تعرضت لها مدينة الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للبلاد ، والشريان المحرك لنموه وتطوره ، ارتجت كل مفاصلي واهتزت في داخلي كل قطرة دم لم تكمل دورتها بعد ، ثم توقفت لتوها عن الحراك دقيقة صمت على أرواح الأبرياء والشهداء .
وبعد توالي الأيام بدأت تقطر بصمات الحبر الأزرق والأسود على صفحات الجرائد والمجلات ، فهناك من يرجع سبب هذه العمليات إلى الفقر والظلم والتردي السياسي والعسف المخزني ، خاصة بعدما تيقن أن مرتكبيها ينحدرون من أحياء شعبية فقيرة وأحياء صفيحية وينتمون لجماعات إسلامية متطرفة وبالخصوص جماعة السلفية الجهادية التي ترتبط فكريا بتنظيم القاعدة . ثم ظهر توجه آخر يرجع السبب الذي أدى بهؤلاء الشباب الضعاف والمغرر بهم إلى الانتحار وقتل الأبرياء يكمن في التربية الأسرية من جهة والتربية المدرسية من جهة أخرى ، متجاهلين أن التربية عملية بناء للشخصية الإنسانية وتطويرها وتنويرها لا تهديم أخلاقها ومباديء وقيم الإنسان الذي يعمر هذه الأرض منذ ملايين السنين .
إن الخطأ الذي وقع فيه هؤلاء الداعين إلى تكفير الناس وقتلهم بدون موجب حق أو شرع سيقعون فيه كل من هذين الاتجاهين إذا أكثرا السباحة في البحر العكر من النظريات الفارغة دون تقديم جديد ينفع أو بديل يقنع ، والأحرى أن يتجندوا لتقديم الأفضل لبناء مجتمع حضاري جديد بعيد عن مقولات الحداثة الطاعنة في الشيخوخة وعن ظلال الدثمقراطية الغائبة بين أجنحة الأحزاب وداخل معتقلاتهم الحزبية .
كان من الواضح أن نحدد أسباب الظاهرة دون مغالطات أو تعتيمات مختلفة التوجهات والوسائل ثم نحاول أن نضع لها العلاج الشافي ينقذها من هذا المرض الخبيث الذي استوطن مجتمعنا المسالم والعظيم إلى الأبد . كان علينا أن نوضح لكل واحد منا حقوقه وواجباته ونسطرها له في كتاب أنيق ومفعم بلوحات الحرية والأمن والطمأنينة ثم نراقبه عن بعد حتى نطمئن أنه جد مرتاح في وضعيته الجديدة . للأسف ، فكتابنا ومثقفونا يجدون فرصة للإبداع في مثل هذه الوقائع . فيبدأون في ملإ الصفحات بشتى ردود الأفعال والخواطر والقصائد اليسارية فيغلبون كفة على كفة ويخلقون نوعا جديدا من الحقد والكراهية مما يؤدي إلى تفشي المخاطر أكثر ويحول دون علاجها بطريقة لبقة وعصرية .
نحن ندرك جيدا أن رسالة المثقف العظيم تختلف كثيرا عن الذي يأتي به مثقفينا ويجتهدون في نشره ، وندرك أيضا أن على المثقف في بلادنا أن يكون بعيدا عن تغليب طرف على آخر ويحكم بما تمليه عليه ثقافته ورؤيته للأوضاع دون تظلم أو هدف سام يريد تحقيقه من جراء تعاطفه مع أي جهة كانت .
ألغيت كل الكتابات الأخرى من قصيدة ونثر وقصة ورواية ، وولدت مقالات طويلة ومملوءة بشتى المحسنات البلاغية. كان من الأفضل أن تعم الأدب بكل أجناسه على أن تظل ظلا عقيما في صفحات الجرائد دون قراءة جدية لها . لم أستسغ هذه المسألة إذ ولدت هذه المقالات العظيمة أسئلة صعبة لدي ، فهم إن حققوا أهدافا سرعان ما تنطفيء شعلتها ، فسيظل هناك احتمال لأخطاء أخرى منهم يمكنهم ارتكابها ، ثم ماذا سيربحون من كثرة المقولات المتناقضة من يوم لآخر ومن قلم لآخر تجاه رسالتهم الثقافية الموكلون بها ؟ أليسوا بذلك يكررون ما يفعله المتطرفون والمتشددون في الدين والسياسة ويحاولون رسم فكر متطرف آخر ؟ أليسوا يبتعدون عن أمل يكون فيه الحق هو القوة والأمن والبقاء ؟ أم أن كل آمالنا المبتغاة والمفضلة ما هي إلا سحابة بيضاء لا تقدر أن تظهر لنا أننا في جفاف أبدي ، بل في صحراء صلعاء أكثر فقرا من عقول مثقفينا ؟ .
هذه الأسئلة ستظل تنتاب خاطري بحيرة وأسى ، وبأسلوب يتجاوز حدود التشاؤم لتعم من هو في موقعي وموقفي المحايد ، والأمهات والصغار الأبرياء ، والأميين كذلك . وبرأيي فإني أسجل ما يروج من مقلات تحريضية وانتقامية ما هي إلا غضاضة ، صيد في ماء عكر ، أمر إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده ، وبرأيي أيضا أن يتعاون الكل في عمل يستحق الدراسة والتطبيق دون إشهار حقد أو كره مادام في مصلحة الجميع دون استثناء .
وإذا نجح أهل التطرف والتشدد الذين يمرقون من الدين والإنسانية كما يمرق السهم من رميته بسرعة البرق ، ومن تقدير الإنسان وحياته واحترام رأيه وتوجهاته ، لذلك يجب أن يعرف هؤلاء أن الدعوة الإسلامية ليست هي القتل وسفك الدماء البريئة والمسالمة ، ولا هي اختطاف الناس وتهديدهم وترويعهم وتخويفهم ، كما جاء في كتاب الله عز وجل ، أن من قتل إنسانا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياه فكأنما أحيا الناس جميعا . ولا يمكن أن يقال أن الفقر أو الجهل هما من خلقا الإرهاب ، بل بالعكس أن ما يخلق الإرهاب إضافة إلى هذه العوامل التي ذكرناها هو التطرف والفكر الإيديولوجي المتشدد الذي يأتي به شرذمة من الناس لتحقيق أهداف مسطرة من قبل .
قلنا أن الفقر والجهل لا يخلقان الإرهاب لوحدهما ، والدليل على ذلك هو زعيم تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن " ، نحن نعلم جيدا أنه من أسرة ثرية وغنية بالسعودية وتملك أسرته عشرات المجموعات الاقتصادية تتعامل في كل المجالات التجارية وعبر العالم بأسره ، وأيضا فهو يملك ثقافة لابأس بها من المعرفة المتاحة . فما الدافع الذي دفعه إلى تبني التطرف والإرهاب ؟ طبعا ، ليس هو الفقر أو الجهل كما تزعمون يا سادة !
عملنا ليس هو إدانة الإرهاب فقط ، أو إشهار روح العداء والتعصب تجاه الآخرين بمن فيهم هؤلاء المتطرفين ، نحن لا نقول أنه لا يجب معاقبتهم على ما ارتكبوه ، بالعكس ، العقاب واجب على الدولة أولا ، وعلى المجتمع ثانيا . لكن العقاب الذي يأتي به المجتمع هو محاولة سد الأبواب المفتوحة أمامهم على التطرف والتشدد ، ودفعهم إلى المشاركة في بناء الوطن الديمقراطي الذي يحترم حقوق المواطنة والإنسان الكاملة ، وإشراكهم في الحوار الاجتماعي الذي يدعو إليه كل من له غيرة على وطنه ، وكل هذا موكل به كل من يجند قلمه للكتابة في الصحف والمجلات والكتب والمجلدات . ..
عزيز العرباوي
كاتب وشاعر من المغرب
[email protected]



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجديد الديني ومستقبل الإسلام :
- - مدين لقاتلتي بالحياة - لسعيد التاشفيني : نقد ... :
- الشبكة العلائقية العائلية وورطة عباس الفاسي : رأي :
- النفاق المشروع عند صاحب العصمة : شعر
- ” بيت لا تفتح نوافذه ” لهشام بن الشاوي :الرثاء المفعم بالألم ...


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز العرباوي - المثقف والإرهاب :