أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - جاسم الحلوائي - قراءة نقدية في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي- (15)















المزيد.....

قراءة نقدية في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي- (15)


جاسم الحلوائي

الحوار المتمدن-العدد: 2070 - 2007 / 10 / 16 - 11:45
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    



مؤامرة الشواف في الموصل آذار 1959
(1 ــ 2)
49
يكرس سباهي الفصل السابع عشر من الجزء الثاني من كتابه للنشاطات التآمرية ضد الجمهورية، أو بعبارة أدق، ضد عبد الكريم قاسم وحلفائه وخاصة الشيوعيين منهم. ويخصص ثلاثة أرباع الفصل، الذي يغطي41 صفحة، لمؤامرة الشواف في الموصل (آذار 1959). ولم ينفرد سباهي لوحده بذلك، فجُل الكتابات التي تناولت تلك الفترة التاريخية، والتي إطلعت عليها، توقفت ملياً عند هذا الحدث. ولا غرو في ذلك فمؤامرة الشواف، كما يشير سباهي، عن حق، هي أخطر المؤامرات، وأكثرها إثارة ومداراً للجدل. ويعود السبب في ذلك كونها إقترنت بأحداث دامية وفاجعة، إضافة الى أنها قد كشفت عن سعة الخلافات وعمقها بين الأطراف المتخاصمة آنذاك. كما أن الحديث عنها يمس مباشرة الحزب الشيوعي العراقي، بإعتباره كان طرفاً رئيسياً في أحداثها.
يشير سباهي، قبل تناوله مؤامرة الشواف، الى أسباب النشاطات التآمرية والجهات التي خططت لها ووقفت وراءها ونفذتها، وهي جهات داخلية وخارجية تضررت مصالحها من الثورة. ويتوقف عند دور قيادة الجمهورية العربية المتحدة، فيشير الى أن عبد الناصر قد إهتم بحرية بلاده، ودافع ببسالة عن إستقلال مصر، وإكتسب مجده في الدفاع عن حق العرب في العيش في دول مستقلة تسعى الى الوحدة فيما بينها. وكان الشيوعيون أكثر من أثنى على عبد الناصر في هذا الإطار. لكن عبد الناصر في المقابل، لم يعر أهمية لحرية الفرد وحقوقه في هذه الأوطان، ولا للحريات السياسية. ولم يعر جمال عبد الناصر أهمية إلى السبل الديمقراطية للوصول الى الوحدة، وإنما إعتبر الخطاب الديماغوجي هو الوسيلة الأجدى. وقد ناصب عبد الناصر الشيوعيين العراقيين العداء بوجه خاص، لأنهم باتوا يؤلفون قوة كبيرة لايمكن أن يزاحمها كما يشتهي بمجرد خطابات يثير فيها العامة هنا وهناك.
كما حقد الرئيس المصري على عبد الكريم قاسم، لأن الأخير أصبح مزاحمأً له على الزعامة. وقد كشفت المؤامرات المتتالية على الحكم في العراق، والمحاكمات التي جرت لمدبريها، أن عبد الناصر كان ورائها جميعاً. ويقر بذلك الآن بعض القوميين العراقيين وحتى بعض ساسة مصر الكبار، ويحسبونها من مآثر عبد الناصر والجمهورية العربية المتحدة. ويتناسى هؤلاء أن هذه المؤامرات كانت تجري ضد دولة شقيقة مستقلة، تحررت تواً من إسار الإستعمار، وإن مثل هذه السياسة لايجمعها جامع مع العرف الدولي في التعامل بين الدول (1).
ويقول سباهي، في معرض تناوله لأسباب النشاطات التآمرية ما يلي: "لقد شخص الإجتماع الموسع للجنة المركزية في اوائل ايلول 1958، عن حق، أن عملاء الإستعمار سيعمدون الى سلاح تفريق القوى الوطنية تمهيداً لإمرار مؤامراتهم، وأنه " كلما إنحسرت إمكانيات العدوان الخارجي في أيدي المستعمرين، إتجهوا بنشاط وجنون أكثر الى المناورة، والى الإعتماد على حبك الدسائس والمؤامرات الداخلية"، وأن في أيدي أعداء الشعب أسباباً وأدوات وشبكات وافرة للتآمر، وعناصر لا يستهان بها من الشركاء والعملاء والمرتزقة من الإقطاعيين وكبار الملاكين والمتمولين...الخ " (2) .
أعتقد كان على الرفيق سباهي أن يدقق جيداً في هذه التوقعات ، وعن الأفق المنظور للمخاطر على النظام الجديد، من قبل الإستعمار وعملائه. وكان عليه أن يشير، بدلاً من التصديق عليها، الى أن هذه التوقعات جاءت في ظروف معينة لم يكن من الملائم سياسياً الإشارة فيها الى إحتمال جنوح القوى القومية وعبد الناصر للتآمر. وقد أشار الحزب لاحقاً الى أسباب عدم التطرق الى ذلك بالقول: " ورغم ما كنا نلمسه من مظاهر نشاطهم [القوميين] المناوئ كنا نتمسك بإلتزامات التحالف معهم في جبهة الإتحاد الوطني بأمل حملهم على التراجع عن مسلكهم الخاطئ. وحَرصنا من جانبنا على أن لا يتوجه غضب الجماهير ضدهم بل ( فقط ضد الذين يصرون على سلوك سبيل التآمر). ومهّدنا للمخطئين سبيل العودة الى حظيرة التعاون الوطني ـ إن هم رغبوا في تصحيح مواقفهم والعودة الى سبيل النضال للحفاظ على الجمهورية" (3).
فالمساعي كانت قائمة على قدم وساق آنذاك لإحياء جبهة الإتحاد الوطني ولإقناع عبد الناصر والبعثيين بالإتحاد الفيدرالي. ولكن تطور الأحداث جاء، وبعد تلك التوقعات مباشرة، ليشير الى إنزلاق القوى القومية، وخاصة اليمينية المتعصبة، في النشاط التآمري، الذي لم يشر اليه التشخيص المذكور. إن سلسلة المؤامرات التي تم إكتشافها وأحبطت كانت بقيادة القوى القومية وبتشجيع من عبد الناصر. وكانت المؤامرة الأولى بقيادة عبد السلام عارف في أواسط ايلول عام 1958، والثانية في يوم إعتقال عارف 5 تشرين الأول من نفس العام، وكانت بقيادة رفعت الحاج سري. وتلتها المحاولة الثالثة التي قادها أحمد حسن البكر، ثم الرابعة بقيادة رشيد عالي الكيلاني، والتي حدد موعد تنفيذها مساء يوم 9 كانون الأول 1958. أما مؤامرة الشواف فقد تم الشروع بها فعلا، وكانت يوم 7 آذار 1959. إن جميع قادة هذه المؤامرات قوميون وليسوا عملاء للإستعمار. وكان جميعهم، بإستثناء رشيد عالي الگيلاني، من الضباط الأحرار. لا يمكن تزكية تلك المؤامرات من دعم ومساعدة الإستعمار وعملائه لها، هذا فضلاً عن دعم الإقطاعيين والرجعيين الفعال لجميع النشاطات التآمرية. وكان ذلك واضحاً في مؤامرة الشواف بشكل خاص. إلا أن تأكيد سباهي على صواب تلك التوقعات، دون الإشارة الى ظروفها، لا يتطابق مع واقع المؤامرات التي حصلت، ومن شأن ذلك تخفيف المسؤولية عن كاهل قوى التعصب القومي العروبي في النشاط التآمري ضد الجمهورية العراقية الفتية، من جهة، والتقليل من يقظة الحزب ومعرفته بطبيعة القوى التي ستتآمر .
ويواصل سباهي تكملة الفقرة التي إستشهد بها فيقول:"كذلك شخص،عن حق، أن التهويش ضد الشيوعية وإستغلال الحساسية تجاه الحزب، التي أوجدها وغذاها الإستعمار، وتركها إرثاً بغيضاً، يمكن أن يستتر به النشاط الإستعماري والرجعي ضد الجمهورية". ثمة عدم دقة في هذا الحكم ، ما كان على سباهي تمريره. لا شك بأن الإستعمار قد غذّى الحساسية تجاه الحزب، ولكن مَن أوجدها فهو ليس الإستعمار، بل الصراع الطبقي وتجلياته والأشكال التى إتخذها في المجتمع.
50
ومن أجل الإحاطة بمؤامرة الشواف، من المفيد إلقاء بعض الضوء على التركيبة الإقتصادية والإجتماعية لمدينة الموصل وضواحيها، والتي كانت آنذاك تشمل أيضا جل محافظة دهوك الراهنة. تعد الموصل إحدى المدن الكبيرة في العراق، وتقع على ضفاف نهر دجلة. ويشكل الكورد معظم سكان القسم الشرقي من المحافظة، وتتوزع في هذا الجزء أيضاً قصبات وقرى أغلب سكانها من المسيحيين الكلدان والآشوريين ومن الكورد الإيزيديين. أما في القسم الغربي من المحافظة، فيتألف السكان من قبائل عربية وتركمانية وكردية. ويتمركز الإيزيديين في منطقة سنجار. وكان للمدينة، منذ القدم وضع خاص، بصفتها المركز التجاري الأساسي في شمال العراق، الذي يربط البلاد بكل من سوريا والأناضول. وكانت المدينة منذ القدم شديدة الإرتباط بالريف الذي يحيط بها. وقد وضعت العوائل المتنفذة في المدينة يدها على الأراضي الزراعية بوسائل مختلفة، وإحتفظت بنفوذها هذا في العهد الملكي (4).
ويلقي الباحث بطاطو أيضاً ضوءاً على تلك الوسائل التي إستخدمتها العوائل المتنفذة في وضع يدها على الأراضي الزراعية فيذكر ما يلي: "ويسمع الإنسان قصصاً عن فلاح عرض عليه 25% من قيمة أرضه الحقيقية، وإذا ما رفض البيع سيق الى السجن بتهمة قتل ملفقة في جريمة لم تحصل أبداً وبقي هناك لسنوات، إلا إذا غيّر رأيه وباع. ويبدو إن إدخال نظام "الطابو" منح أقطاب المدينة فرصاً لسلب الفلاحين مساحات واسعة من الأرض بواسطة وثائق بيع مزورة...الخ. وشكلت الرهونات سلاحاً آخر من الأسلحة المفضلة. ومهما كانت الأساليب، فإن الأرض إنتقلت بكاملها تقريباً الى أيدي أصحاب الطابو، الذين كثيرا ما يكونون أسياد أرض غائبين، حتى إنهم لم يروا الأرض التي يملكونها" (5).
وبمرور الزمن، نشأت علاقات خاصة بين أثرياء الموصل وشيوخ شمر ورؤساء القبائل الكوردية من الزيباريين والهركيين والريكانيين وغيرهم، ومع رؤساء الطائفة الإيزدية في سنجار. وكانت هذه العلاقات تنعكس سلباً على أوضاع الفلاحين كلما إزدادت وثوقاً بين أثرياء الموصل ورؤساء قبائلهم. ولهذا كان الفلاحون يضمرون الحقد لأثرياء الموصل. وفي هذا كان يتماثل موقف الفلاحين على إختلاف أديانهم وإنتمائهم القومي. ومقابل هذا الإصطفاف الطبقي، برز توزع مماثل في محلات سكنة المدينة بين أثريائها وفقرائها، ويبن الأخيرين نسبة غير قليلة من الفلاحين النازحين من الريف، أكثرهم أكراد، هروباً من ظلم الإقطاعيين (6).
ولم يكن الفلاح في ربيع 1959 هو نفسه فلاح العهد الملكي، المهزوم والجاهل ومطأطئ الرأس، بل غيّرت ثورة 14 تموز وقانون الإصلاح الزراعي مزاجه ووعيه السياسي. وشاهد الفلاح بأم عينه وإقتنع بأن سطوة الإقطاعيين والأثرياء التي ورثها أباً عن جد لم تكن قدراً من الله، ينبغي الإستسلام له. فغدا مرفوع الرأس وأخذ يميّز بين أعدائه وأصدقائه. ومن هنا وجدت الأفكار الشبوعية طريقها وإنتشارها في أوساطهم في العديد من المناطق. وجاءت الإصلاحات والأجواء الديمقراطية التي حملتها الثورة لتنعش الآمال لدى الأقليات الدينية والقومية في المدينة وفيما حواليها في نيل مكانة إجتماعية محترمة، بعد أن كانت تعامل معاملة جافية من جانب أثرياء الموصل (7).
51
بعد الثورة ببضعة أشهر، راح الخطباء في مساجد مدينة الموصل يهاجمون الشيوعيين في خطبهم أيام الجمع. وسارع تنظيم حزب البعث في المدينة الى تجميع كل القوى المحافظة في ما دعي ﺑ ( التجمع القومي ـ الديني) الذي ضم ممثلين عن حزب البعث، وحركة القوميين العرب وجماعة الأخوان المسلمين، وعدد من المستقلين للعمل ضد الشيوعيين في المدينة. والى جانب هؤلاء نشط المحامي سامي باش عالم العمري لتكوين تكتل رجعي معادي للحكم. وكون أحمد عجيل الياور، شيخ شمر، جماعة خاصة به من الإقطاعيين. وبدفع من عبد الحميد السراج وجمال عبد الناصر، إلتقى دهام الهادي، رئيس عشائر شمر في سوريا، برؤساء عشائر شمر في العراق، وأفهمهم بتعليمات السراج، وطلب منهم أن يوّحدوا كلمتهم. ومقابل هذا سيعفى كل من يؤيد التحرك من شمول أراضيه بقانون الإصلاح الزراعي! وكانت القوة المحركة الفعلية للتمرد جماعة من ضباط الجيش يقودهم محمود عزيز آمر اللواء الخامس في الموصل، والمقدم عزيز أحمد شهاب معاون آمر الفرقة الثانية في كركوك، والعقيد رفعت الحاج سري رئيس الإستخبارات العسكرية (8) .
بدأت كل هذه القوى المختلفة تتقارب فيما بينها في بدايات عام 1959. ولكن الإستعدادات العملية للتمرد لم تبدأ إلا بعد إستقالة الوزراء القوميين في 7 شباط من نفس العام. وقد إستقرت الخطة، بعد أخذ ورد، على أن يقوم المتمردون في حامية الموصل، أي في اللواء الخامس والذي هو بقيادة الشواف (*)، بإذاعة بيان، بعد السيطرة على المدينة، معطين بذلك إشارة لشركائهم في بغداد لكي يحتلوا، بقيادة العقيد رفعت الحاج سري، وزارة الدفاع ويعتقلوا عبد الكريم قاسم، وينفوه أو يقضوا عليه، ويستلموا السلطة. في الوقت نفسه، كان على ضباط آخرين ، بمن فيهم الزعيم الطبقجلي آمر الفرقة في كركوك، أن يعلنوا دعمهم للحركة. وعرض كبار الملاكين كل ما تحتاجه العملية من مال. وألقيت على كاهل الأحزاب، البعث خصوصاً، مهمة تحريك الشارع. وأخذ شيخ شمر الأكبر على عاتقه نقل أسلحة ومحطة إذاعة من حدود الإقليم السوري في الجمهورية العربية المتحدة، الذي وعد أيضاً بإسناد الحركة بكتيبة من المغاوير وسرب من طائرات "الميگ" إن لزم الأمر (9).
وجرى إختيار الموصل كمنطلق للمؤامرة، لكون أغلب الضباط في حاميتها من القوميين، ولقربها من سوريا من جهة، وبعدها عن العاصمة بغداد من الجهة الأخرى، إضافة الى وجود قوة رجعية، ذات وزن، معادية للثورة عداءاً جذريا، لأن الأخيرة ضربت مصالحها في الصميم وزعزعت مواقعها الإجتماعية.
وتمتاز مدينة الموصل بطغيان مشاعر قومية عربية متميزة. ولكن المتآمرين بالغوا بها وبقواهم بشكل عام، عندما كانوا يصفون الموصل بالمدينة المقفلة، وإستهانوا بقوى الخصوم. فقد كانت هناك قوى لايستهان بها تعارض المتمردين. فهناك منظمة الحزب الشيوعي والمنظمات الديمقراطية والمقاومة الشعبية وقوامها سبعة آلاف مقاوم. كما كانت هناك قوى الحزبين الوطني الديمقراطي والديمقراطي الكوردي (البارت). ونتيجة لطريقة التفكير السطحية للمتآمرين، فإنهم لم يأخذوا بنظر الإعتبار ما ستفرزه التمايزات الطبقية العميقة من نتائج في معركة مصيرية كهذه، هذا فضلا عن التمايزات الإثنية والدينية. وإستهان المتآمرون بتعلق المراتب والجنود بعبد الكريم قاسم، وتعلق الفلاحين به أيضاً كتعبير عن تمسكهم بقانون الإصلاح الزراعي. ولم يكن جميع الضباط في اللواء الخامس من المتآمرين. فبإستثناء 18 ضابطاً، بينهم عقيدين ومقدم، فهناك عدد كبير من ضباط الصف في الصنوف الفنية من أعضاء الحزب الشيوعي. وكان هناك العديد من الضباط من مؤيدي عبد الكريم قاسم كالمقدم عبد الله الشاوي، آمر كتيبة الهندسة وغيره (10).
52
كانت مؤامرة الشواف مكشوفه، ولم تتمتع بعناصر هامة جدا في الإنقلابات العسكرية، وهي المباغتة والسرية والتنسيق المحكم والمركزية الشديدة. فقد تحدثت عنها جريدة التايمس اللندنية في عددها 8 شباط 1958 مشيرة الى أن أنباء تتردد حول " إنقلاب تنظمه بعض العناصر [الناصرية] في الجيش العراقي في الربيع" ( ربما كانت الجريدة متعمدة في كشف ذلك، فلم تكن بريطانيا تؤيد إنقلاباً ناصرياً في العراق وهي التي خرجت مثخنة بالجراح من العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، خلافاً لأمريكا التي كانت تدعم ذلك.) وأحيط قاسم علماً بالمؤامرة، في يوم 23 شباط، من قبل الحزب الشيوعي العراقي، وقد كشف الحزب عن ذلك في مقال إفتتاحي في جريدته "إتحاد الشعب" بعد قمع المؤامرة، وتحديداً يوم 11 آذار 1959. ووصلت الى قاسم معلومات مماثلة من الحزب الوطني الديمقراطي ومن العقيد طه الشيخ أحمد مدير الإستخبارات العسكرية. ولم يكن التنسيق بين قادة الإنقلاب بالمستوى المطلوب. فقد أسرعت الموصل في التنفيذ ولم تصغ الى نصائح رفعت الحاج سري الذي كان يطالب بالتأني لعدم إستكمال الإستعدادات في بغداد.
لقد عزمت الأحزاب والقوى الديمقراطية وأنصار السلام على عقد مهرجان لأنصار السلام في مدينة الحلة، إلا أن عبد الكريم قاسم أراده في الموصل. فجرت الموافقة على ذلك، وحدد له موعد 6 آذار 1959. وقررت القوى الديمقراطية القيام بأوسع تحشيد جماهيري، وذلك لتحذير القوى المتآمرة وتنبيهها الى خطر ما تنوي الإقدام عليه. وبطلب من قاسم، قامت مديرية السكك الحديدية وأجهزة الأمن بتقديم كل التسهيلات الضرورية لعقد المؤتمر في موعده المقرر (11).
لقد ظل الحزب الشيوعي يتابع التحرك بإنتباه. ففي 27 شباط 1959 نشرت جريدة "إتحاد الشعب" مقالا إفتتاحياً، حذرت فيه المتآمرين في الموصل، وأشارت الى الإجتماعات التي عقدت بين رئيس المباحث العامة عبد اللطيف ورئيس المكتب الثاني حكمت الميني من العربية المتحدة، والضابط العرقي محمود حيدران في ناحية تل كوجك.
________________________________________
(1) راجع سباهي. مصدر سابق، ص361 و370، وما يليها.
(2) سباهي. مصدر سابق، ص364.
(3) تقرير الإجتماع الكامل للجنة المركزية المنعقد في تموز 1959 والمنشور في جريدة "إتحاد الشعب" في 29 ايلول 1959. ثمينة ونزار. مصدر سابق، ط 1 ج 2 ص512 وما يليها.
(4) راجع سباهي. مصدر سابق، ص372 وما يليها.
(5) بطاطو. مصدر سابق، ص183، والهامش رقم 8. راجع أيضاً سباهي. مصدر سابق، ص373.
(6) راجع سباهي. مصدر سابق، ص373 وما يليها.
(7) سباهي. مصدر سابق، ص376.
(8) راجع بطاطو. مصدر سابق، ص184. راجع كذلك سباهي. مصدر سابق، ص380 وما يليها. راجع أيضاً ثمينة ونزار. مصدر سابق الطبعة الأولى، ص286.
(*) الشواف، هو العقيد الركن عبد الوهاب الشواف.، عضو اللجنة العليا للضباط الأحرار. إختاره عبد الكريم قاسم في اليوم الثاني للثورة ليكون الحاكم العسكري العام، وأبلغه بالأمر، إلا أن عبد السلام علرف عارضه في ذلك، وأصر على إبعاده الى الموصل، ليقود اللواء الخامس المرابط هناك، فترك ذلك في نفس الشواف أثراً سلبيًا، وشرع في تكوين مجموعة خاصة به من أمراء بعض الوحدات العسكرية. وأظهر موقفاً محايداً تجاه النزاعات في الموصل والتنافس فيما بين القوى المختلفة. وبدأ يغازل القوى القومية. وكان حتى ذلك الحين لم يقطع روابطه السابقة بالحزب الشيوعي. وقد رشحه الحزب الشيوعي ليشغل منصب وزير الداخلية بعد إبعاد عبد السلام عارف، وأبلغه بذلك، ولم يكتم هو سروره بهذا الترشيح، إلا أن قاسم فاجأ الجميع بتعيين أحمد محمد يحي والذي لم يكن من الضباط الأحرار، لهذا المنصب. فجن جنون الشواف، وزاد في نقمته على الوضع ورغبته في التمرد. فوجد فيه الضباط القوميون في الموصل، ولاسيما قطبهم المحرك، محمود عزيز، ضالتهم التي يبحثون عنها. راجع سباهي. مصدر سابق، ص378. وهامش رقم 14.
(9) راجع بطاطو. مصدر سابق، ص185 وما يليها.
(10) راجع سباهي. مصدر سابق، ص 382 ـ 384.
(11) راجع سباهي. مصدر سابق، ص364 وما يليها.
يتبع



#جاسم_الحلوائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيزسباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق- ...
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق ...
- قراءة في كتاب عزيزسباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق- ...
- تعليق على مقال - كيف عشت الحقيقة -
- هل كانت تحالفات الحزب الشيوعي العراقي كارثية؟
- حسن عوينة مناضل .. يُقتدى
- كتاب - لحقيقة كما عشتها
- التراث الإشتراكي في مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي
- حول تغيير إسم الحزب الشيوعي العراقي


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - جاسم الحلوائي - قراءة نقدية في كتاب عزيز سباهي -عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي- (15)