تيوس التطهير والخلاص

علي قاسم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 2050 - 2007 / 9 / 26 - 03:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

في القرون الوسطى كان الباباوات يبيعون صكوك الغفران لمن يدفع الثمن، قطعوا الجنة قسائم وأشبار للراغبين في الخلاص ببعض دوقات ذهبية، وكفى الله المؤمنين القنوت والصلاة؛ اليوم عاد الحال كما القرون الوسطى ولكن هذه المرة بتوزيع وإعطاء تذاكر سفر إلى الجنة مع بطاقة دعوة غداء درجة أولى مع النبي محمد (ص) – حاشى نبي الإنسانية من الجلوس مع شراذم المجتمع - من قبل بعض المنافقين المارقين الذين تطاولوا على قيم الدين الإسلامي، دعاة الإمارة الإسلامية والعودة بالإسلام إلى أصوله الموافقة لمزاج دعاتهم المضللين، أشباه الفقهاء الذين مزقوا جسد الإسلام بمشارط التكفير والتهجير والقتل على الهوية، بل زاد بهم الحال للتفوق على الباباوات، فالجرائم التي ترتكب من قبلهم في الحياة الدنيا، من قتل وزنى وشرب خمر إلى آخر المحرمات، سوف تمحى بمجرد ما يضغط احدهم على زر التفخيخ، الزر المرتبط مباشرة بالتطهير، إنه زر التطهير من المعاصي والذنوب. أي عقل هذا الخالي من ذرة تفكير، عقل متخلفا ؟ نعم متخلف أعمى. لقد عرفت بعض الشعوب أنواع من التطهير بعيد عن القتل والتفخيخ، فشعوب الانكاس في أمريكا اللاتينية، قبل كولومبس كانت بدورها تتطهر من الخطايا، يصعد احدهم المعبد الصخري من أعلى جبال الانديز مئات الدرجات الحجرية حتى إذا اشرف، مع الشروق على بحيرة (تيتي كاكا ) أعلى مسطح مائي عذب على الأرض غطس في الماء وتطهر. وفي الهند يزحف الهندوس من كل مكان إلى نهر الغانج المقدس فترى عشرات الآلاف تغوص في المياه الموحلة للوصول إلى ( الباغنا ) - العيش في توافق وسلام مع العالم- كذلك يعتقدون. فمياه الغانج تغسل الجسد مع الروح. وفي سفر اللاويين من التوراة إصحاح يتحدث عن طقوس التطهير اليهودي، يقول الإصحاح: يدخل هارون إلى القدس في قميص وعمامة من الكتان المقدس ومن بني إسرائيل يأخذ تيسين من الماعز.... يوقفهما أمام الرب في باب الخيمة ويلقي عليهما القرعة، واحد للرب والثاني لعزازيل. فالتيس الذي خرجت عليه قرعة الرب يجعله ذبيحة ، وأما التيس الذي لعزازيل فيوقف حيا أمام الرب ليكفر عنه. ومتى فرغ من التكفير يضع هارون يديه على راس التيس الحي ويقر عليه بكل ذنوب إسرائيل، وكل سيئاتهم مع كل خطاياهم، ويجعلها على راس التيس ويرسله بيد من يأخذه إلى البرية، والناس يطاردونه بالأقذار إلى خارج البلد. ليحمل التيس كل ذنوبهم إلى ارض مفقودة فيطلق التيس فيها... فأي تطهير يبحث عنه أتباع ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب والسنوسي والمهدي وحسن البناء وأبو الأعلى المودودي و قطب، فإذا كان لبني إسرائيل تيس واحد فقط يحمل خطاياهم، يخيل لي بان (جماعتنا) أصحاب أزرار التطهير والخلاص لكثرة ذنوبهم كل (صخول) العالم لا تكفي لحمل خطاياهم...

#علي_قاسم_مهدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات