أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - هوشنك بروكا - الإيزيديون: نزلاء الذات اللامتفقة أبداً















المزيد.....

الإيزيديون: نزلاء الذات اللامتفقة أبداً


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 2043 - 2007 / 9 / 19 - 12:06
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


من المعروف أن الإيزيدية، هي واحدةٌ من أقدم الديانات، التي دونت الله، كردياً، وحفظته، على مر التاريخ الوعر، دينياً، وعلى امتداد جغرافياته القديمة المتناحرة. وهي، على ما تبدو، ليست الديانة الأكثر إشكاليةً، على مستوى البحث عن هبوط وصعود الله فيها، فحسب، وإنما، أيضاً، على مستوى البحث عن قيام وقعود "إنسانها" و"مؤمنها"، القادم من مهب نيران آلهتها، وحكايات أولياء طقوسها، وأساطيرها.
فالإيزيدية، ليست ديانةً "صعبةً" وإشكاليةً، على صعيد دراسة ومتابعة التاريخ الطقوسي، الميثي(تاريخ الله) فيها، فحسب، وإنما هي، تبدو في ذات الوقت وذات "الله الصعب"، بذات "الصعوبة" وذات الإشكال، على صعيد البحث عن تاريخ إجتماعها/ جماعتها(تاريخ اجتماع الإيزيدي)، في كرّها وفرّها، وحلّها وترحالها، أيضاً.

المتابع ل"شئون الله"، إيزيدياً، سيكتشف مدى شساعة المظلومية المتعددة والمتكررة، التي تعرضت لها هذه الديانة الضحية أبداً: ضحية ال"أنا" وال"هو"؛ الذات والآخر، الداخل والخارج، الغادي والرائح، الهابط والصاعد. وما ذاكراتها البعيدة والقريبة، القادمتين من جهات التاريخ الثقيل؛ تاريخ الفرمانات ال"72+1" الثقيلة، والذبح الجماعي الثقيل، وشيوخ "دفاتر ومقبوسات الموت" وأمرائها الثقيلين، إلا برهاناً "متعدداً"، وأكيداً، على فداحة القتل الكبير الذي طال الإيزيدية وحياة نزلاء "ذاكرة النار"، من أبنائها المستغرقين أبداً، في زمان "شمسها": في الطلوع/ الشروق وفي الغروب/ الزوال، وفيما بينهما.

وعليه، فإن الإيزيديين، كأقرانهم من أبناء الأقليات الأخرى المضطهدة المهمّشة، والمطرودة، من كل الحسابات الأرضية والسماوية، يقاسون، على ما يبدو، ، كتحصيل حاصل، لهذه المظلومية المتعددة والمتكررة، على جري التاريخ والجغرافيا، ويعانون من عقدةٍ مزدوجة أو أكثر: عقدة النقص/العقدة الدونية مقابل الآخر، وعقدة اللاأمان واللاإئتمان، وعقدة فقدان الثقة بالذات وبالآخر، وعقدة الإستجداء والإسترحام.

هذه العقدة المتعددة والكثيرة، تظهر لمن يتتبع أخبار الإيزيديين وأخبار دينهم، على فصاحتها وبلاغتها، في زمان العبورات الصعبة(زمان العبور إلى الذات وإلى الآخر)، والغيابات الصعبة، والميتات الصعبة، والنكبات الصعبة، والخلاص الأصعب.

ومن تتبع أخبار شنكال، منذ أن عبرت "القتل الحلال"، في الرابع عشر من أغسطس/آب الماضي، بإعتباره الحدث الفيصل، الأبرز، والأكثر تراجيديةً ووقعاً على سيكولوجية المكوّن الإيزيدي(فرادى وجماعات)، والأكثر امتداداً واستغراقاً في تدوين الموت وتبويب جهاته، من تتبع أخبار هذا القتل "الهولوكستي"، يعرف جيداً، موقع هذه العقدة الكبيرة الكثيرة، من الإعراب، في "نحو الإيزيديين" الراهنيين، و"قواعد" رأس ديانتهم من الأمراء، و"شيوخ الأمام"، والبيّرة/ جمع بير، والبابوات، والآغوات"، وغيرهم من الرؤوس الدينية "الموقرة".

في حضرة "شنكال الموت" وما تبقى منها، كلٌ بكى "ليلاه"، طويلاً، كثيراً، بها وفيها.
الكلّ؛ كل الإيزيديين، بكوا "شنكال الرأس التي وقعت بها الفأس"، في حين أنّ شنكال، للأسف، ظهرت، على العكس من "شنكال الواجبة"، التي كان من الحق ومن الممكن لها أن تكون، ظهرت موشوريةً، متشظيةً، مشتتةً، في بكائهم "الإستجدائي" الطويل.
شنكال النكبة هذه، التي كان من الممكن والطبيعي(الطبيعية القطيعانية) أن تظهر إلى العلن(داخلاً وخارجاً)، واحدةً موحدةً، مثلما جاءها القتل "المبرمج"، واحداً موحداً، انقسمت على نفسها، إيزيدياً، وتشظّت، إلى "شنكالاتٍ كثيرة": "شنكالُ بغداد"؛ "شنكالُ هولير"؛ "شنكالُ الحرير/ أوروبا وأمريكا"؛ "شنكالُ الحزب"؛ "شنكالُ العشيرة"؛ "شنكال الداخلُ"؛ "شنكالُ الخارج"؛ "شنكالُ البحبوحة القادمة"؛ "شنكالُ المقطوعة من شجرة"؛ "شنكالُ الله المختارة، التي فوق كل العالم"؛ "شنكالُ التي تحت كل العالم"؛ "شنكالُ البكاء على الأطلال"؛ "شنكالُ التاريخ الذهبي"؛ "شنكال التي بلا حاضر وبلا مستقبل"؛ "شنكال الفرقعات، والفقاعات ، و التي من الورق وعلى الورق"؛ "شنكال الإنتحارية"؛ "شنكالُ السرايا الطاوسي ملكية"؛ "شنكال الطوباوية"...وإلى ما هنالك من "شنكالاتٍ" كثيرةٍ، فُصِّلت على مقاس "ليلات(جمع ليلى) البكائين المعقّدين، من الإيزيديين والمتأيزدين.

"شنكال الضحية الكثيرة"، سقطت في الموت، وغابت فيه(أكثر من 800 قتيل، بالإضافة إلى مئاتٍ أخرى من الجرحى وآلافٍ مؤلفةٍ من المنكوبين)، وكلٌّ بكى "شنكاله" الخصوصية جداً؛ شنكاله المسجلة بإسم فوقه الضروري، والتي تعنيه وربعه الضروريين، فقط، وقت الحاجة والضرورة "المقدّسة"؛ شنكاله العزيزة على دمه "المعززة والمكرّمة"، والمحقّنة ب"ماورائيات" ماوراء الأكمة، ومأموريات"روشيتات ووشوشات" ما وراء المكاتب الحزبية والحكومية، "الحريرية"، الضرورية، "المتضامنة".

شنكال، وقعت في المصيَدة، قتيلةً وحيدةً، راهنةً ومؤجلةً، اليوم وغداً، وكلٌّ طار إلى جهته "حجلاً" راهناً ومؤجلاً:
كلٌّ تبرّع وألهم عزائم "الرَبع"، تحت راية وعيون وآذان جهته، لوحده؛ كلٌّ تظاهر وتذمرّ وصعق وزعق، لوحده؛ :كلٌّ بصم حملة التضامن، بعشرته، وأعلن الحداد، وهتف بالجمهور "القطيعي" وهدد بالإنتقام والثأر الكلامي(الإنترنتي خاصةً)، لوحده، كلٌّ "تبرّع" و"تعنتَر"، لدم شنكال ولجرحها الطويل الطويل، لوحده؛ كلٌّ مشى إلى شنكال ولها، وعاد منها، لوحده.

شنكال، في موتها، أو "قتلها الحلال" الثالث والسبعين، حدثت، والإيزيديون، لا يزالون نزلاء ذاتهم المنغلقة على نفسها، اللامتفقة مع نفسها، واللاعارفة لنفسها.
شنكال، في غيابها الثالث بعد السبعين، سقطت، والإيزيديون لا يزالون يختلفون على: "كيف نعيش؟"؛ و"ماذا وبماذا نعيش؟"؛ "إلى متى نعيش؟"؛ و"لِمَ نعيش؟"؛ و"لأيِّ لونٍ من ألوان الله نعيش؟"، وإلى خلا ذلك من الإختلافات، و"اللاإتفاقات"، و"اللامصالحات"، حول أبجديات "العيشات" و"الإقامات"(في الذات وفي الآخر) والحيوات.

شنكال، في اغتيالها الثالث بعد سبعين قتلٍ أكيدٍ، اقتيدت إلى الموت المجاني "الرحب"، والإيزيديون لا يزالون يصنعون أخطاءهم مجاناً: يسيرون على خطى البعض الكثير من "الدين الخطأ"؛ والزعماء الروحانيين الخطأ؛ والعادات الخطأ؛ والحياة الخطأ؛ والمراكز والجمعيات والدور الدعائية والأحزاب الخط؛ والسياسة الخطأ، والأخذ الخطأ والرد الخطأ.

الإيزيديون، سوف يُكررون، ويُعادون، إقصاءً، وإبعاداً، وتهميشاً، ونفياً، و"شنكالاً"، و"شيخاناً"، و"قتلاً حلالاً"، وذبحاً، ودماً مجانياً رخيصاً، وفرماناً، طالما هم أسرى أخطاءهم "الواعية واللاوعية، المقصودة واللامقصودة"، المجانية، ومن دون مقابل يُذكر.
الإيزيديون، سيُعادون، في زمان "القتل العمد"، و"الدم العمد"، و"الضحية العمد"، و"السياسة العمد"، طالما هم يُعيدون ويمددون "إقاماتهم الخطأ" في ذواتهم اللامتفقة، والخطأ.
الإيزيديون، سيكررون "الأخر العمد"، "ممسوخين"، ذيليين، طرفيين، طالما هم يكررون الهوية الخطأ، في الزمان الخطأ، والمكان الخطأ.

كل شنكالٍ، وأنتم بخير.
تصبحون على إتفاق.
تصبحون على ذاتٍ واثقة.
تصبحون على إلهٍ متفقٍ، ولالشٍ متفقة، ووطنٍ متفق.



#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنتيليجنسيا الزئبقية
- كردستان في زمن الكوليرا
- الأزهريون وخرافة -الوحي الثاني-
- شنكال: الضحية المزدَوَجة
- شنكال: أول الهولوكوست
- جلالة الرئيس وأكراده المفترضون
- لا تقلّدوا الديكتاتور
- كردستان المُختتنة
- حدود سلمان رشدي ولاحدود الإرهاب
- هنا لندن: -القتل الشريف- مرةً أخرى
- ثقافة الحَجب
- الله أكثر من أن يكون ماضياً فحسب
- كاسك يا غوار الطوشة
- بعض سؤالٍ برسم رئيس برلمان كردستان
- العربية نت في فخ الخطاب التفخيخي
- حاذروا -بغددة- كردستان
- كفاكم احتلالاً وطنياً: لكم بعثكم ولسوريانا دين!
- القتل -الشريف-!!!
- علماء في ذمة السكوت
- كردستان العراق برسم الفتنة!


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - هوشنك بروكا - الإيزيديون: نزلاء الذات اللامتفقة أبداً