أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هوشنك بروكا - حدود سلمان رشدي ولاحدود الإرهاب















المزيد.....

حدود سلمان رشدي ولاحدود الإرهاب


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 1972 - 2007 / 7 / 10 - 11:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد آخر غزوةٍ للإرهاب(غزوة الأطباء) استهدفت كلٍّ من لندن وغلاسكو سكوتلندا، خططَ ودبّر لها أمراء مفخخات جدد، وأصحاب شهاداتٍ من درجة "التفخيخ العالي"، أطباء مسلمون على سنة الله ورسوله(على حد قناعتهم)، طلع علينا المسلمون (المجاهدون جداً)، كعادتهم، بحججهم وتبريراتهم الجاهزة الصنع: "لو لم تكرّم بريطانيا عدو الإسلام سلمان رشدي، لما وقع ما حصل"!!!
من المعروف قبل "الغزوة الطبية"، هو أن تكريم الكاتب الروائي، الهندي الأصل سلمان رشدي، بحصوله على لقب فارس من ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، قد قوبل في العالمين العربي والإسلامي، على المستويين الرسمي والشعبي، بردود أفعالٍ جداً عنيفة، هذا فضلاً عن تخصيص جهات إعلامية عديدة، تغطياتٍ(استنكارية الطابع) خاصة للموضوع.
حسب وكالة رويترز(20.06.07)، فإن وزير الشؤون الدينية الباكستاني محمد إعجاز الحق، قال في البرلمان الباكستاني(الذي طالب بريطانيا مرتين بسحب تكريم الكاتب سلمان رشدي الذي منحته لقب "فارس"، وبالاعتذار عن الإساءة لمشاعر المسلمين) إنه "إذا قام شخص بعملية تفجير انتحارية من أجل الحفاظ على شرف النبي محمد فإن تصرفه مبرر".
ووفقا ل البي بي سي(20.06.07) فإن "المفوض البريطاني قد أوضح من جانبه، بجلاء، قلق الحكومة البريطانية العميق، مما قاله وزير الشؤون الدينية الباكستاني، وأن الحكومة البريطانية واضحة حول موقفها من أنه لا يوجد شيء يبرر عمليات التفجيرات الانتحارية "
من جهتها، كانت إيران قد صعّدت من وتيرة احتجاجها على تكريم رشدي، حيث استدعت وزارة الخارجية السفير البريطاني في طهران، جيفري آدامز، وأبلغته أن منح رشدي اللقب كان "تصرفا استفزازيا".
أما رئيس برلمان إقليم البنجاب شودري محمد أفضل ساهي فقال: "سأقتل رشدي لو التقيته وجها لوجه، فمثل هذا الكافر يستحق الموت، إن الاسلام لا يسمح بالهجمات التفجيرية الانتحارية ولكنها تصبح مبررة في حالة كافر يستحق الموت".
ورداً على منح ملكة إنكلترا لقب "فارس" لرشدي، منحت مجموعة من علماء الدين الباكستانيين، الخميس 21-6-2007 لقبها الأرفع إلى زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وأعلن مجلس العلماء الباكستانيين، وهو منظمة خاصة تضم نحو الفي عضو، أنه منح زعيم تنظيم القاعدة لقب "سيف الله"(العربية نت & أ ف ب، 21.06.07).
كان هذا بعضاً قليلاً من التحريض العلني الصريح على العمليات الإنتحارية، من خلال "تشريع التفخيخ والقتل بالجملة، أو تبريره، أو تكريمه، أو تأليهه".
فماذا يعني، أن تمنح منظمة دينية إسلامية تضم نحو 2000 عالم دين إلى صانع القتل الأول ورأس الجهاد الأول، بإسم "الله ورسوله وآله وأمته"، لقب "سيف الله"؟
وعليه أوليس من حق صحيفة " النيويورك بوست" أن تتساءل: "ان رئيس الوزراء البريطاني الجديد غوردن براون يواصل التأكيد على أن الهجمات هذه ليست لها علاقة بالإسلام، وفي الوقت ذاته يحرص على دعوة قادة المجتمعات الاسلامية إلى داونيغ ستريت لمناقشة كيفية ايقاف مثل هذه الهجمات، فإذا كانت الهجمات لا علاقة لها بالإسلام، لماذا ندعو قادة المسلمين ولماذا لا ندعو قادة المجتمع البوذي مثلا؟"(نقلاً عن إيلاف 05.07.07/ ترجمة زيد بنيامين)
التفجيرات الإنتحارية المحتملة(الجاهزة) تحت الطلب، بُررَ لها، إسلامياً، على أكثر من مستوى، قبل أن تقع، كما أشرت إليه آنفاً. أما بعد الوقوع، فكان السكوت الذي هو علامة الرضا، هو سيد الموقف على مستوى الإسلام الرسمي، أما على مستواه الشعبي، فكان "الأسف الشديد" هو العنوان العريض لردود أفعاله؛ الأسف على القتل لأنه لم يحصد الأرواح البريئة؛ الأسف على الأطباء المفخخين لأنهم لم ينجزوا "القتل المرتجى" بنجاح، ولم يعودوا بعده، إلى "عياداتهم التفخيخية" سالمين غانمين. وما نشر من موتٍ قادم كلامياً، ل"لندن" ولكل "مخادع الصليبيين"، على المنتديات الإسلامية(وما أكثرها)، هو دليل على هذا "الأسف الشعبي" الذي يعيش ليقتل!
المشكل الأساس في ثقافة الشرق المسلم، هو أن العالم كله يُفهم ويُنظر إليه، من خلال ثنائية الله/ الشيطان، الله الأكبر/ الشيطان الأكبر، رأس الإيمان/ رأس الكفر، مؤمن/كافر، مسلم/مرتد، أولاد الأصول/ أولاد البدع والقردة والخنازير، معي/ ضدي، دار السلم/دار الحرب، خير أمة/ شرّ أمة، أمة الله/ أمة الشيطان، جنة/ جهنم...الخ.
مشكلة الشرق المسلم، هو أن الدين يشرّع، ويحكم، ويحرّض الجمهور، ويسخِّن الشارع، ويحمّي الرؤوس، ويجند النصوص، ويدافع عن الله نيابةً عنه، ويكفّر من يشاء، ويشيطن من يشاء، ويفصّل الحاضر على مقاس الماضي، أنى وأين يشاء.
الشرق المشكل، في بعضه، هو الشرق الممنوع من التعبير، والممنوع من الإختلاف، والممنوع من التغريد خارج السرب، والممنوع من الخروج على القطيع.
على خلفية الرسوم الكاريكاتورية للفنان الدانماركي "مارتين روزينكارد كنودسين" التي نُشرت في صحيفة "يولاندس بوستن" الدانماركية، قامت الدنيا ولم تُقعد، سحبت بعض الدول سفاراتها من دولة الدانمارك وقوطعت منتجاتها، دخلت أوربا في حالة استنفار قصوى، جدد المجاهدون وأمراء حروبهم ويلهم وثبورهم،بالثأر لشرف النبي، وذلك بضرب "الصليبيين الكفار" و"المتحالفين مع الشيطانين الأكبر والأصغر"، في عقر دارهم...الخ.
ولكن، من سمع من هذا الشرق المسلم، الغيور على الله ونبيه، بالفنان البولندي دوروتا نيزنالسكا Dorota Nieznalska في 2003 الذي رسم صورة العضو الذكري على الصليب؟
ماذا يعني ركوب العضو الذكري على الصليب، بالنسبة للمؤمن المسيحي؟
أليس الصليب هو الرمز الأقدس، لتحيين المسيح ومعاناته؟
أليس الصليب هو بعضٌ من تحضير الله رمزياً، لإعتقاد أتباعه، بأن يسوع هو الإبن النوراني لله؟
ثم مَن من أتباع الصليب ويسوعه، أصدر فرماناً من الكنيسة، بضرورة قتل هذا الفنان أو التعرض لحياته بأذى أو مكروه؟
مَن من القائمين على شئون الكنيسة، في عموم العالم المسيحي، حاول القفز على القانون المدني والدولة، لصك قانون ديني كنيسي، بهدف حكم الفنان(الذي عَبَر صليبهم بعضوٍ ذكري) أو إدانته به؟
ألم يسيء الصحفي جيرزي أوروبان، سنة 2005، إلى البابا يوحنا بولس الثاني، بإعتباره رأساً للكنيسة الكاثوليكية في العالم؟
ماذا كان رد فعل البابا والعالم المسيحي، عليه، آنذاك؟
من كان الحَكَم آنذاك، القانون أم الكنيسة، عالم القانون أم عالم الدين/اللاهوت؟
عام 1960 طبعت رواية "آخر وسوسة للمسيح The Last Temptation of Christ" للمؤلف اليوناني نيكوس كازانتزاكس (1883 - 1957) وتحولت الرواية فيما بعد إلى فيلم سينمائي في عام 1988 وفيه يصور المسيح كنجار يصنع الصليب الذي كان الرومانيون يستعملونه لإنزال العقاب بالمخالفين للقوانين. ويصور أيضا شخصية المسيح كإنسان عادي، عاش بشراً ومات. وفي النهاية، يتزوج المسيح من مريم المجدلية بدلا من صلبه، كما هو معهود، حسب العهد الجديد.
صحيح أن الزعماء الدينيين في بعض الكنائس الغربية، قد شنّوا حملةً واسعةً ضد الفيلم، إلا أن القانون، كان له، في النهاية، الكلمة الفصل. وأثارت القضية، في حينه، جدلاً فكرياً وفلسفياً كبيراً.
الفنان الأمريكي "اندريس سيررانو Andres Serrano" في عام 1987 بال على لوحةٍ له سماها ب"البول على المسيح Piss Christ" واللوحة هي عبارة عن صورة للمسيح المصلوب، مغموسة في بول الفنان، حسب النقاد والمختصين في الشأن. أحدثت لوحة "المسيح المغموس في البول" هذه، آنذاك، جدلا كبيرا بين أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، ولكن كل الجدال حُسم آخر المطاف والأخذ والرد، في حدود "حرية التعبير"، و"الرأي والرأي الآخر". كل هؤلاء كانوا مواطنين من بلادٍ مسيحية، وعبّروا عن آرائهم في حدود ثقافة زمانهم ومكانهم، "ضد" أو مخالفين للمسيح، وصليبه، وللكتاب المقدس وقصصه، وللمسيحيين المؤمنين ومعتقداتهم. ولكن كنيسةً واحدةً لم "تحلل" دم هؤلاء "المخالفين" لهم ولدينهم.
هل يعلم الذين هللوا لهدر دم سلمان رشدي، أن فيلم "حياة برايان Life of Brian" الذي يروي قصة برايان/ المسيح بصورة كوميدية ساخرة، قد اختير عام 2000 (رغم إسلوبه النقدي اللاذع لشخصية المسيح) من قبل المجلة الفنية البريطانية Total Film كأحسن فيلم كوميدي بريطاني في التاريخ.
والحال، أليست بريطانيا التي سمحت، في حدود قوانينها، وأعرافها، وتقاليدها، وحرياتها، لصالاتها السينمائية بعرض ذاك الفيلم الذي "يبهدل" المسيح" كوميدياً، هي ذات بريطانيا التي كرّمت رشدي، بمنحه لقب "فارس"؟
ثم أيهما أخطر على الله وعلى البشر، على حدٍّ سواء، حدود حرية التعبير والتمثيل، أم حدود حرية القتل والتنكيل؟
أي طريقٍ هو أقرب للوصول إلى الله: طريق الكتاب، أم طريق الإرهاب؟
ألم يأمر الله عباده، بالقراءة لأنها أول الرسالة، وأول الكتاب، وأول الله؟
لماذا كل هذا الخوف من القراءة، والله ذكر في كتابه: "إقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. إقرأ وربك الأكرم.(العلق:1ـ3)
أخيراً، أقول أن لسلمان رشدي، ولكل من يسعى إلى التعبير أو "التنفيس" عن رأيه، حدود قصوى هي الكتاب، ولكن هل من حدودٍ للإرهاب؟



#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنا لندن: -القتل الشريف- مرةً أخرى
- ثقافة الحَجب
- الله أكثر من أن يكون ماضياً فحسب
- كاسك يا غوار الطوشة
- بعض سؤالٍ برسم رئيس برلمان كردستان
- العربية نت في فخ الخطاب التفخيخي
- حاذروا -بغددة- كردستان
- كفاكم احتلالاً وطنياً: لكم بعثكم ولسوريانا دين!
- القتل -الشريف-!!!
- علماء في ذمة السكوت
- كردستان العراق برسم الفتنة!
- الإسلام فضاء عروبي فصيح , ليس للأعجمي فيه محل من الإعراب - ...


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هوشنك بروكا - حدود سلمان رشدي ولاحدود الإرهاب