أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد السلام أديب - الانعكاسات الوخيمة للغلاء على الشعب المغربي















المزيد.....

الانعكاسات الوخيمة للغلاء على الشعب المغربي


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 2036 - 2007 / 9 / 12 - 11:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


الغلاء الذي يشهده المغرب حاليا والذي بدأ يتفاحش منذ أكثر من سنة ونصف خصوصا مع التعديلات الضريبية الواردة في القانون المالي لسنة 2006، والذي بلغ اليوم حوالي 5 % على أدنى تقدير، يفضح السياسات الاقتصادية والاجتماعية المملاة من طرف الإمبريالية على أكثر من مستوى، كما يشكل محور الأزمات التي تعيشها الطبقة العاملة وعموم الكادحين من تدهور القدرة الشرائية وتفاقم حدة البطالة، وتدهور الأوضاع الاجتماعيةـ وانتشار السرقة والدعارة والرشوة وكافة مظاهر الخداع والغش الضريبي ونهب المال العام...، كما تشكل من جهة أخرى نافذة على تفاقم المديونيتين الداخلية والخارجية، وعجز التوازنات الداخلية والخارجية بالإضافة إلى تفشي حالة الكساد ...

فالغلاء كسياسة مملاة من طرف الإمبريالية عبر المؤسسات المالية الدولية تحت شعار تحرير الأسعار ومساواتها مع الأسعار الدولية ترفع من نسبة التضخم وتحقق تدهور العملة الوطنية الدرهم، وهي تتجاهل شيء واحد وهو زيادة سعر العمل، ومعلوم أن سياسة الغلاء تعالج نسبيا أزمة الاقتصاد الرأسمالي العالمي، فهي لا تعمل على حل أزمته بل تعمل فقط على التعايش معها بما يخدم منطق التراكم الرأسمالي ومصالح المتربول فقط، ووسيلة الرأسمال العالمي هو اختراق مختلف دول العالم عن طريق تعميم ما يسمى بسياسات الإصلاح الاقتصادي القائمة على اللبرلة التي ترفع من درجة توحش هذا النظام وفرض عولمة الهيمنة الاقتصادية.
فماهي علاقة الزيادات في أسعار الخبز والزيت والسكر ومشتقات الحليب والأدوات المدرسية ومواد البناء ورفع قيمة تذاكر الحافلات والطاكسيات، ورسوم العلاج والتعليم العموميين ... الخ، بالتدهور الاجتماعي للجماهير الشعبية؟

احداث فوضى بين المداخيل المختلفة
يتسبب الغلاء في إعادة توزيع الدخل الوطني الإجمالي والثروات بين الطبقات والشرائح الاجتماعية بطريقة عشوائية. فالغلاء يضر بأصحاب المداخيل الثابتة والمحدودة مثل موظفي الإدارات العمومية والقطاع العمومي وعمال ومستخدمي القطاع الخاص ومختلف أصحاب رواتب التقاعد و أصحاب الإعانات الاجتماعية. فمداخيل هؤلاء، عادة ما تكون ثابتة، وحتى لو تغيرت فإنها تتغير ببطء شديد وبنسب أقل من نسب ارتفاع المستوى العام للأسعار، (لم تتم مراجعة الراتب الأساسي لقطاع الوظيفة العمومية مثلا بشكل محسوس منذ سنة 1985 كما ظلت بقية التعويضات القارة مجمدة منذ سنة 1989، في الوقت الذي كانت فيه معدلات التضخم تتراكم سنة بعد أخرى).

في المقابل فإن عائدات أصحاب المداخيل المتغيرة مثل التجار وأرباب المصانع والعقارات والمستوردين وأصحاب الودائع بالبنوك، عادة ما تزيد مع موجة الغلاء. وفي كثير من الأحيان ترتفع بنسبة أكبر من نسبة ارتفاع المستوى العام للأسعار. ولهذا غالبا ما يستفيد هؤلاء من موجة الغلاء. ومن هنا يميل الدخل الوطني نحو التوزيع المتحيز لصالح هؤلاء وضد مصلحة أصحاب المداخيل الثابتة والمحدودة.

عشوائية توزيع الثروات:
يتعرض الأشخاص الذين يتوفرون على ثروات أو مدخرات تتمثل في أصول مالية، كالودائع طويلة الأجل بالبنوك أو في شكل ديون مستحقة على الغير.. في الغالب للخسارة، لأن القيمة الحقيقية لرصيد هذه الثروات أو المدخرات يتعرض للتآكل سنة بعد الأخرى مع ارتفاع الأسعار، وبخاصة إذا كان العائد السنوي الذي تدره هذه الأصول والمدخرات لا يعوض قيمة هذا التآكل.

أما الأشخاص الذين يجسدون ثرواتهم ومدخراتهم في أشكال عينية، مثل الأراضي الفضاء والعقارات والمخزون السلعي والمعادن النفيسة (كالذهب والفضة) فالأمر الراجح هو أنهم سيستفيدون مع موجة ارتفاع الأسعار، لأن قيمة هذه الأصول تتجه نحو التزايد الواضح وبنسبة أعلى من نسبة ارتفاع المستوى العام للأسعار.

تدهور مستوى استهلاك الأسر الفقيرة والمتوسطة:
إن الارتفاعات الشديدة التي تحدث في أسعار المواد الغذائية تؤدي إلى تأثيرات ذات نتائج عكسية على كمية ونوعية المواد التي تستهلكها الأسر الفقيرة، خاصة وأن ما يزيد عن ثلثي قيمة الإنفاق العائلي لدى شرائح الدخل المنخفضة يذهب لشراء المواد الغذائية ، ومعلوم أن مستوى الاستهلاك الأسرى في بلادنا قد عرف انحدارا فضيعا خلال السنتين الأخيرتين نتيجة موجات الغلاء المتلاحقة الشيء الذي يؤثر سلبيا على مستوى الطلب الداخلي وبالتالي على مستوى الناتج الداخلي الإجمالي.

ويظهر أن أكثر المجموعات معاناة من الفقر نتيجة موجات الغلاء هم النساء والأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة تتمثل في سوء التغذية والتعرض للأمراض وقلة الفرص المتاحة أمامهم للتعلم واضطرارهم للعمل في سن مبكرة. فالأمية لا زالت تراوح مكانها بحيث تشمل ما يقارب من نصف المغاربة، وهو ما يشكل عائقا كبيرا أمام ارتقاء أوضاع المغاربة. كما تتضاءل نسبة التمدرس ومواصلته.

ويحدث الغلاء تأثيره على ساكنة بؤر الفقر في ضواحي المدن وخصوص المدن الداخلية وعلى سكان الدواوير والقرى المحيطة بها. كما أن للغلاء وقع شديد على سكان البوادي من الفلاحين الفقراء الذين لا يملكون أية بقع أرضية، أو من يملكون بقع زراعية صغيرة وأيضا على العمال الزراعيين.

فالغلاء يزيد من معاناة الوسط القروي الذي يأوي حوالي 75 % من الفلاحين الفقراء على المستوى الوطني والذي يعاني من تراكم كبير في التخلف مقارنة بالوسط الحضري نتيجة التهميش الذي لا زال يعاني منه، خصوصا على مستوى موارد الميزانية العامة.

أما في المدن فيؤثر الغلاء على القوة الشرائية لمداخيل عمال الصناعة والخدمات وشرائح واسعة من موظفي الإدارات العمومية ، كما يؤثر على بعض من يعملون لحساب أنفسهم في القطاعات الهامشية، وعلى الخصوص على العمال غير المهرة. كما يؤثر الغلاء على شرائح عريضة من الفقراء والأرامل والمسنين والمرضى والمعوقين ومن يعيشون على الإعانات والتحويلات ورواتب التقاعد والإعانات الاجتماعية المنخفضة.

وتتمثل مظاهر التدهور التي يكابدها هؤلاء نتيجة الغلاء على الخصوص في سوء التغذية وتدهور الأحوال الصحية وفي ارتفاع نسبة وفيات الأطفال الرضع، وتعد نسبة الوفيات المرتفعة بين الأطفال من النتائج المباشرة لتأثير الغلاء على قدرة الأسر على تأمين الرعاية الصحية اللازمة لهم ولأطفالهم نتيجة ارتفاع أسعار خدمات التمريض والأدوية.وهذا بالإضافة إلى مساهمة الغلاء في تفشي الأمية وعدم توافر المياه الصحية وخدمات المجاري وتردي أحوال السكن، وشيوع البطالة وتفشي ظاهرة الطفولة المشردة...الخ.

تفاقم ظاهرة البطالة:
تعتبر البطالة بمثابة الشبح الذي يرافق الغلاء منذ أواسط عقد السبعينات والى يومنا هذا. فالبطالة تزداد تتفاقما عاما بعد آخر، ويزيد من حدتها الطابع الانكماشي لبرامج الإصلاح الاقتصادي التي تمليها المؤسسات المالية الدولية ومن خلفها الامبريالية.

فالبطالة تفترس حاليا مئات الآلاف من خيرة الشباب المغربي، سواء من بين الجامعيين المؤهلين والفنيين والعمال المهرة ونصف المهرة، أو من بين العمال العاديين. وتشكل هذه الظاهرة أهم مظاهر تبدير الموارد البشرية ببلادنا. فرغم الجهد المالي الكبير المبدول في سبيل تعليمهم وتأهيلهم يلقى بهم حاليا في شارع البطالة المظلم وقمع السلطات لوقفاتهم الاحتجاجية ومحاولات الانتحار الجماعية فالبطالة تضيع على المجتمع حجم الإنتاج الممكن كسبه في حالة تشغيلهم.

والخطير في الأمر هو أن هؤلاء العاطلين لا يحصلون على أية معونات أو ضمانات اجتماعية كما هو الحال في البلاد الرأسمالية الصناعية، بل يشكلون عبئا ضاغطا باستمرار على عائلاتهم، ويكرسون بالتالي المزيد من تدهور مستوى الاستهلاك الأسرى. وغير خاف ما تفرزه أزمة البطالة في هذه الظروف من ارتفاع ظاهرة الجريمة والعنف والتطرف.

فمشكلة البطالة بدأت تتعمق مع تراجع قوى الاستثمار والنمو ومع تراجع مستوى التوظيف العمومي منذ بداية عقد الثمانينات من القرن العشرين. وفي الوقت الذي تراجعت فيه معدلات الاستثمار كان القطاع الهامشي هو القطاع المستوعب بشكل رئيسي للتوظيف الجديد،.



تأثر الغلاء على الأخلاق والضمير المهني

من مظاهر تفاحش ظاهرة التضخم وانعكاسات التدهور الاجتماعي تراجع مستوى الأخلاق والضمير لدى البعض نتيجة صعوبة تدبير مصادر العيش وذلك من خلال تفشي الرشوة والفساد الإداري والتكسب غير المشروع. فالعديد من الأشخاص يلجئون إلى هذه الأمور كخط دفاع لمواجهة التدهور المستمر الذي يحدث في دخولهم الحقيقية، وفي مستوى معيشتهم..

ما العمل؟
إن النضال ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية هو نضال من أجل الحياة الكريمة للجماهير الشعبية، ومن أجل التحرر والانعتاق من السياسات الليبرالية المتوحشة المملاة من طرف الامبريالية. فلمواجهة الغلاء يجب خلق جبهة عريضة تنخرط فيها مختلف الفعاليات التي لا زالت تحمل حبا لهذا الشعب، وتناضل بشكل جماعي سواء في إطار تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية التي أكدت عن قدرتها التعبوية، مع ضمان الاحترام المتبادل بين مختلف الفعاليات ونبذ الخلافات الجانبية التي من تهدم أكثر مما تبني، أو في اطار شبكة للتضامن الاجتماعي تنفتح على كل القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذا القضايا السياسية والمدنية.
لقد قال الشعب كلمته خلال انتخابات 7 شتنبر 2007، عبر مقاطعته الواسعة لهذه المسرحية فأكثر من ثلثي المغاربة ناقمين على السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة، لذا فان بناء مشروع مجتمع اشتراكي بديل يمر بالضرورة عبر بناء الأداة السياسية للطبقة العاملة تكون من صنع الجماهير الشعبية وتعمل من أجل تكريس مطالبها.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنتخبون في المغرب لا يملكون السلطة لتنفيذ برامجهم الانتخاب ...
- من حقنا أن نشكك في نتائج الانتخابات المعلن عن نسبها المائوية ...
- معركة الشعب ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية في واد والطبقة ...
- لنصنع تاريخنا من جديد أيها المناضلون
- أين كانت الأحزاب المغربية وقت الزيادة في المواد الاستهلاكية؟
- انفجار حركة الاحتجاج على غلاء الأسعار وتدهور الخدمات العمومي ...
- الديمقراطية الحقيقية هي الكفيلة بوقف تبذير المال العام
- المقدس هو الشعب
- الكثير من المسئولين في المغرب كانوا يتطلعون إلى فوز اليمين ا ...
- معارك حقوقية لا تنتهي؟
- سياسة الأجور في المغرب
- لنفتح مرحلة جديدة من النضال ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومي ...
- حماية الأشخاص المصابين بأمراض عقلية
- أجور البرلمانيين الضخمة وغياب الجدوى السياسية
- إعلان الدار البيضاء لدعم مقاومة الشعوب ضد الامبريالية
- الأزمة، الامبريالية، الحرب والثورة
- تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار تعيد للدار البيضاء أمجادها ال ...
- خوصصة -كوماناف- تتم بدون استشارة شعبية
- الاقتصاد المغربي ليس وطنيا شعبيا لأنه لا يوفر العيش الكريم ل ...
- وضعية الاقتصاد المغربي في الظرفية الراهنة


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد السلام أديب - الانعكاسات الوخيمة للغلاء على الشعب المغربي