أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مدحت قلادة - محاسن ونعمة وبثينة














المزيد.....

محاسن ونعمة وبثينة


مدحت قلادة

الحوار المتمدن-العدد: 2022 - 2007 / 8 / 29 - 11:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تربيت وسط أسرة مسلمة من جيراننا، وكنا كعائلة واحدة، فالحاجة أم محمد رحمها الله تسكن في الشقة أمامنا، نتقاسم سويا الافراح والأحزان والطعام والشراب وكانت لي ولإخوتي بمثابة أم ثانية.
أما بناتها: محاسن ونعمة وبثينة، وبالمناسبة هن محجبات فكن في منزلة الاخوات اللاتي لم تلدهن أمي، وعندما سافرت إلي الخارج قبل ١٤ عامًا وكنت أعود كل عام أكثر من مرة لزيارة أمي الغالية ورؤية أمي الثانية أم محمد والأهل والأصدقاء، فلا يكاد التاكسي يتوقف أمام المنزل إلا وأجد امرأتين تجريان نحوي وتحتضنانني واحدة تلو الأخري لتقبلاني في وسط الشارع أمام كل الناس وهما محاسن ونعمة، رحمها الله، ابنتا أم محمد، ولم لا فإن الأخوة نوعان نوع بالدم «من خلال الأب الأم» وبالعشرة ويكون في أحيان كثيرة أعمق لأنه عن اختبار واختيار.
ويومًا ما وأثناء إحدي زياراتي وجدت والدتي التي قاربت الثمانين من عمرها تتصل بي وتخبرني بوفاة محاسن رحمها الله في حادثة سيارة وكانت ذاهبة مع ابنتها مني في العقد الثالث، إلي الإسماعيلية لقضاء يوم علي البحر، فبكيت وحزنت واتصلت بابنها هاني وهو محاسب كبير في أحد الأجهزة الرقابية، ووسط الحزن والألم قال لي بأدب شديد ومحبة كبيرة «يا أستاذ مدحت أنا عمري ما هانسي إنك أستاذي وفضلك علي كثير وما وصلت إليه الآن بعد سهرك وتعبك معي في شرح مادة المحاسبة» كانت لفتة جميلة أنهيت المكالمة بعد تعزيته مرددًا الله يرحمك يا محاسن ويلهم هاني وإخوته الصبر والسلوان.
وكانت منى أخت هاني شابة في العقد الثالث من عمرها، وكعادة أمي تعامل الجميع بالحب وزادت منه لمنى خاصة بعد وفاة أمها محاسن، وحينما سافرت إلي مصر منذ ثلاث سنوات لم أجد منى تزور أمي كما كان سابقًا فسألت عن السبب في ذلك فإذا بأمي تتردد كثيرًا في الرد وأخيرًا وبعد إلحاح قالت لي إن منى كانت هنا ذات يوم وقالت لي أنتم كفرة مشركون ومصيركم النار، فما كان من أمي البسيطة إلا أن ردت عليها: شكرًا لك،.ومن يومها لم تحضر لزيارتها، وأنا من يومها أتساءل: أي نوع من اللبن رضعته وترعرعت عليه مني لينتج كل هذه الكراهية؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ ومن يحاسب الذين زرعوا الانقسام داخل المجتمع المصري؟ ولماذا كل الجيل الجديد يحمل داخله أفكارًا تكفيرية للآخر؟
تري هل حليب الكراهية من إنتاجنا أم من إنتاج الدخلاء علي مصر؟ ومن المسؤول عن السماح له بالتغلغل داخلنا؟
لماذا جيل الكراهية لم يظهر إلا منذ ٣٠ سنة فقط، وإن كانت جذوره قد بدأت قبل ٥٥ عامًا منذ انقلاب يوليو؟
وأخيرًا من المسؤول هل نحن مسؤولون؟ الرئيس أم رئيس الوزراء أم وزير التربية والتعليم أم وزير الإعلام أم المثقفون أم الليبراليون... إلخ؟
كراهية الآخر ازدادت في الآونة الأخيرة وأصبحت تهدد أمن المجتمع، ولابد من نشر ثقافة التسامح والحب الذي فقدناه منذ انقلاب يوليو، وأمام عيني وفي عقلي صورة واضحة وضوح الشمس تتكرر دائمًا منذ هذا الانقلاب، وهي حينما يقف المسؤول - من رئيس الوزراء إلي أقل رتبة- لشرح أي إنجاز يقول بالفم المليان «طبقًا لتعليمات السيد الرئيس»، وبما أن الرئيس- أي رئيس- هو الحاكم والقائد والملهم الوحيد، إذن هو المسؤول بالطبع عن قيم محاسن رحمها الله، ونعمة وبثينة، وأيضًا مني التي كفرتنا واتهمتنا بالكفر والإلحاد!



#مدحت_قلادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتاجرة بهموم الأقباط بين الحقيقة والافتراء
- نهاية دولة طائفية
- القيمة الحقيقية للإنسان
- معركة مع عروبي
- العروبة وكلاب الأمير
- صراع الأفيال
- انحدار مصر
- حمار كوردستان
- رسالة مفتوحة إلى وزيرة القوى العاملة عائشة عبد الهادي ردا عل ...
- حقا انه اله مسكين
- ورقة الدستور المصري
- حبا في كردستان
- كمال غبريال يرفس مناخس
- حينما يرقص الرئيس
- المواطنة في عيون مبارك
- صحف للإيجار
- مدحت قلادة يرد على الشيخ محمد العمار:
- حين يقف مبارك مدافعاً عن المجتمع
- أمة تجتر قاذوراتها
- أمة العرب


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مدحت قلادة - محاسن ونعمة وبثينة