أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - احتكار ثقافي














المزيد.....

احتكار ثقافي


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 1973 - 2007 / 7 / 11 - 10:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اذا كان البناء السياسي للعراق الجديد قد تعرقل بفعل عوامل موضوعية تمثلت مبدئيا في انعدام النضج السياسي للمجتمع بطريقة تساعده على التطلع الى انتاج نظام سياسي حديث يحقق تكافؤا في الفرص او المعرقلات الجوهرية الناجمة عن ترسبات تاريخية لا يمكن الفكاك منها بسهولة، الا انه كان من المأمول ان تحقق الثقافة في العراق انعتاقا سريعا من الاساليب الحزبية والفئوية التي كانت تدار بها في ازمنة الاستبداد، خصوصا وان القيادات الثقافية التي برزت بعد التغيير هي ذات خلفيات معارضة ومضادة للإستئثار الحزبي والفئوي، بل انها ذات توجهات تؤمن بالتعددية السياسية والفكرية وتحملت في سبيل ارساء اسس التعددية الكثير من المخاطر، غير ان الواقع العملي لم يشهد اي تغيير، حيث عادت اساليب الاحتكار والاستئثار الى المشهد الثقافي وخاصة المؤسسي منه الذي يمول من ميزانية الدولة.
نشهد يوميا نفس الاسماء التي تقفز من مؤسسة اعلامية او ثقافية الى اخرى، وكلما صدر مطبوع جديد او مجلة ممولة من ميزانية الدولة ترأسها وسيطر عليها اشخاص يعملون في نفس المؤسسة ويديرون مطبوعا سابقا، ولكثرة انشغال هذه الاسماء وتشتتت جهودها نجد جميع الاصدارات الممولة حكوميا ذات مستوى ضعيف، سواء في المضمون او الشكل، حتى التكريم والمشاركة في المهرجانات والدورات والايفادات محصورة بنفس الاسماء، وصار المثقف العراقي قادرا على توقع اسماء الشعراء والكتاب والمثقفين الذين سيشاركون في اية مناسبة ثقافية مسبقا، او الذين سيديرون اي مطبوع او دورية تنوي احدى المؤسسات الثقافية او الاعلامية اصداره حتى قبل ان يتم الاستقرار على اسم المطبوع او الدورية، وباختصار فان المؤسسة الثقافية الرسمية تشبه الاواني المستطرقة التي يتحرك فيها السائل من اناء الى آخر بنهم لملء اي فراغ يجده في طريقه، وهكذا تتشابه الاواني الثقافية في لونها وطعمها، واي متابع عادي للمشهد الثقافي العراقي يستطيع ان يكتشف وحدة الانتماء السياسي وحزبيته في اغلب الاشخاص الذين يسيطرون على المؤسسة الاعلامية والثقافية العراقية الرسمية، وهي الممولة من المال العام والمفترض بها الانفتاح على مختلف الخطابات الثقافية واحتضان كل المواهب ومساعدتها، الا انها وللأسف مارست بعض الاساليب التي كانت سابقا موضع نقد ورفض المثقفين العراقيين على اختلاف مشاربهم.
هذا المشهد بدأ مع بداية تشكيل المؤسسات الثقافية والرسمية في عراق ما بعد صدام، وهو آخذ في النمو والاستشراء دون اي اشارة رسمية لرغبة مستقبلية في تغييره، وهناك من الانتهازيين من فهم اللعبة بسرعة لذلك قفز من حضن المؤسسة القديمة الى حضن المؤسسة الجديدة مستفيدا من مواهبه وقدراته التي ظن البعض انها كسدت، لكنها هاهي اليوم رائجة بشكل افضل وتجد مجالها الواسع، لذلك صار استبدال الجلد امرا مألوفا في المشهد الثقافي، شأنه شأن المشهد السياسي.
لقد كان هناك امل كبير عند المثقفين العراقيين، وخاصة الشباب منهم، ان تكون الثقافة العراقية مساحة حرة ونظيفة، مساحة خارج اطر التسييس والحزبية الضيقة والاخوانيات الاشد ضيقا.
احد نماذج الخلل في المؤسسة الثقافية الرسمية في العراق الجديد، انتجته شبكة الاعلام العراقي عبر جريدة الصباح والمتمثل في كتاب الصباح الثقافي وهو اصدار شهري وتخطط الجريدة لجعله نصف شهري كما جاء في الاصدار الاول منه ، وكان مشروع النشر هذا مقتصرا على الكتاب الذين لم يصدروا اي كتاب خاص بنتاجاتهم، وبالفعل تحقق هذا الشرط في ذلك الاصدار الاول وهو رواية الكاتب نصيف فلك (خضر قد والعصر الزيتوني) ورغم معرفة الجميع بالعلاقة القرابية التي تربط الكاتب بأحد اعضاء الهيئة المشرفة على اصدار السلسلة، الا ان احدا لم يعترض على ذلك الكتاب لأنه اولا مطابق للشروط وثانيا لأنه رواية جميلة تتوافر على الشرط الابداعي وتفرض نفسها بجدارة في الادب العراقي وتتعامل مع مرحلة مهمة من التاريخ القريب للعراق، لكن المفاجأة كانت في الاصدار الثاني من سلسلة كتاب الصباح الثقافي، حيث كان كتاب (المواطنة) لمؤلفه حسين درويش العادلي رئيس تحرير مجلة الشبكة العراقية التي تصدر عن شبكة الاعلام العراقي، والوجه الآخر لهذه المفاجأة ان هذا الكتاب الصادرعن جريدة الصباح ضمن سلسلتها التي ذكرناها في العام الحالي (2007) سبق وان صدر مطبوعا عن احدى دور النشر في العام الماضي (2006)، وهذا مما يتنافى مع المبادئ المعلنة لمشروع النشر الذي تبنته جريدة الصباح وانفقت عليه من المال العام، ويبدو ان المشروع برمته اخذ يسير في اتجاه آخر حيث كان الاصدار الثالث للمرحوم الكاتب مهدي علي الراضي وهو قد اصدر العديد من الكتب منذ اواخر السبعينيات ومن خلال التنويه لإصدارات السلسلة القادمة المثبت في ختام الرواية الممسرحة لمهدي الراضي يتضح ان الكتاب الثالث وما بعده هي لكتاب معروفين كان بالامكان اصدار كتبهم من اي دار نشر رسمية اخرى وفق السياقات المعتمدة.
وحادثة كتاب الاستاذ العادلي تذكرنا بأمر جوهري يتعلق باستقلالية الاعلام الرسمي، فهناك الكثير من الشخصيات التي تقدم نفسها على انها (اعلامية مستقلة) لكنها في الحقيقة شخصيات سياسية وقد سبق لها المشاركة في الانتخابات من خلال تنظيمات حزبية تشغل فيها هذه الشخصيات مواقع بارزة، وهي مواقع قيادية حزبية وليست اعلامية، فهل يجوز التحايل على المواطن والدستور العراقيين بهذه الطريقة؟! واذا كان هناك فسحة للإحتيال فهل يجوز ان يرتكبها المثقف؟! واذا ما لوثنا الثقافة بالعصبيات والمصالح فأين سيمكننا العثور على هواء نقي نتنفسه في بلاد عز فيها مثل هذا الهواء؟!، وهل يتحمل الوضع في العراق ان يضيف بعض مثقفيه انفسهم الى طوابير المفسدين؟!.
قد لا يبدو موضوعا كهذا مهما في الظرف الراهن مقارنة بالكارثة اليومية التي يعيشها العراقي، لكن الاهمية تأتي من ان الثقافة هي مكان انتاج الحلول، انتاج الخلاص.





#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوضى السلاح
- قلق في الجوار
- الحلقة الاقتصادية المفرغة
- الساعة الامريكية
- تحولات النص المقدس
- (تدوين الفوضى (فعالية النص وانكتابية المجتمع
- حمى الرئاسة
- حالة ضعف
- قسوة
- سياسة الصوت العالي
- الحكم الثلاثي
- سلاح الانقلابات
- تحديات جديدة
- دور العشيرة …دور الدولة
- مفارقات اسطنبول
- العامل الأمريكي


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - احتكار ثقافي