أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أحمد الخميسي - جون شتاينبك ومنطق بيلون














المزيد.....

جون شتاينبك ومنطق بيلون


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1963 - 2007 / 7 / 1 - 05:48
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


في عقلي ممر مفتوح بين عالمي الأدب والسياسة ، وكثيرا ما أجدني وأنا مغيب في قراءة إحدى الروايات أعبر إلي دنيا الحروب والصراع ، أو بالعكس تقودني أخبار أزمة سياسية إلي استعادة عمل أدبي . مرات عدة يثب إلي ذاكرتي معنى من رواية جون كوتزي " في انتظار البرابرة " كلما تدهور وضع فلسطين، حيث يقول الروائي إن الطريق الوحيد لكي يستعيد الغزاة إنسانيتهم هي أن يرحلوا عن الوطن الذي احتلوه. والسبب في أنني أقطع ذلك الممر ذهابا وإيابا ، أن الأدب الحقيقي يعكس عبر الشخصيات والأحداث قوانين عامة أبعد من النص الأدبي ، قوانين صالحة لنرى على ضوئها حقائق أخرى اجتماعية وسياسية . هكذا قد يكشف لنا بناء إحدى الشخصيات الأدبية القانون الذي تتقنع به المصالح والحروب. ومؤخرا صدرت عن أخبار اليوم سلسلة " شرق وغرب " رواية جون شتاينبك الشهيرة " تورتيلا فلات " ترجمة سيد جاد ، وهي أولى أعمال شتاينبك التي اجتذبت الأنظار إليه بقوة عام 1935 وأعلنت عن بزوغ كاتب عظيم في سماء الأدب الأمريكي . وأعقبتها روايات " رجال وفئران " 1937 ، ثم رائعته " عناقيد الغضب " في 1939 ، و" شارع السردين المعلب "، و" اللؤلؤة "، و" شرق عدن " و" مراعي الفردوس " وغيرها مما كتبه الروائي في كوخ منعزل بكاليفورنيا ، وصور فيها جانبا من حياته الشاقة وحياة شرائح المعدمين . و " تورتيلا فلات " واحدة من عيون الأدب العالمي المشبعة بنظرة ساخرة رقيقة وتهكم متعاطف مع المهمشين . في الرواية استوقفتني شخصية بيلون المحتال، حين علم بالمصادفة أن أحد المساكين يخفي كنزا في الغابة ، وأراد بيلون أن يضع يديه على الكنز . ويقدم لنا شتايبنك منطق بيلون الذي يبرر به لنفسه الاستيلاء على ثروة الآخرين كالتالي : " قبل أن يتناول بيلون الموضوع راح يعد في ذهنه ترتيبات طويلة مدهشة ، شعر بالحزن الشديد من أجل ذلك المسكين ، وقال لنفسه : هذا المسكين الناقص النمو ، إن الله لم يمنحه كل العقل الذي ينبغي أن يكون له . ليس في مقدور هذا المسكين أن يعتني بأمر نفسه ، لأنه كما هو واضح يعيش في عشة دجاج قديمة قذرة ، ويتغذى بفتات الطعام الذي لا يصلح إلا للكلاب ، ويرتدي ملابس مهترئة، ولأن عقله غير ناضج فإنه يقوم بإخفاء نقوده . والآن بعد أن وضع بيلون للموضوع أساسا من الشفقة ، أخذ يمضي نحو الحل . فكر ، أليس من المحمود أن يؤدي المرء لهذا المسكين الأمور التي لا يستطيع هو أن يؤديها لنفسه ؟ مثل شراء ملابس ثقيلة له، وتغذيته بطعام يليق بالإنسان ؟ ثم قال لنفسه وقد تذكر : ولكن ليس معي نقود لأفعل هذه الأمور؟ ترى كيف يمكن إنجاز هذه الأعمال الخيرة ؟ . وصاح عقل بيلون : وجدتها . لدي هذا المسكين نقود ، ولكنه لا يملك العقل الذي يجعله يستفيد بها . وأنا لدي مثل هذا العقل. إذن سأقدم له عقلي حتى يستفيد بنقوده . سأقدم عقلي طوعا بلا مقابل . سيكون هذا عملي الخير نحو هذا الرجل الصغير المسكين الناقص النضج ".
هكذا وضع بيلون الأساس النظري لنهب الآخر : إنه يقدم عقله للآخرين ليرشدهم إلي طريق الحياة الأفضل! وذلك يسلتزم الاستيلاء على ثرواتهم ! هكذا أصبح النهب رسالة إنسانية ! وقد ذكرني منطق بيلون بكل الأكاذيب الأمريكية التي تدعي أن لأمريكا رسالة إنسانية ، وأنها بغزوها للعراق أرادت تحريره وتقديم " عقلها الحضاري " للمساكين هناك لتدلهم على أفضل الطرق لإدارة أوطانهم بنهب ثروات تلك الأوطان!
في العام الماضي ، وقف تيم راين أصغر أعضاء الكونجرس الأمريكي سنا في تاريخ أمريكا وخاطب الكونجرس بقوله : " ليست هناك كلمة واحدة صحيحة قيلت لنا عن الحرب في العراق ، لقد كذبوا علينا حين قالوا لنا إننا محررون ولسنا غزاة " .
يمكن لبيلون ، أوللرئيس جورج بوش ، أن يتقنع بالأكاذيب من أجل النهب والسرقة ، ولكن الحقيقة سرعان ما تتقدم وتتضح في السياسة والأدب ، وفي ذلك الممر الذي تقفز فيه الصور الأدبية من عالم جون شتاينبك إلي الحرب الأمريكية على العراق .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحرير متبادل بين حماس وفتح
- تعذيب العقل
- أين أنت أيها التنوير ؟
- أهمية أن تكون من كندا
- لينين والقضية الفلسطينية
- عندنا ما فيش قتل .. فيه منع بس
- حماس لتحرير الحكومة أم فلسطين ؟
- الحركة الثقافية وحياة خليل كلفت
- رسالة بهاء طاهر إلي المعارضة المصرية
- عن أي حجاب يدور الحديث في مصر؟
- الناس يصعدون إلي السماء
- بلاغ ضد الشعب
- الإمبراطورية الأمريكية تحكم الرقابة على العالم
- د. رشاد الشامي .. رحيل عالم كبير
- المسلسلات المصرية
- غزة تفطر على مدافع الاحتلال
- قوات الديمقراطية الأمريكية والصحافة العراقية
- إسرائيل عدو الثقافة الأول
- نجيب محفوظ لحظة وداع
- حجر وورد .. وجوه لبنانية


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أحمد الخميسي - جون شتاينبك ومنطق بيلون