وجهة نظر حول معالجة مشكلة السكن في العراق


نجم الدليمي
الحوار المتمدن - العدد: 7948 - 2024 / 4 / 15 - 14:15
المحور: المجتمع المدني     

تعد مشكلة السكن في العراق احدى اهم المشاكل التي تواجه الغالبية العظمى من الشعب العراقي وتزداد اكثر صعوبة ارتباطا بمعدل النمو السكاني الكبير وبالتالي معالجة هذه المشكلة جذريا لا يمكن أن يتحقق الا من خلال تدخل الدولة المباشر وعبر قطاع الدولة وان يتم بناء الدور السكنية عموديا وان تعطي مجاناً للفقراء واصحاب الدخول المحدودة وفق ضوابط دقيقة ومحددة. ويخطئ من يعتقد أن حل هذه المشكلة يتم عبر القطاع الخاص الراسمالي المافيوي والطفيلي..، فبوابة العراق وغيرها مثلاً لمن ومن يستطيع شراء الشقق في بوابة العراق الا لصوص الاحتلال الاجنبي في العراق والسماسرة والطفيلين واللصوص الكبار والمتوسطين. ناهيك عن بنات الهوى ودورهن في امتلاك الشقق وباساليب عديدة..؟! اضافة الى ذلك يستطيع شراء هذه الشقق ايضا المتنفذين في السلطة والاعلامين.. وهؤلاء جميعاً هم فئة المليونيرية وعددهم اكثر من20 الف لص محترف والملياردية وعددهم اكثر من 16 من اكبر حيتان وديناصورات الفساد المالي والإداري في نظام المحاصصة الحاكم في العراق المحتل وهؤلاء مستمرون في نهب ثروة الشعب العراقي منذ الاحتلال الاجنبي للعراق ولغاية اليوم وبدون رقابة وحساب لا من القانون ولا من قبل الشعب العراقي؟ وهذا تم ويتم وبعلم السلطات الثلاث وكذلك بعلم القوى الدولية والاقليمية وهؤلاء خدموا ولا يزالون يخدمون مصالح هذه القوى وليس مصالح الشعب العراقي وهذه الحقيقة الموضوعية والمرة والتي يجب ان يدركها الغالبية العظمى من الشعب العراقي.
نعتقد، يمكن حل مشكلة السكن في العراق من خلال وضع استراتيجية واضحة الاهداف والمعالم وتقوم بها وزارة التخطيط تحديداً حول معرفة الحاجة الفعلية لعدد الوحدات السكنية في المستقبل اخذين بنظر الاعتبار معدل النمو السكاني في العراق. هناك ثلاثة قطاعات مهمة يمكن أن تعمل وفق خطة بعيدة المدى ومتوسطة المدى وقصيرة المدى وهذه القطاعات هي الاتي :
اولاً:: قطاع الدولة. يقوم هذا القطاع الحيوي ووفق خطة عملية لبناء الوحدات السكنية وبشكل عمودي ومتوسطة الكلفة مع ضمان كافة الخدمات الاساسية للمواطنين وان توزيع مجانا للمواطنين الفقراء والمساكين والمتقاعدين، اي اصحاب الدخول المحدودة وهؤلاء يشكلون نسبة كبيرة في العراق.
ثانياً :: القطاع التعاوني، يقوم هذا القطاع وفق لوائح قانونية محددة وان تقوم الدولة بتقديم التسهيلات لهذا القطاع من ارض...، وان يتم تحديد سعر الوحدة السكنية وفق ضوابط دقيقة ومحددة ومعرفة كلفة الوحدة السكنية وعلى ضوء ذلك يتم تحديد نسبة الربح الصافي لهذا القطاع على ان لا تتجاوز ال1000 بالمئة ومن الضروري الاخذ بنظر الاعتبار الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين العراقيين في عملية بناء الوحدات السكنية في قطاع الدولة والقطاع التعاوني، وبعد معرفة كلفة الوحدة السكنية وبشكل دقيق يمكن وضع شرط قانوني لمن يرغب بالشراء للوحدة السكنية على ان يدفع 30 بالمئة من قيمة الوحدة السكنية مباشرة وبقية المبلغ يتم تسديدة خلال 25 سنة قادمة وبدون تحميل مالي اي دفع فائدة من قبل المواطنين
القطاع الخاص الراسمالي :: يمكن ان يقوم هذا القطاع بمعالجة ووفق خطة علمية ببناء شقق خاصة للملينيورية والملياردية وفق طلبات هؤلاء وهنا يلعب قانون الطلب والعرض في تحديد سعر الوحدة السكنية وهؤلاء لديهم الاموال الكافية لشراء اكثر من وحدة سكنية الى.. ثم الى... ثم الى... وان يتم وضع ضرائب تصاعدية على هذه الوحدات السكنية الفارهة لهؤلاء الاغنياء الذين ظهروا في فترة الاحتلال الاجنبي للعراق وان تذهب هذه الضريبة للدولة على هذه الوحدات السكنية وبما يتلاءم وسعرها الباهض فينبغي ان تكون الضريبة تصاعدية وفقاً لسعر الوحدة السكنية.
وهناك اسلوب اخر وهو ان بعض المواطنين وخاصة في الريف العراقي يمكن ان يقوموا ببناء وحدات سكنية لهم وهؤلاء يحتاجون الى قروض مالية محددة يمكن تقديم القروض لهؤلاء ووفق ضوابط دقيقة ومحددة ومنها وجود الأرض التي سيتم البناء عليها وان يكون القرض ميسر وبفائدة لا تتعدى 2 بالمئة على القرض ويمكن ان يتم دفع القرض على اساس مراحل البناء للوحدة السكنية.
ان هذه الاستراتيجية يمكن ان تقوم بها الدولة حصرياً ووفق خطة استراتيجية واضحة الاهداف والمعالم ولمدة اكثر من 20 عاماً وان تعمل هذه القطاعات الثلاثة وفق خطة عمل محددة وان يتم متابعتها من قبل الجهات المختصة من حيث النوعية والخدمات...
يخطئ من يعتقد، ان القطاع الخاص الراسمالي المافيوي والطفيلي يستطيع ان يقوم بمعالجة حل مشكلة السكن في العراق اليوم لانه قطاع يهدف الى تعظيم الربح وبإستمرار وهو يمكن ان ينشط لصالح الاوليغارشية وحاشيتها من كبار المسؤولين في السلطة.
يعد نشاط قطاع السكن مع نشاط القطاعات الاقتصادية الانتاجية...، احد اهم القطاعات التي تساهم في تحقيق معدلات النمو الاقتصادي وتطوير الاقتصاد الوطني وكذلك تساعد على تحريك الاقتصاد الوطني العراقي وبنفس الوقت يتم معالجة افة البطالة والفقر في المجتمع العراقي وخاصة لدى الشباب.
مما يؤسف له ان النظام الحاكم في العراق اليوم وبطبيعته المحاصصاتية غير مؤهل لحل مشكلة السكن في العراق وغيرها من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية... الاخرى. المطلوب التخلي عن هذا النظام غير المألوف والغير قانوني، وان يقوم نظام جديد بعيداً عن المحاصصة وان يتم تعزيز دور ومكانة الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمالية... ، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ومحاربة جادة للفساد المالي والإداري المستشري في السلطة وتشريع قوانين تخدم الاقتصاد والمجتمع العراقي ومنها تشريع قانون من اين لك هذا؟ ان كل ذلك وغيره لا يمكن ان يتحقق الا من خلال دستور جديد والتخلي عن الدستور الحالي لانه مملوء (( بالقنابل)) الموقوته والتي يمكن للقوى الاقليمية والدولية ان تفجر اي (( قنبلة)) في الدستور ووفق وجهة نظر هذه القوى او تلك. ان تغير الدستور لن يكن مشكلة فهو ليس بكتاب منزل، مقدس، كتبه انسان، ويمكن ان يغيره انسان ولكن المشكلة تكمن في غياب الارادة السياسية للقوى المتنفذة في السلطة الحاكمة في العراق اضافة الى ان قادة الاحزاب والكتل والتيارات السياسية المتنفذة اليوم في الحكم ليس لديهم حرية اتخاذ القرار الذي يخدم مصالح الشعب العراقي وان القوى الاقليمية والدولية والمؤسسات الدولية.. لها دوراً مهم وكبير في مسار العملية السياسية لان هذه العملية ولدت شبه ميته ونصف مشلولة. هذه هي الحقيقة الموضوعية والمرة والتي يجب أن يدركها الغالبية العظمى من الشعب العراقي وقواه السياسية الوطنية والتقدمية... اليوم.
ان الحل الوحيد والجذري لجميع هذه المشاكل وغيرها هو في يد الشعب العراقي وهو صاحب السلطة الشرعية والحقيقة. وهنا فالشعب العراقي يجب أن يشعر بمسؤوليته التاريخية حول مستقبل العراق.

ابريل - 2024