الصهيونية أعلى مراحل النازية


رابح لونيسي
الحوار المتمدن - العدد: 7798 - 2023 / 11 / 17 - 18:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

يلاحظ القاريء لعنوان هذه المقالة بأنني أستلهمت من فلاديمير لنين عنوان كتابه الشهير "الإستعمار أعلى مراحل الرأسمالية"، فعوضت الرأسمالية بالنازية والإستعمار بالصهيونية. فقد كتب لنين كتابه عام1917 يحلل فيه نمو الرأسمالية وتوسعها، وكيف أنتج ذلك أبشع أساليب الإستعمار بكل وحشيته وهمجيته خدمة لمصالح إقتصادية بحتة مبنية على نهب ثروات وعرق الشعوب. أخذ لنين نظريته - حسب ما يبدو- عن البريطاني هوبسن في كتابة "الإستعمار" الذي ألفه عام 1902، ويقول فيه بأن الإستعمار الأوروبي الحديث هو نتيجة للتوسع الرأسمالي وحاجته إلى المواد الأولية والأسواق لسلعها ومناطق للإستثمار. نعلم كلنا مدى إٍرتباط الإستعمار بالعنف والهمجية والإجرام وإحتقار الإنسان ليس كمنطلق عنصري فقط ضد الشعوب المستعمرة، بل خدمة لمصالح إقتصادية، مما جعل كارل ماركس يقول في كتابه "الرأس المال" بأن توسع الرأسمالية أختلطت بالدماء والجرائم البشعة ضد البشر. فلهذا لايختلف الكيان الصهيوني عن الإستعمار الأوروبي في جرائمه إن لم يفقه، لأنه أصلا أنشأته أوروبا في منطقتنا ليس فقط للتخلص من الأوروبيين ذوي الديانة اليهودية الذين تحولوا إلى مشكلة فيها بعد ما مارست ضدهم أبشع أنواع العنصرية والإضطهاد والزج بهم في غيتوهات لطيلة قرون، بل أيضا بهدف جعل هذا الكيان قاعدة لهذا الإستعمار الأوروبي خاصة، والغربي عامة في منطقتنا خدمة للرأسمالية العالمية .
لكن من حق القاريء أن يتساءل، ويقول إن كان الكيان الصهيوني هو نتيجة للإستعمار الأوروبي الحديث الذي أنتجته التوسع الرأسمالي، فماعلاقة الصهيونية بالنازية؟. فنرد على ذلك بالقول إن كانت الرأسمالية هدفها إقتصادي بحت، فإن النازية ولو أنها مرتبطة نسبيا بالرأسمالية، فإنها مبنية على ترويج الفكر النازي بالقول أن العرق الجرماني هو أعلى من الأعراق الأخرى التي يجب إستعبادها. وينطلق ذلك كله من نظرية الفرنسي آرثر جوبينو حول عدم تساوي الأعراق، وأعطى لها ترتيبا في كتابه "عدم التساوي بين الأعراق البشرية" الذي نشره عام1872. فالنازية الهتلرية الألمانية كانت ترى بأن الجرمان من أرقى الأعراق، وإن أختلطوا بالأعراق الأخرى ستنهار الحضارة. ولهذا يجب الحفاظ على نقاء العرق الجرماني. أنها نفس الفكرة نجدهها عند الصهيونية التي هي ايديولوجية عنصرية تدعو إلى الحفاظ على ما تدعيه "العرق اليهودي" تحت تسمية "الشعب اليهودي". أننا نستغرب إستخدام هذا المصطلح الغير منطقي لأن اليهودية دين سماوي مثلها مثل الإسلام والمسيحية يمكن أن يعتنقها عدة شعوب وأعراق، ولاعلاقة لها إطلاقا بأي عرق كان مثلها في ذك مثل الإسلام أو المسيحية. لكن تصر الصهيونية على جعل اليهودية دين خاص بما تدعيه عرقا، وهو ليس صحيح، فلا وجود ل"شعب يهودي"، بل ما هو موجود هم معتنقو الديانة اليهودية المنتشرين لدى الكثير من شعوب العالم، فما نعرفه هو وجود الفرنسي أو العربي أو الأمريكي أو غيره، لكن ذو ديانة يهودية، وهو نفس ما ينطبق على المسلم أو المسيحي أو غيرها من الديانات العالمية. وأكثر من هذان فإن الصهيونية التي نميزها تماما عن اليهودية تقول بأن هذا "ّالشعب اليهودي" (بين قوسين طبعا) هو " شعب الله المختار"، أي تقريبا نفس ما روجته النازية في ألمانيا عن الجنس الجرماني إلا أن الإختلاف بينهما أن النازية الألمانية تربطها بعرق فقط، أما الصهيونية تربطها بعرق ودين سماوي هو اليهودية التي تأول نصوصها وتستغلها حسب مصالحها ولأهداف سلطوية وسياسوية بحتة كما يفعل الإسلامويون بالنسبة للنصوص الدينية الإسلامية أو المتطرفون المسيحيون بالنسبة للنصوص المسيحية. وينطبق نفس الأمر على كل الديانات التي تتعرض للإستغلال والتوظيف السياسوي، فأضرت بها، ونشرت الكراهية بين اتباع مختلف الديانات، وأشعلت حروبا دموية، كما أرتكبت مجازر ضد الإنسانية بإسم الأديان التي تدعوا في حقيقتها وجوهرها إلى السلام والمحبة والأخوة البشرية لأن كل البشر في هذه ألأديان ينحدرون من أب واحد هو سيدنا آدم عليه السلام، فحتى تحية أصحاب هذه الديانات السماوية الكبرى هي السلام سواء للإسلام الذي هو "السلام عليكم" والمسيحية هي "salutأي السلام" وفي اليهودية "شالوم"، أي السلام أيضا . أن جمع الأيديولوجية الصهيونية فكرة التفوق العرقي بتوظيف سياسوي للديانة اليهودية جعل عنصريتها تفوق العنصرية النازية الألمانية بشكل كبير. فلنشر أن كل من يعتقد نفسه بأنه أفضل من الآخرين سواء عرقيا أو إثنيا أو دينيا، فهو نازي الفكر، وسيعمل إن أمتلك القوة والسلطة على تصفية كل من يختلف عنه.
تشترك النازية الهتلرية مع الصهيونية أيضا في فكرة خطيرة جدا، وهي نظرية المجال الحيوي، ومعناه أن كل دولة يجب عليها أن تتوسع على جيرانها كلما أزداد عدد سكانها وحاجياتهم، وإلا ستموت. فإن كان مالتوس يقول أن تزايد السكان، سيجعل الحياة صعبة ومعقدة بسبب قلة الموارد وتزايد السكان بمتتالية مضاعفة، ولهذا ضرورة تنظيم النسل. فإن النازية ترى أن الحل لذلك هو التوسع على الجيران لأخذ آراض جديدة، تسمح بحل هذه المشكلة، وهو ما سماها هتلر ب"المجال الحيوي". وينطلق في ذلك بضرورة قضاء الأقوياء على الضعفاء بقتلهم وإبادتهم، وهي محاولة منه لنقل النظرية الداروينية من الجانب البيولوجي إلى السياسي. فداروين يقول بأن الكائنات القوية تأكل الكائنات الضعيفة، فتبيدها من فوق الأرض، وهو نفس ما تراه النازية الهتلرية، ولهذا تقدس القوة والعنف مستلهمة ذلك من الفيلسوف الألماني نيتشة الذي يقول ب"السوبرمان"، أي الإنسان الأعلى والأقوى، وبأن الأخلاق والمباديء والقانون وغيره من صنع الضعفاء لحماية أنفسهم من الأقوياء الذين لا يحتاجون إلى ذلك، ويخدمهم قانون الغاب. هذا ما يفسر إستهانة الكيان الصهيوني بكل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية بعد ما أصبح قويا بنفس درجة إن لم يكن أكثر من النازية الهتلرية.
لا تختلف الصهيونية عن هذه الأفكار النازية الهتلرية إطلاقا، فهي أيديولوجية عنصرية ترى نفسها بأن ما تسميه ب"الشعب اليهودي" هو شعب الله المختار، وأن الباقين هم الجويم أو الأميين حيث يجوز قتلهم وتسخيرهم وإستعبادهم. وعلينا أن نشير ونؤكد على أن صفة النازية تنطبق على كل توجه أيديولوجي يرى ذلك سواء على الصعيد العرقي أو الإثني أو الديني، لأنه في الأخير، سيقضي على كل من يختلف معه.
لكن خطورة النازية الصهيونية مقارنة بالنازية الهتلرية الألمانية أن هذه الأخيرة تستند فقط على النقاء والتفوق العرقي، لكن الصهيونية تضيف إلى ذلك عملية خطيرة، وهي توظيفها وإستغلالها الدين اليهودي لتبرير ممارساتها. وهو ما يظهر بجلاء في همجيتها ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني، بل سيأتي اليوم الذي ستقوم فيه بنفس الممارسات ضد الجميع. وأكثر من هذا فهي توسعية، فكلما أزداد عدد سكان الكيان الصهيوني والمهاجرين إليه، ستظهر بقوة نظرية المجال الحيوي النازية التي وضع أسسها هتلر، والتي تقضي بالتوسع في الآراضي المجاورة من أجل الإستيطان. هذا ما يفسر لنا تزايد المستوطنات في الآراضي الفلسطينية أين يصل عددهم في غزة والضفة الغربية إلى أكثر من 500ألف مستوطن يمارسون أبشع أساليب القتل والتدمير والخنق للشعب الفلسطيني. هذا ما يدحض فكرة إمكانية تطبيق حل الدولتين، أحدها لليهود وأخرى للفلسطينيين، لأن الكيان الصهيوني لن يقبل بذلك إطلاقا بسبب بحثها الدائم عن المجال الحيوي الذي يقتضي التوسع، ولهذا تمت عرقلة أي تطور أو تطبيق المراحل المتبقية من إتفاقيات أوسلو 1995 التي من المفروض أن تدخل مرحلة أخرى هي إنشاء دولة فلسطينية متكاملة الأركان في كل من الضفة الغربية وغزة. فبدل تحقيق ذلك وقع العكس فأزدادت المستوطنات بشكل رهيب، مما يتطلب حمايتها بالجيش الصهيوني، وكذلك بإبادة وتقتيل الشعب الفلسطيني وسلب آراضيه كي يخلو المجال لليهود الذين جيء بهم من كل أصقاع العالم بنفس الشكل والطريقة الذي جاءت به فرنسا الإستعمارية بأوروبيين إلى الجزائر منذ1830، وأيضا نفس الأمر وقع في جنوب أفريقيا حيث جيء بالبيض إلى هذا البلد، وأٌقاموا نظاما مبنيا على التمييز العنصري ضد السكان الأصليين. فلم يكن الحل في هذا البلد الأخير إلا القضاء على هذا النظام العنصري وإقامة دولة مواطنة في جنوب أفريقيا يجد فيها الجميع أنفسهم في هذه الدولة في كنف المساواة في الحقوق والواجبات دون أي تمييز كان.
فبناء على ذلك نعتقد أن إنهاء المشكلة في فلسطين اليوم ليس في حل الدولتين، لأنه لن يقبل الكيان الصهيوني بذلك بسبب نظرية المجال الحيوي الذي ذكرناها، والتي تقتضي التوسع الدائم، ولهذا فالحل هو إقامة دولة مواطنة فلسطينية على كل هذا الأرض يعيش فيها الجميع دون أي تمييز كان سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهود بما فيهم المهاجرين اليهود إليها وغيرهم كما كانت تقول منظمة التحرير الفلسطينية في مواثيقها التأسيسية الأولى في الستينيات. ويقتضي ذلك نضالا عالميا ضد النظام الصهيوني وأيديولوجيته النازية للقضاء عليه بنفس الشكل الذي تم فيه القضاء على نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا.
يتساءل البعض لما يجد هذا الكيان الصهيوني دعما من أمريكا، فنقول ليس فقط لأنه قاعدة للإستعمار الغربي المرتبط بالتوسع الرأسمالي كما قلنا في بداية مقالتنا هذه، بل أيضا لأن أمريكا ذاتها قامت بنفس الأمر مع الهنود الحمر، حيث أباد المهاجرون الذين جاءوا من أوروبا السكان الأصليين. فكلما ظهر مستوطنون يعتبرون أنفسهم عرقا أعلى، سيبيدون السكان الأصليين. وهو نفس ما حاول القيام به الإستعمار الفرنسي في الجزائر، وهي نفس الفكرة وردت لدى المهاجرين الأوروبيين إلى القارة الأمريكية لولا رفض الهنود الحمر العمل كعبيد لهم في آراضيهم التي سلبوها منهم، فأبادوهم عن بكرة أبيهم. هذا نفس ما يقوم به الكيان الصهيوني كلما تزايد عدد سكانه والمهاجرين إليه دون الأخذ بعين الإعتبار أي قوانين دولية أو أخلاق، فهم يرون مثل الفيلسوف الألماني نيتشة أب النازية الهتلرية بأن القانون من صنع الضعفاء لحماية أنفسهم، أما الأقوياء فلا أخلاق ولا قوانين لهم لأن القوي يفرض ما يريده، ونحن نرى بأم أعيننا اليوم ما يقوم به هذا الكيان الصهيوني في فلسطين من جرائم تندى لها جبين الإنسانية.
لن يقبل الكيان الصهيوني بحل الدولتين، وإن لم يصرح بذلك فربحا للوقت فقط لا غير، وسيعرقل ذلك بأساليب شتى حسب الظروف الدولية، بل سيتوسع مستقبلا على حساب جيرانه، فإن تقوى أكثر، سيبتلع كل المنطقة بشكل أو بآخر سواء بإحتلالها مباشرة أو وضع عملاء موالين لهم يخدمون مصالح الكيان الصهيوني بعد ما يزداد عدد سكانه بكل حاجياتهم الإقتصادية. فحتى هتلر النازي لم يحتل كل الآراضي، بل وضع عملاء له في عدة بلدان، وفرض عليها سلطته، فإن لم يستفق العالم مبكرا لما تخطط له الصهيونية، سيجد نفسه تحت رحمتها مستقبلا.
أما الأخطر من ذلك كله هي محاولات الصهيونية التحالف مع الغرب تكتيكيا فقط مستغلة حاجة الغرب إلى كيانها كقاعدة إستعمارية له في منطقتنا، لكن ستنقلب عليه في المستقبل كما فعل هتلر مع ستالين، وقد حاول القيام بذلك مع بريطانيا التي رفضت أي تحالف معه. فالصهيونية اليوم تريد أن تدفع بما تقوم به في فلسطين من جرائم بشعة إلى صدام حضاري لإشعال حرب حضارية في كل بقاع العالم، أي بتعبير آخر تريد إحياء نظرية صدام الحضارات لصموئيل هنتنغتون التي ظهرت فشلها بعد ما حاولت أمريكا توظيفها للتوسع على ظهر العالم الإسلامي، هذا ليس لأنه إسلاميا، كما يروج الإسلامويون الذين يخدمون إستراتيجيات أعدائنا بوعي أو دون وعي، بل لأنه عالم غني بالثروات، خاصة الطاقة.
ان الكيان الصهيوني اليوم يريد دفع المسلمين إلى ردة فعل حضارية ودينية، ليس فقط ضد الكيان الصهيوني، بل الغرب كله بتوظيف الإعلام الذي يسيطر عليه اللوبيات الصهيونية وإظهار أن الغرب وحكوماته كله مع الكيان الصهيوني، ويريد قتل المسلمين، وهو ليس صحيح. فشعوب أوروبا في عمومها ضد ما يقوم به الكيان الصهيوني من جرائم، لكن الإعلام يخفي ذلك، ويقوم بعملية تعتيم على هذا الرفض، وكل ذلك بهدف دفع متطرفين دينيين إسلاميين إلى وضع الغرب كله في سلة واحدة، فيقومون بأعمال إرهابية، مما سيحيي من جديد صدام الغرب مع الإسلام، ويدفع المسلمين في أوروبا ثمنا باهظا لذلك بعد ما تنامى هؤلاء المسلمين في دول الغرب، وأصبحوا يشكلون لوبيات يمكن أن تهدد نفوذ اللوبي الصهيوني في مختلف الدول الغربية. فكلنا يعلم كيف يروج الإعلام الصهيوني أن الحضارة الغربية هي حضارة مسيحية- يهودية في مواجهة حضارة إسلامية متحالفة مع الكنفشيوسية -حسب هنتنغتون-، والهدف من ذلك كله هو إشعال حرب دموية حضارية مبنية على إختلافات دينية، لأن للأسف هنتنغتون صنف الحضارات على أسس دينية، وهو ما سيحيي الصراعات الدينية القديمة. فلكي نتجنب الوقوع في لعبة خطيرة يخطط لها بإحكام يجب تحرير الأديان كلها سواء كانت الإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو غيرها من أيدي السياسويين الذين يتاجرون بها لخدمة أهداف سياسوية وإقتصادية على حساب الإنسانية.
كما أن الموقف الأمريكي يدخل في نفس النطاق، فأمريكا تريد تزايد الفوضى، خاصة في منطقة الشرق الأوسط بعد ما لاحظت تراجعها وتنامي الصين وبدايات ظهور نقلة حضارية إلى آسيا كما أبرز ذلك بوضوح المؤرخ البريطاني بيتر فرانك كوبان في كتابه الأخير "طرق الحرير الجديدة- بدايات ميلاد عالم جديد-" الذي نشره في 2018، والذي سبقه في 2015 بكتاب " طرق الحرير" في 2015 أين يعيد النظر في كل التاريخ العالمي بقوله بأن الحضارات العالمية الكبرى ومركز التاريخ البشري كان دائما يدور في آسيا، وأن الحضارة الغربية ما هي إلا فاصلة في تاريخ البشر، لكن أخفى الغرب ذلك عمدا في الكتابات التاريخية-حسبه-، وهو نفس ما ذهب إليه الفرنسي روجي غارودي تقريبا من قبل. طبعا هذا الطرح يحتاج إلى نقاش واسع ليس هنا موضوعه، لكن ما يهمنا هو وجود نهضة في آسيا فعلا تريد أمريكا عرقلتها بإشعال حروب دامية توقف مسيرة الصين ووراءها آسيا كلها كي تحافظ على السيطرة الرأسمالية الغربية.
تختفي أيضا وراء الهمجية الصهيونية في فلسطين اليوم رغبة دفينة في إحياء ما تسميه ظاهرة "معاداة السامية" في كل العالم كرد فعل على هذه الجرائم، مما سيشعر يهود العالم بعدم الأمن والإستقرار، فيضطرون للهجرة إلى فلسطين كما فعلوا بسبب المذابح النازية الهتلرية ضدهم، والتي دعمتها الصهيونية خفية لأنها خدمت إستراتيجيتها. فأي عودة لهذه الظاهرة، خاصة من مسلمي أوروبا، فإنه لا يؤدي فقط إلى حروب أهلية بين المسلمين واليهود فيها، مما سيضعف هذه الدول، بل أيضا سيدفع اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين، مما سيخدم المشروع التوسعي الصهيوني، وهو ما سيؤدي إلى الإستيلاء على آراض الجيران شيئا فشيئا. فيتخلص هذا الكيان من مشكل بشري يعاني منه تمنعه من القيام بحروب طويلة الأمد تستنزف قواه بسبب أن المجتمع الصهيوني مجتمع عسكري أصلا، ففي حالة أي حرب طويلة الأمد تؤثر على إقتصاده بسبب النقص البشري وتعبئة أكبر عدد من السكان. يتطلب حل هذه المشكلة الديمغرافية بالنسبة للكيان الصهيوني بتزايد الولادات والهجرات اليهودية إليه، مما سيمهد لتنفيد مرحلة أخرى من المشروع الصهيوني يتمثل إقامة ما يسميه ب"إسرائيل الكبرى" الذي سيرفضه الغرب خوفا على إستيلاء هذا الكيان على ثروات المنطقة وأسواقها، لكن دول الغرب تكون قد دخلت آنذاك في ضعف وعدم إستقرار بسبب إشعال هذا الكيان حروبا أهلية فيها كما سبق وأن قلنا آنفا.