وعود لم تنفذ..والقتلة طلقاء


قاسم حسين صالح
الحوار المتمدن - العدد: 7781 - 2023 / 10 / 31 - 18:47
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

وعود لم تُنفّذ..والقتلة طلقاء
أ.د. قاسم حسين صالح

العنوان في أعلاه ليس لنا بل لـ "هيومن رايتس ووتش" في تقرير صدر في (34) صفحة بعنوان :( تنويم القانون: العنف ضد المحتجين وإفلات الجناة من المساءلة في العراق) إن الحكومة العراقية في عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي لم تفِ بوعودها بالمساءلة القانونية لموظفي أجهزة الأمن التابعة للدولة وعناصر الجماعات المسلحة التي تدعمها الدولة المسؤولة عن قتل وتشويه وإخفاء مئات المتظاهرين والنشطاء منذ 2019. وان الكاظمي الذي تولى السلطة في مايو/أيار 2020 وعد بالعدالة في جرائم القتل والإخفاء، لكنه عندما ترك منصبه لم تكن حكومته قد أحرزت أي تقدم ملموس في محاسبة المسؤولين، مع انه أنشأ بعد ستة أشهر من توليه منصبه، "لجنة لتقصي الحقائق" للتحقيق في العنف الذي ارتكبته قوات أمن الدولة والجماعات المسلحة ضد المتظاهرين والنشطاء. لكن اللجنة لم تنشر أي معلومات جوهرية حول النتائج التي توصلت إليها، ولم تكشف حتى عن القضايا التي حققت بها، ناهيك عن نتائج التحقيقات التي أجرتها.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "بعد عامين ونصف من تولي الكاظمي السلطة، تبيّن أن وعوده بالعدالة في قضايا العنف الشرس ضد المتظاهرين السلميين فارغة، والقتلة يسرحون بحرية. وأضاف أنه تم قُتل حوالي 500 متظاهر في الأسابيع القليلة الأولى فقط من انتفاضة اكتوبر / تشرين 2019 على يد قوات الأمن العراقية والجماعات المسلحة المدعومة من الدولة.
ولقد حققت هيومن رايتس ووتش في 11 حالة لعراقيين تعرّضوا للعنف بسبب الاحتجاج والنشاط السياسي، وحصل انه تم قُتل خمسة منهم، بينهم امرأتان، وأصيب خمسة آخرون واختُطف أحدهم وما يزال مفقودا. وافادت بأن اسر القتلى (الشهداء) والمخفيين رفعوا قضايا قانونية لدى الشرطة والسلطات القضائية، لكن بعد إبداء السلطات اهتماما أوليا، مثل جمع تفاصيل هذه القضايا، لم تستأنف الشكاوى القانونية ولم تتابع السلطات عمليا تحقيقاتها أو محاولات تحديد هوية المسؤولين ومحاسبتهم. وتابعت بأن بعض الأشخاص الذين قابلناهم،قالوا إن قضاياهم "نُوِّمت" ببساطة.
وتوثق هيومن رايتس ووتش حكاية المواطن امجد الدهامات (56 عاما) وتصفه بأنه كان ناشطا بارزا في مدينة العمارة ،وانه بعد اسابيع من تظاهرات نوفمبر/تشرين الثاني 2019، اغتيل الدهامات بعد مغادرته اجتماعا مع قائد كبير في الشرطة في مركز الشرطة الرئيسي في العمارة على بعد بضع مئات الأمتار فقط من مقر الشرطة!. وتضيف بأن شقيقه علي (52 عاما) رفع دعوى قضائية إلى السلطات بغية تحقيق العدالة لشقيقه دون نتيجة تذكر،بل أنه تلقى تهديدات بالقتل وأجبِر على الفرار من العمارة، وتنقّل من مدينة إلى أخرى خوفا من أن يُقتل هو أيضا!.
التعويضات
وفقا للأمم المتحدة فان الحكومة العراقية (الكاظمي) وعدت بتعويض آلاف المتظاهرين الذين شُوّهوا أو أصيبوا خلال الاحتجاجات. لكن عددا قليلا فقط منهم حصل على تعويضات عن إصاباتهم، وتم ذلك بعد فترات انتظار طويلة – في بعض الحالات تصل إلى عامين ونصف – وبتكلفة مالية كبيرة دفعتها اسر الضحايا للمحامين.
ودعت(منظمة حقوق الأنسان ) حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني الى نشر معلومات بشأن تحقيقات لجنة تقصي الحقائق في عمليات قتل المتظاهرين، وإصابتهم، وإخفائهم أثناء الانتفاضة وبعدها، وحث السلطات القضائية على الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بوضع التحقيقات وسير القضايا،وأضافت بأنه (ينبغي لحكومة السوداني مضاعفة الجهود لتعويض ضحايا العنف، بإجراءات تشمل وضع سياسة تعويض للمصابين تكون واضحة وموجزة، وتحديد خطوات مباشرة تقلل العقبات البيروقراطية التي تعيق الحصول على التعويضات). وقال كوغل: "أسقطت انتفاضة 2019-2020 الحكومة ودفعت إلى إجراء انتخابات مبكرة، وطالب المتظاهرون بمحاسبة مرتكبي أعمال العنف التي تعرضوا لها،يمكن لرئيس الوزراء، وينبغي على السيد السوداني، العمل لتحقيق العدالة التي لم يحققها سلفه".
استنتاج:
في ضوء هذه الحقائق التي وثقتها جهات دولية وليست عراقية ، نستنتج الآتي:
ان حكومتي السيدين مصطفى الكاظمي ومحمد شياع السوداني لم تقوما بواجبهما بالمساءلة القانونية لمرتكبي قتل اكثر من سئمئة مواطنا عراقيا وجرح اكثر من عشرين الفا بينهم الآف اصيبوا باعاقات دائمية من المشاركين بتظاهرات تشرين/ اكتوبر 2019. وان من لجأ الى مؤسسات السلطة ( الشرطة والقضاء) من اسر الشهداء للمطالبة بتحقيق العدالة بحق قتلتهم..تعرضوا للتهديد وبينهم من قتل.
ولأن السيد الكاظمي والسيد السوداني جاءا بموافقة احزاب وكتل سياسية شيعية ، وانهما بحكم تكليفهما من قبلها لا يمتلكان ارادة حرة..فان تلك الجهات هي المسؤولة عن عدم الكشف عن الجناة ..وسيبقى قتلة شهداء الانتفاضة الأكبر والأطول زمنا والأفجع في تاريخ العراق، طلقاء ما دام المحاصصون والطائفيون يمتلكون السلطة والقوة والمال..ونبقى نعلل النفس بأن التاريخ يحدثنا أن الطغاة والمستبدين والفاسدين..زائلون ، ملعونون..وأن الشهداء من اجل الحرية والكرامة والعدالة ..خالدون مبجلون.
*