العراقيون اذا سخروا من احد..لا يرحموه . شذى حسون مثالا


قاسم حسين صالح
الحوار المتمدن - العدد: 7760 - 2023 / 10 / 10 - 00:47
المحور: الادب والفن     

العراقيون اذا سخروا من احد ..لا يرحموه
شذى حسون مثالا

أ.د. قاسم حسين صالح
مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية


كانت ليلة فرح للعراقيين يوم فازت شذى حسون بمسابقة ستار اكاديمي عام (2013).وكنت مزهوا بها وانا أراها تضع العلم العراقي على صدرها وترقص فرحا وكأن حلم حياتها قد تحقق..وقد تحقق فعلا ..وباركت فوزها بمقال نشر في حينه.

وكان جميلا منها ان تأتي الى وطنها العراق لتفتتح في بغداد التي أحبتها ،المهرجان الفني لليوم الوطني للعراق بنشيده الوطني ( موطني). وحصل ما لم تتوقعه هي ولم يتوقعه العراقيون ان ترتكب خطئا كبيرا..اذ يمكن لأي فنان ان يخطأ في اداء او لحن اية اغنية..الا النشيد الوطني للدولة(أية دولة) ..فأنه لا يغتفر.
وكان عليها ان تعتذر،لكنها ما كانت في اعتذارها موفقة، وما كانت مقنعة بقولها ،انها صار لها اربعة اشهر تدرب على اداء النشيد وانها لم تنم في الأسبوع الأخير. وعلى افتراض انه حصل هذا فهل يعقل ان تقول( هل اراك .. ناعما منعما وسالما مكرما ،بدلا من سالما منعما وغانما مكرما... والجلال والسناء، بدلا من الجلال والجمال...)..ما يوحي ان شذى لا تعرف ان مؤلف (موطني) هو شاعر فلسطيني اسمه( ابراهيم طوقان) وان ملحنه لبناني هو ( محمد فليفل )ولا تعرف أن العراقيين من اصعب الناس في الأقناع.. سيما وان ما قالته اقرب الى (الكذبة) لأنها لو كانت قد حفظت النشيد(في اربعة أشهر!)..لما تكررت الأخطاء! بل ان العراقيين فسروا دعوتها الحاضرين للغناء معها ،كان بهدف أن يسمعوها الكلمات التي نستها!
ولأنها صدمت نفسيا بين صورة زاهية واستقبال تتخيله و تتوقعه ان يحصل كما تتمنى ،وبين نقيض حصل لها عمليا من سخرية لا ترحم،فأن المكابرة منعتها من اعتذار مستحق للشعب ، ولم تدرك انها منحت الفرصة للعراقيين ان يسخروا منها (ويا ويله اليوكع بيدهم) وقد وقعت شذى.

انا لم احضر المهرجان، وما قراته عنه انه اثار ردود فعل غاضبة ومنتقدة، بل أن قيادي في هيئة الاعلام والاتصالات بحركة (عصائب اهل الحق) وصف المهرجان (بالمخزي) وتوعد بانه لن يمر بدون حساب او عقاب..وفقا (للقدس العربي). واعربت جهة اخرى عن اسفها لحجم الاسفاف والابتذال واساءته البالغة للنشيد الوطني وضرورة التحقيق بالمبالغ الكبيرة التي انفقت عليه.
وربما كانت السياسية الوحيدة التي اشادت بأداء شذى حسون هي عضوة البرلمان سروة عبد الواحد( مراسلة قناة الحرة عراق في اربيل ومسؤولها الأعلامي..فلاح الذهبي) بقولها: (ابارك للمبدعة شذى حسون..)،ولا اظنها تعرف كلمات نشيد (موطني)، وسفيرة اميركا في العراق التي وجهت لها التحية (بالأنجليزية طبعا).
ومع ذلك فان الواجب يقتضي ان نشكر شذى حسون على مبادرتها،فما عملته انها هي التي نظمته بدعم خاص من مجموعة شركات من القطاع الخاص، وان شذى التي لم تحصل على دينارا من الحكومة العراقية، هي افضل من مطربين عراقيين هجروا الوطن وغيروا حتى لهجتهم العراقية. وكاد ان يكون من اجمل المهرجانات الفنية العراقية لولا تلك الأخطاء وعرض نسائي لا يليق. لكن مشكلة العراقيين انهم اذا سخروا من أحد لا يرحموه لسبب سيكولوجي انهم مكبوتون،والمكبوت بحاجة الى وسيلة تفريغ..فافرغوا مكبوتاتهم بشذى..في يومهم الوطني!

عارف الساعدي

اتصلت بالصديق الشاعر الدكتور عارف الساعدي ( اليوم 9 /10 /23) فسألته بالنص:
انا اكتب مقالا بخصوص ما حدث ارجو توضيح الاتي:
• ما دور الحكومة في تنظيم مهرجان اليوم الوطني ، هل بأمر او بموافقة منها ؟
• وما دورك انت بوصفك المستشار الثقافي للسيد رئيس الوزراء؟
• هل كان باشرافك؟ وهل كنت حاضرا افتتاحه بنشيد موطني لشذى حسون؟
فاجابني بالنص:
• شذى حسون قدمت طلبا لوزارة الثقافة لاقامة مهرجان تكريمي فني كبير في بغداد في ساحة الاحتفالات. السيد وزير الثقافة رفع الكتاب لرئيس الوزراء، والسيد رئيس الوزراء عمل مداولة معي.
* شذى طلبت مبلغا من المال ولكننا اعتذرنا منها، فلا الرئاسة ولا وزارة الثقافة اعطتها فلسا واحدا..ولكن الدعم الذي حصلته هو الموافقة على ساحة الاحتفالات، واستخرجنا التأشيرات للضيوف العرب واستقبلت المراسم بعض الضيوف من المطار.
* نعم حضرت المهرجان، وكان من ارقى المهرجانات تنظيما واداءا ، وهو ليس من تنظيمنا انما شركة شذى حسون وبالاتفاق مع شركة لبنانية عملوا هم هذا العمل المهم ،ولكن للاسف ذهب المهرجان بسبب لباس شخصيتين.

واضح لحضراتكم صراحة وصدق الدكتور عارف في توضيح ما حصل، ما يعني ان ما نسب اليه ليس صحيحا وأن ما تعرض له من اساءات لا تليق بشخص مثقف مخلص للثقافة لا يبحث عن الجاه والمال ، فضلا عن انه طيب ،مسالم ،محب للجميع. وان علينا أن نقدر ان وجوده مستشارا للرجل الأول في الدولة العراقية هو انتصار للثقافة والمثقفين. لكن مشكلة العراقيين (السيكولوجية ايضا) ان كل من يحسب على الحكومة يسقطون عليه ما لا يستطيعون قوله علنا على الحكومة.

*