كلمة افتتاح المؤتمر المتوسطي الرابع لأحزاب اليسار


حنا غريب
الحوار المتمدن - العدد: 6189 - 2019 / 4 / 2 - 10:04
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب في افتتاح المؤتمر المتوسطي الرابع لأحزاب اليسار

الرفيقات والرفاق في أحزاب اليسار لمنطقة المتوسط
الضيوف الكرام
اسمحوا لنا باسم الحزب الشيوعي اللبناني ان نرحب بكم أجمل ترحيب في العاصمة اللبنانية بيروت، بيروت العروبة والوطنية، بيروت الحركة الشعبية والمقاومة الوطنية ضد الاحتلال وضد كل مشاريع التقسيم المذهبي وأدواته، فأهلا وسهلا بكم،

نفتتح مؤتمرنا المتوسطي الرابع في ظرف نحن بأمس الحاجة الى انعقاده كي نتبادل وجهات النظر حول رؤية كل منا لطبيعة الأوضاع الدولية وتلك التي تمر بها بلداننا بشكل خاص ومنطقة المتوسط بشكل عام، وكلنا أمل ان نتوصل بنتيجة النقاش الى رؤية موحدة وخريطة طريق عما علينا القيام به وما بإمكاننا ان نقوم به معا لتعزيز العمل المشترك في ما بيننا .

وكلنا أمل ان يشكل هذه المؤتمر قوة دفع واستنهاض لشعوب العالم وبلدان المتوسط التي تنتظر من اليسار دورا اوسع وقدرة أكبر في التغلّب على صعوباته في مواجهة التحديات، ويأتي في مقدمها قدرته على الانخراط بكل الوسائل المناسبة في مقاومة الإمبريالية وادواتها.

فقضية اليسار على المستوى الدولي والتي لا تتقدم عليها قضية أخرى، هي تشديد النضال من اجل اسقاط النظام العالمي الآحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، والانتقال النهائي الى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ينهي مرحلة تاريخية كاملة من شن الحروب الامبريالية لإنقاذ ازمة النظام الرأسمالي العالمي التي تتجلى في استنفاد "حل الكينزية" اذ ان تزايد المديونية العامة وانفلاش ميزانيات البنوك المركزية وتفاقم البطالة بات يقض مضاجع صناع السياسة في الدول الرأسمالية المتقدمة ويشل أدوات "إنقاذ الرأسمالية" في مواجهة ترسّخ الركود الطويل الأمد.

من هنا يشكل مؤتمرنا اليوم بهويته الأممية مناسبة لرفع رايات التضامن مع نضال شعوب العالم ومقاومتها وقواها الثورية المكافحة من اجل التحرر الوطني والاجتماعي، على طريق بناء الاشتراكية، وطليعتها في الظروف الراهنة شعوب فنزويلا البوليفارية ونيكاراغوا وكوبا،

ويشكل مؤتمرنا اليوم مناسبة تضامنية لاحياء يوم الأرض في فلسطين وسوريا فبعد قرار ترامب بإعطاء القدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارته اليها جاء قراره بضم الجولان السوري المحتل للكيان الصهيوني ليضرب كل القرارات الدولية ذات الصلة بما فيها القرار 242 ويأخذ بطريقه كل المراهنين على تنفيذ هذه القرارات الدولية بدون مقاومة، انه مؤتمر للدعوة من اجل إطلاق سراح كل المعتقلين والأسرى في سجون العدو الصهيوني وفي مقدمهم الرفيق المناضل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات ومروان البرغوتي ويحيى سكاف وسائر المعتقلين السياسيين العرب ومعتقلي الرأي في سجون الأنظمة العربية المستبدة، داعين الدولة اللبنانية لتحمل مسؤولياتها أيضاً للعمل على تحرير الأسير جورج إبراهيم عبدالله المعتقل ظلماً وعدواناً في السجون الفرنسية.

انه مؤتمر لتجميع الطاقات وتوحيد جهود القوى اليسارية في بلدان المتوسط من أجل مواصلة النضال لاسقاط صفقة القرن ودعم الشعوب الرازحة تحت الاحتلال من فلسطين الى سوريا ولبنان والعراق واليمن، ولدعم ثورة الشعب السوداني المقاوم في الشارع منذ أشهر ومع كل شعوب المتوسط الواقفة على خط النار التي تقاوم أنظمتها المستبدة التابعة للمركز الامبريالي.

انه مؤتمر لتحمل مسؤولياتنا التاريخية في مواجهة صعود القوى ذات الطبيعة اليمينية المحافظة بل الفاشية في العديد من الدول الأوروبية، والتي صعدت مع وصول ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية. لقد عمدت دول الاتحاد الأوروبي إلى الانقضاض على حقوق العمال فدفعت شعوب أوروبا، ثمن هذه السياسات التي تتحمل مسؤوليتها بشكل رئيسي المؤسسات الرأسمالية الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

كل ذلك يترافق مع تصعيد الولايات المتحدة الأميركية لهجومها عبر سياسات فرض العقوبات الاقتصادية والقيود والرسوم الجمركية وتوابعها، بشكل واسع ضد روسيا والصين بخاصة، كما تراجعت عن الاتفاق النووي مع إيران وأعادت العقوبات القاسية عليها، وكما بدأت تنفّذ عقوبات جديدة تطال لبنان واقتصاده .

ايتها الرفيقات والرفاق ،

جاء اعداد برنامج المؤتمر وما تضمنه من محاور ومواضيع نتيجة اعتبارات عدة أهمها :

أولاً: الحاجة الملحة للبحث والتدقيق النظري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المواضيع المطروحة نظرا لما ينطوي عليه النقاش من حال التنوع وتعدّد في الرأي، ما يستوجب طرحها والتفاعل الايجابي في نقاشها.

ثانياً: حال الانقسامات العامودية الذي تعاني منها مجتمعاتنا اليوم رغم انتفاضات شعوبنا ومقاومتها لمشاريع الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من الكيان الصهيوني الى الأنظمة الرجعية العربية الى أدواتها الأصولية الظلامية ما يستوجب التوقف عنده لبلورة فهم واضح ومشترك لطبيعة الصراع في بلدان المتوسط وما يترتّب عنه من نتائج وتحديات.

ثالثاً: الحاجة الى نقاش كيفية مواجهة إمعان القوى الرأسمالية في التوظيف السياسي للدين كأداة للتحكّم بالسلطة مع ما يرافق ذلك من صعود للتيارات اليمينية المتطرفة في دول المركز الرأسمالي، ومن توسع للحروب العدوانية، ما يتطلب منا كقوى يسارية رؤية مخاطرها بوضوح لاستخلاص كيفية التعاطي مع انعكاساتها ونتائجها في بلداننا.

إن القوى اليسارية مطالبة اليوم بأن تقدم نفسها، قوة سياسية وفكرية بديلة وقادرة على مواجهة الرأسمالية وقوى التطرف المذهبي والاتني وأنظمة الاستبداد التي هرعت لترث الفراغات التي تركها فشل مشروع الرأسمالية النيولبرالية. وكلنا امل ان يشكل مؤتمرنا محطة لتحقيق النجاح بهذا الاتجاه.