في الذكرى ال37 لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية


حنا غريب
الحوار المتمدن - العدد: 6353 - 2019 / 9 / 17 - 09:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب

في الذكرى الـ37 لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية

مسيرتنا اليوم من صيدلية بسترس الى محطة ايوب في الذكرى السابعة والثلاثين لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الصهيوني هي واجب بكل المقاييس في مقدمها تثبيت هذا الواقع السياسي في التاريخ والجغرافيا . فالسادس عشر من أيلول هو محطة من محطات تاريخ حزبنا المقاوم في قوات الأنصار والحرس الشعبي وصولا الى "جمّول"،

هو يوم وفاء وتقدير لقائدها الرفيق الشهيد جورج حاوي، الذي اطلق باسم الحزب مع الرفيق محسن إبراهيم وحسين حمدان نداءها الأول.

هو يوم ننحني فيه امام تضحيات الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين وكل المقاومين من مختلف القوى الذين قدّموا دماءهم وضحوا بأرواحهم من كل المناطق اللبنانية وعلى امتداد مساحة الوطن، هو يوم الأنتصار لسيدة العواصم، بيروت العروبة والوطنية التي قاتلت واستبسلت ولم ترفع الرايات البيضاء. فتحية لها ولشهدائها الى جورج قصابلي ومحمد مغنية وقاسم الحجيري والى شهداء صبرا وشاتيلا، والى ثوار فلسطين وشهداء الجيش السوري الذين دافعوا عنها وللمقاومين الأوائل الذين نفذوا العمليات الأولى وفرضوا على العدو الانسحاب منها، "فكانت أولا، بيروت”، واستمرت عملية التحرير تحت ضربات ابطال المقاومة الوطنية حتى الشريط الحدودي الذي جرى تحريره على ايدي المقاومة الإسلامية في حزب الله.

والواجب الآخر الذي يدعونا للاحتفال بهذه المناسبة يتجاوز مهمة الحفاظ على هذا التاريخ الوطني المقاوم ليتعداه باتجاه البناء عليه وتعزيزه وتطويره.

فالكيان الصهيوني لا زال يشكل خطرا داهما على لبنان بدعم أميركي ورجعي عربي، مضافا اليه قوى سياسية في الداخل اللبناني وبعضها ضمن ما يسمى "بحكومة الوحدة الوطنية"، كانت ولا زالت تراهن على عدوانه لتوظيفه لمصلحتها من خلال مواقفها السياسية وآخرها حيال العدوان الصهيوني الأخير على الضاحية الجنوبية والذي قمنا بادانته ودعمنا حق الرد عليه ودعونا وندعو مجددا الشيوعيين والوطنيين كي يكونوا على أهبة الاستعداد للمشاركة في مقاومة أي عدوان صهيوني على لبنان بكل السبل والأشكال المتاحة ومع كل المقاومين.

ورغم بقاء هذا الخطر الصهيوني وصراعنا الذي لا زال مفتوحا معه ورغم تصاعد عدوانيته على لبنان والمنطقة، قام المتورطون من داخل السلطة اللبنانية وأجهزتها بتنظيف سجلات عملائه واعادتهم الى لبنان تحت غطاء ما يسمى "المبعدين"، اذ بدل ملاحقة ومحاكمة الخائن والعميل لوطنه يجرى تكريمه بتلك العودة لأحد رؤوس الخيانة والعمالة الى لبنان المدعو عامر الياس الفاخوري بعد ان سبقه آخرون جرى تغطية عودتهم بمحاكمات شكلية وهم اليوم يسرحون ويمرحون وبعضهم يحتل مراكز سياسية واجتماعية وحزبية وأهلية في المجتمع.

هذه هي استراتيجيتهم الدفاعية التي يدعون اليها، هذه هي اولوياتهم، يفتشون عن كيفية إعادة العملاء ولا يفتشون عن إعادة جثامين الشهداء ، شهداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ومعتقل الخيام، اسألوا هؤلاء العملاء الذين ادخلتموهم : اين هي جثامين شهداء "جمول": جمال ساطي وحسن موسى وحسام حجازي وميشال صليبا والياس حرب و فرج الله فوعاني وحسن ضاهر وأياد قصير ويحيى خالد، أين دفنوها؟. وقاحة ما بعدها وقاحة اذ يجري كل ذلك امام ناظرينا . يعود العملاء ولا تعود جثامين مقاومين الشهداء ، يعود العملاء ولا يعود يحيى السكاف المعتقل في السجون الصهيونية ، يعود العملاء ولا يعود المناضل المعتقل جورج إبراهيم عبدالله من السجون الفرنسية .

ولأننا لم نعد نحتمل رؤية هذه المشهدية المخزية ، ولأننا لن نقبل بأن تصبح العمالة وجهة نظر دعونا بالأمس من معتقل الخيام لاطلاق المحاكم الشعبية واليوم نكررها من بيروت من اجل انزال اشد العقوبات بالخونة والعملاء من اجل انزال حكم الأعدام بهذا الخائن العميل كما جرى مع اعدام العميل احمد عبد البديع الحلاق بعد تنفيذ عمليته الاجرامية في محلة صفير عام 1996. نعم تنفيذ هذا الحكم اذا ما تم لفلفة هذه القضية وتغطية هذه الفضيحة الوطنية الكبرى، مطالبين ايضا بمحاكمة كل المتورطين في السلطة اللبنانية المسؤولين عن تهريب عودة الخونة وتغطيتهم وتنظيف سجلاتهم، معلنين من جهتنا التزامنا بملاحقة هذه القضية حتى ينال هؤلاء العقوبة التي يستحقونها فما كان هذا السلوك ليستمر لو كان لدينا دولة وطنية ديمقرطية مقاومة طالما دعونا وندعو اليها كبديل عن هذه الدولة الطائفية المذهبية المرتهنة.

ذلك كان وما زال مفهومنا للمقاومة الوطنية اللبنانية منذ انطلاقتها، مقاومة للتحرر الوطني والاجتماعي، تجمع في معركة واحدة تحريرالأرض وتحرير اللبنانيين من نظام الأستغلال الطبقي وطائفيته وتبعيته السياسية والاقتصادية للأمبريالية الأميركية. ومؤكدين على ارتباط التصعيد الأميركي ضد لبنان وضد المقاومة بما يجري في المنطقة بعد سلسلة الضربات التي وجهت له، في سياق محاولاته المستمرة لتنفيذ صفقة القرن مستفيدا من تفاقم ازمة النظام السياسي الطائفي وسقوط الطائف للدفع باتجاه قيام دولة فدرالية تحاكي مشروع الشرق الأوسط الجديد، ومستخدما كل أنواع واشكال الضغوط على الساحة اللبنانية وفي المخيمات الفلسطينية السياسية والعسكرية والأمنية والأقتصادية والمالية لا سيما استخدام ازمة خدمة الدين العام التي تسببت بها السياسات الاقتصادية – الاجتماعية لتحقيق هدفه باعادة ترسيم الحدود جنوبا مع الكيان الصهيوني وشرقا مع سوريا وتوطين الفلسطينيين ومنع عودة النازحين السوريين وأجهاض إنجازات التحرير وتضحيات المقاومين والامعان بتنفيذ تعليمات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تمثل الأذرع المالية للأمبريالية من خلال مقررات سيدر وماكنزي وعلى حساب المصالح الأجتماعية للأغلبية الساحقة من اللبنانيين.

وامام امعان السلطة السياسية المضيّ قدما في سياسة التقشّف وعدم المسّ بمصالح أصحاب الأرباح الرأسمالية والريوع المصرفية والعقارية المترسّخة، واعلانهم الصريح عن إقرار ما لم يتمكنوا من اقراره في موازنة 2019 لا بديل لنا سوى الحلول السياسية ، فهي المدخل الاجباري لحل الازمة الاقتصادية والمالية التي نتخبط بها، وهي تبدأ بطرح سياسات بديلة تقوم على استعادة المال العام المنهوب والغاء الفوائد على سندات الخزينة التي يحملها مصرف لبنان وتعديل النظام الضريبي الجائر ومكافحة مزاريب الهدر والفساد السياسي والمحاصصة وباتجاه تحميل الذين استفادوا وكدسوا الأرباح الطائلة ان يتحملوا هم تبعات الأزمة التي تسببوا بها عن طريق فرض الضرائب التصاعدية على الارباح لتصل الى 30% وضريبة على الفوائد المصرفية تصل الى 15% والغاء كل اشكال الاعفاءات الضريبية عن حيتان المال، ومواصلة الجهود بكل الوسائل المتاحة لتعبئة وتكتيل أوسع القوى الاجتماعية والشعبية المتضرّرة من الأزمة، للتمكّن عبرها من خلق موازين قوى قادرة على اطلاق حركة شعبية واسعة تفرض تعديلات جوهرية على مضمون تلك التوجّهات .

عاشت الذكرى السابعة والثلاثين لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية

المجد والخلود لشهدائها الأبرار

محطة أيوب - بيروت

16 أيلول 2019