حول حركة التحرر الوطني العربية وسبل المواجهة


حنا غريب
الحوار المتمدن - العدد: 6267 - 2019 / 6 / 21 - 09:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


حول حركة التحرر الوطني العربية وسبل المواجهة

لقاء الأحزاب الشيوعية العربية – الجلسة الأولى





الرفيقات والرفاق ممثلي الأحزاب الشيوعية العربية

اسمحوا لنا باسم الحزب الشيوعي اللبناني ان نرحب بكم أجمل ترحيب في هذا اللقاء الذي يتزامن مع احتفالات حزبنا بيوم الشهيد الشيوعي، وهي مناسبة نتوجه فيها جميعا بتحية اجلال واكبار الى قوافل شهداء أحزابنا الذين سقطوا على درب النضال الطويل، جنبا الى جنب مع شهداء شعوبنا العربية وكل القوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية ومعها القوى التي تقف في مواجهة الامبريالية وأدواتها من كيان صهيوني وأنظمة رجعية وقمعية مستبدة بشعوبها.

ويرتدي هذا اللقاء أهمية استثنائية في ظرف نحن بأمس الحاجة الى انعقاده في ظل الأوضاع الخطيرة التي تهدد منطقتنا العربية، وكلنا أمل ان نتوصل من خلال الأفكار والأوراق التي ستطرح الى رؤية موحّدة ومشروع واحد عما علينا القيام به كأحزاب شيوعية ويسار عربي، فضلا عن أهميته بالنسبة لنا كونه سيشكل مشاركة فعلية في ورشة النقاش التي بدأها حزبنا تحضيرا لانعقاد مؤتمره الثاني عشر، آملين من هذه الفرصة الطيبة ان تثمر قوة دفع واستنهاض لشعوبنا العربية التي تنتظر منا دورا أوسع وقدرة اكبر على مواجهة التحديات، وفي مقدمها قدرتنا على الانخراط بكل الوسائل المناسبة في مقاومة الإمبريالية وادواتها.

فأين نحن أيها الرفاق من هذه المقاومة التي تشكل منطقتنا العربية ابرز ساحاتها بما تطرحه من مهام اسقاط النظام العالمي الأحادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، والانتقال النهائي الى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ينهي مرحلة تاريخية كاملة من شن الحروب بهدف إنقاذ ازمة الرأسمالية في طورها الامبريالي، التي تحاول الامبريالية تأجيل انفجارها عن طريق التصعيد وشن حروب السيطرة ونهب ثروات الشعوب وافقارها، ما وضع تاريخيا ولا يزال يضع شعوبنا العربية امام عملية اضطهاد وافقار مزدوجة ومتزايدة : احتلال ونهب خارجي من جانب الامبريالية الأميركية والغربية مباشرة، واستغلال طبقي من جانب سلطات الانظمة المحلية الوكيلة للامبريالية.

ان هذا التصعيد يعكس أيضا من جهة ثانية، عجز الولايات المتحدة الأميركية عن تنفيذ مشاريعها وفرض شروطها على دول وشعوب العالم كما تريد وتبتغي، بفعل الضربات التي تتعرض لها في المنطقة وفشلها في اسقاط الأنظمة التي لا تمتثل لإرادتها من فنزويلا الى كوبا وايران وكوريا الشمالية مرورا بعدم قدرتها على التحكم بالتناقضات بينها وبين سائر الدول الأخرى من الصين الى روسيا ووصولا الى حلفائها في دول الناتو من تركيا الى الاتحاد الأوروبي،

أين نحن أيها الرفاق من مقاومة هذا التصعيد الإمبريالي بعد قرار ترامب بتنفيذ صفقة القرن بكل مندرجاتها التي بدأت بإعطاء القدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارته اليها واستعداداته لضم الضفة وقراره بضم الجولان السوري المحتل للكيان الصهيوني وتوسيع عملية التطبيع مع العدو الصهيوني وآخر مظاهرها "الورشة الاقتصادية" في البحرين ومنع الحل السياسي في سوريا واليمن وحيث أمكنه ذلك وبكل اشكال والوان الضغوط السياسية والاقتصادية والتي تتزامن مع التهديدات العسكرية بشن الحروب على ايران وعلى شعوب المنطقة لتقسيم بلدانها ونهب ثرواتها لفرض شروطه السياسية عن طريق فرض اتفاقيات الاذعان واستنزاف الأنظمة الممانعة وجرّها الى الحرب التي يجري التمهيد لها في تفجير السفن الناقلة للنفط في خليج عمان،

اين نحن اليوم أيها الرفاق ، ونحن نشهد نمطا جديدا من الثورات والانتفاضات ، التي تتميز عما سبقها من انتفاضات، من خلال ما يجري في السودان بشكل خاص. ان ما يميّز هذا النمط من الانتفاضات والثورات هو دور القوى اليسارية البارز فيها ودور الجزب الشيوعي السوداني، وجذرية الشعارات المطروحة والالتزام بها ، وهو ما يدفع القوى المضادة بالتآمر على هذه الثورات الشعبية وعلى دور القوى اليسارية فيها لمنعها من تحقيق أهدافها .



خلاصة المشهد العام الذي نراه اليوم بأم أعيننا هي ان شعوبنا العربية تعيش اليوم حالة مقاومة عربية شاملة لانجاز مهام تجديد حركة التحرر الوطني العربية وهي تتخذ كل اشكال وأساليب النضال السياسي والأقتصادي والثقافي والعسكري، من خلال هذه الحراكات والانتفاضات والثورات الشعبية السلمية والمقاومة المسلحة في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا واليمن والسودان والجزائر ضد الولايات المتحدة الأميركية وضد أدواتها المختلفة من كيان صهيوني مغتصب ومن أنظمة رجعية عربية خائنة تابعة لها تندفع اليوم لتنفيذ صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية ومن اولى مهماتنا كأحزاب شيوعية ومع قوى اليسارية والتقدمية الانخراط الكامل في هذه المقاومة العربية الشاملة لانجاز مهام تجديد حركة التحرر الوطني العربية كي تلعب فيها هذه القوى دورا قياديا بارزا فيكون لهذا التجديد مضمونه التحرري المطلوب، وتلك مهمة راهنة استنادا الى هذه الانتفاضات وهذه الثورات من أجل اقامة أنظمة وطنية ديمقراطية، وان تتوحد الطاقات حول مركزية القضية الفلسطينية، لوضع حد نهائي للاحتلال الصهيوني، وتصفية الوجود العسكري الإمبريالي في المنطقة العربية.

ايتها الرفيقات والرفاق :

نحن الآن بأمس الحاجة للبحث والتدقيق النظري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي في العديد من المواضيع المطروحة لا سيما موضوع الانقسامات العامودية الطائفية والمذهبية والاتنية الذي تعاني منها مجتمعاتنا اليوم وموضوع كيفية مواجهة إمعان القوى الرأسمالية في التوظيف السياسي للدين كأداة للتحكّم بالسلطة مع ما يرافق ذلك من صعود للتيارات اليمينية المتطرفة في دول المركز الرأسمالي، ومن توسع للحروب العدوانية، ما يتطلب منا كأحزاب شيوعية رؤية مخاطرها بوضوح لاستخلاص كيفية التعاطي مع انعكاساتها ونتائجها في بلداننا.

اننا مطالبون اليوم بتقديم انفسنا، قوة سياسية وفكرية بديلة وقادرة على مواجهة الرأسمالية وقوى التطرف المذهبي والأتني وأنظمة الاستبداد التي هرعت لترث الفراغات التي تركها فشل مشروع الرأسمالية النيولبرالية .

اهلا وسهلا بكم أيها الرفاق في بيروت التي كانت وستبقى أمينة مخلصة لتاريخها المقاوم ضد الاحتلال الصهيوني وضد النظام السياسي الطائفي الذي يشكل بتبعيته للخارج الأداة التنفيذية لمشاريع السيطرة الإمبريالية وللاستغلال الطبقي والاجتماعي لشعبنا الذي تمارسه البرجوازية اللبنانية بمختلف فئاتها لا سيما الريعية منها بشكل خاص،

وما يجري اليوم حول الموازنة لا تقتصر أهدافه فقط على مجرّد الحدّ من العجز المالي، بحسب ما يروّجه مؤتمر سيدر، بل تتعداه لتحقيق أهداف سياسية الطابع وذات صلة بالهجمة الامبريالية على المنطقة عبر الزيارات المتكررة لساترفيلد الذي يحاول : وضع لبنان امام خيارين: اما المزيد من الضغوط والعقوبات الاقتصادية وعدم استخراج النفط والغاز وفرض توطين الفلسطينيين وعدم عودة النازحين السوريين وضرب المقاومة والتهديد بإدخال لبنان في التفجير الداخلي، واما "انتظامه" في الخط السياسي المطلوب أميركيا والتفاوض مع الكيان الصهيوني. وبدل ان يقف من هم ضد صفقة القرن، بالوقوف ضد موازنة سيدر نرى البعض من أطراف السلطة يتسابقون على زيادة الضرائب على الفقراء بحجة تخفيض عجز الموازنة ليكسب كل منهم ورقة اعتماده الأولى في الارتهان للخارج. وهو ما بادر حزبنا بالدعوة للنزول الى الشارع وإطلاق حراك شعبي للإنقاذ لا زال مفتوحاً بكل اشكال التحركات السياسية والقطاعية والنقابية لبناء كتلة شعبية قادرة على اسقاط هذا النمط الاقتصادي الريعي وسلطته الفاسدة.