أغانٍ إلى حفيدتي الملكة مارجو 10


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5991 - 2018 / 9 / 11 - 16:53
المحور: الادب والفن     

اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ إِلَى نَاطِحَاتِ السَّحَابِ، وَانْظُرِي، أَيْنَ لَمْ تُضَارِبِي؟ فِي الطُّرُقَاتِ جَلَسْتِ لَهُمْ كَإِرْهَابِيٍّ فِي الْبُورْصَةْ، وَغَطَّيْتِ الأَرْضَ بِمَالِكِ وَبِبِرِّكِ


اُنْقُلِي قَدَمَيْكِ إِلى بُطُونِ الأَسْوَاقِ، وَاشْتَرِي، أَيْنَ لَمْ تُسَاوِمِي؟ فِي الفِتْرِينَاتِ عَرَضْتِ لَهُمْ كَإِسْلامِيٍّ فِي الْغُرْفَةِ التِّجَارِيَّةْ، وَمَلَأْتِ السَّمَاءَ بِرَصَاصِكِ وَبِشَرِّكِ


اِبُعَثِي يَدَيْكِ إِلى دَهَالِيزِ السِّيمْفُونِيَّاتِ، وَاعْزِفِي، أَيْنَ لَمْ تَتَآمَرِي؟ فِي بُيُوتِ الْبَغَاءِ كَشَفْتِ لَهُمْ كَحَاكِمٍ عَرَبِيٍّ فِي الْكَبَارِيهْ، وَلَوَّثْتِ شَرَفَ الْإِنْسَانِيَّةِ بِبُرَازِكِ وَبِبَوْلِكِ





سيكونُ لكِ المالُ والرصاصُ والبرازُ ما كنَّا لِبِرِّكِ وَشَرِّكِ وبَوْلِكِ أشجارَ الياسمينِ في الحاسوباتِ وفي الحدائِقْ، وسيكونُ العالمُ لدمامتِكِ والعالمُ لجمالِكِ كمَا يكونُ الضَّبْعُ والطَّاوُوسْ


ارمِ ثوبَكِ الجديدَ على جسدِكِ القديمْ، هكذا تفعلُ الثعابينُ في كلِّ الأماكنِ والعصورْ


زَمَنُكِ اليومَ مُوَزِّعُ بريدٍ آليّْ وسيارةٌ بسائقٍ إلكترونيّْ وقطارٌ نَفَّاطِيّْ أقوى من سرعةِ كلِّ بُعْرانِ العالمِ معًا وعاملٌ تجاريٌّ يسلمُ البضائعَ للشارينَ في بيوتِهِم وهم في مكاتبِهِم تحتَ عيونِ الآيفونْ


لكنَّ قلبَكِ سيقولُ لقلبي


ستقولينَ لي


أنتِ يا حبي


ستقولينَ لي في الشتاءِ ما لم يقلْهُ لي في الصيفِ غيرُكِ، فارتدي معطفَكِ، وأنتِ تذهبينَ إلى تمثالٍ يشبهُنِي، أينَ لم تؤوبي؟ قربَ ظلالي ستقفينَ لهم كأميرٍ أخلصَ ولمْ يخلصْ خانَ ولم يخنْ قتلَ ولم يقتلْ، فيجوعونَ وكأنهم لم يأكلوا وكأنهم لم يشربوا وكأنهم لم يسمعوا بالهمبرجرِ العابرِ للبحارْ


ستقولينَ لي في الصيفِ ما لمْ يقلْهُ لي في الشتاءِ غيرُكِ، فاعرضي جمالَكِ، وأنتِ عاريةُ الزَّنْدَيْنْ، لتغيظي لندن، أينَ لم تُرْضِي؟ بينَ كتبِي ستجلسينَ لهم كعاشقٍ للقراءةْ، فيقيئونَ كلَّ ما كتبتُ من دررِ القُمامةْ، رغمَ أني لم أعدْ لَهُمُ المنافسَ لِصَمْتِهِم في الليلْ ولِصِيَاحِهِم في النهارْ


أنا بومُ القلمِ للأجيالْ


أنا احتفالُ الحقدْ، أينما أنا، بعدما انتهى زمنُ الغيرةْ، وبدأَ زمنُ الرمالْ


أنا الشيخُ والبحر أنا مدام بوفاري أنا الغريب أنا الغثيان أنا تلك الرائحة أنا أبو بكر الآشيّ أنا الوشم أنا اللصُّ والكلاب أنا زهورُ الشر أنا الصخبُ والعنف أنا الأغاني أنا الجريمةُ والعقاب أنا الكتابةُ في درجةِ الصفر أنا التوراة أنا الإنجيل أنا القرآن أنا مدينةُ النساء أنا العشاق أنا هذا هو الإنسان أنا البؤساء


أنتِ يا حبي


ستحتارينَ من أينَ تبدأينْ، فتفضِّلينَ ننتندو عليَّ وَدُمى السيليكون على واديهْ وَحُنُوَّ التِّقانةِ في وقتٍ أكونُ فيهِ في وادٍ لا يكونُ فيهِ غيرُ الشياطينِ الرديئينْ، لأني الشيطانُ الرجيمُ، ولأنكِ الملاكُ الرضيّْ


ستخاصمينَ كلَّ مَنْ جعلتُ منها في الحاسوبِ وسادةً لرأسي لما تُوجِعُ رأسي الأفكارْ


ستصادقينَ من الفراعينِ والصعاليكِ ما لمْ أصادقْ ومن العقلاءِ والمجانينِ أكثرَ مما صادقتْ، فهو تفاحُ التواصلِ الوهميّ، وستكونُ أضواؤُكِ غيرَ سوداءَ كألماسي، في ألماسِ الموتِ ستبدأُ آخرُ مغامراتي


فهل ستتركينَنِي وحدي في مغامرةِ الألماسْ؟


هل سَتُبْقِينَ كلَّ مناجمِ الموتِ لي؟


هل ستكتفينَ بِالحَلَقِ والخاتَمِ والسُّوارْ؟



هل ستبكينَنِي لما أركبُ قاربي ولا أعودْ؟


هل ستبحثينَ عن أُمِّكِ لتعودَ بِكِ إلى الدارْ


هل ستقولينَ للناسِ ذاكَ الذي أبحرَ هُوَ جَدِّي؟


غادرَ بسرعةٍ قبلَ أنْ أكبرْ، فلم أحبهُ كثيرًا، لم أحبهُ أكثرْ


غادرَ دونَ أن ينتظرَنِي


هل ستكونينَ وقتي الذي فاتْ؟


بندولي؟


هل ستركبينَ ماضيَّ الذي ضاعْ؟


رولس رويسي؟


هل ستضحكينَ ضَحَكاتي التي لم أَضْحَكْهَا؟


عليّْ؟


هل ستقهقهينَ قهقهاتي التي لم أُكْمِلْهَا؟


مني؟


هل ستثورينَ على شبحي صائحةً ما أبشعَ أحلامَكَ يا جَدِّي! ما أشنعَ أمانِيَكَ! ما أملحَ سُكَّرَكَ! ما أنجحَ فشلَكَ!


هل ستجعلينني أتمزقُ بينَ مخالبِ انحطاطي؟


وتصرخينَ بشبحي؟


يا جدي


خذْ جحيمَكَ واتركْ جحيمي!


فيجيبكُ شبحي


سآخذ جحيمينا يا حبيبتي!


العجائزُ منِ العاهراتِ سَيُعِدْنَ خَلقي بمكرِ الأفاعي لكنهنَّ لن يخدعوكِ بقماءَتِهِنَّ وهنَّ لي سواجِدْ


سَتُبْلِغِينَ عنْكِ لأنكِ لا تبالين بالبشرِ النجومْ


وسَتُبْلِغِينَ عني لأني لا أبالي بالنجومِ البشرْ، "كلُّ الآخرينَ ما عداكْ"، بعد أن غدوتِ ربتي الحمقاءْ، والآخرونَ اختاروكِ من بين كلِّ رباتِ المعابدْ


ستبصقينَ البرقَ من فمِكِ وتصعقينَنِي لأنِّي الأخرقُ المأفونْ


ستتناولينَ الرعدَ بيدِكِ وَتُدَوِّيِنَ بأفكاري في آفاقِ المباولْ


ستداعبينَ القمرَ بإصبعِكِ وتفلقينَنِي ثم تدهكينني لأنها الوسيلةُ الوحيدةُ لِمَحْقِ كبريائي وَسَحْقِ كِياني سحقَ الجبانِ المارقْ النظامِ الظالمْ الديدانِ المحررةِ للعقولْ


ستزلزلينَ الأرضَ بقدمِكِ وتدقينَنِي لأنكِ تريدينَ أن تعوضيني عن إهاناتِ الأديانِ والمذاهبْ


غيرَ من كنتُ لن أكونْ


العدمْ


وأنا لهذا نادمٌ أشدَّ الندمْ